أخبار السودان

اختراق مدني للأزمة السودانية

حمّل الكثيرون القوى المدنية السودانية جزءا كبيرا من مسؤولية الصراع الراهن بين قيادتي الجيش والدعم السريع، وانتقدوا الرؤية القاصرة في التعامل مع مقدمات الأزمة، وعابوا عليها عندما غاب دورها بعد الحرب، وعابوا أيضا عندما بدأ أنفار في القوى المدنية يجتهدون لتقريب وجهات النظر أخيرا بين الجانبين.

تلقت القيادات المدنية المنخرطة في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية (تقدم) العديد من الصفعات عقب توقيع رئيس هذا التحالف عبدالله حمدوك مع قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) إعلان أديس أبابا قبل أيام، واعتبر قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الخطوة انحيازا لخصمه.

بدأت ألفاظ مثل “الخيانة والتآمر والعمالة” تتسرب إلى الخطاب الموجه ضد تحالف “تقدم”، مع أن رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وجه دعوة مماثلة للاجتماع مع الجنرال البرهان، لكنّها أهملت وجرى التفرغ لتصفية بعض الحسابات القديمة معه.

حاولت “تقدم” ملء فراغ في الداخل من خلال تحركات مكوكية لوقف إطلاق النار وإعادة ضبط العملية السياسية، غير أن تراكمات المرحلة الانتقالية الفاشلة خيمت عليها، وكأن لا أحد يريد أن يتعلم من الأخطاء التي أدت إلى تخريب العلاقات بين القوى العسكرية والمدنية، وانفجار بركان الغضب في صورة حرب مسلحة بات من الصعوبة توقع وقفها، لأن هناك من يدفعون نحو استمرارها ويعملون على تغذية نيرانها ويعرقلون كل محاولة داخلية أو خارجية تسعى إلى رأب الصدع في البلاد.

نجحت الحرب في زيادة الهوة بين القوى السودانية بمشاربها المختلفة، وبدلا من تلقف أيّ مبادرة تقدم حلا يتم وأدها والتشكيك في نوايا أصحابها، وهي أسهل وسيلة لدفع من يريدون الاشتباك إيجابا مع الأزمة لوقف أنشطتهم، لكن في حالة ما يحدث مع “تقدم” الآن قد يكون الأمر مختلفا نسبيا، لأن القوى المشاركة في التحالف لديها إرادة قوية وعلى دراية بأن تحركاتها لن تكون محل ترحيب من جانب من تسببوا في تعطيل مسار التحول الديمقراطي ووجدوا في مواصلة الحرب أداة لذلك.

يبدو أن عبدالله حمدوك تعلّم من تجربة السنوات العجاف التي أمضاها على رأس الحكومة الانتقالية واستفاد من الدروس التي تعلّمها بشأن حتمية الصمود في مواجهة التحديات، لأن نفسه السياسي القصير أسهم بدور كبير في المأزق الذي دخله السودان بعد اندلاع الحرب، فالرجل الذي أجبر على ترك رئاسة الحكومة لم يصمد كثيرا أمام العواصف التي واجهته من جهات متباينة، وارتاح لخيار العزلة وقتها.

عندما يعود إلى المشهد تحت لافتة “تقدم” من الضروري أن تكون أولوياته أكثر وضوحا، ولا يرضخ لابتزازات أو يستسلم لاتهامات، فلعبة السياسة مليئة بالألغام ومن يقرر خوضها عليه تحمل تبعاتها، ومهما كانت الانتقادات التي وجهت لتحالفه فإنها متوقعة، وكانت ستوجه إلى أيّ من القيادات الوطنية الراغبة في البحث عن عملية سياسية تعيد ضبط الأوضاع، وتنهي إشكاليات الازدواجية بين المهام العسكرية والمدنية.

قام تحالف “تقدم” بجهد سياسي ضيق بدأ يأخذ في التوسع وعلى القوى والقيادات المنخرطة فيه زيادة وزنه في المعادلة السودانية وتقريب الرؤى المختلف عليها كوسيلة لتأكيد جدية الساعين نحو تسوية تعيد للبلاد حياتها المدنية المفقودة، وتبديد هواجس تطاردهم، فهناك دوائر تعتقد أن “تقدم” استنساخ لـ”قحت”، أي تحالف قوى الحرية والتغيير الذي صاحبته علامات استفهام كبيرة في المرحلة السابقة للحرب.

من المهم البحث عن قواسم مشتركة مع القوى الرافضة قبل القوى المتجاوبة مع تحركات “تقدم”، ويمثل تحقيق هذا الهدف واحدا من التحولات التي تخدم جهود وقف الحرب، ففي ظل التمسك بملامح استقطاب سابق لن يكتب لهذا التحالف أو غيره من التكتلات السودانية المساهمة في وقف إطلاق النار، ولم تعد المخاطر التي يحملها استمرار التوازنات العسكرية الهشة بين الجيش والدعم السريع تهم الكثير من القوى الإقليمية والدولية، مع أن غالبيتها يبدو مرتاحا لتقدم قوات الدعم ميدانيا.

ليس من مصلحة القوى المدنية أن ترى المؤسسة العسكرية النظامية منكسرة أو مهزومة، وعليها أن تدفع للعمل على تطبيق مقاربتها السياسية وسط قدر من التوازن، ليتسنى تأسيس جيش وطني وحدوي يتحاشى أخطاء أدت إلى الانزلاق في هذه الحرب، ويمكن أن تقود نتائجها إلى تدمير ما تبقى من أركان الدولة وفتح الباب أمام سيناريوهات قاتمة، أسهمت القوى المدنية بدور بارز في الابتعاد عنها عندما أصرت على تقويض هياكل النظام السابق الذي يريد منتمون إليه القبض على مفاتيح الدولة.

◙ ألفاظ مثل “الخيانة والتآمر والعمالة” بدأت تتسرب إلى الخطاب الموجه ضد تحالف “تقدم”، مع أن رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وجه دعوة مماثلة للاجتماع مع الجنرال البرهان، لكنّها أهملت

يُعد أيّ اختراق تقوم به القوى المدنية في الأزمة خطوة مهمة للبناء عليها مستقبلا، فبقايا حزب المؤتمر الوطني المنحل والقوى التي عادت للالتفاف حوله لن تدخر جهدا لتحقيق أغراضها في السيطرة على ما تبقى في حوزتها من مقاليد السودان، وهي تعلم أن القوى المدنية تمثل عائقا رئيسيا في طريقها وعليها تشتيت جهودها وزرع الفتنة في كل تحركات إيجابية تقوم بها.

من حسن حظ تحالف “تقدم” أن هناك قوى مدنية بدأت تعيد النظر في مسلّماتها السابقة حيال دور المؤسسة العسكرية في الحياة المدنية، وتيقنت أن حكم السودان يجب أن يكون مشاركة وليس مغالبة بين جميع مكونات الدولة، كصيغة يمكن التعايش بموجبها وتجد دعما في أقاليم رسخ في يقينها أن التهميش منهج لن يتخلى عنه المركز.

وحدها القوى المدنية الحية تستطيع ضبط البوصلة، لأن حمّى الحرب الطاغية على العسكريين لن تمكّنهم من التفكير في ترتيبات المرحلة المقبلة، وربما تدفع المنتصرين إلى فرض شروطهم، بما يدخل السودان حلقة جهنمية تؤثر على أمنه، وتعرقل توجهات أرادت أن يكون هذا البلد نموذجا للتحول الديمقراطي في المنطقة.

لا يزال هناك أمل يحدو الكثير من السودانيين في قواهم المدنية وقدرة الرموز الوطنية على تحريك المياه الراكدة نحو تغليب الحل السياسي قبل أن يزداد انحياز العديد من الشخصيات إلى هذا الطرف أو ذاك، فالحياد الذي ظهر منذ بداية الحرب داخليا وخارجيا بدأ يتراجع، وثمة تغيرات طرأت على هذه المسألة، طمعا وخوفا، أو شكا ويقينا، فاللحظة التي كان فيها ميزان القوى بين الجيش والدعم السريع متقاربا يتم تجاوزها تدريجيا، ما يحدث تغييرا وجوبيا في الكثير من المعادلات السابقة.

يمكن أن يلعب اختراق بعض القوى المدنية لجذور الأزمة الحالية دورا عمليا في مساندة الأطراف التي تريد أن يشهد السودان استقرارا نوعيا، لأن الغليان الذي تموج به المنطقة القريبة منه والتهديدات التي يتعرض لها الأمن في البحر الأحمر لن تكون تداعياتها بعيدة عنه، وربما تدفع قوى خارجية إلى جرّه عنوة إليها.

العرب – محمد أبو الفضل

‫10 تعليقات

  1. كاتب المقال المضروب دا شكلو واحد مصري قابض من مخابرات السيسي (وديل ضد الثورة السودانية ومتحالفين مع تنظيم الكيزان الارهابي) وفي نفس الوقت قابض من الامارات (وديل مع الثورة اللى ضد الكيزان) عشان كدا مقالو دا زى الصحن النصو فيهو كاسترد بااارد والنص التانى اسهال عفن خلاص
    حتى لو ابعدت منو الاسهال مابتقدر تاكل الكاسترد لانو نفسك بتكون انسدت بجانب الريحة العفنة المسكت في الصحن.

    اتفوووووو

  2. لقد قالها حسن طرحة في حواره بالواضح الصريح في شكل تهكم ، ولكنه تهكم يحمل رسالة ولضحة للمدنيين ، “قال انتو قلتوا ان من اشعل الحرب هم الكيزان و تريدون توقيع اتفاق يوقف الحرب يستبعد الكيزان باي منطق ”
    “قال من باب اولى لو انك عاوز توقف الحرب انك تتفاوض مع من اشعلها ” اعتقد ان الكثير لم يلتقط الرسالة الكيزانية الواضحة دي لتفاهة قائلها ، استغرب في الكيزان يدفعون برسائلهم عبر النكرات بدل مايتحدثوا بلسان كبارهم ويقولوها صريحة لكنهم اجبن من ان يفضحوا تأمرهم على هذا الشعب خوفا من ان يكتشف الشعب الحقيقة كاملة .
    شخصيا ارى ان على حمدوك ان يتباين مع من يقف جديا مع مبادأ الثورة وان لايلين للكيزان الهالكين ، فهؤلاء مسئلة وقت وتنهشهم الغيلان التي صنعوها فاتركوهم يواجهوا مصيرهم المحتوم فاما التفحيط او الهلاك

  3. قال تقدم ومن قبل الحرية والتغيير تتبدل الاسماء والخيانة واحدة
    المدعوا حمدوك لبس ثوب الثورة وتبختر به وكان يمكن ان ينجح لو لا انه كان قصير النظر وتجازبتة الاتجاهات وبما ان سلم الامانة ورددها الي اصحابها فماذا العودة اذن
    تقدم هي قحت والوجوه هي نفس الوجوه الفاشلة نحن لا نؤيد الكيزان لكننا ضد الدعم الصريع المرتزق القاتل الناهب الدافن الشباب احياء
    نحن ضد الممعوا حميرتي (موهوم مملكة دقلوا ) التي عشعشت له الامارات الافكار لها
    حميرتي الامي السارق اللص المتمرد عاوز ينهب ما تبقي من السودان وكمان يحكم بالاوباش وتمشي يا حمدوك تخت يدك معاهو
    ما تستحي علي وجهك

  4. الموافقة عليه.
    قحط تريد باسطوانة “وقف الحرب” وهي “كلمة حق يراد بها باطل” شرعنة المليشيا مرة أخرى في السودان وإعطاءها شرعية في الحكم بعد كل جرائمهم الوحشية وبعد جلبهم لعشرات الآلاف من المرتزقة الذين مارسوا أبشع الجرائم ضد الشعب السوداني منذ تاريخ نشأته، على أساس ان اسياد المليشيا وقحطها الاماراتيين ستشرعنهم في الحكم حسب رغبة بن زايد الصهيوني القذر.

    لا خيار للشعب السوداني سوى المقاومة والقتال إلى حين القضاء على المليشيا والقضاء على قحط بكل منسوبيها ولو كلف ذلك خمسين سنة حرب. أصلا الشعب خسر كل شيء ولم يعد هناك ما يخسره غير الدفاع عن أرضه وارض اجداده وأبنائه.
    الإمارات خسرت في سوريا واليمن وليبيا رغم ملياراتها وستخسر في السودان بالمقاومة والقتال المستمر لأننا الشعب المعتدى عليه في عقر داره بواسطة مليشيات داخلية اقليمية مدعومة اقليميا ودولياً.

    هي كانت معركة مؤجلة بين المليشيا وبين الشعب السوداني ولا اقول الجيش السوداني، واسطوانة الجيش والفلول هي فزاعة لاجتياح السودان لتتحكم فيه الإمارات. ونعلم أن الجيش حدث فيه ضعف وتراخي بعد الثورة بسبب خيابة قادته وعلى رأسهم البرهان وبسبب قحط التي مكنت للدعم السريع ومنحته السودان بما فيه على طبق من ذهب.

    والآن وقد اندلعت الحرب لا مفر للشعب السوداني ولا رجعة للوراء الا بهزيمة الإمارات ومليشياتها وعملاءها الجبناء قحط المتورطين فيما حدث للشعب السوداني. على قادة الجيش خيارين اما المضي قدما في الحرب أو هم خونة واجب قتالهم وابادتهم مثلهم مثل قحط وجنجويدها.

    السودان دولة ذات حضارة عمرها آلاف السنين ومخطئ من يظن انه سيكون لقمة سائغة رخيصة لإبن زايد والإمارات ومرتزقتها من تشاد وإثيوبيا وليبيا ومالي.

    ومخطئ من يصدق فزاعة الفلول التي يتشدق بها الجنجويد وهم يشهدون بأم اعينهم أبشع جرائم الحرب والإبادة العرقية والافقار الممنهج التي ترتكبه المليشيا في حق الشعب السوداني فى أهلهم وبيوتهم وفي كل أنحاء السودان وفي مناطق لا وجود فيها لجيش أصلا ولا حتى نقطة شرطة صغيرة.

    المقاومة الشعبية الآن واجبها اعدام اي دعامي اي جنجويدي واي قحاطي واي مرتزق وطأت قدماه أرض السودان. كل هؤلاء أهداف مشروعة لأي سوداني.
    لا تشغلو بالكم بقحت هؤلاء انتهوا داخليًا اتحرقوا سياسيا، وأرجل راجل فيهم ما بقدر يطأ أرض السودان الطاهرة

  5. اتمنى ان يقرا الواحد ويرد بمنطق فقط سب شتم اتهام خاين عميل حمدوك بيقع في الاخطاء المهمه ليست سهلة ثانيا الاحزاب ليست متوحدة وحتى بداخلها مهتره مترهله واضح في ضعف القرار او يخرج القرار بطريقة غير واضحه الاخير وهو الاهم نحن السودانيين يوجد من يستقل العلاقة الشخصية حمدوك شخص يرغب في خدمة وطنه لكن لا يملك عصا موسى حتى يحل مشاكل نخب تافهه عنصرية هل حمدوك يملك مليشا عسكرية هل يملك حزب سياسي هل هل ليه كل الاخطاء الخلل نحمله حمدوك ما هو المبرر والهدف هل هنالك سعي من الاحزاب تغيير شخصية حمدوك او قتلها وانزال رصيده الشعبوي او هو قصر وجهل

  6. ياعالم المقال رصد الواقع ليه بقى من السهولة شتم ونعت الناس غير مقبول او انتم لا تستحقوا ان تتحدثوا في شان عام هو الخرب البلد شنو غير عدم قبول الراي والنصح والشجاعة في الطرح ما ينقص السودان هو شجاعة الراي شجاعة اتخاذ القرار وليس عنتريات لكن اي زول يضع الوطن والمواطن اولوية يااهلي ياشعب السودان رجاء حبوا بعض رجاء بردوا اعصابكم اين عقيدتكم اخلاقكم دينكم غير مقبول هذا الشتم زول يتعب يكتب مقال بسطر واحد انت كوز انت فلول انت الخ…. دا ياهوا مشاركتك قول رايك لو تملك راي فقط فالحين في السب والشتم

  7. يا عابد السب والشتم شيمة العاجز..بس الظاهر بينهم وبين الكيزان ثأر قديم يا ريت لو يصفوا ثأرهم ده في الحرب مش في الوسائط الاعلامية.

  8. الشعب السودانى له ثار مع الكيزان امثالك ممن شاركهم فسادهم و جرائمهم
    الان تدعوا لمواصلة الحرب ليقتتل اافراد الشعب نيابة عنكم.
    يا لخبثك!!
    Parasite
    .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..