مقالات سياسية

دولة 56 يا حليلها!

محمد التجاني عمر قش

طرأ على الخطاب السياسي السوداني في الآونة الأخيرة مصلح جديد يضاف لقائمة المصطلحات المتداولة في هذا القطر المبتلى، وهو مصطلح دولة 56! فقد كنا حتى وقت قريب نسمع عن التهميش والهامش والأطراف والمركز، والغرب والبحر، وتقسيم السلطة والثروة والقبلية والجهوية والعنصرية والانفصال والوحدة، قبل ذهاب الجنوب، ولكن مع اندلاع تمرد مليشيا الجنجويد برز هذا المصطلح الذي لم نسمع به من قبل! ومن الواضح أنه مصلح من إنتاج نشطاء قحت أو تقدم لتضليل الأوباش من عرب الشتات لإقناعهم بأنهم يقاتلون من أجل قضية عادلة علاوة على سعيهم لاستئصال الفلول والكيزان من السودان بلا رجعة. بيد أن الهدف الذي تسعي إليه دوائر الشر وهدفها من هذه الحرب هو التغيير الديمغرافي الكامل بمعنى تشريد الشعب السوداني من أرضه ووطنه واستبداله بأناس يجلبون من أصقاع وفيافي أفريقيا لخدمة مصالح خاصة بتلك الدول التي تدعم التمرد في السودان. ولكن بفضل من الله خاب فألهم وطاش سهمهم وخابت آمالهم وفشلت خططهم بتلك الوقفة المشهودة للجيش السوداني، يسانده هذا الشعب الأبي الذي ظل يردد شعاره المعروف: “جيش واحد، شعب وحد”. ليس هذا فحسب، بل انتظم الشعب في عملية استنفار غير مسبوقة أربكت خطط التمرد وأحيت الوطنية في نفوس الشعب السوداني في كافة أنحاء البلاد رغم أنف قحت أو تقدم وكل العملاء والمرتزقة الذين يقتاتون على خيانة الوطن كما أقرت بذلك رشا عوض بلا خجل أو مواربة!

وأنا على يقين من أن عناصر المليشيا لو سألناهم عن مفهوم هذا المصطلح لما حروا تعريفاً له لأنهم أصلاً لا يعرفون ماذا حدث في عام 1956 في السودان إذ لم يكن أحد منهم موجوداً داخل الأراضي السودانية في ذلك التاريخ حين نال السودان استقلاله من ربقة الاستعمار البغيض! هؤلاء الأوباش ولد معظمهم في صحاري النيجر وتشاد وإفريقيا الوسطى وبعضهم حملته اللواري من خارج الحدود ليجد نفسه فجأة داخل دولة أسمها السودان! دولة 56 يا أيها الأوغاد المناكيد كانت دولة ذات سيادة كاملها يقودها رجال لم يعرفوا الارتزاق ولم يرهنوا إراداتهم لكفيل إقليمي أو دولي، بل عاشوا أحراراً أوفياء لوطنهم متجردين عن مطامعهم الشخصية رافعين شعار “السودان للسودانيين” ومع ذلك ساعدوا في تحرر الشعوب الإفريقية من الاستعمار الأوروبي من الجزائر شمالاً وحتى وسط إفريقيا بلا منٍ ولا أذى ووقفوا مع القضايا العربية في حرب 67 و73 وساعدوا في نهضة بعض الدول العربية التي تناصب السودان العداء الآن.

دولة 56 ورثت سوداناً مستقراً ما عدا تلك الفتنة التي غرسها المستعمر بين الشمال والجنوب وسعى من خلالها للتفريق بين أبناء الوطن الواحد حتى نال مأربه. دولة56 لم تعرف الجهوية ولا النعرات العنصرية فقد كانت مناصب الخدمة المدنية والعسكرية تسند للشخص حسب الكفاءة والقدرة بعيداً عن المحاصصة فتجد الفوراوي مديراً في دنقلا والحلفاوي مفتشاً في نمولي، وأدروب قاضياً في الأبيض. كانت الخدمة المدنية مستقرة وفعالة بفضل ذلك النظام الدقيق الذي ورثته دولة 56. أما التجارة فقد كانت تقوم على الثقة والأمانة والعلاقات التجارية المتميزة وتبادل المصالح والسلع فيحمل سائق اللوري المبالغ الكبيرة من الجنينة إلى أم درمان ويسلمها لتاجر الجملة ويعود محملاً بالبضائع لا يعترض سبيله ارتكاز ولا يطلب منه أحد تسديد جباية سوى الضرائب والرسوم بموجب أورنيك 15. كما ورثت دولة 56 ذلك التعليم النوعي الذي كانت تتربع على عرشه جامعة الخرطوم وترفدها المدارس الثانوية القومية في حنتوب وخور طقت ووادي سيدنا بخيرة أبناء السودان بلا تمييز ولا عنصرية. وحتى المنظومة الحزبية، مع هيمنة الطائفية، كان من الممكن أن تشكل نواة جيدة لممارسة ديمقراطية راسخة لولا تدخلات اليسار واليمين التي أعاقت المسيرة الديمقراطية أكثر من مرة.

دولة 56 كانت لها علاقات خارجية مستقرة تتمثل في موقف عدم الانحياز وعدم السماح للدول بالتدخل في الشأن الداخلي إلا في بعض حالات معدودة استطاعت من خلالها بعض دول الجوار تغيير نظام الحكم بالانقلابات العسكرية. وكانت معظم دول القارة الإفريقية تنظر إلى السودان كدولة رائدة لما كان يتمتع به زعماء السودان من حكمة في التعامل مع قضايا القارة السمراء وما يقدمه السودان من مساعدات متنوعة لتلك الدول بلا ارتزاق ولا عمالة. وكان السودان بمثابة الأب الروحي لبعض الدول العربية فساعد في نهضتها عبر التعليم والخدمة المدنية وحتى في بعض الأحيان بالخبرات العسكرية حتى شبت عن الطوق وصارت تتآمر على السودان وتسعى لتمزيقه عبر عملائها الذين رهنوا إرادتهم للأجنبي بلا وطنية ولا ذمة ولا قيم ولا أخلاق فدمروا السودان ولم ينالوا خيراً.

دولة 56 يا حضرات السادة كان فيها الأدب والفن والصحافة والتواصل الثقافي مع محيطنا العربي والعالمي. فقد كان طلابنا يتوجهون إلى أرفع الجامعات في مصر وبريطانيا وأمريكا ويعودون بأرفع الدرجات العلمية ليخدموا وطنهم بإخلاص، كل حسب اختصاصه ولم يرتزقوا ولم يتآمروا مع الأجنبي ضد بلادهم وشعبهم. في دولة 56 كان الإنسان يسافر من الجنينة حتى بورتسودان لا يحمل معه إلا قليلاً من الزاد فهو مرحباً به كضيف عزيز وأخ كريم حيثما حل؛ وبذلك تمازجت أعراق السودانيين وتنوعت سحناتهم فصاروا أمة ذات طابع متميز. وما من مدينة سودانية، صغيرة كانت أو كبيرة، إلا وتجد بها تنوعاً إثنياً متفرداً يعطي كل مدينة طابعها الخاص.

دولة 56 لم يعكر صفوها إلا الدخلاء والعملاء ونشطاء السياسة وبعض عناصر اليسار والبعث ممن يحاولون تطبيق نماذج حكم عفا عليها الزمن وتجاوزتها الأحداث والتحولات العالمية والإقليمية، ولكنهم من ضلالهم لا يزالون يتشبثون بها ويعاونهم الآن بعض الأبالسة الطامحين في حكم السودان بلا مقدرات ولا كفاءة؛ ولذلك اضطربت أحوال البلاد واختلط الحابل بالنابل بعد أن عاث الأوباش فساداً في الأرض بحجة التخلص من دولة 56، ولكننا نظل نقول ليتنا نعود لتلك الدولة يا حليلها!
[email protected]

‫13 تعليقات

  1. انا ما عندي زمن لقراءة كلام دا لكن اقول بكل ثقة دولة 56 كانت عادلةة وحريصة حتى عل قبائل الرعاة لتعليم ابنائهم وكانوا يدعون ثمن تدكرة طائرة لطلاب دارفور تقديرا لبعدها دون ان تكون هنالك احنجاجات ولا حركات مسلحة تتاجر في قضايا اهلها
    دولة 56 سوف تستمر والما عاجبه يركب اعلى ما في خيلة اوحمارته او بقرته

    1. وقتها كانت الدولة بادارة من كافحوا لنيل الاستقلال و تربية 56 ظهرت في الثمانينات و انت ماشي

  2. اعمل ساتر من المغفلين النافعين بعد شوية يجوك بالاسطوانة المشروخة كوز و فلولي و علي كرتي و بطيخ.
    قلناها مرارا و تكرارا انها حرب ضد الشعب السوداني و الوطن و ليست ضد الكيزان كما يزعم بعض المغفلين النافعين و المأجورين عملاء دويلة الشر (الخمارات العبرية)
    و انها حرب تغيير ديمغرافي بطرد السكان الأصليين ليحل محلهم مرتزقة جرذان صحاري افريقيا من عرب الشتات و هذا المخطط بدأ في دارفور حين استعان نظام الكيزان
    في اكبر عار وطني بالمجرم حميدتي فقاموا بتهجير القبائل (السودانية) الغير عربية و احتلال حواكيرهم من قبل مرتزقة (اجانب) تحت وهم (العروبة) و مشروعهم الحضاري.

    1. القطيع. أكاد أن أكون متأكدا بأنك اذا سُئلت عن دور قحط في التعاون مع الجنجويد لن تكون لك إجابة مقنعة إلا ترديد القطيع الببغاوات بانهم عملاء بن زايد ولو تكرر السؤال كيف عرفت انهم عملاء بن زايد لما استطعت الإجابة.
      الكوز عورة.

  3. ابشر أخي محمد التجاني لقد لاحت بوادر النصر وإن شاء الله سوف نحتفل قريباً بدحر هؤلاء المرتزقة ومن حالفهم من قحت وذيولها والعزة للسودان جيشاً وشعباً

    1. القطيع. أكاد أن أكون متأكدا بأنك اذا سُئلت عن دور قحط في التعاون مع الجنجويد لن تكون لك إجابة مقنعة إلا ترديد القطيع الببغاوات بانهم عملاء بن زايد ولو تكرر السؤال كيف عرفت انهم عملاء بن زايد لما استطعت الإجابة.
      الكوز عورة.

  4. وعاد الكوز المطرقع الكضاب القش عمر قش (تربية المال الحرام) ليمارس الكذب والطلس والدعارة الاعلامية الكيزانية المعهودة

    طبعا اى كوز معروف بالكضب والدجل بجانب الارهاب والاجرام الذي يسري بدمه لان الكوز شخص مجرم بطبعه؛ فهاهو الكوز المطرقع القش محمد قش يكذب ويتحري الكذب ويمارس الكذب لانه كوزا تربي بالمال الحرام تربي علي ان يكذب ويطلس ويعرص.

    مصطلح دولة ٥٦ بتاع الدارفوريين وحكرا للحركات المسلحة الدارفورية وكل يوم بيقولوه وصدعونا بيهو وكرهونا بيهو هذه الخريطة المشوهة والدولة المصنوعة الاسمها السودان، عشان كدا انتظمنا في منظمة النهر والبحر للانفكاك من هذه الوحدة المصنوعة وحدة الدماء والدموع وحدة الحروب الابدية اللانهائية نعم للانفصال وانهاء معاناة اهلنا الجلابة منذ ان ضم لنا المستعمر الانجليزي في يوم الاثنين الاسود الموافق ١يناير ١٩١٧م دولة دارفور وفي العام ١٩٠٠م ضم لنا اقليم جبال النوبة بعد رسم الحدود بيننا ودولة الجنوب الحالية
    ومنذ قيام دولة ٥٦ بعد الاستقلال المزعوم في ١٩٥٦م لم تهدا بلدنا ولم يرتاح شعبنا بسبب الحروب الابدية اللانهائية بسبب هذه الوحدة المصنوعة القسرية التى لمتنا باشكالك ياكوز يا كضاب.
    مصطلح دولة ٥٦ ياكوز يا لعين يا قش مصطلح خالص لحركات دارفور المسلحة المجرمة ونخب دارفور التى لها اطماع في الاستيطان في ارض النيلين علي الشريط النيلي عشقهم الكبير وتملك البيوت والاراضي في الخرطوم وبقية اراضينا.

    اذيدك علما يا ايها الكوز تربية الهالك حاج نور الشاذ اننا نحن الجلابة كما تنعتوننا بها اصبحنا غير حريصين علي دولة ٥٦ المزعومة ونحن اصبحنا اكثر الناس بانهاء هذه الوحدة المصنوعة والغاء هذه الخريطة المشوهة الاسمها السودان لانه مقتنعين انه لايمكن خلط الزيت بالماء ولايمكن ان نصبح شعب واحد في دولة واحدة فهذا من رابع المستحيلات ياكوز

    غدا سنعلن الرجوع لدولتنا دولة وادى النيل او مملكة كوش او سنار لاحقا وننفك من دولة دارفور واقليم جبال النوبة وننفك من كذبك وطلسك وكوزنتك القمئية يا قش
    هذه الخريطة المشوهة الاسمها السودان والوحدة الكذوب طول مافيها من امثالك من كيزان مطرقعين مقدودين فلن تتقدم وتذدهر وتتطور وتقيف فيها الحروب ابدا ابدا
    لذا سنعلن دولتنا وادى النيل بحدودها الجغرافية المعروفة وننفك من القش وبقية الصيع الكيزان لان دارفور هي الحاضنة الاجتماعية للحركة الإسلامية الكيزانية الارهابية

    كوز وقش محن والله محن

  5. الفاقد العلمي للفلول -و هذا مصطلح جديد ليس من نشطاء (تقدم ) و كل من يقرأ تعليقاتي يعلم أنني من اكثر الناس انتقادا لقحت او تقدم – هذا الفاقد العلمي عرف عنه محاولاته الفاشلة للسواقة بالخلا فمثلا قول كاتب المقال المحترم (دوائر الشر وهدفها من هذه الحرب هو التغيير الديمغرافي الكامل بمعنى تشريد الشعب السوداني من أرضه ووطنه واستبداله بأناس يجلبون من أصقاع وفيافي أفريقيا لخدمة مصالح خاصة بتلك الدول التي تدعم التمرد في السودان.)
    هذا القول لا يوجد ما يسنده في عالم الواقع حيث ان تعداد الدول التي يتحدثون عن ان عرب ( الشتات الافريقي ) يأتون منها و هي النيجر و تشاد و افريقيا الوسطى , مجموع سكان هذه الدول لا يتجاوز عدد سكان السودان الحالي و نسبة عرب الشتات فيها لا تتجاوز 5% و بكل تأكيد فان ظروف السودان الحالية خصوصا بعد 15 ابريل ليست مناسبة كي يهاجروا من ديارهم الى المجهول و الحرب و النزوح . كما ان عملية تهجير مجموعات كبيرة من الناس الى بقاع اخرى بعيدة تحتاج الى موارد مالية لا تتوفر الا عند اثرياء اليهود في العالم
    الامر الاخر وهو معروف هو ان الاراضي التي رسمت عليها الامارات هي مناطق زراعية في شرق النيل الازرق بالقرب من الحدود الاثيوبية اي منطقة الفشقة و بالتالي فان التغيير الديموغرافي في هذه الحال سوف يأتي من الاماكن القريبة و هي الحبشة و من مزارعين و ليس من رعاة ابل و بقر كما هو الحال عند عرب بدو الفضاء الافريقي !!
    و احداث استهداف السكان من قبيلة الهوسا و اخراجهم من ديارهم قبل سنتين , ربما كان لها علاقة بهذا المشروع الزراعي الاستيطاني المخطط له و لكن ناس عمر قش لم تأتيهم التعليمات بالكتابة عن هذه الممنوعات .
    اذا اردتم ان تكذبوا زبطوا الكذبة على نمط ( ان سرقت فاسرق جمل )

    1. المدعو مناضل انت أما زول ساذج و اما من جرذان عربان الشتات الافريقي عدد اليهود حين استوطنوا في فلسطين عام 48 كانوا اقل عددا من عربان الشتات الافريقي و لقد شاهدنا فيديوهات للمرتزقة يتوعدون الشعب السوداني بالتهجير ليحل محلهم عرب الشتات من تشاد و النيجر و مالي و ليبيا و افريقيا الوسطي بالإضافة الي احاديث مستشارين المجرم حميدتي عن عدم الخروج من منازل المواطنين و قالوها بصريح العبارة الخرطوم دي بتاعت ابو منو فيكم.

      1. أيها العميل العنصري أبو الذل و المهانة الذي لا يتخلق باخلاق الاسلام و يستخدم الاسلوب الفرعوني في تقسيم الناس شيعا
        جاوب على المعلومات التي ذكرتها انا او اصمت .
        فلسطين فيها بيت المقدس و هي مكان مقدس و يدور الصراع حولها منذ اكثر من الف و اربعمائة سنة , هل عندك اراض مقدسة حتى يهاجر اليها عرب الشتات ؟

        كم عدد السودانيين الذين اغتربوا بسبب الظروف الصعبة قبل هذه الحرب و كم عدد النازحين الان الذين غادروا بيوتهم نظرت لغياب الشرطة من الساعة الاولى لانطلاق الحرب
        اسكنوا ايها العملاء الجبناء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..