التفكير في أجواء الأزمة الوطنية المستفحلة

طه جعفر الخليفة
يعالج الكثيرون قضايا مختلفة متعلقة بالأزمة الوطنية المستفحلة التي ما فتأت حلقاتها تضيق علي شعبنا ربما منذ أيام التركية السابقة. يتكلم البعض عن نهج تطوير لا رأسمالي غائب و آخرون عن تطوير رأسمالي غائب أيضا و الدليل علي ذلك إنعدام البنية الصناعية و الأسوأ أن هنالك من يدعو للعودة للجذور هي عندهم لا شيء غير الإسلام السياسي الفاسد و المفسد. و بالمناسبة يتحمل الجميع مسؤلية فشل الدولة و خرابها.
كان من المفترض أن تكون الثورة المهدية ترياقاً شافيا لأزمات تلك الفترة لكن درجات الوعي الشعبي، طبيعة مؤسسة الدولة المهدية المتكونة بعد التخلص من الحكم الأجنبي و كادرها الأداري جعلت من أنتصار الثورة المهدية حنضلاً علي شعوب كثيرة من أهل السودان و لتوضيح ذلك لنذكر مثالين فقط الأول متعلق ببادية الكبابيش حثي تسببت إدارة الدولة المهدية في تشتيت أهلها من محاميد و كواهلة و غيرهم علي خلفيات سياسية و أمنية. و المثال الثاني مذبحة المتمة و لا أريد أن أورد مراجع محددة لكن ربما يستفيد الناس من كتابات كثيرة وطنية و أجنبية لفهم الأحداث المرتبطة بكوارث الدولة المهدية في بادية الكبابيش و مدينة المتمة و غيرهما. يمكننا بمراجعة أولية لإفادات و استنتاجات المؤرخين أن نصل لحقيقة أن الثورة المهدية و ودولتها لم تكن أكثر من إستفحال للأزمة الوطنية المتعلقة بإنهيار دولة الفونج و الغزو المصري. حيث لم تسهم أدارة الدولة بعد انتصار الثورة المهدية في تطوير بنيات المجتمع و مؤسساته فيما يتعلق بالتعليم و العلاج و الأمن الغذائي و غيرها من مناحي الحياة الطبيعة التي سادات في كافة أنحاء المعمورة.
حدث الغزو الثنائي ( مصري بريطاني) و سحق الدولة المهدية و شرع في تكوين مؤسسات حكم و و مؤسسات تعليم و تدريب تُعجِّل ربط السودان بالسوق الأوربي و العالمي كمصدر للمواد الخام. كانت تلك بلوة أخري، تخلصنا منها ليس نتيجة لنضال السودانيين فحسب بل كانت هنالك عوامل أخري خارجية مهمة مرتبطة بالواقع الإقتصادي و السياسي لبريطانيا جراء الحرب الأوربية بين النازي و اوربا و الإتحاد السوفيتي. و ورثنا جيل كامل من الساسة غير المفيدين و غير المبدأيين أداروا الدولة بطرائق لا تقود إلا للمأساة الماثلة اليوم.
خلال الحكم الثنائي حدثت هبات مسلحة و إحتجاجات سلمية لم تؤتي ثمار ملموسة علي مستوي الحياة، تبخرت آثارها بالكامل و لم يتبقي منها شيء غير أغنيات تمجد أبطالها.
كانت هنالك خطابات نهضوية ( لبراليين كثر بوجدان أوربي إلي جانب مثابرة الأستاذ محمود محمد طه في تطوير الفكر الديني الإسلامي و خطاب ماركسي مستنير و مثابر، هذا غير إسهامات معاوية نور المتمدنة)
كانت هنالك محاولات محدودة للتحديث علي الصعيد السوداني لكنها كانت محصورة في في الحواضر التي بناها المستعمر المصري التركي ( مدني و بربر وعطبرة غيرها) و التي بناها المستعمر المصري البريطاني كالخرطوم الكبري. فآثار الدولة المهدية في امدرمان ليست أكثر من طوابي و سجن و بيوت طينية سميكة الحيطان و مراحيض قرووسطية علي حسب ما قال وليام آدمز.
ثورة أكتوبر 1964م و ثورة مارس أبريل 1985م وثورة ديسمبر 2018م لم تحقق أهدافها و إنقلب عليها العسكر و حكموا لفترات طويلة كما هو معلوم.
يقودنا هذا السرد المختصر للسؤال ما هي الأسباب العميقة و الظاهرية للأزمة الوطنية؟ و المقصود في الناحية السياسة غياب الديمقراطية النيابية، عدم وجود دستور، تطاول أمد الحكم العسكري. علي الصعيد الإقتصادي إنعدام البنية الصناعية اللازمة لنشوء قوي إجتماعية لبرالية بصورة حقيقية.
التفكير من خلال المنظور الماركسي ( الحزب الشيوعي السوداني) يقودنا لفهم جزء من المأساة الوطنية و إرتباطها بالعوامل الخارجية. التفكير عبر مشروع الأستاذ محمود محمد طه الفكري يقودنا لفهم جانب آخر للمأساة الوطنية. التفكير من خلال مشروع الدكتور جون قرنق (السودان الجديد) يشرح بعدا آخر للمأساة الوطنية. علينا جميعا الإعتراف بأنه ليست هنالك مشروعات نهضوية أخري تكلم بها السواد الأعظم من بنات و أبناء شعبنا. غياب المشروع اللبرالي مبرر و يمكن فهم غيابه لغياب البنية الصناعية المطلوبة لذلك و كذلك إنعدام الوعي السياسي و غياب التعليم و التخلف بصورة إجمالية. هذه جميعا من الأسباب الظاهرية للأزمة و المقصود غياب المشروع الوطني الممكن الإنجاز. أما الأسباب الباطنية العميقة ربما نجد لها تفسير في البنيات الثقافية و درجات الوعي المتفاوتة لدرجة تعايش وعي الرعاة البدوي العسكري مع منظمات الدفاع عن حقوق المرأة و الطفل في محيط ذكوري متحكم و متسلط و ظالم.
من الأمور التي أفكر حولها كثيرا كيفية تدمير القوانين الإسلامية لقيم مركزية في الوجدان السوداني العام في الوسط و الشمال. ببساطة لأن إنسان الشرق و الغرب و الجنوب لم يكن في حساب المشرعين لتلك القوانين ( قوانين سبتمبر 1983م و تطويراتها) او منفذيها أو معارضيها حتي. كان تطبيق قوانين سبتمر يشبه فعل خادش يزيل براءة طفلة أو طفل و يفتح العيون أمام حقائق ضاغطة تظل مضاعفاتها حاصة لأزمان طويلة. من كان يتوقع أن يتم سؤال زوجين عن قسيمة الزواج، من كان يتوقع أن يتم جلد الشاربين في الميادين العامة هذا غير مأساة قانون النظام العام الذي ألهب أجسلد النساء بعذاب القهر و الإستبداد. من كان يتوقع أن تتكلم المحاكم بلغة المهاويس و تقول بالشروع في الزنا أو الأفعال المخالفة للطبيعة. حدذثت هذه الأمور و كانت هنالك فئة جديدة تتكون و ترفض قيامها التالفة و الفاسد علي الحياة و هي الفئات الثي أثرت من تغيير نظام المعاملات المصرفية و ظهور ما يسمي بالمصارف الإسلامية. كانت تخريب القوانين الإسلامية و مجمل الفعل السياسي للأسلاميين محصورا في المدن و التجمعات الحضرية أما علاقته بالريف ( القطاع الرعوي و الزراعي الإكتفائي) كانت علاقة إنتهازية يمثل تكوين الجنجويد أو الدعم السريع أعلي تجلياتها.
كمية التشوهات التي أدخلتها حركة الأخوان المسلمين بأسمائها المختلفة من جبهة قومية إسلامية و مؤتمر وطني و حركة إسلامية فاقت كل التدمير الذي تسببت فيه التركية السابقة و إنقلاب الهمج علي الفونج و الحكم الثنائي.
نحن الآن في مواجهة واقع مفجع و هو حرب البرهان و حميدتي. وصل عدد الفارين من الحرب إلي عشرة مليون و تجاوز عدد القتلي الثلاثين ألف هذا لأن غرب ارفور وحده قتل فيه 15 ألف .
يقول البعض أن الأزمة موروثة منذ قبل الإستقلال. نعم كانت هنالك مشاكل كثيرة و أزمات لكنها غير قابلة للمقارنة مع جرائم الإسلاميين في الوطن. لذلك أحس بأن من يتكلمون عن أزمة عميقة منذ قبل الإستقلال يحاولون التخفيف من حجم جريمة الأخوان الأخوان المسلمين في الوطن منذ عام 1978م من المصالحة الوطنية و أيام إستخفافهم بعظائم الأمور أيام الديمقراطية و الثانية و الثالثة وصولا إلي إنقلابهم المشؤوم في 1989م. الكتابات حول الكارثة كثيرة و متنوعة لكنها تتفق في فكرة واحدة و هي أنه لا حل قريب في الأفق و هذا ليس لعجزنا في إستيلاد المعالجات لكنه بسبب طبيعة القوي المتحاربة و هي الحركة الإسلامية و الجنجويد. هذه القوي لم يعرف التاريخ البشري شراً أكثر منها.و هي تشبه كلاب بت مدني في القضارف التي عرف عنها إصرارها غير السبوق علي العض و المطاردة مهما طالت المسافة.
طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا 2 فبراير 2024م
[email protected]
مقالك ده زاتو يمثل جوهر الازمة السودانية
وينو مشروع محمود طه
هل هو تأييد النميري في سحل وقتل المعارضيين والنبريرات الساذجة والمتهافته للاخوان الجمهوريين ولا الخزعبلات الدينية المفارقة للفطرة السليمة
وينو مشروع قرنق
هي العبارات الجوفاء الكان بغش بيها الناس من شاكلة السودانوبة هي التي توحدنا
ام اتفاقة البغيض مع تجار الدين السفلة في اتفاقية تقاسم السلطة والسودان
الي ماذا انتهي مشروع السودان الجديد
الشذوعيين في متاهاتهم الابدية يحتفون بالمشاريع الوهمية لتغطية عوراتهم الفكرية وفعلا يسار فالصو