مقالات سياسية

ما المطلوب لإنهاء الحرب وعودة السلام للسودان؟

ما المطلوب لإنهاء الحرب وعودة السلام للسودان؟

كل القوي المدنية الوطنية، وكل المواطنين العزل المكتوين بنار هذة الحرب، يطالبون ويسعون جهدهم إلي الوقف الفوري لهذة الحرب اللعينة. لكن الآلية للوصول الي هذا الهدف ظلت مكان تساؤل يتطلب إجابة منطقية وعملية تراعي الضرورة الملحة للإسراع بقدر المستطاع من أجل إخراج البلاد من مأزقها الخانق.

ما توصلت اليه قمة دول الإقاد الأخيرة، وقبول طرفي الحرب بالإجتماع دون شروط مسبقة، أعطي بارقة أمل في التوصل إلي وقف العدائيات وتمهيد الطريق لوقف الحرب. عند هذة النقطة بدأ الكثيرون يفكرون في  الخطوات الضرورية التي تتبع هذة الخطوة إن تحققت.

منطقياً وحسب التجارب المماثلة لحالة السودان الحالية، تتبع وقف اطلاق النار ترتيبات أمنية، من ضمنها:

– دخول قوات أجنبية للفصل بين القوات المتحاربة،

– ⁠مراقبة توقف القتال،

– ⁠تأمين مسارات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية،

– ⁠القيام بترتيبات لإعادة بناء قوات شرطية لتأمين المدن والمنشآت المدنية ومقار المؤسسات  والمقار الخدمية الخ…

عادةً، هذة الترتيبات، تأخذ زمناً طويلاً نسبياً بعد توقف الحرب. قد يمتد هذا الزمن لعدة شهور وربما سنة كاملة أو تزيد كما في حالة الصومال أو رواندا. لذلك من يتصور أن مراسم التوقيع علي الوقف الدائم لاطلاق النار، يعقبها تشكيل الحكومة المدنية الجديدة، غالباً ما يكون مخطئاً. عليه، أي تفكير في شئ من هذا القبيل، يتطلب إعادة نظر. ولذلك حضور المناسبة ليس فيه التزام بتكوين الحكومة الانتقالية. فقط ربما يكون فيه التزام بابتعاد القوات المتحاربة، عن العمل السياسي. وهذا امر مفروغ منه ومعلوم علم اليقين لطرفي الحرب ومعلن من  قبلهما قبل اندلاعها. وإذا سلمنا جدلاً بضرورة حضور القوي المدنية، فليكن حضوراً شاملاً لكل أطراف القويش المدنية الوطنية الداعية لوقف الحرب، والتحول المدني الديمقراطي.

بعد الترتيبات الأمنية الضرورية، يمكن للقوي السياسية، المطلبية ومنظمات المجتمع المدني الوطنية والديمقراطية، الانخراط في المشاورات العملية والتوافق علي متطلبات مواصلة التحول المدني الديمقراطي.

ولضمان سلاسة تثبيت السلام  واستدامتة، من الضروري، ان تتوافق هذة القوي علي حد أدني من التفاهم الذي يؤمن الشروط الضرورية لمعالجة:

  • أسباب اندلاع الحرب وضمان استدامة السلام،
  • الإتفاق علي برنامج إسعافي عاجل لإعادة واستقرار اللاجئين والنازحين, توفير السلع الغذائية والعلاجية  الضرورية،  تعويض المتضررين، إعادة بناء ما دمرته الحرب، استعادة  مقدرة البلاد علي مواصلة الإنتاج وادارة الموارد وتأمين السلع والخدمات الضرورية الخ…

من المؤكد أن تنفيذ هذا البرنامج الإسعافي  شرط ضروري لإعداد وتأهيل البلاد  لوضع الأسس اللازمة لإقامة إنتخابات حرة ونزيهة ، تنتقل البلاد عبرها الي نظام الحكم المدني الديمقراطي المنشود.

ما تقدم، يشير إلي ضرورة توافق القوي المدنية الديمقراطية،  بأسرع ما يمكن، علي خارطة طريق مقبولة تبعد شبح مخاطر تشظيها وبالتالي هزيمة شعارات وتضحيات ثورة ديسمبر المجيدة. واهم هذة المخاطر هو الرجوع مرة أخري إلي سكة ما قبل الحرب. أي السكة التي دلقت جرة شعارات ثورة ديسمبر علي الأرض؛ فلا العسكر للسكنات تحققت، ولا انحل الجنجويد ولا آلت السلطة للشعب.

يبدو  أننا الآن، وللأسف، في رحلة رجوع إلي الخلف. رغم أننا نثمن كل الجهد الذي يبذل من أجل إيقاف الحرب، إلا أننا نري أن إقحام أي من طرفي الحرب، بأي طريقة مباشرة أو غير مباشرة وتحت أي مبرر كان في ترتيبات ذات طابع سياسي، لن يأت بسلام مستدام. ومن الجانب الآخر، أي منهج يسمح باطالة أمد هذة الحرب، مهما ما كانت مبرراته، ينذر بخطر تمزيق البلاد واندلاق ما تبقي في جرة الشعارات علي الأرض!

نراقب طائرات لا تهدأ محركاتها بين دول الإيقاد وغيرها، في سبيل إيقاف الحرب، بطرق تبدو بها مخاطر وعجلة نحو السلطة الانتقالية المرتقبة. ونسمع عن محاولات بطيئة بعض الشئ، لاصطفاف شعبي داخلي ضد استمرار الحرب،  بين فصائل وطنية  من قوي الثورة. وفي نفس الوقت يتعالي صوت آلة الموت والدمار!

أليس من سبيل إلي طاولة تجمع المحلقين بين دول الإقليم وأصحاب الإصطفاف الداخلي.

نقول طاولةً وليست جبهة أو تنسيق سياسي جامع موحد. 

متي نتوافق علي الحد الأدني المطلوب لتكوين الجبهة المدنية العريضة لوقف الحرب والتحول المدني الديمقراطي، قبل فوات السودان؟

الحسن النذير

Sent from my iPhone

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..