اخبار السياسية الدولية والاقتصاد

هل يكون ماسرا ذراع واشنطن في الداخل التشادي؟

شيماء المناعي

لم تشهد تشاد استقراراً سياسياً منذ استقلالها عام 1960، وكحالة جارتها السودان، بدأت السلطة تنتقل بالانقلابات العسكرية من رئيس لأخر، كما تأثرت بحالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض الدول المجاورة لها، وبشكل خاص ليبيا والسودان.حيث أن ثروات تشاد، والأهمية الجيوسياسية لها، جعلتها محط أطماع الدول الكبرى، كونها منصة يمكن الانطلاق منها إلى ليبيا والسودان، اللتين تشهدان صراعات معقدة بين كثير من الأطراف الدولية.ماسرا رئيس وزراء!!بعد عودة زعيم المعارضة السابق سيوكسيس ماسرا، من المنفى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد توقيع اتفاق مصالحة مع حكام تشاد العسكريين، يضمن له القدرة على المشاركة في الأنشطة السياسية، قامت الحكومة الانتقالية في تشاد، بتعيينه بداية العام الجاري، بمنصب رئيس الوزراء.وقال محمد أحمد الحبو، الأمين العام الجديد للرئاسة في تشاد، إن ماسرا سيستمر خلال الفترة الانتقالية إلى الحكم المدني.وكان ماسرا قد فر من تشاد، في أكتوبر ،2022 بعد حصول أعمال شغب وعنف في البلاد، إثر احتجاجات ضد تمديد فترة الحكم الانتقالي للعسكريين، والتي أيضاً تخللها هجمات ضد القوات الفرنسية في البلاد.أسباب العودة..أثارت عودة رئيس حزب “التغيير” المعارض سيوكسيس ماسرا إلى البلاد، وتشجيعه للاستفتاء الكثير من التساؤلات، وخاصة، لأنه عارض بشدة الحكام العسكريين الذين وصلوا إلى السلطة في أبريل 2021 بعد مقتل إدريس ديبي إتنو.إلى جانب ذلك، حث ماسرا أنصاره على التصويت لصالح الدستور، في استفتاء ديسمبر 2023، على الرغم من أن بقية الأحزاب التشادية المعارضة حثت مؤيديها على التصويت بـ “لا” أو مقاطعة الاستفتاء، مما زاد من التساؤلات حوله.كما، تزامنت عودة ماسرا، مع ضعف النفوذ الفرنسي في البلاد، بشكل ملحوظ، مقابل تنامي الاهتمام الأمريكي بأن يحل محله، ويجد موطئ قدم في المنطقة.في سياق متصل، كشفت تقارير إعلامية ومراقبين، بأنه في أوائل شباط/فبراير الجاري عُقد اجتماع بين قادة الجماعات المتمردة التشادية CCMSR وFACT، في قاعدة “تمنهنت” العسكرية، في ليبيا، وتم تنظيم هذا الاجتماع من قبل رجال ماسرا سراً.ووفقاً للمصادر، فإن واشنطن، تخطط لتزويد هذه الجماعات المتمردة بالأسلحة للإطاحة بالرئيس الحالي محمد ادريس ديبي، كما أطاحت بوالده سابقا، وعراب هذا المخطط، وقائده، سوف يكون ماسرا، السياسي الواعد، الموجود على أراضي تشاد ويتمتع بثقل سياسي. كما أنه سيعمل كوسيط بين أجهزة المخابرات الأمريكية وقادة مجموعتي FACT وCCMSR المتمردين.كما أضافت المصادر، بأنه من خلال ماسرا، سوف تقوم الولايات المتحدة بالخطوة الأولى لتنفيذ مخطط الانقلاب، وهي إيصال الإمدادات العسكرية، والأسلحة للجماعات المتمردة تمهيداً لتنظيم انقلاب عسكري.وفقاً لبعض المحللين ما يدعم هذا المعلومات، هو أن سيوكسيس ماسرا، لم يخف أبدًا علاقته الوثيقة مع سفارة الولايات المتحدة وممثلي مجتمع الخبراء الأمريكيين المسؤولين عن الشؤون الأفريقية.كما أن ماسرا، أقام في الولايات المتحدة الأمريكية فترة من الزمن، ودرس خلالها، تقنيات الإطاحة بالحكومات، وكيف يمكن لمجموعات سكانية صغيرة، إسقاط الأنظمة من خلال “الثورات الملونة”.إضافة لما سبق، فإن حزبه “حزب التغيير” المعارض، وضع نفسه كقوة سياسية، كما كان له دور وثيق، في أعمال الشغب التي اندلعت في الشوارع قبل عام.ولكن، لماذا تشاد تحديداً؟وفقاً للمحللين والخبراء، فإن الولايات المتحدة الأمريكية من جهتها، تعتبر دولة تشاد منصة هامة جداً، لتنفيذ سياساتها في بعض الدول المجاورة، في المقام الأول السودان وليبيا.حيث، تحتل تشاد موقعاً استراتيجياً وجيوسياسياً هاماً، فلها حدود مع العديد من البلدان: النيجر ونيجيريا وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون وليبيا.وهذه نقطة دخول مثالية، أولاً وقبل كل شيء، لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وثانياً، لنشر النفوذ في المنطقة.عدا عن ذلك، تشاد تعد دولة غنية بالنفط والموارد الطبيعية، مثل: الذهب، واليورانيوم، والحجر، الجيري، والرمل والحصى، والكاولين، والملح وغيرها، حيث يؤمن النفط الذي تنتجه تشاد منذ عام 2003 ما يقارب 40% من الناتج الداخلي وأكثر من 60% من عائدات الدولة، وبحسب مصادر محلية، بدأت الولايات المتحدة بالفعل تصدير النفط من تشاد، منذ العام الماضي.وقد وجدت، واشنطن ضالتها في ماسرا، الذي عاد بوجه ديمقراطي شاب، يخفي ورائه كل أطماع واشنطن في البلاد، مستغلاً أمل الشعب التشادي بالحرية والديمقراطية. حيث سيتعين عليه، توفير ادخال واشنطن، إلى تشاد، والتفاوض مع مجموعات CCMSR وFACT للمساعدة في الإطاحة بالحكومة بالوسائل العسكرية.وكان الجيش التشادي قد علق العمل بالدستور بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في ابريل 2021 على يد متمردين، وحل البرلمان. ثم قام بتعيين نجله، محمد إدريس ديبي، كرئيس مؤقت للمجلس العسكري الانتقالي.ووعد ديبي الابن (38 عاماً) بإجراء انتخابات في غضون 18 شهراً، لكن إدارته العسكرية مددت الحكم “الانتقالي” لمدة 18 شهراً إضافية.وفي ديسمبر (2023)، تم إجراء استفتاء، وصوّت التشاديون على دستور جديد كنقطة انطلاق للانتخابات المقررة هذا العام، والتي تهدف إلى إصلاح الانقسام السياسي والمجتمعي في الدولة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..