الحرب لن تتوقف مع تشعب أمراء الحرب ما الحل يا تنسيقية (تقدم) ؟

د. محمد عطا مدني
استمرارالاقتتال بين مليشيات الجيش ومليشيات الدعم السريع، ينذر بأخطار جسيمة سوف تودى بالوطن، هذا القول لا يختلف عليه إثنان فيما عدا (الكيزان ومليشياتهم)، وذلك لأن لديهم (احتياطى أوطان) كثيرة، من بلوشستان، لقرغستان، لباكستان، وأفغانستان وأوزباكستان وتركمانستان، بالإضافة لتركيا وماليزيا، وفيلات مدينة أكتوبر والشيخ زايد بمصر..! أما شعبنا المسكين فليس له إلا (شبه الوطن) المسمى (السودان) أو ماتبقى منه..!
نحن الآن لسنا فى حاجة لهدنة إنسانية، أو (اجتماع إنسانى) كالذى تدعو له الآن الأمم المتحدة، وهى الغائبة منذ عام مع رفيقتها جامعة الدول العربية، وكلاهما يرى أن واجبه الأساسى قد قام به خير قيام، وهو (الشعور بالقلق)..!
كلا الفريقين يعزز الآن متاريسه بأسلحة دمار شامل سوف تقضى على ما تبقى من الوطن والشعب، ولابد هنا أن نكون منصفين، لأن الله سبحانه وتعالى سيحاسبنا على كل كلمة نقولها وعلى كل لفظ يخرج من بين أناملناعلى الورق، أو فى الوسائط المسموعة والمشاهدة. (لأن الجحيم فى انتظار كثير من الكذابين، والمنافقين، وكارهى الوطن والشعب، وملفقى الأخبار، وقالبى الحقائق رأسا على عقب)..!
فالحق يقال ولا مراء فيه، أن الدعم السريع قد أبدى حسن النية فى رغبته فى توقف القتال، وفى محاكمة أى فرد خرج على النظام، أو ساهم فى أضرار للوطن والمواطنين، بينما الطرف الآخر يصر على استمرار الحرب وتدمير الوطن وشعبه فى سبيل (غبينة) تراكمت مع تطورالأحداث ضد الدعم السريع، فالحرب إذا ليس (معركة كرامة) كما يدعى، إلا أن تكون كرامة حزب المؤتمر (الوطنى)، فى الوقت الذى كان يجب فيه على من (يعتبر) نفسه (رأس الدولة) و(راعى الأمة والشعب)، أن يطلب وقف القتال واللجوء لحل الخلاف عن طريق المفاوضات، بدلا من الوقوف إلى جانب حزب أشعل الحرب، وتجاوزه فى أوامر الحرب وهو قائد الجيش، وكان يجب عليه انطلاقا من مسؤليته الدستورية، وأدائه لقسم الحفاظ على الدولة والشعب، أن يوقف الحرب فى أيامها الأولى، ولا ينقاد لإرادة شخص مدنى ورئيس لحزب محلول ومكروه من غالبية الشعب. هذه المسؤولية التى ارتضى أن يتمسك بها (متجاوزين فى ذلك عدم شرعيته للمنصبين بعد انقلابه المشؤوم وتمزيق الوثيقة الدستورية)..!
ومثال على قلب الحقائق اليومى من أنصارهذا الحزب الفاسد، ما ذكره أحد الأبواق التى لازالت تنعق بالشر ولم يكفها 34 عاما من الكذب والتضليل، أن إعادة العلاقات مع إيران سوف (يعزز الأمن والاستقرار فى المنطقة)..!
وبناءا على ذلك استمر البرهان باستدعائه إيران، يزيد الحرب إضراما، وينفخ فى نارها الذى اكتوى بقيظها معظم الشعب موتا وجوعا ومرضا وتشريدا. بل إن المجاعة على الأبواب لعدم البدء فى زراعة العروة الشتوية التى يعتمد عليها الشعب فى سد جزء من رمقه، دعك من عدم توفر ماء الشرب ونقص امدادات الطاقة الكهربية فى معظم مناطق البلاد، وأضف على ذلك مشكلات الاتصالات التى تنذر بانفصال مناطق البلاد المختلفة عن بعضها البعض، وخطورة ذلك على الأمن الداخلى المفقود أساسا، وعلى الأمن الخارجى المنهار، مما يهدد وجود ماتبقى من الوطن.
يضاف إلى هذا كله انهيار الاقتصاد والتعليم والصحة، وغياب القانون والشرعية، ولكن للعجب العجاب استمرار انتاج الذهب وتصديره (فى غياب حكومة تقنن هذا الإنتاج) الذى سيذهب عائده (دون شك) لصالح شراء أسلحة للطرف المتحكم فى بيع الذهب، وهكذا تتحول ثروة السودان من كونها داعمة لرخاء الشعب، إلى عامل من عوامل ذبحه، وتهجير ما بقى منه..!
رؤيتى أولا- وهذا اعتقاد شخصى قد يؤيدنى فيه كثيرون- أن انتظار تنسيقية (تقدم) لموافقة البرهان على عقد اجتماع معهم، لا فائدة تذكر من ورائه، وهو ضياع زمن تُفقد فيه أرواح مواطنين يوميا، وخسارة لبشر وأرواح من الفريقين المتحاربين، وكلاهما مسلم وموحد بالله. وحتى لو تم الاجتماع مع البرهان فنتيجته صفرية، لأن قرارالبرهان ليس فى يده، والأسانيد كثيرة جدا ولا داع لذكرها.
ثانيا: لقد تواصلت تنسيقية (تقدم) مع كثير من القوى الخارجية التى يمكن أن تساعد فى حل أزمة الوطن، وخاصة (الإيقاد) ورؤساء الدول المجاورة المحترمون. ولكن كل فرص وقف الحرب قد أضاعها البرهان وزمرته، لأن (غبينتهم) ضد الطرف الآخر – فى اعتقادهم – لا تتلاشى إلا بسيل من أنهار الدماء، تحقيقا لمبدأ (فلترق كل الدماء) ولا بديل لحل آخر، وليذهب الوطن إلى الجحيم..!
إذا، الحل الوحيد فى الأفق، هو إيقاف هذه الحرب بالقوة، ولا سبيل لذلك إلا باللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فهنا على هذه الأرض، شعب يموت كل يوم مائة مرة، جوعا ومرضا، وتشريدا وإحباطا، مما يؤدى إلى أمراض خطيرة، حتى للموجودين خارج الوطن، نتيجة تحملهم الآلام يوميا على مدار الساعة، نتيجة الأخبار المفجعة التى ترد عن طريق وكالات الأنباء ووسائط التواصل الاجتماعى، وكذلك تحملهم نفقات المحاصرين داخل الوطن من الأسر الممتدة، وكثيرممن يعشمون فى مساعداتهم من أقربائهم وجيرانهم، والذين توقفت سبل أكل عيشهم وتحولوا إلى لاجئين فى دول الجوار.
لابديل الا السفر ومخاطبة مجلس الأمن وشرح مشكلة الشعب السودانى (الذى لا إعلام لديه)، لأن المحطة القومية تعمل مع طرف من أطراف الحرب، وهو الطرف الذى يؤيد استمرارها ولا ينصاع لرغبة غالبية الشعب السودانى فى إيقافها. بل ويصادر قرار الشعب السودانى ويدعى أن الشعب معه فى خندق واحد. وغالبية الشعب فى الحقيقة ليسوا مع أى طرف من أطراف الحرب..!
الحل فى الفصل السابع، وفى (القبعات الزرق) حيث الإشراف الدولى، الذى ينشر الإستقرار فى ربوع الوطن، لأن الشعب لا يأمن على سلامته فى ظل القتال بين المتحاربين، وحتى تنتظم دواوين الدولة وتعود للعمل، وتبدأ عملية إزالة آثار الحرب، وإعادة المهجرين فى الولايات، واللاجئين من التشرد والمهانة..!
آخر الكلام:
لاتنتظروا من البوم خيرا، فهو- حسب التقاليد- نذير شؤم..!