مقاربة لبناء السلام والتحول الديمقراطى في السودان

المتأمل في التدافعات السياسية والعسكرية في السودان منذ فجر الاستقلال، وتطاول وتيرة الأزمات في سنون طويلة، اتسمت بعدم الاستقرار، والصراعات المسلحة الداخلية بين القوى الحاكمة والقوى المعارضة لها، تنطلق فلسفتها من جوانب مختلفة اجتماعية واقتصادية وسياسية، وامتداد أثرها البالغ على المواطنين وفرملة عجلة التنمية في الدولة. ومن جانب آخر الصراعات المجتمعية الداخلية، التي غالبا ما تشير اصابع الاتهام فيها إلى القوى النافذة والمتحكمة في مركز الدولة، وقد ذهب الكثير من المنظرين في اتجاه أنها هي التي تصنع العنف وتغذيه، بحيث أصبحت ساحة لصنع الأزمات في السودان، بصورة ألقت بظلالها على آمال الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد، إذ أضحت ماردا متصيدا لبوادر الأفكار الديمقراطية، ولا زمتها الفساد المستوطن في كافة الاصعدة، إذ يقف واقع حال الأقاليم تحت المهمشة نموذجا ومثالا يغني عن الالف الأدلة النظرية، فسادا القى بظلال الكئيبة على المواطنين، ويدفعون ثمنها عقابا جماعيا حروبا ونزاعات وعدم استقرار، هذه الحالة المرضية التي لازمت بناء الدولة منذ فجر الانعتاق من الاستعمار، تحتاج إلى علاج مستدام ويتمثل ذلك في بناء السلام والتحول الديمقراطي في السودان، و يتطلب ذلك مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد. هنا بعض الجوانب المقترحة التي يمكن أن تساهم في هذه العملية:
1. تعزيز الحوار والتفاهم: يجب تعزيز الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. يجب أن يكون الحوار أساسًا لحل النزاعات والتوصل إلى توافق على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وان يكون هذا الحوار أفقيا شاملا بصورة تتجاوز الهياكل النمطية السياسية التي ساهمت بصورة كبيرة في انتاج الأزمات وصناعة الفشل للدولة، إذ يجب أن يكون المجتمع طرفا قائدا وفاعلا فيها لا مستتبعا وملحقا، وأدوات تزيين.
2. تعزيز المصالحة الوطنية: يجب تعزيز العدالة والمصالحة الوطنية للمساهمة في بناء السلام. يجب التعامل مع الجرائم الماضية وتقديم العدالة للضحايا والمتضررين، وفتح المساحة للحوار حول الماضي والمستقبل. بحيث تشمل المحاسبة كل الأطراف المشاركة في صناعة الأزمات سياسية وعسكرية. مع الاستفادة من الهياكل والبنى المجتمعية والجماهيرية في تعزيز العدالة والمصالحة.
3. تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد: يجب تعزيز الشفافية في العمل السياسي والاقتصادي ومكافحة الفساد. يجب تعزيز النزاهة وتحسين إدارة الموارد الوطنية لضمان توزيع عادل للثروة والفرص وتعزيز الثقة بين الحكومة والشعب. ووضع نظم ضابطة للمراقبة والمحاسبة وتعزيز استقلال القضاء.
4. تعزيز الحقوق الإنسانية: يجب أن تكون حماية حقوق الإنسان وتعزيزها جزءًا أساسيًا من عملية البناء الديمقراطي. يجب توفير الحماية للمجتمع المدني والصحفيين والناشطين، وضمان التعددية وحرية التعبير وحقوق النساء وحقوق الأقليات.وضملن حرية عمل المنظمات المحلية والدولية في مراقبة ورصد التقدم في حالة حقوق الإنسان بالبلاد.
5. تعزيز التنمية المستدامة: يجب أن تكون التنمية المستدامة جزءًا أساسيًا من عملية البناء الديمقراطي في السودان. يجب توفير فرص العمل والتعليم والخدمات الأساسية للجميع، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الحيوية وتنمية المناطق الريفية والمهمشة. وتجاوز كافة العراقيل في سبيل العدالة في الفرص سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو مناطقية.
6. التعاون الدولي: يجب أن يكون هناك تعاون دولي قوي لدعم عملية بناء السلام والتحول الديمقراطي في السودان. يجب أن تقدم المجتمع الدولي الدعم السياسي والمالي والتقني لتعزيز القدرات المؤسسية وتعزيز الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة.
هذه بعض الجوانب التي يجب أخذها في الاعتبار في عملية بناء السلام والتحول الديمقراطي في السودان. تنفذ هذه العملية على المدى الطويل وتتطلب الالتزام والشراكة.
د.بخيت أوبي