الموقف السياسي مع إقتراب عام من الحرب (٧)

عزام عبدالله إبراهيم
الحديث عن موقف الفاعلين الدوليين له شجون و حدثت فيه تقلبات كثيره علي مدار العشره شهور الماضيه. سنتناول في هذه المساحه اهم الفاعلين من غير ترتيب.
♦️اولا الموقف الأمريكي مهم بإعتبارها الدوله الأكثر نفوذا في العالم و قدرتها علي التأثير علي بقيه الفاعلين سلبا او إيجاباً كبيره. مصالح الولايات المتحدة الأمريكية كمصالح الاروبيين مع اختلافات بسيطه وتتمثل في الإستقرار كأولويه ومن ثم قيام نظام سياسي موالي او كحد ادني غير مُعادي للمصالح الأمريكية. السياسيه البرغماتيه للولايات المتحده الأميركية قد تقبل بنظام عسكري او دكتاتورية اذا كان ذلك هو الضمان الوحيد او الأفضل للإستقرار علي المدي الطويل، هنا لابد من التوضيح ان هذا الخيار ضعيف في المشهد الراهن لوجود شبه توازن للقوي بين جنراليين طامعين في السلطه.
📌 لذلك أدركت أميركا أن الخيار الأفضل هو دعم الكتله المدنيه علي عِلاتها. تعتمد الاستراتيجية الأمريكية علي توازن الضعف بين المتحاربيين العسكريين مع إجبار الجميع علي التفاوض للوصول الي انتقال سياسي تحت قياده مدنيه. هذه الاستراتيجية تحتاج الي وقت حتي تصل الي النتائج المرجوه (ما يسمي بنقطه النضوج في الصراع و هي النقطه التي يقتنع فيها المتحاربين انه لا إنتصار عسكري وأفضل طريقه هي المفاوضات conflict ripeness theory).
📌 اكبر مشكله تواجه هذه الاستراتيجية هي التمزق المدني و الضعف السياسي للكتل المدنيه وهو ما سينتج عنه فتره انتقاليه هشه كسابِقاتِها ينتج عنها فشل سياسي يعيد البلاد الي المربع الأول.
📌 هنا لابد من الحديث أن مهمتنا هي إيجاد توافق مدني عريض لقياده الدوله الي بر الأمان، لأنه في حاله توقف الحرب اليوم فإن النتيجه ستكون فشل ذريع لإفتقاد البلاد للقياده السياسيه المدنيه القادره علي انتزاع شرعيه عريضه لإعاده بناء الدوله و التمهيد للانتخابات.
📌 من جهه اخري لاتملك الولايات المتحدة الأمريكية من كروت الضغط الا سلاح العقوبات الاقتصادية و التشبيك الدولي لعزل المتحاربيين و قطع الإمداد عنهم. وهذا السلاح ذو تأثير ضعيف علي طرفي الحرب لأن الدوله السودانيه خلقت طرق فعاله لتقليل أثر العقوبات الأمريكية بعد أكثر من عقدين من العقوبات.
📌 قد يقول البعض أن التدخل العسكري خيار مطروح كتصرف آحادي، وهذه سذاجه سياسيه وعدم معرفه بالتاريخ. لأن التدخلات العسكريه كلها كانت فاشله و ذات ثمن باهظ (الصومال، العراق، أفغانستان و فيتنام).
📌 من جهه اخري خيار البند السابع أيضا خيار ضعيف لوجود تقاطعات كثيره تشي بأن الصين و روسيا سيستخدمون الفيتو لإيقاف هذا الخيار.
📌 عليه فإن الخيارات الأمريكية ضعيفه و تأثيرها شبه معدوم علي المدي القصير و فعال جدا علي المدي الطويل وهو ماقد يعني ان الحرب لن تقف في المستقبل القريب.
♦️ الفاعل العالمي الثاني هو روسيا، و الموقف الروسي حتي الآن هو دعم عسكري خجول للدعم السريع عن طريق اذرعها في أفريقيا وقد تقلص هذا الدعم مع الزمن لإنشغال روسيا بالحرب الاوكرانيه التي تمثل أوليه قصوي لها. قد يكون من محاسن الصدف انشغال روسيا عن السودان لأن الدخل الروسي المباشر ما هو إلا تعقيد للمشهد وسوف يخرج الحلول الداخليه من الحسابات ويجعلنا أمام خيارين اما إنتصار احد الأطراف او حرب بالوكالة طويله و مدمره.
♦️ الفاعل الثالث هو الصين، بالرغم من عدم إعتمادها للتدخل العسكري في صراعاتها الخارجيه إلا في نطاق محيط أمنها القومي، تظل الصين لاعب مهم ومؤثر في المشهد السوداني لتقاطع مصالحها الاقتصادية في المنطقه وداخل السودان. لكن يظل صراعها الكبير مع الولايات المتحدة الأمريكية اهم من الصراع السوداني وهو ماقد يجعلها تستخدم الصراع السوداني كورقه تفاوض من أجل مصالحها الأهم في بحر الصين او الصراعات الاقتصادية.
♦️ اخيرا الإتحاد الأوروبي و مواقفه من السودان. لفهم طبيعه الإهتمام الأوروبي لابد من تحديد أولويات هذه الكتله وهي ملف اللاجئين كأولويه ومن بعدها مصالح دولها المتقاطعه ومن أهمها فرنسا. من مما سبق فإن الأولوية للاتحاد الأوروبي هي الإستقار السياسي و يفضل الإتحاد الأوروبي دوله بقياده مدنيه يسهل تبادل المصالح معها لأن دول كثيره في الإتحاد الأوروبي تبحث عن شراكات حقيقه للتنميه و الفوائد الاقتصاديه المتبادلة. أيضا تعقيد المشهد بالنسبه للمصالح الفرنسيه في مناطق نفوذها غرب السودان يتطلب من فرنسا ان تعمل مع الاتجاه المناصر لوقف الحرب حتي لاتتمدد غربا. عليه فإن الإتحاد الأوروبي يبحث بكل الوسائل الدبلوماسية للوصول لحل للازمه السودانيه عن طريقه العصا و الجزره. علي خلاف الولايات المتحدة الأمريكية الخيار العسكري خيار غير وارد بالنسبه للإتحاد الأوروبي.
ونواصل.