مقالات سياسية

الطريق الخطأ، تجاه إنهاء الحرب في السودان!

لقد بات من الواضح للكل، أن الدافع الذي أدي إلي إشعال هذة الحرب القذرة، ولا أقول اللعينة، هو الصراع من أجل السلطة والثروة. كل الوقائع علي الأرض تثبت هذة الحقيقة يوماً بعد يوم. ولنأخذ بعض المؤشرات إلي ذلك لمن بعينيه غشاوة:

– إن الطرفين المتحاربين مستمرين في نهب ثروات (خاصة الذهب) البلاد أثناء الحرب!

– ⁠يقوم الطرفان المتحاربان باعتقال وتعذيب الثوار اللذين يقومون بتقديم المساعدات والاسعافات للضحايا من المدنيين العزل.  ومعلوم بأن هؤلاء الشباب، في معظمهم من مكونات عرفت بولائها لثورة ديسمبر المجيدة (خاصة لجان المقاومة) التي ناهضت وأفشلت انقلاب 25 أكتوبر 2021،

– ⁠يقوم طرفا الحرب بالاستعانة بقوي خارجية طامعة في ثروات البلاد وعمقها الاستراتيجي (الامارات،فاقنر، ايران..)، ومعادية للتحول الديمقراطي في السودان,

– ⁠يقوم الطرفان المتحاربان بتدمير البنية التحتية للبلاد في سبيل التقدم العسكري (تدمير الطرق والكباري ومحطات المياه ومستودعات الوقود والمباني المدنية السكنية والانتاجية والمرافق العامة، وخدمات الاتصالات)، ونهب ممتلكات وأموال المواطنين العزل، وفوق كل ذلك ممارسة اغتصاب الحرائر والقتل العمد في وضح النهار!

هذا السلوك البربري الغاشم، ان دل علي شئ، إنما يدل أولاً علي أن كلا الطرفيين المتحاربين لا  يأبه بالدمار الذي يلحق بالسودان وشعبه ويستبيح كرامته  وسيادته، في سبيل الوصول إلي “ميس” السلطة والثروة.

هذة الحقائق، تؤكد بأن من يسعي إلي إنهاء هذة الحرب، عن طريق إقناع طرفيها، حاله كمن يحرث في البحر!  وهذا أقل تصوير لهذة الحالة لكي نكون حسني الظن. هذا ببساطة، لأن إيقاف الحرب يعني عدم وصول الطرفان إلي غايتهما. ففلول النظام البائد، المتحكمين في الجيش، لن يتمكنوا من استرجاع السلطة التي أفلتت من يدهم جراء ثورة ديسمبر المجيدة؛ ومليشيا الدعم السريع لن تتمكن من الإستمرار  مطلقة اليدين، كقوي عسكرية مسيطرة علي ثروات البلاد بالتعاون مع الذراع العسكرية للأخوان المسلمين (الجيش الحالي).

من هذا المنطق، يبدو أن أي محاولة لحث الطرفين المتحاربين علي وضع السلاح، عن طريق الإقناع، يبدو أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً. لكنهما قد يضعا السلاح أرضاً  إن “أرغما” علي ذلك، نتيجة للأمر الواقع، بأن كلاهما قد خسر المعركة. نعم خسرا حربهما ضد الشعب السوداني وثورته. وهذا قد يبدو أمراً صعباً لبعض الناس؛ خاصة من يسعون لمقابلة قادة الطرفين للتوسط بينهما لوقف القتال ونعني بوضوح العبارة، “قحت” أو قل “تقدم” ! واذا افترضنا جدلاً امكانية نجاح مسعي الوساطة وان الطرفان المتحاربان، قد وافقا علي هذة الوساطة، هل يا تري سيوافقان علي التخلي عن الأهداف التي كانت وراء إحترابهما (السلطة والثروة)؟ بكل تأكيد لا.  إذًا إلي ماذا ستؤدي هذة النتيجة؟ دون شك، سيتفقان علي الرجوع إلي المربع الأول، عشية اندلاع القتال.  مربع الشراكة. مربع الإتفاق ، أو بالأحري مربع تأجيل الحرب وليس إنهائها. هذة ستكون النتيجة الحتمية، لإيقاف الحرب إذا نجح سيناريو الوساطة. هنا، يمكننا القول، بأن أي تصور غير ذلك، يعني أن هذة الحرب قد اندلعت بدون أي أهداف للأطراف المتحاربة!! أما السيناريو الآخر لإنهاء الحرب، فيمكن أن يحدث، في حالة واحدة، وهي حالة إرغام -وليس إقناع – الطرفين المتحاربين علي وضع السلاح. والسؤال الملح هنا، هل يمكن أن يحدث ذلك؟ في تقديرنا، نعم. كيف؟ الإجابة واحدة، عندما تتحد القوي الوطنية الديمقراطية والثورية في جبهة عريضة لإنهاء الحرب ومن أجل التحول المدني الديمقراطي،  مستندة علي الجماهير التي فجرت ثورة ديسمبر المجيدة. ومنطقي ان التحول المدني الديمقراطي لن يتحقق بموافقة أعدائه. لن يتحقق بالشراكة مع اللجنة الأمنية للنظام المباد؛ وهذا ما أثبتته تجربة الفترة الانتقالية السابقة؛ لكنه أمر ممكن بإجبارهم علي الإذعان للهزيمة. وأخيراً قد يسأل البعض، هل تستطيع القوي المدنية، إجبار حاملي السلاح علي الإستسلام؟ والاجابة نقابلها بالسؤال التالي:   هل تمكن الشعب السوداني من إسقاط سلطة عبود أو نميري أو الإنقاذ/ الإخوان، المدججة بالسلاح، عن طريق العنف المسلح؟. وحتماً ان حالة السودان، ليست بالحالة الإستثنائية. نذكر هنا بتجارب أخري لشعوب أسقطت أعتي الأنظمة الدكتاتورية المدججة بالسلاح، دون الاضطرار لحمل السلاح. ولنا أمثلة قريبة في بن علي تونس وتشاوسسكو رومانيا وفي حالات أخري عديدة  في التاريخ المعاصر.

أخيراً نلاحظ وللأسف، أنه برغم وضوح ضرورة وحدة القوي المدنية للتعجيل بانهاء مأساة السودان الحالية، تستمر حالة التشظي وانسداد الأفق أمام كيانات القوي المدنية الوطنية والمؤمنة بضرورة إنهاء الحرب ومعاناة الشعب السوداني المنكوب.

الحسن النذير

تعليق واحد

  1. من من الطرفين الذي يقوم بتدمير الطرق والكباري ومحطات المياه ومستودعات الوقود

    طبعا جيش البهتان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..