مقالات وآراء

الفكر السوداني في جهود “حيدر ابراهيم علي” و عقلانية “ماكس فيبر”..

طاهر عمر

ماكس فيبر في فكرة زوال سحر العالم يوضح بأن الدين و الفكر الديني التقليدي لم يعد قادر على لعب دور بنيوي على صعد الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و هنا تأتي أهمية العقلانية في فكر ماكس فيبر لكل من يريد مقاربة ساحة الفكر السودانية و قد رأينا تواطؤهم مع فكر وحل الخطاب الديني و يمكننا أن نرصد تواطؤ النخب السودانية مع الخطاب الديني في مساومة الشفيع خضر بين يسار سوداني رث و يمين سوداني غارق في وحل الفكر الديني.

و كذلك محاولة الحاج وراق في طرحه في ندوة في مركز الدراسات السودانية و بصوت متهدج أقرب للبكاء يوصي بمهادنة الطائفية و مهادنة النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و يمكنك أيها القارئ أن تضيف مؤالفة الدكتور النور حمد بين العلمانية و الدين في لقاء نيروبي و كذلك يمكنك أن تمر أيها القارئ على تواطؤ حيدر ابراهيم علي مع الخطاب الديني و هو يقدم للاهوت التحرير و فيه يؤكد على أن الدين يمكن أن يلعب دور في المجتمع و السياسة و الاقتصاد و هذا معاكس لما بثه ماكس فيبر في فكرة زوال سحر العالم بأن الدين لم يعد قادر على لعب دور بنيوي في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد.

من الملاحظات المهمة في تخبّط حيدر ابراهيم علي أنه يتحدث عن لاهوت التحرير و فيه يؤكد على دور للدين في المجتمع و الاقتصاد و السياسة وفقا لتجربة امريكا اللاتنية و في نفس الوقت ينتقد الجمهوريين السودانيين و فكر الأستاذ محمود محمد طه و إصرارهم على دور الدين في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و هنا يظهر حيدر و هو يكيل بمكيالين و هذا هو عيب النخب السودانية في المماحكات.

و هنا أردت أن أوضح فقط رفض حيدر ابراهيم علي لفكر الجمهوريين و قبوله للاهوت التحرير و فيه يؤكد حيدر تواطؤه مع الخطاب الديني و يؤكد بأن للدين دور في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و هذا ما يضحك ماكس فيبر الذي يؤكد على زوال سحر العالم و إنفكاك العالم من أسر الدين و بالتالي نتسأل كيف يستطيع حيدر الحديث عن العقلانية و هو يتحدث عن وثوقيات و حتميات الماركسية التي إنتقدها ماكس فيبر و في نفس الوقت يتحدث عن العقلانية التي ترفض الوضعية أي ماركسية ماركس و أفكار دوركهايم و ترفض أفكار أوجست كونت و كذلك ترفض أفكار سان سايمون؟

و فوق هذا كله ترفض العقلانية أن يكون للدين دور بنيوي في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد في الوقت نفسه يقدمه حيدر في لاهوت التحرير أي للدين دور في الإجتماع و السياسة و الإقتصاد. الشئ المضحك أن حيدر ابراهيم علي لم ينتبه لحديث ماكس فيبر و هو عندما تحدث أي ماكس فيبر عن العقلانية ربطها بالرأسمالية مباشرة و ربط صفة العقلانية بالرأسمالية و وضّح أن الرأسمالية نتاج الفكر البروتستانتي و بالخصوص فكر كالفن و معروف أن فكر كالفن قدم فضيلة العمل على الطقوس الدينية و أن الإزدهار المادي الدنيوي هو الأساس و بالتالي قد فارق الإيمان التقليدي لذلك كان ماكس فيبر يقول أن عقلانية الرأسمالية الدليل عليها أنها لم تظهر في المجتمعات التقليدية مثل مجتمعنا السوداني كمجتمع تقليدي للغاية.

و من هنا نسأل حيدر ابراهيم علي و هو يتحدث عن العقلانية هل يقصد الحديث عن الفكر الليبرالي و الديمقراطية الليبرالية أم ما زال متمسك بأدوات الماركسية التقليدية و في نفس الوقت يتجراء و يتحدث عن العقلانية و ينسى أنها صفة ملازمة للرأسمالية؟ ماكس فيبر عندما تحدث عن العقلانية يقول أنه إستنبطها من حقول أدبيات النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي و هنا وجب الحديث عن دور ماكس فيبر و أفكار ماكس فيبر و هو ينتقد ماركسية ماركس و خطاء ماركس القاتل في إعتقاده أن البنى التحتية هي موتور قاطرة التاريخ في صور المناشط الإقتصادية و في حقيقة الأمر أن البنى الفوقية هي العمود الفقري لحركة المجتمع و إنفتاح مسيرة الإنسانية على اللا نهاية و هي تعتمد على عقلانية الفرد و أخلاقيته و هي تزدهر على إيقاع مجد العقلانية و إبداع العقل البشري كما تحدث عنه ادم اسمث.

و بالطبع يلزمنا توضيح تأثير ديفيد هيوم على ادم اسمث و عمانويل كانط و دوره في فصل الميتا عن الفيزيقيا و بالتالي يسهل فصل الدين عن الدولة عندما يصبح الدين عند كانط شأن فردي و ليس كما يتوهم حيدر ابراهيم علي في لاهوت التحرير أن للدين دور في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة. و بالمناسبة عمانويل كانط في تأثره بديفد هيوم و ادم إسمث نجح فيما فشل فيه ماركس في مقاربته لنظرية القيمة لديفيد هيوم و أقصد أن كانط عبر مقاربة الفلسفة المثالية الألمانية بالتجريبية الإنجليزية نجح في أن يفلت بأن تصل به الى غايتها و منتهاها كما فعلت بهيغل و ماركس. و هذا الذي لم ينتبه له حيدر ابراهيم و هو ممسك بأدوات الماركسية التقليدية حيث لم يفلت ماركس من ايمانه بالمطلق و هو يسير نحو نهاية متوهمة للتاريخ.

لذلك يمكننا القول أن ماكس فيبر رفض مثالية افلاطون و مثالية المسيحية و مثالية الفلسفة المثالية الالمانية و مثالية الهيغلية و الماركسية التي يتوسل بها حيدر ابراهيم علي في مقارباته و نحن نسأله أي حيدر كيف بعد تمسكه بأدوات الماركسية التقليدية يستطيع الحديث عن العقلانية؟ و كيف يقدم حيدر لاهوت التحرير في وقت رفض فيه ماكس فيبر في عقلانيته مثالية المسيحية؟ هنا يبدو أن حيدر ابراهيم علي يجيد عمل الحواة و يبدو في تقديمه للاهوت التحرير حاوي ماهر لا يفوقه في هذا المجال إلا حسن حنفي في تواطؤ مع خطاب الإسلام السياسي.

ما أريد قوله أننا نحتاج لخطاب نزعة إنسانية تمجد العقلانية و إبداع العقل البشري و تقف من الخطاب الديني موقف واضح بعيدا عن ترقيع النخب السودانية و تلفيقكم و توفيكم الكاذب بخطاب يشبه فكر حيدر ابراهيم علي في لاهوت التحرير و حديثه عن أن الدين يمكنه أن يلعب دور اقتصادي و إجتماعي و سياسي و هنا يظهر حيدر ابراهيم علي كمجاور و مساكن بل مصادق لخطاب الإسلام السياسي و غير قادر على تجاوزه بشكل واضح كما فعل إدورد سعيد في كتابه الأخير الأنسنة و النقد الديمقراطي بعد أن تحرر من أفكار ميشيل فوكو و دوره في بث أفكار ما بعد الحداثة التي جعلت من ميشيل فوكو يظن أن الخمينية ثورة و بعدها ندم ميشيل فوكو على فعلته بل قال بأن خطاءه يجعله أن لا يحسب نفسه كمفكر إستراتيجي فمتى يفيق حيدر من لاهوت التحرير و يلحق بإدورد سعيد بعد أن تخلص من أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة؟

و بعدها تحدث إدورد سعيد عن نزعة إنسانية لا يمكن أن تكشف عن وجهها إلا بعد تحقيق القطيعة مع التراث الديني أي حيث لا ينفع لاهوت التحرير الذي يتحدث عنه حيدر ابراهيم علي. على أي حال يمثل حال النخب السودانية و حيدر ابراهيم علي من بينهم حال فلاسفة أوروبا بين الحربين العالمتين و كانت في حالة إضطراب ناتج عن نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة و في ظل الفوضى و الخراب إنتبه كثير من الفلاسفة و علماء الإجتماع و الإقتصاديين و الشعراء بأن هناك تحول هائل في المفاهيم سيعم كل أرجاء أوروبا و من بينهم يمكننا أن نذكر ماكس فيبر و عقلانيته التي إنتصرت للفكر الرأسمالي و الديمقراطية الليبرالية.

و هي ليست كنظم حكم فحسب بل فلسفة لترسيخ فكرة العيش المشترك و بشرط إنساني أي السياسة التي بموجبها قد أصبحت الديمقراطية الليبرالية بديلا للفكر الديني و بالتالي يصبح الدين كشأن فردي و يمثل أفق الرجاء بالنسبة للفرد في مواجهة مصيره بعيدا عن وساطة رجال الدين و لا يتم الوصول لهذا الهدف إلا عندما يجرّد الدين من أي قوة سياسية و أي قوة إقتصادية و هنا تظهر خطورة لاهوت التحرير عندما يقحم الدين في السياسة و يجعل للكنيسة قوة اقتصادية و قوة سياسية و هذا نتاج إلتباس في مفهومي ممارسة السلطة في مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و إلتباس في مفهوم الدولة الحديثة نجده عند أتباع أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة كما رأيناه في إعتقاد ميشيل فوكو أن الخمينية ثورة و أنظر اليوم ماذا فعلت الخمينية بالإيرانيين.

تمسك حيدر ابراهيم علي بأدوات الماركسية التقليدية و عنده ما زال ماركس طليق بعكس ماركس الذي يرزح في الأغلال في نظر أتباع الشيوعية في المجتمعات الغربية المتقدمة التي لم يصل شيوعيي العالم الثالث لمستواهم من حيث الوعي جعلت من حيدر محبوس في حيز معالجة مشاكل ما بعد الكلونيالية و قد حرم نفسه من أن يرى المشهد الكلي أي دولة ما بعد الثورة الصناعية كدولة حديثة و كيفية ممارسة السلطة.

و نختم المقال أن أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فارقت أدب الليبرالية التقليدية التي أضنت ماركس و ماركسيته التي لا تجذب غير المثقف المنخدع كما يقول ريموند أرون و نشرت أفكار الليبرالية الحديثة التي لم يستطع المثقف التقليدي في السودان من إلتقاط موجاتها و لهذا ما زال المثقف التقليدي السوداني يتهيب الحديث عن الديمقراطية الليبرالية و في نفس الوقت بلا خجل يتحدث عن العقلانية و لا يدري بأنها صفة ملازمة للرأسمالية كما وصفها ماكس فيبر بعقلانية الرأسمالية.

و شتان ما بين عقلانية ماكس فيبر و عقلانية من يمتلك أدوات الماركسية التقليدية التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الأساس بل ترى أن الدولة أداة في يد الطبقة الحاكمة و عندما إنتصرت الشيوعية في الإتحاد السوفيتي و لأنها لا تؤمن بفكرة الدولة من الأساس نجدها إستخدمت قوة الدولة و حطّمت بها المجتمع الى لحظة تنامي الوعي بخطر الشيوعية و وضوح الرؤية و نضوج الهدف للإنفلات و الإنعتاق من الشيوعية كأبغض نظام شمولي و بعدها إنهارت المنظمومة الإشتراكية في أوروبا الشرقية كأن شئ لم يكن.

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. مقال طويل و عريض و تائه في نفس الوقت .

    ما زال الدين يؤثر في الصراعات السياسية و العسكرية في العالم اكثر من أي عامل آخر
    الحرب الروسية الاوكرانية سببها رغبة الغرب الكاثوليكي البروتستانتي في الاقتراب من معقل الارثوذكس و تهديدهم

    قبل عدة سنوات قامت امريكا البروتستانتية بالاستحواذ على صفقة سلاح لاستراليا من فرنسا الكاثوليكية
    الهند الان فيها الكثير من التجاوزات من قبل الاغلبية الهندوسية على الاقلية المسلمة
    حرب فلسطين هي في الاساس بسبب الدين

    اما اتباع محمود محمد طه (الجمهوريون ) هم في الحقيقة ضد الدين و متمسكون باقصاء الشريعة الاسلامية عن حياة المسلمين حيث يسمونها شريعة القرن السابع و تخبط الدكتور حيدر هو في أنه كان عليه أن ينتقد الجمهوريين السودانيين و فكر الأستاذ محمود محمد طه على إصرارهم على هدم دور الدين في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة , فهم في الحقيقة هدموا الدين الاسلامي باسم ( الدين ) الباطني الذي سموه الرسالة الثانية

    1. يا ابن حاج اول حاجة كاتب المقال دة راجل يعيش الرفاهية الثقافية ولا تثريب . زي كاتب المقال دة ما منو أذية. أما انت خلينا نقول اوكي الجمهوريين هدموا الدين بس وين انقاض و حطام الهدم دة !! بس لو داير تعرف الهدم الصحي صحي قدامك ناس يعتبرهم البعض حاجة كويسة يعني!!! و هم كل الإجرام و كل الهدم كما ترى ولا أزيد!! إيه .. بإختصار هدم الجمهوريين للدين كما زعمت ما يسوى الكلام عنه و لو صح ادعاءك! إيه

  2. الافكار تنبع من المجتمعات وتؤثر فيها الخلفية الثقافية والتاريخية للمجتمع المعين، هذا لا ينفي ان هناك مشتركات بين جميع المجتمعات تجعل بعض الافكار صالحة في اماكن مختلفة. مشكلة الكاتب انه يضع اراء محددة مرجعية ومقياس يحدد من خلالها المصيب من المخطئ حسب التوافق مع المرجعية التي اتخذها. في الواقع ان جميع الافكار نسبية ووضع مرجعية محددة تلزم بها الجميع هو ضرب من تجاوز العقلانية التي يتحدث عنها الكاتب،
    الدين بصورة عامة يتباين الناس في فهمه وتنزيل نصوصه على الواقع، فالاسلام مثلا هناك النسخة السنية والشيعية، وداخل السنيين هناك المتصوفة والسلفيين، وكذلك بعض الافكار التي حاولت التجديد في الفهم الديني مثل افكار محمود محمد طه، وهناك فكر الاخوان المسلمين ومنظريهم. كل هؤلاء لا يمكن ان تضعهم في سلة واحدة وتتعامل معهم بنفس المستوى.
    اعتقد من الافضل للكاتب ان يتحاور مع النصوص التي يقرأها ليخرج منها بمقاربات تحدد نقاط تلاقيها او مفارقتها لمجتمعات ذات خلفية تاريخية وثقافية مختلفة، مما يعني نسبيتها، بدلا من ان يقبل هذه النصوص كانها قطعية وصائبة مطلقا ومرجعية نهائية.

    1. محمود محمد طه لم يكن مجددا للاسلام , بل جاء بدين جديد

      فكر محمود طه بالنسبة للفكر الاسلامي يمكن تشبيهه بفكر ماركسي في بيئة رأسمالية غربية و المقصود في التشبيه هنا هو التناقض في كلتا الحالتين ( مثل النور و الظلام) و ليس المقصود طبيعة أو أسس هذه المعتقدات

        1. الدين الجديد يرفض احكام الشريعة الاسلامية و بقول انها لا تصلح لهذا العصر و يسمي الشريعة الاسلامية منكرا لها يسميها شريعة القرن السابع

          ايضا الدين الحجيد لكي يخدع اتباعه الجهلاء يعطل نصف سور القرءان الكريم بكل ما فيها و من كفر ( عطل ) ءاية واحدة من القرءان الكريم فقد خرج من الاسلام

          ارجع الى كتب محمود محمد طه

          1. تفسير النصوص يضع في اعتباره السياق التاريخي والاجتماعي. كون القرءان خاتم الكتب السماوية، هذا الامر اقتضى ان يكون حمال أوجه كما ذكر الامام علي كرم الله وجهه، لذا بينما يظل النص ثابتا، نجد ان النصوص تحتمل تفسيرات متجددة بحسب تغير السياق التاريخي والاجتماعي، وتنقدح في اذهان البعض هذه التفسيرات المجددة بدافع من الواقع ومطلوباته. وقد اختلفت الفتوى عند بعض العلماء باختلاف المكان، فما بالك اذا اختلف المكان والزمان مئات السنوات وتغير الواقع بالكامل.
            الشريعة اذا قصد بها الحدود، فانها غير مطبقة في اي دولة اسلامية في جميع انحاء العالم، فالرجم مثلا غير مذكور في القرءان وهناك خلاف كبير حول وجوده، والامر ينطبق على الرده. اما قطع اليد، فهو يقود الى ان يفقد الانسان اداة العمل وكسب العيش، وهي اليد، مما يجعله عالة على المجتمع. كما ان مركز التوجيه بجميع الافعال هو الدماغ، والاطراف ادوات تنفيذ لا غير، لذا من المنطقي ان يتوجه التركيز الي مصدر الافعال عوضا عن الادوات/الاعضاء المستخدمة في التنفيذ. فقد تقطع اليد لكن يستمر الدماغ في التخطيط للافعال الاجرامية ليقوم بها اخرون. عموما لا بد من الوصول بالمجتمع الى مرحلة الكفاية قبل التفكير في العقوبات، حيث تتوفر للناس احتياجاتهم المادية والغريزية، وبذا تقوم عليهم الحجة وتقل التجاوزات تلقائيا الى حدودها الدنيا، كما اقام الله تعالى الحجة على الناس بارسال الرسل (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجة على الله بعد الرسل). والوصول الى مجتمع الكفاية او الرفاه الاقتصادي يحتاج استقرارا سياسيا وامنيا يزدهر فيه الاقتصاد وينمو، والاستقرار السياسي والامني رهين بالعدالة بين افراد المجتمع (المواطنين) واحساسهم بالمساواة وان الدولة تمثلهم غض النظر عن العرق او الدين او الافكار، وهذا الامر يتحقق في الدولة المدنية الديمقراطية التي تقف مسافة متساوية من الجميع. والاطعام من جوع والامن من الخوف هو المدخل لعبادة الله، كما ورد في النص الاستنكاري (فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع امنهم من خوف). عموما الدين في غالبه يركز على المعاملات والاخلاق والتربية لتاثيرها الكبير على السلوك، وبالتالي استقرار المجتع، اكثر من العقوبات.
            أما مسألة قرءان الاصول وقرءان الفروع، فقد اعتبر محمود محمد طه ان الايات المكية هي الاصل، أما الايات المدنية فهي وقتية جاءت لتعالج واقعا معينا يتمثل في كون ان الدعوة/الدولة في بداية تأسيسها ومواجهة بأعداء من كل الجهات تتأثر مصالحهم بالدين الجديد ويعتبر خصما عليهم، لذا كان لا بد من اجراءات استثنائية تشابه اجراءات الطوارئ في زماننا هذا، حيث تفرض الانظمة حالات الطوارئ لحماية الدولة عند حدوث التغيير للمحافظة على النظام الجديد، ولاحقا عند استتباب الامور ترفع حالة الطوارئ وتعود القوانيين العادية بما فيها من مساحة حرية/اسماح، عكس قوانين الطوارئ التي تضيق الحريات. الايات المكية تمثل قوانيين الطوارئ لتثبيت اركان الدولة الجديدة ومواجهة المتربصين بها، اما الايات المدنية فهي ايات الحريات والاسماح بعد استقرار الدولة واستقامة الامر لها واستتباب الامن.

          2. يا MAN
            ما دليل محمود محمد طه بأن الايات المدنية فهي وقتية جاءت لتعالج واقعا معينا ؟؟
            الان على سبيل المثال هل يحوز لأحد ان يأتي الى مواد من قانون أية دولة و يحذف نصف هذه المواد أو ربعها ؟؟؟

            أما قولك : / فقد تقطع اليد لكن يستمر الدماغ في التخطيط للافعال الاجرامية ليقوم بها اخرون / فهذا يعني عمليا أن كل قوانين العالم ينبغي الغاء جانب االعقوبات فيها و هذا يعني الا معنى لسن قانون و ذلك لأن القانون اذا لم ينفذ فهو حبر على ورق فقط و اذا لم تكن هناك عقوبات فكيف ينقاد المجرم و المخالف ؟؟؟

            هرطقات محمود محمد ستجعل حتى الملحدين يضحكون عليك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..