مقالات سياسية
معاهد ومراكز دراسات السلام بالجامعات السودانية: الفريضة الغائبة في أذهان الساسة

د.مهدي تاج الدين
إن الفلسفة التي قامت على ضوئها معاهد ومراكز دراسات السلام هي أن تقوم تلك المعاهد والمراكز بإجراء البحوث والدراسات التي تسهم بشكل علمي في عملية بناء السلام، وتركز بشكل أساسي على التعامل مع الأسباب الكامنة وراء اقتتال الناس فيما بينهم في المقام الأول إلى جانب دعم المجتمعات لإدارة خلافاتها ونزاعاتها دون اللجوء إلى العنف. وعملية بناء السلام يهدف إلى منع اندلاع العنف الذي يمكن أن يبرز إلى السطح قبل وأثناء وبعد النزاعات وتصاعده واستمراره وتكراره. وهو يُعدّ عملية طويلة الأجل وتعاونية لأنها تنطوي على تغييرات في المواقف والسلوكيات والأعراف والمؤسسات. إن معاهد ومراكز السلام يجب أن تجيب على التساؤل الآتي: ما الذي يساهم في تحقيق السلام؟ اعتقد أن السلام هو أكثر من مجرد غياب العنف، ففي حين أن الفترة التي تلي توقُّف القتال والعودة إلى الحياة الطبيعية أمر مرحَّب به، فإن الاستقرار غالباً ما يخفي حقيقة أن المظالم أو الأسباب الأخرى للنزاع لم تتم معالجتها وقد تطفو إلى السطح مجدداً. هنا تسعى معاهد ومراكز دراسات السلام وشركائها لبناء السلام من خلال تعزيز ما يوصف بـ “السلام الإيجابي”. ولفهم بناء السلام، نحتاج إلى تقدير العوامل التي تساهم في إرساء السلام، والتي قد يؤدي غيابها إلى النزاع. يحلّ السلام الإيجابي عندما: – يعيش الجميع في أمان، دون خوف أو تهديد بالعنف، ولا يسمح القانون أو الممارسة بأي شكل من أشكال العنف. – يكون الجميع سواسية أمام القانون، وتكون أنظمة العدالة موثوقة، وتحمي القوانين العادلة والفعالة حقوق الناس. – يكون كل فرد قادراً على المشاركة في صياغة القرارات السياسية وتكون الحكومة مسؤولة أمام الشعب. – يتمتع كل فرد بإمكانية الوصول العادل والمتساوي إلى الاحتياجات الأساسية التي تضمن رفاهه – مثل الغذاء والمياه النظيفة والمأوى والتعليم والرعاية الصحية وبيئة معيشية لائقة. – يتمتع كل فرد بفرص متساوية في العمل وكسب الرزق، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو أي جانب آخر من جوانب الهوية. هذه هي العوامل التي إذا ما اجتمعت تمد الناس بالقدرة على الصمود التي تسمح لهم بالتعامل مع خلافاتهم ونزاعاتهم دون اللجوء إلى العنف. *علامَ يشتمل بناء السلام؟* تتعدّد وتتنوّع مقاربات وأساليب بناء السلام، ولكنها تعمل كلها في نهاية المطاف لضمان أن يكون الناس في مأمن من الأذى، وأن يتمكنوا من الوصول إلى القانون والعدالة، وأن يتم إشراكهم في القرارات السياسية التي تؤثر عليهم، وأن يحصلوا على فرص اقتصادية أفضل، وأن يحظوا بسبل عيش أكرم. بعض الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك هي: – جمع المجموعات المختلفة معاً لبناء الثقة وتعزيز المصالحة. – الانخراط في أشكال مختلفة من الدبلوماسية ودعم عمليات السلام الرسمية. – تعزيز الديمقراطية والسياسة الشاملة (على سبيل المثال، تضمين الفئات المهمشة، إطلاق مبادرات المواطنة الصالحة ). – تحسين أنظمة العدالة (على سبيل المثال، مبادرات مكافحة الفساد، الإصلاحات الدستورية، الوصول إلى مبادرات العدالة، إنشاء لجان الحقيقة). – العمل على تحسين أمن المجتمع وتشكيل سلوك اجتماعي يعزز ويدعم الحوار والتسامح. – العمل بالتعاون مع قطاع الأعمال والتجارة لخلق وظائف مستدامة و تحسين ممارسات التوظيف في كافة القطاعات. – تحسين البنية التحتية والتخطيط الحضري والريفي. – جعل برامج التنمية (الصحة، التعليم، التنمية الاقتصادية) في مناطق النزاع أكثر حساسية تجاه ديناميات النزاع بحيث تساهم عمداً في إرساء السلام. والأهم من ذلك، فإن بناء السلام يتحقّق بشكل تعاوني، على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية. ويلعب الأفراد والمجتمعات ومنظمات المجتمع المدني والحكومات والهيئات الإقليمية والقطاع الخاص دوراً في بناء السلام. وللحفاظ على التغيير الإيجابي، يجب أن يشارك كل شخص متأثِّر بنزاع عنيف في عملية بناء السلام. وبالتالي تتمثل رؤية معاهد ومراكز دراسات السلام بالجامعات السودانية في أن يتمكن الناس ومجتمعاتهم من حل النزاعات دون اللجوء إلى العنف، والعمل معاً من أجل بناء سلام مستدام وشامل. فيا ترى ما هي المعوقات التي تعترض تلك المعاهد والمراكز من القيام بدورها وتحقيق رسالتها؟ إن المعضلة الرئيسة هي أن صناع ومتخذي القرار السياسي في بلدنا لا يستفيدون من العلم ولا من الأبحاث العلمية ونتائجها عند ممارستهم للوظيفة السياسية. عندما نتحدث عن مزايا العلم الإيجابية و قدراته الفائقة على تقديم الخدمات الأساسية لكل مجتمع ، يتعين علينا منذ البداية ، أن نشير إلى أن التقدم العلمي يبقى كلاما أجوفا وفارغا من محتواه الحقيقي إذا لم نربط بينه و بين رجال الحكم الذين يتبوؤون مراكز القيادة في كل مجتمع. فالتقدم العلمي، في الواقع، مرتبط بطريقة مباشرة بإدراك وشعور و قناعة رجال الدولة بأن المشكلات الرئيسية التي تواجهها بلدنا لا يمكن أن تحل إلا على أساس من البحث العلمي . إن المعرفة الصحيحة والبيانات الدقيقة والمعلومات الواضحة هي التي ترفع إلى كبار المسؤولين في الدولة وقادة المجتمع وتساعدهم على اتخاذ القرارات الصائبة، وسن القوانين التي تخدم المصلحة العامة ويمكن تطبيقها بكل سهولة. إن المشكلات المعقدة التي يواجهها شعبنا ( أزمات حقيقية و مفتعلة) قد نجد لها مثيلا في تجارب شعوب أخرى وفي إمكان العلماء أن يفيدوا دولتهم بتلك التجارب وأن ينتفعوا بثمارها إذا كانت ملائمة وأن يتعظوا منها إن كانت سيئة. وعليه، فإن القيادة السياسية في كل بلد هي التي تقوم ببلورة فكرة البحث العلمي، وتزود الباحثين بجميع الوسائل التي تمكنهم من البحث ، وهي التي تبدي رغبتها واستعدادها للانتفاع والاستفادة من النتائج العلمية التي تفرزها أبحاثهم العلمية. فهل وجود هذه المعاهد والمراكز مع عدم الاستفادة من خدماتها تعد بمثابة الفريضة الغائبة في أذهان الساسة أم أن العلة في معاهدنا ومراكزنا وهي الأخرى بحاجة لأن تلعب دورها بشكل أفضل؟ _________
مقال مهم وجوري تناول موضوع السلام بأبعاده العلمية بعيد عن النظرة التقليدية للسلام.
اتمنى من طرفي الصراع قراءته وتامله جيدا.
موفق جدا يا بروف واصل في الكتابة دي المقالات المحتاجين ليها اليوم وبكرا
مقال مهم وجوهري تناول موضوع السلام بأبعاده العلمية بعيد عن النظرة التقليدية للسلام.
اتمنى من طرفي الصراع قراءته وتامله جيدا حينها بلاشك سوف يتحقق السلام الإيجابي الذي ننشده.
موفق جدا يا بروف واصل في الكتابة دي المقالات المحتاجين ليها اليوم وبكرا
لضمان نجاح واستدامة انشطة الدولة ومهامها،لا بد لنا من وضع سياسات عامة توجه كافة الانشطة ،مثل المياه،التعليم ،الصحة،الطاقة،البيئة,..الخ.
مع وجود مراكز أو معاهد لوضع ورسم السياسات العامة.وبالطبع لا بد من التزام الجهات الحكومية , لما في ذلك البرلمان بتلك السياسات والتخطيط وفقا لها،مع وضع الموازنة العامة الدولة بناء علي السياسات العامة,كان يخصص 20% للتعليم و20 % للصحة و4% للعلوم والتكنولوجيا…الخ
..