هل تصلح عوامل الهدم روافعا لإعادة البناء؟

د.بخيت اوبي
عميقا في غياهب صفحات التاريخ، وبوارق ما انتجته عصارة اولى الالباب، وما نسجته هذه وتلك من تصورات ومنظومات كانت فاعله إيجابا وسلبا وهبوطا وصعودا في ملامح الواقع المتصور قديما وحديثا ومستقبلا، تبرز من بين ثناياها عديد تساؤلات، وعدة استفهامات، لم تجد حظها من المقارعة والتشذيب والتجريب في عالم موازي يحاكي عالمنا الحاضر، وفي الرقعة التي عاقبت القاطنون على ظاهرها، صنوفا مستحدثة ومبتدعة من ألوان العذاب في الارض، لم تشهد مثيلا على صفحات التاريخ، الملايين من الهائمين على وجوههم في الأرض الواسعة التي قيل إنها كرة صغيره في عالمنا اليوم وعصر المعلومات، وكذا الملايين الذين يلتمسون الماوي والطعام. لهيب ليس له نهاية في الآفاق وقبة السماء والنابت من الأرض كأنه بركان غاضب. من هناك وهنا يجب أن ننظر بمنظار قوى يخترق تمظهرات الأشياء والاحداث، عدسة تنفذ من خلالها إلى ماورائها من عوامل وفواعل وأسباب ونتائج وبناء وهدم وتراث وأوهام وكجور وصلاة، وقوى الطبيعة وما وراءها، وإيمان وعلم وجهل وغيرها.
ما بدى ماثلا اليوم يقف على اعتابه ماض يخلق ويصنع الأشياء والأحداث والمصائر، ويجلب عقدة يعجز عن فقه كنهها الكاهن والعارف والعابد والعالم، يصطفون على اعتابها كأنهم بعثوا من جديد، ما الذى صنعنا أو صنعناه، هل هي صنعتنا ام من بنات أفكارنا؟.
هل تصلح أنقاض البناء العتيق، لإعادة تركيبها وهندستها في بناء عصري جاذب، سؤال؟؟؟!!!
بناء الفكر، الموروث، التراث، الثقافة،. التصورات، الفلكلور، موسيقي الروح، جذب الروح، الخرافات، الاساطير، الاباطيل، المتوهمات، التوهان، كيف تجتمع أطراف هذه الأشياء لتخلق اللاشئ في الفراغ الممتد واللامتناهي؟
تستطير خطوط المؤسسات، والمنظمات السياسية، هل تجلب جديدا ومستجدات على طاولة البحث ومعالجة العبارات غير المترابطة.
عوامل الهدم تكمن في أسس البناء بصورة لا يمكنها من الصمود لفترة طويلة من الزمن، فقط ستون ونيف عاما، وما زلنا نلتمس طريقا لوضع أساس للبناء من بين الاحجار المتناثرة واستخدام أدوات القرن السادس عشر، يضحك طفلا في أعتاب القرن الحادى والعشرين.
هل النقد كاف ام الاعتراف بالفشل والمضي قدما في رسم أفق جديد يتناغم مع اشواق واحلام هؤلاء واولئك الطيبين في الأرض والمخيلة الجمعية الشعبية تشتم منها عبق التاريخ القديم وتلامسها دموعا ودماء تسيل في الحاضر.
لإعادة البناء بصورة حديثة تحتاج إلى إعادة ليس ترميم بل وضع موارد جديدة ومتجددة فكرا وعملا وانتجا وابتكارات وازدهارا وواقعا يسير بين الورى، ليست اوهاما أو شراءا للاماني والمطامح والركون إلى الماضي السحيق وامجاده، بل معانقة آفاق المستقبل واستشرافه بكل شجاعة وجراءة واقدام، والتحرر والانعتاق من كوابح النهضة.
الهدم تكمن في أسس البناء بصورة لا يمكنها من الصمود لفترة طويلة من الزمن، فقط ستون ونيف عاما، وما زلنا نلتمس طريقا لوضع أساس للبناء من بين الاحجار المتناثرة واستخدام أدوات القرن السادس عشر، يضحك طفلا في أعتاب القرن الحادي والعشرين.
ما الحاضر الا من انتاج الماضي الذى يعيد إنتاج نفسه حينما يجد مكانا في النفوس والالباب، ويسيطر عليها، يتدفق سلوكاً ينتج حاضرا يحاصره النزاعات والصراعات التي لاتنتهي. فالأزمات حاضرة في العقول ثم تصير سلوكا وواقعا يدفع ثمنه الناس.
خلاصة القول إننا نحتاج إلى مراجعة وتجديد كل شيء بداء من الأفكار والمؤسسات والمنظومات السياسية والتصورات والثقافة والحضارة….
لا يصلح كل ما ينتج خرابا ودمارا في إعادة البناء والتأسيس، اعاده انتاج الأزمات على مر التاريخ يكمن في هذه النظم وابتلاعها بتصورات الأشخاص حتي صاروا نظما ضابطة وناظمة لحركة الدولة… وليس بمقولة من قال … انا الدولة ببعيد عنا..
اذا لم تعالج الجروح والقروح من منابتها ستنبت من جديد ولو بعد حين. فإعادة الفك والتركيب بأسس متينة هو حل مستدام.