مقالات سياسية

مأزق حرب السودان وافق الحل

ليس من مهام الحزب السياسي تأييد احد مؤسسات الدولة مثل الشرطة او الجيش او الجمارك مهام الحزب ايجاد الحلول للمشاكل وطرح تصوره لادارة الدولة وتحقيق الاستقرار والسلام بما في ذلك دور الجيش ومهامه وبعده عن السياسة وتقنين ذلك في دستور الدولة. الجيش كمؤسسة لديه مهام ليس من بينها العمل السياسي وكل الجيوش في العالم تبعد عن السياسة لانه دخول الجيش في السياسة يفسدها ودخول السياسة والسياسيين في الجيش يفسدونه.

تسييس الجيش وتجييش السياسة بدأته الجبهة الاسلامية قبل انفلابها وكتمهيد قامت بتسييس التعبئة للجيش بعد احداث الكرمك وقيسان بعد منتصف الثمانينات حيث زار علي عثمان مواقع الحاميات وبعدها كتمهيد عملت تنظيم اسلاموي داخل الجيش استلم السلطة عبر انقلاب عام ٨٩  وانهت النظام الديمقراطي الوليد، بنفس القدر تمليش السياسة يفسدها وتسييس المليشيا  يجب ان يحرم ويجرم لذلك فمن الخطأ اشراك الجيش والمليشيا في السياسة وهذا من اخطاء الانتقال حيث سمح لبقايا اللجنة الامنية بان يكونوا جزء من الانتقال وحينها اصر البرهان ان يكون حميدتي نائبه وتمدد الدعم حيث اصبح قوة عسكرية واقتصادية وسياسية بسبب غفلة رؤى الاحزاب وهيمنة البرهان وقادة الجيش على الفضاء السياسي والاقتصادي والعلاقات الخارجية والامن والدفاع بان الانتقال، فمهمة الجيش ان يكون منفذ للسياسات الدفاعية التي يرسمها الحكم المدني المنتخب او المجمع عليه في اطار انتقال آمن ومرتب.

 

لذلك الان حالة الاستقطاب انك كقوى سياسية لا يجب ان تصب صبا في قالب تفكير موضوع كشرك منصوب بعناية من جهات سياسية هدفها السلطة وتخوين الاخر اذا لم يمشي معها في خطها لذلك نحتاج لانهاء دولة ٨٩ اولا قبل الحديث عن دولة ٥٦.

مهمة الجيش عند دخول اي معركة الانتصار وتكون التعبئة من اجل ذلك بصرف النظر عن التكلفة التي تتعلق بالامن القومي والدخل القومي ويدخل في ذلك

– تعليم الاطفال المدارس والجامعات وتأثير ذلك بعد توقفها لاكثر من عام

– توقف الخدمات للمواطنيين

– ⁠تعطل التنمية وايقاف المصانع

– ⁠حركة النزوح واللجوء.

– فقدان الجميع للامن وثرواتهم ومنازلهم.

 

اذكر البرهان مرة قال نحن لا نريد سياسة ولكن قام بانقلابه ويعمل كسياسي وكرئيس ويمارس السياسة كاملا. في كل ذلك ما هو دور القوى السياسية او الحزب السياسي  هل يكون اداة وجزء من الاستقطاب ام يقود ويفكر في حل يخرج عن دائرة الاستقطاب في هذه الحرب اللعينة  بانقلابه في ٢٥ اكتوبر لانه يريد السلطة  والاستمرار فيها باي ثمن وهذا عمل سياسي من الدرجة الاولى

 

هل يترك امر الوطن والسياسة للعسكريين والجيش والمليشيا ليقرروا وان يكون الجميع جزء من الاستقطاب والدخول في مع وضد ام يجب ان يكون التفكير خارج هذه الدائرة لتستطيع القوى السياسية وضع حلول

– توقف الحرب

– تجلب الامن والسلام

– إرجاع النازحين واللاجئين لمناطق سكنهم

– محاسبة كل من اجرم وقتل وسرق

– وضع برنامج تنمية واستقرار وجلب الدعم الدولي لذلك.

– تقليل التدخل الخارجي وتحويله لتدخل حميد يدعم التنمية لا الحرب.

نحتاج لوضع اساس تفكير لمخاطبة قضية الحرب ووضع اساس لاستقرار الدولة بتفكير يخرج من دائرة الاستقطاب والتخوين التي تدور رحاها طحين حرب ودماء ونزوح وجرائم فلوم الطرف الاخر فقط كسياسة وتبرير لاستمرار الحرب غير مفيد كنهج واستمرار الحرب لم ياتي باي حل بل زاد معاناة الجميع واتسعت دائرة الجرائم والانتهاكات.

يمكن الاستهداء بالاتي:

– دخول الطرفين في اي مفاوضات يجب ان تكون فنية لوقف الحرب ويترك امر السياسة للجهات السياسية.

– مخاطبة القضايا السياسية ومحاولة ايجاد اجماع حولها عبر مؤتمر قومي دستوري جامع لا يستثني احد الا المؤتمر الوطني ومن اجرم في حق شعبنا.

– اي محاولة لاعادة تجربة الحرية والتغيير سوف تكون فاشلة وسوف تخلق استقطاب مضاد سوف لا يجلب استقرار.

– انزلاق البلد للحرب فشل قيادي للطرفين وللقوى السياسية ابان الانتقال.

– نتيجة لهذا الفشل يجب دعوة قادة الطرفين للاستقالة ويمكن الوقوف مع الجيش الوطني الواحد المجمع عليه الذي يعبر عن فسيفساء شعبنا وليس مع قادة الجيش ويجب ان نميز بين الجيش وقادته الذين اوردوه هذا المورد. واذكر عندما ذكر ضابط كبير انه منظم والبشير قال هو منظم سياسيا كاخ مسلم.

– يجب تغيير الوجوه التي ساهمت في الانتقال من المدنيين ايضا. والبحث عن تغير الوجوه والسياسات والتدابير التي اوصلتنا للحرب بصرف النظر عن الإتهامات ومن بدأ الحرب ويترك ذلك للتحقيقات مستقبلا.

– سمعنا من كل طرف انه سوف يقضي على الطرف الآخر والان عشرة شهور وما زالت الحرب مشتعلة فهل الأفضل المواصلة في الحرب ام ايقافها وايجاد حل حتى يلحق الاطفال مدارسهم والطلاب جامعاتهم و الا يترك امر السياسة للعسكر والحل ليس بتقاسم السلطة والثروة بل بتأسيس انتقال مدني عبر مؤتمر دستوري وعبر العدل والمحاسبة لمن اجرم.

– كما نعلم ان الحرب سياسة عنيفة وفي النهاية سوف يجلس الاطراف للتفاوض وحتى لو انتصر طرف، بنفس القدر الانقاذ في حربها مع الجنوب والمعارضة اعلنت التعبئة والجهاد وتكفير الاخر وبعد كل ذلك جلسوا مع الجميع وخسرنا نصف الوطن بعد موت عدد كبير وتحويل موارد التنمية للحرب ويمكن ان نتعلم من هذا الدرس فقضايا الاوطان لا تعالج بالحماقات والانتقام بل بسلطة القانون والعدل ويجب التحقيق في كل جرائم الحرب واي طرف قائد ام فرد يتحمل مسؤوليته القانونية والجنائية امام محاكم عادلة في المستقبل. لذلك الحل ليس في مواصلة الحرب لتاديب من اجرم بل في إيقافها ومحاسبته عبر قضاء عادل في حكم عادل فهذا هو الحل الافضل.

فكرتي ان تكون فوق الاستقطاب كقوى سياسية والا نغلق انفسنا في تفكير استقطابي محدد فالتاييد يكون للسياسات  الدفاعية التي تضعها القوى المدنية  السياسية للقوات المسلحة لتنفيذها او معارضتها

مثلا عندما اعلن بوش الحرب في العراق عدد كبير من الامريكان وقفوا ضد الحرب والا يورط الجيش الامريكي في هذه الحرب وبعدها بايدن سحب الجيش الامريكي من افغانستان ومن الصعب ان يحاول رئيس امريكي ارسال جنود لخوض حرب خارجية لادراك الامريكان لخطل ذلك ومعارضتهم للفكرة دون ان يجعلهم خونة لجيشهم.

لذلك جاء حديثي عن السياسات الدفاعية وصناعتها في اطار منظومة امن قومي تبدأ من تعليم الاطفال  للعلاج للتنمية ووضع كل ذلك في الاعتبار عند التقييم ووضع الرؤية وليس من مهمة السياسي او الحزب ان يكون اداة تعبئة استقطابية للحرب كسياسة بل ان يصنع سياسته اي نهج تفكيره ولكن الكيزان وتوابعهم ادخلوا الجميع في هذه الورطة مثل قضية شعار “الاسلام هو الحل” وحتى يدخلوك في مأزق ان معارضتهم تعني معارضة الدين الاسلامي الحنيف. بنفس القدر تم توريط عدد كبير حتى من الكتاب والمثقفينوالساسة في انه يجب ان تأيد الجيش والحرب بشكل مطلق او اذا عارضت  فانت خائن او مع الطرف الآخر المجرم والذي فاقت جرائمه في القتل وانتهاك الاعراض والسرقة كل تصور ويجب ادانة ذلك ومحاسبتهم مستقبلا ايضا  وادانة كل الانتهاكات من جميع الاطراف حيث لم يترك مجال للتفكير العقلاني من ان الحرب كسياسة دفاعية صنعتها القيادة العسكرية الحالية للجيش وللدعم ومن حقنا ان نقف ضد هذه السياسة وضد نهج القيادة العسكرية الحالية الانقلابية وهذا لا يعني الخيانة فيمكن للجميع ان يقف مع الجيش كمؤسسة ولكن يمكن معارضة والوقوف ضد قادة الجيش في نهجهم السياسي وسياستهم الدفاعية ويحب ان يكون التفريق واضح وصريح.

 

اكرر فكرتي صناعة سياسة دفاعية من القوى السياسية دون ان تقع في شرك الخيانة السياسية المنصوب بعناية من الاسلامويين وتوابعهم لذلك قلت ان نفرق بين الجيش وقادته مثلا الجيش فالبشير كان قائده وهو قال انه اخو مسلم بالدرب فهنا نعارض عمر البشير كقائد للجيش ولكننا مع الجيش كمؤسسة وطنية قومية يستمر العمل لاصلاحها وخلق سياسات دفاعية من الحكم المدني وما عليهم الا التنفيذ والبعد عن ساس يسوس . وهكذا

الان ارى فشلا من الجميع لترك الامر للوصول لمرحلة الحرب فماهو الطريق للخروج من هذا المأزق. كلام الجيش انه ان تتواصل الحرب الا ان يقضي على الدعم ومرت عشرة شهور فهل اذا استمر الامر عشر سنوات يجب التأييد المطلق لهذه السياسة الدفاعية في اطار منظومة امن قومي وتاثير ذلك على المواطنيين فهذا جنون ان تترك الامر لهذه للحماقات.

 

الكيزان بعد اعلانهم الجهاد والدفاع الشعبي والمقاطعة على النظام قدروا الخسارة ب ٧٠٠ مليار دولار وفي النهاية جلسوا وفاوضوا وقسموا البلد فتصور لو تم صرف ذلك المبلغ على التنمية لذلك فالحرب ليست حل وسوف لن تحل اي قضية مع التركيز انه يجب المحاسبة وعدم الافلات من العقاب للطرفين.

ايضا يمكن تفكيك سياسة استمرار الحرب واول سؤال ما هي خططكم كقادة فهل سوف تهزمون الطرف الاخر خلال شهر شهرين ولماذا لم تستطيعوا هزيمته خلال عشرة شهور. فاذا لم تملكوا خطة واضحة بتخطيط وتواريخ فهذا مجرد تنجيم و في نفس الوقت ما هي خططكم للتعليم وفتح المدارس والجامعات وقد مر عام كامل ونيف بلا تعليم وما هي خططكم لعلاج الناس واكلهم وشربهم والتنمية وتوطين كل هذه الملايين من النازحين واللاجئين. بدون اجابات واضحة وبخطط فلايمكن للشعب تحمل اكثر من ذلك فالافضل ايقاف الحرب والاستجابة للتفاوض ووضع آلية للمحاسبة وللعدالة من لجان مستقلة تنظر في من بدأ الحرب وتتم المساءلة القانونية والمحاكمات لكل من اجرم اما قصة لوم هذا الطرف او ذاك فهذا ليس وقته وايضأ التعبئة للحرب وعلينا التعلم من تجربة حكم الكيزان حيث يريدون تجريب المجرب الفاشل. لذلك قلت كجزء من الحل ان تتم دعوة قادة الطرفين للاستقالة فورا كتمهيد للحل او ان يمتلك البرهان الشجاعة ويستجيب للوساطات ويوقف الحرب ويمكن ان يكون السادات السوداني ويخلد اسمه من نور في التاريخ. فالسادات كان مثقفا ومشرف على صحيفة وقد الف ثلاثة كتب قبل ان يصبح نائب رئيس ففي كتاب هنري كسينجر  “القادة” ذكر ان السادات ارسل له لكي يحضر بعد ان انتصرت مصر اولا وهزمت بعد انتصار ٧٣ حيث رفض الروس تزويد السادات بالسلاح وادرك انه اذا واصل الحرب سوف يعرض شعبه لكارثة، فحضر كسينجر فقال له السادات انا لدي خطة لايقاف الحرب ادرسها واسميتها خطة كيسينجر باسمك واريدك اقناع الاسرائليين والامريكان وفعلا نجح وتمت اتفاقية كامب ديفيد فبصرف النظر عن الاتفاق او الاختلاف فقد كانت عنده الشجاعة والوعي فهذا ما نطلبه من البرهان اي الشجاعة والوعي. اما الدعم السريع فتاريخه كمليشيا مساندة للجيش لا اتوقع اي مستقبل سياسي له بعدما تم منهم في اخذ حق المواطنين فمن الصعب تحويله لقوى سياسية برغم اجتهاد بعض الافندية الجدد داخله. وعموما يجب إبعاد الطرفين العسكريين من السياسة وان يكون وجودهم في التفاوض حول فنيات وقف الحرب.

هذه مقاربة عامة لفتح نقاش حول كيفية ايقاف الحرب والعبور بالسودان لبر الامان.

أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم

الاول من فبراير ٢٠٢٤

تعليق واحد

  1. يا اخي الحل واضح لكن المصالح الحزبية والشخصية للقوي المدنية تمنعها من التوافق عليه لذلك ننتظر العسكر اما بالحسم او التقسيم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..