مقالات سياسية

تنازلات مهمة للسودان الجديد  

تاريخيا عانت بلادنا من الحروب وعدم الاستقرار، ودفع جميع سكانها بلا استثناء ثمنا باهظا لذلك، ومازالوا يدفعون، ولكي تكون الحرب الحالية اخر حروب السودان، فان هناك حاجة ماسة لعقد اجتماعي جديد يتوافق عليه الشعب، يؤطر لقيم ومباديء عليا تؤسس لقيام دولة سودانية جديدة، تكون قادرة على تمثيل كل السودانيين على اختلاف توجهاتهم الاثنية والدينية والثقافية.
وهذا يتطلب تنازلات متبادلة من السودانيين لصالح بناء دولة الجميع، فشرط استقرار وأمان أي شخص مرتبط بأمان الاخرين، وشرط وجود أشخاص مختلفين في وطن مستقر وامن ومتطور مربوط بالتنازلات التي يقدمونها معا لصالح هذه الدولة المشتركة.
في اطار دعم الرؤى وصولا لهذا العقد الاجتماعي هناك حوجة لتعريفات مهمة لقيم واليات بناء هذه الدولة الجديدة مثل: ( الحرية، الهوية، المواطنة، الديمقراطية، المدنية، فصل الدين عن الدولة، الفيدرالية) والتي في حال توافق السودانيون حول تعريفاتها سيقود ذلك إلى إزالة بؤر الخلاف والاختلاف ووضع حد للحروب وبناء وطن خالي من الحروب ومليء بالسلام والتعايش والتطور.
ادناه رؤيتي الخاصة لبعض المفاهيم والقيم للدولة السودانية المطلوبة، مع الاقرار بانني قدمت تنازلات في بعضها ليس ايمانا بها بالضرورة ولكن ايمانا بأن الدولة الواحدة المشتركة التي تضمني مع الاخرين المختلفين معي لا سبيل لاقامتها وسلامها واستقرارها بغير تقديم التنازلات العسيرة مني ومنهم، ومن لم تكن الحرب الراهنة واعظا له، فما له من واعظ.
الحرية:
الحرية حق لكل مواطن سوداني، وهي قيمة سماوية وعقلية وفطرية لا يجوز انتقاصها او حدها او تقييدها.
الهوية:
ان يعرف السودان بانه بلد متعدد الثقافات والاعراق والديانات، وأن الحقوق فيه لسكانه تعطي على أساس المواطنة، وليس العرق ولا الدين ولا الجهة ولا الجنس ولا اللون.
المواطنة:
الشخص الذي ولد في السودان لابوين سودانيين، أو نال الجنسية السودانية بطرق شرعية يقرها القانون المجاز بواسطة برلمان منتخب بانتخابات حرة وعادلة، هو مواطن سوداني أصيل له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.
الديمقراطية:
ان لا يحوز مواطن على منصب عام في الحكم ( رئيس، وزير، نائب برلماني، والي ، معتمد الخ ) الا عبر انتخابات حرة ومباشرة تكفل لجميع المتنافسين ظروفا متساوية من العدالة والحرية، وتكفل للجماهير الحرية الكاملة في التصويت لمن يريدونه بدون اي املاءات او تدخلات من جهة اخرى.
المدنية:
ان يحتكر المدنيون مناصب الدولة بالطرق الديمقراطية، وان لا يكون لاي عسكري او حامل سلاح اي منصب قومي يحوزه عن طريق القوة او الاكراه، مع جواز وجود العسكر داخل اجهزة الدولة في مناصب فنية عسكرية عبر ترشيح من القيادة المدنية المنتخبة المكلفة بادارة الدولة وتحت قيادتها.
ان يكون الجيش مؤسسة حارسة للدستور والوطن، وبعيدة عن السياسة والاقتصاد.
فصل الدين عن الدولة:
ان لا ينص القانون العام للدولة/الدستور على تقيده رسميا بدين معين، وأن يعبر القانون العام/الدستور عن جميع المواطنين باختلاف اديانهم ومعتقداتهم.
ان لا يتأسس أي حزب سياسي على اساس ديني.
الفيدرالية:
ان يقسم السودان لوحدات إدارية(ولايات او اقاليم)
ان تحكم كل ولاية/اقليم نفسها بنفسها، وأن تشرع قوانينها بناءا على منطلقات جماهيرها وفكرتها الخاصة عن ادارة وتنظيم ولايتها، وقوننت ذلك ضمن اطار القانون العام للدولة/الدستور.
خلاصة:
التعريف الشامل للسودان في العقد الاجتماعي الجديد:
السودان بلد متعدد الثقافات والاعراق والاديان، وهو دولة مدنية ديمقراطية علمانية فيدرالية، تنال الحقوق داخلها على اساس المواطنة، ومواطنوه احرارا في كل شيء لا يتعارض مع حرية الاخرين ولا يمس الفضيلة ولا يخالف الفطرة السليمة وكريم المعتقدات.
يوسف السندي

‫7 تعليقات

    1. اعتماد نظام إسلامي أو علماني حقيقة معضلة من الممكن ان تؤدي الي تفتيت السودان و حل المعضلة يكمن في النظام الفيدرالي مع إجراء إستفتاء لكل اقليم حول نوع الحكم هل إسلامي ام علماني مع استثناء جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق و الخرطوم ( المدينة )
      من الإستفتاء و اعتماد نظام علماني لوضعية جنوبي كردفان و النيل الأزرق و الخرطوم لأنها عاصمة الجميع هذا هو الحل الأمثل و علي الفريقين (الإسلامي و العلماني) تقديم
      تنازلات لمصلحة الوطن و الشعب السوداني.

  1. يعني الاحزاب القائمة على اساس ديني مثل حزب الامة يعتبر لاغيا ولا كيف
    اعتقد عشان تتوصل لاتفاق الحد الادنى لا بد ان تشرك جميع السودانيين دون اقصاء في الحوار بطرق معقولة ومناسبة، بس أول ما تقول لي استبعاد الاسلاميين عن الحوار معناها رجعت لقحت تاني ليظل الخلاف كما هو؟!!
    انا ماشيف جديد وحتى الجوانب الفيها معضلات زي علاقة الدين بالدولة لم تقدم فيها اي جديد وبالتالي مبادرتك انتهت في مهدها!

    1. انت تعرف كل من يطالب بإقصاء الاسلاميين ( كحزب ) ده إما جاهل بتاريخ الصراع السياسي في السودان و ما سببه الإقصاء من
      إنقلابات و عدم استقرار سياسي و امني و يا إما لا يريد للسودان الخير و الاستقرار السياسي و الامني.

  2. جهدك مشكور يا السندي في طرحك لتجاوز الاختلافات لكن مسألة فصل الدين عن الدولة دي تحتاج لجهد فكري واعلامي كثيف يضعها في تصور مقبول للناس وليس فرضها عبر النخب مما يجعلنا في نفس مربع عدم الاستقرار السياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..