المبتسرون في الثقافة السودانية: قراءة في الذهن المعاق
يجب أستبدال كلمة (كوز) بكلمة (غربال) لأن الكوز كأناء مفيد و الكوز الأخواني مضر و غير مفيد..

▪️هل يمكن التعاطف مع (الكوز) هذا هو سؤال المحنة..
*احمد محمود أحمد*
*اشارات ضرورية*: كاتب هذا المقال عندما يستخدم هذه المفردات الواردة كعنوان لهذا المقال لا يرمي الي الإساءة للأطفال المبتسرين ، و لا من خلال ذكر الإعاقة يسعي و بأي معني للأساءة لأصحاب الاحتياجات الخاصة و الذين نقف معهم من أجل أزالة كلمة المعاق من القاموس، اذ ان الاعاقة ليست فعلا جسديا أو بيولوجيا، انما ترتبط بالذهن المفارق للواقع من جهة، و المعيق لحركة البشر نحو التقدم و هذا ما نرمي إليه في هذا المقال..
*الشيطان من ( العجلة)*: القول الشائع بكون (العجلة) او الاستعجال من الشيطان هو قول ساكن، اذ في الواقع فأن الشيطان هو و ليد (العجلة) او عدم التفكير الصحيح و من ثم اصدار الأحكام او حتي الافعال المفارقة لطبيعة البشر، و هذه هي الحالة التي نسعي لدراستها في هذا المقال من خلال الربط بين فكرة المبتسرين و المعاقين ذهنيا و فكرة الاستعجال المرتبطة بحركة الشيطان كما تتصوره الثقافة التي ننتمي إليها، قاصدين من فكرة الذهن الطريقة التي يكتسب بها الأنسان المعرفة ضمن اختياراته و ميوله .و أذا ما سلمنا بالمفهوم الطبي لدلالة المبتسرين و هي الحالة التي يشار اليها بالولادة المبكرة و احيانا قبل اكتمال النمو للطفل و التي قد تنتج تشوهات عديدة، فأننا نقول بأن المبتسرين عبر دلالات هذا المقال هم الذين لم يكتمل النمو المعرفي لديهم و يمثلهم في هذا المجال الجماعات الدينية عموما و الاخوان المسلمون أختصاصا و من شايعهم، و بالتالي فهم شياطين هذا العصر فهم دوما متعجلون لفعل الشر نتيجة لقصر النمو و هنا النمو الذهني و الفكري…..و السؤال هنا هو كيف حدث هذا الأبتسار الذي قاد الي الذهن المعاق و المعيق في ذات الآن لحركة البشر و للتاريخ نفسه..حول دلالة المبتسرين و المرتبطة بالولادة المبكرة للطفل كما قلنا سابقا، فأننا عندما نطبقها علي هؤلاء يتحول الأبتسار لدلالة اخري ترتبط بالولادة و لكنها هنا الولادة المتأخرة، فقد سكن هؤلاء طويلا داخل ( بطن) التاريخ و عندما خرجوا فقد تبدي لهم بأن البشرية قد سبقتهم بأزمنة طويلة، أذن ما هو الحل بالنسبة لهم؟ الحل هو إرجاع الزمن ليتوازي مع المرحلة التي وجدوا فيها ذهنيا و هي المرحلة المرتبطة بعصور التخلف، فهم متخلفون ذهنيا، و لهذا يتم تدمير كل شيء من اجل الوصول لتلك المرحلة و المرتبطة بالتخلف عن التجربة الأنسانية ، لأن الذهن هو ذهن معاق نتيجة لحالة الأبتسار و لا يعرف وضع حجر فوق حجر من أجل البناء، أنما يعرف انتزاع الحجر نفسه لرمي الآخر به كما انتزع القرامطة من قبل الحجر الأسود من الكعبة و رموا المسلمين داخل المسجد الحرام بالحراب و الرماح.. هنا نحن نتحدث عن هذا الذهن المعاق و بشكل تاريخي حيث يتمدد الأمر ليتصل بتفريعات الاخوان المسلمين من داعش و النصرة و أنصار الحق و أنصار الله، الي الآخر، و الذين يفجرون اجسادهم من أجل نسف الحاضر للعودة الي اللامكان..أذن معاينة حالة الاخوان المسلمين ترتبط بكل هؤلاء، و لسوء حظ السودانيين فأن هؤلاء المبتسرون قد دخلوا و عبر غفلة التاريخ الي زمانهم و يسعون بكل جهدهم لأرجاع السودان الي العصور الأولي و البعيدة عن مجري الحداثة من أجل أن يكونوا هم، اي الاخون المسلمون، أسياد تلك المرحلة و المنفصلة عن العصر..اذن ما هي الصفات المميزة لهؤلاء المبتسرين؟
اولا: الآحادية: و هي الصفة المميزة لهؤلاء الناس و هي الصفة التي يتم فيها تغييب الآخر عمدا و بأعتباره مفارق لفكر الجماعة و بالتالي حسب هذا المنظور فأن السيادة للفكرة الواحدة و من يناقضها فهو يعادي الله نفسه وبالتالي يعاديهم لأنهم هم الممثلون له، و بالتالي يمكن قتله دون تردد..
ثانيا: الكذب علي الآخرين: تتصل هذه الصفة برفع الشعارات الدينية و استقطاب الجماهير علي أساسها و بمجرد الوصول الي السلطة تتم تنحية تلك الشعارات و بالتالي أستخدام كل الأدوات لقهر هذه الجماهير…و كذلك يكذبون من اجل الوصول لهدفهم ضمن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة و نلحظ ذلك من خلال مجريات الحرب الجارية اليوم حيث كذبوا حول موت حميدتي بالدرجة التي أدمنوا فيها الكذب، اذ كلما ظهر حميدتي أتوا بأكذوبة جديدة و هكذا..
الصفة الثالثة:الفساد: لقد تكشف و من خلال التجربة السودانية كيف ان الفساد يعتبر جزءا لا يتجزأ عن هذا الذهن المعاق و الذي ديدنه الفساد و إفساد العباد كما قال بذلك الاستاذ
الراحل بدر الدين مدثر.
رابعا: الصفات المتداخلة: هنالك صفات متداخلة ترتبط بشهوة أكتناز المال و شهوة النساء و المبررة دينيا و معهما شهوة الحياة التي تؤدي الي الجبن و لهذا نراهم يهربون في هذه الحرب و يورطون الآخرين من أجل اجندتهم..هذه بعض الصفات التي عرف بها (الكيزان) في السودان و الذين أطلقنا عليهم هذا الأسم بالخطأ و هذا يقع ضمن اشكالياتنا كسودانيين فيما يتصل بضبط المفاهيم، و في الحقيقة فالكوز ضمن الثقافة السودانية يعتبر أناءا مفيدا لأنه يستخدمه الناس في شرب الماء، و بالتالي فهو يساعد علي الأرتواء من العطش، و لكن الاخ المسلم و عبر التجربة فهو شخص غير مفيد و مضر لأنه ماكر و خبيث و يسعي للأضرار بالآخر متي توفر له ذلك فالأسم الصحيح للاخ المسلم هو (الغربال) لأنهم يغربلون الحق و يتركون الباطل فهم (غرابيل) هذا الزمان، و هذا الامر يقودني الي طرح سؤال مهم و هو: هل يمكن التعاطف مع هذا الغربال اذا قبلنا بهذا اللقب ؟؟. و للأجابة علي هذا السؤال أقول أنه وعندما رحل حسن الترابي عن هذه الدنيا وقف كثير من السودانيين علي حافة التساؤلات الصعبة و هي، هل بالإمكان الترحم عليه كما يفعل جماع السودانيين عندما يغيُب الموت شخصا ما..و السؤال في حد ذاته يجرح الذات ضمن حالة الأعتدال و التوازن الأنساني، و لكن في حالة الذات المنشطرة و التي شطرها الأخوان المسلمون عبر الفعل القبيح تجاه جماع السودانيين، يصبح السؤال ممكنا لكن مع بحث الأسباب، و لهذا يطرح المقال هذا السؤال المركزي و المتعلق بالجانب الانساني و المتعلق بالتعاطف..اذن ما الذي أوصلنا إلي هذا المصير و إلي حالة الذات المنشطرة؟ و ضمن توصيف عميق يمكن القول أن ما أوصلنا إلي هذه الحالة هي حالة الانفصال بديلا عن الأتصال، كما يمكن القول ان الفواصل التي وضعها (الكيزان) تعتبر ليست فواصلا سياسية، بل هي فواصل نفسية، كيف و لماذا؟؟؟؟
أن خطورة فكرة المقدس التي حاول أن ينشبك معها الأخوان المسلمون و ضمن وعي مشوه تجعل هؤلاء المنشنبكون ينظرون للاخرين بأعتبرهم واقعين في دائرة المدنس، و لهذا و في واقعنا الاجتماعي فأن الأخوان المسلمين قد عزلوا أنفسهم عن مجتمعهم ضمن رؤية التفضيل المرتبطة بالدين و صاروا هم الأخوان المسلمين بديلا عن فكرة الأخوة التي تجمع بين جميع الناس و قاد ذلك الي حفر خنادق بينهم و الآخرين..فكرة الأنعزال هذه كانت من الممكن أن تكون مقبولة لو اصبحت كخيار شخصي و ذاتي، لكنها ارتبطت بالعداء تجاه الآخر و ممارسة العنف ضده و عندما سيطروا علي الدولة فقد قاموا بخنق المجتمع ككل و تحولوا هم للصفوة المحتكرة لكل شيء و كانت أبرز السمات لحكمهم هي تلك المرتبطة بالعنف ضد الآخر، و قد أنتهوا ليكونوا مشعلين للحروب و التي آخرها حرب ١٥ أبريل..بهذا المعني فأن السودانيين يتعاطفون مع الأطفال المبتسرين ومع ذوي الاحتياجات الخاصة و لا يتعاطفون مع ( الكيزان) حتي في أصعب المواقف لأنهم قد تسببوا في تدمير المعاني الأنسانية تجاههم و اوقفوا معهم حركة الأنسان السوداني تجاه الحياة..
لولا أن هدفك الكسب السياسي مقالك ينفع للحديث عن الشخصية السودانية بغض النظر عن انتمائها السياسي فالكل ماشاء الله يفتقدون للحس الوطني كيزان أو غير كيزان والكل تربوا وتعلموا نفس المنهج الفوضوي وطبقوه بجدارة يحسدون عليها وان اختلفت مسمياتهم. .