كيف يتم التحول الديمقراطي في السودان و الكل يعادي الديمقراطية الليبرالية؟

طاهر عمر
الشعب السوداني بذل جهد مقدّر في سبيل التحول الديمقراطي إلا أن نخبه تفتقد بين صفوفها الأقلية الخلّاقة و يمكنك أن تقول و أنت مطمئن ليس من بينهم أي النخب السودانية من يتحدث عن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث كما يقول جون استيورت ميل عن توكفيل و كيف كان أول من تحدث عن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث حيث يتضح معنى المساواة و العدالة عندما يصبح الفكر الديني بلا أي قوة سياسية و يقبل أتباعه بأن يجرّد من أي قوة اقتصادية و كذلك من أي قوة سياسية و بالتالي تصبح الديمقراطية بديلا للفكر الديني في إستطاعتها ترسيخ معنى المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد. المضحك المبكي أن النخب السودانية و هم محصورين ما بين الكيزان و الشيوعيين السودانيين حالهم كحال أسطورة الكهف لم يتشجعوا للخروج من الكهف و ذهاب لإصطياد الحقيقة كما تقول حنا أرنت.
و أقصد هنا أن ثقافة النخب السودانية ابنة ذهنية تاريخ الخوف. عندما نقول أن النخب السودانية محصورة بين الكيزان و الشيوعيين أقصد إشتراك الكوز السوداني مع الشيوعي السوداني في كرهه لكل ما أنجزه الغرب في الحضارة الغربية من تقدم و كرهه لفهمها ظاهرة المجتمع البشري و معرفتها التي فتحت الباب لدخول الإنسانية التاريخية و الإنسان التاريخي و كره الكوز للحضارة الغربية لأنها قد رفضت بأن يكون الخطاب الديني خارج التاريخ و يحكم على التاريخ كما يتوهم الكوز بنصوصه الدينية كواحد من عبدة النصوص لذلك يظل الكوز كأعداء أعداء الحضارة الغربية و أنها بالنسبة له عدو أبدي.
أما الشيوعي السوداني و هو في الحقيقة كوز و لكن بلون أحمر و كذلك يكره الليبرالية بنفس كره الكوز للحضارة الغربية و بالنسبة للشيوعي السوداني أن الليبرالية هي العدو الأبدي مثلما للكوز أن الحضارة الغربية هي العدو الأبدي. المأساه تكمن في أن بقية النخب السودانية ظلت أسيرة الكهف الذي بناه لها الشيوعي السوداني و الكوز و الغريب الكوز و الشيوعي السوداني أسيري ايمانهم بالمطلق في زمن النسبي و العقلاني في وقت قد أصبحت الانسانية في مسيرة تراجيدية و مأساوية بلا قصد و لا معنى و مفارقة لحتميات الشيوعية و وثوقيات الكيزان في زمن قد أصبح الشرط الإنساني يضع علم الإجتماع في صميم الديالكتيك بعد أن أزاح التأمل و اليقين و ضع محلهما الشك و النقد و ما زال الشيوعي السوداني في زمن الشك و النقد يتحدث بلغة المجرّب و لا يختلف عن أي معراقي يحدثك عن عرق المحبّة.
نقول أن بقية النخب قد أصبحت محصورة بين الكوز و الشيوعي السوداني يشرحها أن كثر يتحدثون عن الإشتراكية لأنها تتيح لهم التواطؤ مع الكوز و الشيوعي حيث يظن من له خطاب ديني يظن أن مكنون الإسلام إشتراكية و بالتالي يكون قد تواطى مع الكوز و الشيوعي و هذا القول نجده في طرح النور حمد في كتاب هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ و هو كتاب قام بتحريره الدكتور صديق الزيلعي و نجد النور حمد في مشاركته في هذا الكتاب يتحدث عن المؤالفة بين الإشتراكية و الليبرالية و دكتور النور الحمد نفسه في لقاء نيروبي كفخ نصبه لهم الكوز خالد التجاني النور نجده يتحدث عن المؤالفة بين العلمانية و الدين شأنه شأن كمال الجزولي و رشا عوض في إعطاءهم الكوز خالد التجاني النور شيك على بياض بأن الدين خارج التاريخ و يمكنه أن يحكم على التاريخ.
ذكرنا هؤلاء و هم من هم وسط النخب السودانية و لكن عندما ترجع لتاريخهم قبل ثورة ديسمبر فهم خاليي وفاض من أي فكر ينتصر للديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث و الآن بنفس النشاط و قومة النفس نجدهم في تقدم و يتحدثون عن التحول الديمقراطي و أخشى أن يكون بنفس فكرهم القديم الذي جعلهم يقعون في فخ خالد التجاني النور في لقاء نيروبي و أقصد هنا رشا عوض و النور حمد و هما خير من يمثلا حيرة النخب السودانية فيما يتعلق بمعنى الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث.
أما الدكتور صديق الزيلعي فهو جدير بالإحترام فيما يخص طرحه لسؤال هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ و في المستقبل البعيد لم يبقى من أدب الحزب الشيوعي غير هذا السؤال الذي يجبرك على إحترام دكتور صديق الزيلعي كمفكر يحترم عقله.
في هذا المقال ذكرنا قول جون استيورت ميل عن توكفيل و هو أول من تحدث عن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث و هذا قلب المقال و عبر نبضه نريد أن نقول للنخب السودانية مثلما قال داريوش شايقان أن الحضارة واحدة و هي الحضارة الغربية و أن النور يأتي من الغرب الأوروبي كذلك نقول للنخب السودانية يجب أن تدركوا عندما تتحدثون عن التحول الديمقراطي أنه لم يكن إلا عبر طريق الديمقراطية الليبرالية كما تحدث عنها توكفيل لا غيرها و لها نصاب لن يبلغه فكركم التوفيقي الذي يجاور و يساكن و يصادق فكر الخطاب الديني لأن الديمقراطية عند توكفيل هي بديلا للدين و فكره.
و أقول هذا الكلام و أعرف أن المجتمعات البشرية تحولها بطئ جدا مثلا أوروبا بين الحربين أدركت أن نهاية الليبرالية التقليدية كانت واضحة مثل حال نهاية الخطاب الديني الآن في السودان و العالم العربي و لكن تجاوز هذه النهاية إحتاجت لما يقارب الثلاثة عقود أي الى لحظة نهاية الحرب العالمية الثانية و كذلك اليوم في السودان قد إنتهى زمن الخطاب الديني و لكن نحتاج ربما لثلاثة عقود حتى يتحول المجتمع و يتخلص من حالة التشبع بسبب الزج و التعبية التي تعرض لها السوداني تحت حمل و أثقال الخطاب الديني.
و لكن أوروبا كانت الأقلية الخلّاقة تعمل كان الاقتصاديين و نذكر منهم كنز و الشعراء و علماء الاجتماع ماكس فيبر و فكرة عقلانية الرأسمالية و نذكر من ضمنهم ريمون أرون في فكره عن فلسفة التاريخ الحديثة و مدرسة الحوليات الفرنسية كلهم كانوا يشتغلون لرسم صورة المجتمع ما بعد الحربين العالمتين و كانت النتيجة نهاية الفاشية و النازية و بعدها أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بأربعة عقود سقطت الشيوعية و لحقت النازية و الفاشية كان كل هذا معروف لعلماء الاجتماع والإقتصاديين و الانثروبولوجيين و المؤرخيين غير التقليديين أن الشيوعية و النازية و الفاشية فكر جاء في زمن مؤقت و عابر و سرعان ما استعاد الفكر الحر مساره ليأبد تاريخ الفكر الليبرالي الذي لا يتوج بنهاية فهو مفتوح على اللا نهاية ممثل روح الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي.
و هنا لابد من أن نذكر حنا أرنت و جهدها الفكري في مكافحة النظم الشمولية أي النازية و الفاشية و الشيوعية. و الغريب في السودان نجح الشيوعي السوداني في إبعاد أي فكر يفضح و يوضح طبيعة النظم الشمولية لذلك يندر أن تجد فكر حنا أرنت في كتابات النخب السودانية و هي تكافح النظم الشمولية أي النازية و الشيوعية و الفاشية و يندر أن تجد أي إحالات من قبل النخب السودانية لفكر حنا أرنت و السبب أن الشيوعي السوداني كان يعرف جيدا كيف يحبس بقية النخب السودانية في كهف أسطورة الكهف و لا يترك أحد يخرج ليصطاد الحقيقة كما تقول حنا أرنت.
على العموم أن التحول الديمقراطي آت شاء من شاء و أبى من أبى و لكن ينبغي أن يأتي نتيجة عمل واعي من قبل النخب السودانية بعد أن تدرك أن الديمقراطية الليبرالية بمعناها الحديث قد أصبحت بديلا للفكر الديني و كل ما في الأمر تظل مسألة التحول الديمقراطي مسألة وقت كما تقول نظريات النمو الإقتصادي.
اللهم الطف بنا وابعد عنا ترهات فلنقاي في حالة استلاب متأخرة ومزرية وبؤس ذهني مستديم … مخلوع زي ما بقولو اهلنا بشوية مصطلحات واسماء يرددها ببغائية ساذجة مزعجة …
لا يعلم صاحبنا انه لم يتاح للسودان المنكوب بعاهاته منذ ان نال استقلاله ان ينعم بفترة ازدهار لتجربة ديمقراطية بل تكالب عليه العسكر انقلاب بتبعه انقلاب فدمروا وخربوا ..
ولكن الفلنقاي العاجز فكرياً واخلاقياً يهمل كل ذلك لا يفتح الله عليه بكلمة عن ثلاثة عقود من دكتاتورية الحركة الاسلاموية ودكتاتورية الامام خليفة الاسلامويين السفاح جعفر النميري ولا عسف نظام عبود !!
يقفز برشاقة البرغوث وخفة القرد فوق كل تلك التراكمات ليتحفنا بكلمات مبهمة عن النخب وماكس فيبر وصديق الزيلعي !!
الغباء منحة وغريزة ولكن الجهل موهبة يتولاها الجاهل بالعناية والصقل حتي يصير بتوفيق من الله جهلولا !!
وكيف يتم التحول الديمقراطي في السودان ؟؟ كيف يا صديقي !!
اذا كان كاتب المقال لا يعلم او يتجاهل ان إبن الابيض الدكتور ابوبكر الصديق الزيلعي شيوعي مخضرم وقيادي في الحزب الشيوعي السوداني بالمملكة المتحدة وآيرلندا … وهو حسب متابعتي للاسافير دائم الحضور في تقديم الندوات باسم ذلك الحزب في لندن وكاردف وغيرها …
والكاتب قد لا يعلم او يتجاهل ان الحزب الشيوعي -حسب علمي- يدعو ويدافع عن الديمقراطية الليبرالية وديمقراطية وست منيستر بتاعت الخواجات ومعرفته بمخزونهم الفكري وبمفكريهم طشاش وقشرة ….
واخوانا الشيوعين ديل لم يدعو او يتبنو يوماً ما … في اي فترة من تاريخهم الي نظام الحزب الواحد، بل وقفو بصلابة وجسارة ضد الحزب الواحد في شكل المسخ المعروف بالاتحاد الاشتراكي السوداني ..
يا اخي زاملناهم في المدارس والجامعات وعاشرنهم في المعتقلات -من موقع حزبي مخالف واحياناً معادي- لكن الحق يقال انهم مخلصين في التزامهم بالديمقراطية الليبرالية والاتنخابات البرلمانية .. وهذا ليس كتكتيك مرحلي مؤقت ولكن كقناعة ثابتة عندهم ..
وحزبهم في كل ادبياته او برنامجه و مقررات مؤتمراته دافع ودعا للديمقراطية ولاقتصاد السوق ودافع عن الراسمالية الوطينة ضد الرأسمالية الطفيلية …
ذلك ديدنهم وموقفهم منذ الستينات وايام عبد الخالق محجوب مررواً بمحمد ابراهيم نقد وحتي القيادة الجالية للحزب الشيوعي … وللامانه والانصاف كان وظل ولا يزال هذا هو موقفهم المبدئي المعروف ..
كف يا جاهل بتاريخ البلاد واهلها بمحاولة النيل من ارث البلاد في النضال السياسي الباذخ في الدفاع والضحية حتي الموت احياناً في سبيل الديمقراطية …
وكف -هداك الله- عن بناء هنابيل قش الدريس التي تقوم بمهاجمتها بسيف العشر الذي تلوح به بكل غباء طفولي مضحك …
فامثالك من الهائمين الموهومين المستلبين -عبيد المنزل كما سماهم مالكم اكس- تجاوزتهم تيارات الوعي االوطني الديمقراطي الراكزة في ساحة الديمقراطية والعدالة والحرية !!
هههه.. يعني انتو الثلاثة مالقيتوا حاجة تتفقوا عليها عشان خاطر هذا الشعب.. اذا كان ده حال المشتغلين بالفكر فكيف يكون حال السياسيين والحزبيين.