مقالات سياسية

محاولة لفهم مواقف الحزب الشيوعي السوداني في الراهن السياسي

العفاف الإجتماعي و الطُهْر السياسي

ليس بيننا من يشك في أن المجتمع السوداني في كافة أنحاء البلد جنوب و شمال، غرب و شرق و في الوسط يُعْلَي من قيم عفاف اليد و طُهْر اللسان. عفاف اليد بيننا يعني الإمتناع عن المكاسب غير المشروعة و طهر اللسان يعني الإبتعاد عن اللغة المؤذية للمستمعين. يُعْلِي المجتمع السوداني بكافة فئاته من هذه القيم الرفيعة التي كانت سلطة الأخوان المسلمين منذ إنقلاب 30 يونيو 1989م علي النقيض منها بالكامل و حتي في أيام معارضتهم للحكومات خلال فترات الديمقراطية النيابية في ستينات و ثمانينات القرن الفائت لم يتحلوا بهذه القيم. سيظل عضوية تنظيم الأخوان المسلمين أو الجبهة القومية الإسلامية و المؤتمر الوطني أخيرا نموذجا لنقيض القيم الأخلاقية السودانية الرفيعة.

شوهت فترة حكمهم أخلاق السودانيين و لا يكاد ينفرط مجلس للسودانيين دون ذكر هذه الحقيقة. كانت فترة حكم الإسلاميين فترة مظلمة من تاريخنا.

الفساد السياسي بمفهوم إستغلال النفوذ من أجل مكاسب مالية و إجتماعية ملمح أساسي للمارسة السياسية خلال حقب الديكتاتوريات العسكرية يسار و يمين و مختلف ألوانه. الكذب و التلفيق ملحمح أساسي للصحافة التابعة للأنظمة المستبدة و النماذج تتري. من أين يجييء هذا النوع من الكسيبة السياسيين و الصحفيين و الإعلاميين؟ سؤال مشروع و مهم. بالنظر لهذا النسيج المتفرد من القيم السامية التي يتحلي بها بنات و ابناء شعبنا المغوار الجسور. أعتقد أنهم يجيئون من خلال عمليات خلخلة البنية الإجتماعية التي يخلقها الفساد السياسي بمفهومه العريض.

إيِداً آذتو ما بنسالما .. (محجوب شريف و ألحان وردي نشيد فارس الحِمَى)

لا يتهم الحزب الشيوعي السوداني  أحزاب قحت أو القوي المنضوية تحت لواء تقدم بقيادة حمدوك في ذممهم المالية أو في أخلاقياتهم السياسية فهم عند الحزب مكان أحترام في هذه الناحية. و علي الصعيد الفكري المترتب علي الموقف الطبقي لا لوم علي قوي رأسمالية تدير مصالحها كما تريد عبر المؤسسات الحزبية والتحالفات السياسية، لأن هذه هي طبيعة الرأسمالية. ما يعترض عليه الحزب الشيوعي السوداني هو العمل مع المجرمين من عناصر اللجنة الأمنية لنظام البشير و بقية الفلول الكذَبة خلال الفترة من سقوط البشير و ابن عوف و إلي اليوم. ما يعترض عليه الحزب الشيوعي السوداني هو الرضوخ المخزي لحكومتي الفنرة الإنتقالية لضغوط اللجنة الأمنية و لقد إنعكس ذلك علي سبيل المثال في تسليم ملف السلام للمجرم حميدتي و كذلك أدارة ملف اللجنة الإقتصادية و تسليم ملف العلاقات الخارجية و غيرها للمجرم البرهان. مثل هذه النقاط هي ما يعترض عليه الحزب الشيوعي السوداني. و الأهم من ذلك عدم إنفاذ ملف المحاسبة علس جرائم و إنتهاكات نظام البشير و فترة تسلط اللجنة الأمنية. هذه هي نقاط الخلاف الأساسية.

رفض الحزب الشيوعي عبر تصريح الأستاذ صالح محمود التعامل مع الدعوة التي قدمها مشكوراً رئيس الوزراء حمدوك  للحزب الشيوعي للإلتحاق بمبادرة تقدم/حميدتي من أجل وقف الحرب. بالمناسبة ينشط الفلول و آخرين في الترويج لأن ما تمّ بين الطرفين هو إتفاق سياسي أو تكوين حاضنة سياسية للدعم السريع و لقد نسي هؤلاء  الرجوع لمسودة الإعلان المشترك التي نصت علي بناء جيش قومي موحد و علي إبعاد العسكر عن السياسة، وهذه ببساطة تعني أن لا دور لحميدتي في مستقبل السودان. و للمعلومية ما يشغل حميدتي و البرهان و الهاربون الكيزان هو النجاة من المحاسبة و الأفلات من العقاب و الحوز علي مكاسب الفساد أو علي الأقل نصيب منها. هذا ما يشغل المجرمين. دافعهم لكل هذه الممارسات الإجرامية هو الخوف من المحاسبة و معروف في ثقافتنا خوف اللصوص!

ما تمّ في أديس اببا إعلان سياسي و ليس إتفاق سياسي ولا بناء لحاضنة.

يتسآءل البعض عن كيف سينجز الحزب الشيوعي إختراقاً سياسيا عبر موقف لا للحرب،  إختراق يؤدي لوقف الحرب و إنهاء معاناة السودانيين علي الصعيد الإنساني و غيره. كما إعتاد الحزب الشيوعي السوداني فهو يعمل مع الجماهير لتجقيق خطه السياسي. من أراد أن يفهم كيف سيتم وقف الحرب دون الحوجة للتعامل مع الجيش أو الدعم السريع أو تنظيم علي كرتي و احمد هارون و أسامة عبد الله و عبد الباسط حمزة الإسلامي العسكري. عليه أن يطرح هذا السؤال علي نفسه أولا و يفكر مع الحزب الشيوعي السوداني حول الكيفية. إقترح الحزبُ بناء جبهة مدنية عريضة لوقف الحرب، و إقترح أن يتم وقف الحرب عبر العمل من داخل الأراضي السودانية عبر النشاط السلمي و المدني. كيفية تنفيذ هذا المشروع يحددها قبول الجماهير للمقترحين. دونكم الشيوعيون في أماكن السكن و العمل و تعرفونهم. الشيوعيون لا يفكرون للجماهير و لا يعلمون نيابة عنهم  أنما يعملون معهم و بإلتزام كامل. فهذه هي الحرب و ذلكم الطريق لوقفها. و لن تقصر عضوية الحزب في الشرح و التوصيل لهذه المقترحات عبر منابر الحزب الشيوعي السوداني.

طه جعفر الخليفة

اونتاريو -كندا

14 يناير 2024م

‫4 تعليقات

  1. الايام دائما تثبت صحة مواقف الحزب الشيوعي ومن يريد أن يفهم على الرجوع لمواقف وتحذيرات الحزب من كثير من الامور وكلها تطابقت الآن علي ارض الواقع (شراكة الدم ستؤدي للانقلاب وهذا ما حدث) (سلام جوبا لن يفتضي لسلام وسوف يعتقد الامر اكثر) (الاتفاق الاطاري سوف لن ينجح وسوف يتسبب في كوارث) أن لا يفهم البعض موقف الحزب الشيوعي ليست بمشكلة وسوف يفهم في نهاية المطاف المشكلة الحقيقة في الذين لا يرغبون في فهم موقف الحزب ويحاولون التشويش على الشعب و هذه مشكتلهم وليست مشكلة الحزب الشيوعي وعليهم تحمل مسؤولية مواقفهم ومشاريعهم السياسية واجندتهم امام الشعب عندما تثبت الايام صحة موقف الحزب و أن الذين يهربون من اسم لاخر امس قحت واليوم تقدم وغدا اسم اخر تماما مثل ما كان يفعل الكيزان كل يوم اسم جديد ومشروع جديد فقط ثبات ومبدئية المواقف ما تخرج البلاد من ازمتها وليس الرقص مع الذئاب (الكيزان) في ملعبهم

  2. أوهام الشيوعي التي أوردته المهلكة وبعد هذا كله يريد تشكيل جبهة عريضة = مصطلح شيوعي إستعلائي بأنه يملك نواصي الكلم والحكمة –
    الواقع يقول أن الحادبين لوقف الحرب عليهم أن يتجاوزوا محاولات الشيوعي – دون الإنجرار لمهاترات الشيوعي- لتعطيل عملهم

  3. الحقيقة المؤلمة ان الحزب الشيوعى يعيش انقساما حادا انعكس فى تصريحات متضاربة ومرتبكة ومربكة ويريد ان يغطى على ذلك باتخاذ مواقف متشددة وخيارات صفرية مريحة لاتتطلب اى جهد سياسى وتبنى نوع من التفكير الرغائبى
    على القوى السياسية ترك الشيوعى فى حاله وتوهانه والمضى قدما فى طريق وقف الحرب والحل السياسى الذى يتطلب الشجاعة الكافية لحدوث اختراق فى القضية السودانية وعدم الالتفات لدعوات التثبيط والتخذيل
    اانا شخصيا على قناعة راسخة بان الحزب الشيوعى لا الان ولا مستقبلا سيشارك فى اى عمل مشترك يجمعه بالمؤتمر السودانى لان الشيوعى يعلم جيدا ان السنابل رعت فى الحاكورة التاريخية للحزب الشيوعى وعليه تدمير هذا الكيان الناشئ

  4. الاسباب والاهداف واقعية ومقنعة وحتى قوية ولكن التصريح تنقصه الرؤية إذ يجب أن تضع وتصيغ رؤيتك ومن بعد يحكم ويتبعك الشارع وفي هذا لا أعني إن الشارع تابع ،ولكن الشارع معروف م يريد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..