الهوية السودانية: تفكيك نظرية المركز والهامش و قد مفهوم دولة ٥٦

*أحمد محمود أحمد*
▪️لا توجد دولة اسمها دولة ٥٦، فهذا مجرد اسقاط سياسي علي الوقائع التاريخية ..
▪️لقد اسقطت حرب ١٥ أبريل نظرية المركز و الهامش و سقط بعض منظريها..
▪️طبيعة الصراع في السودان ترتبط بجدلية التخلف، التنمية، و السلطة وليست بمركز مقابل هامش..
*توطئة*
يناقش هذا المقال اهم القضايا التي أنتجتها اخفاقات السياسة في السودان، كما يتصدي و ضمن رؤية موضوعية لمنظور أصبح سائدا حول تفكيك دولة ٥٦ و التي لا نعرف ماهيتها من حيث الدلالات المفاهيمية و التاريخية..كما يناقش هذا المقال و يجادل منطلقات نظرية المركز و الهامش و يكشف التصورات التي أنتجتها و الي اين انتهي حاملوها بعد حرب ١٥ أبريل..المقال يتجاسر بالقول أن ما حكم تطور الدولة السودانية لا يستند الي منظور مركز مقابل هامش مغلق و علي أساس اثني، انما ترتبط القضية بجدلية التنمية و التخلف و دور السلطة في دولة ما بعد الأستعمار و نهجها في تعميق الأزمات التي أسس لها الأستعمار أبتداءا..
*المقاربة الخاطئة*
لقد ساد عبر السنوات الاخيرة شعار تفكيك دولة ٥٦ و الذي أدي الي أنتاج ذلك الشعار يأتي مرتبطا بالأخفاقات العديدة التي نتجت عن دور السلطات التي حكمت السودان بعد العام ١٩٥٦..و الذي رتب لذلك يأتي مترابطا و الوعي الذي حكم تلك القوي التي حكمت السودان بعد خروج البريطانيين منه و أدي الي فقرها في أدراك متطلبات الواقع الذي تحكمه، و كأسقاط طبيعي لذلك الخلل في دور السلطة في تعيين موقعها في حلحلة قضايا المجتمع، برزت الأصوات المناوئة للسلطة و بشكل تاريخي، و التي يمكن تحديدها في الواقع الوطني السوداني ضمن اطارين:
الإطار الأول: هذا الإطار قد ارتبط بالحركة الجماهيرية و ما تحتويه من اطراف عديدة سواء كانت حزبية، نقابية، طلابية، و غيرها من القطاعات المدنية و التي تشمل كافة قطاعات المجتمع دون تحيزات قبلية أو جهوية، و هذا الإطار أو الأتجاه هو الذي اقلق السلطات سواء كانت ديمقراطية أو دكتاتورية لأن هذا الأتجاه قد استخدم قوته المعنوية المرتبطة باللاعنف و علي قاعدة قوة الجماهير و التي تتجدد وفق سردية التناسل الإيجابي..
الإطار الثاني: هذا الإطار أو الأتجاه هو الذي ذهب نحو مواجهة السلطة عبر أدواتها المرتبطة بالعنف و السلاح مع تبني خطاب يقول ان هنالك مركزية في الدولة تتأسس علي مفهوم عرقي أو ثقافي يسيطر علي كل شيء مما يفرز معه هامشا عرقيا لا يمتلك اي شيء و بالتالي يصبح لزاما علي ذلك الهامش مواجهة ذلك المركز ، و بالتالي تفكيك دولته من اجل إبداع سودان جديد علي أنقاض السودان القديم… هذا الأتجاه هو الذي انتج نظرية المركز و الهامش و هو الخطاب الذي سنقوم بنقده و تفكيك مرتكزاته..
*نظرية المركز و الهامش*
المدرسة الغربية لديها تأثير واسع علي النخب في دول العالم الثالث، حيث تستمد هذه النخب الكثير من المفاهيم و المرتبطة بالمنظور الغربي، و الذي مثلته اوربا عبر تصورها لذاتها و للعالم..و لقد تصورت اوربا نفسها تاريخيا بكونها هي مركز العالم و كل من يقع خارجها ما هو إلا مجرد هامش و صدي لأوربا، و بالتالي يقع علي عاتق اوربا تمدين هذا الهامش و تطويره حتي يتسق مع الدلالات الاوربية للحضارة، و من هنا برزت فكرة احتلال هذه الهوامش وفق شعار التمدين و الذي يستبطن فكرة نهب موارد هذه الهوامش بأعتبار أن هؤلاء الذين يعيشون في هذه الهوامش يفتقدون القدرة علي تطوير الموارد التي لديهم ، و كما يقول ادوارد سعيد فأن منطق الأوربيين ينطلق من منظور يقول بان الذين يعيشون في الهوامش لا يستطيعون تمثيل أنفسهم فيجب أن نمثلهم نحن، اي الأوربيون، و لهذا فقد كان شعار تمدين شعوب الهوامش حسب المنظور الغربي هي كذبة اوربا الكبري..من هذه الزاوية التقط العقل المصاغ وفق الرؤية الكولونيالية منظور المركز و الهامش بديلا عن فكرة جدل التنمية و التخلف و السلطة في دول العالم الثالث ، و قد قام وعكسا للمفهوم الأوربي الزاحف نحو الهوامش بطرح فكرة الهامش الثائر و المنتفض و الزاحف ضد مركز ثقافي متخيل داخل البلد الواحد حتي لا يتم الأبصار تجاه المركز الحقيقي الذي ادي الي بروز هذه (المراكز) الصغري التابعة للنهج الغربي و التي أدت الي الخلل في واقع السودان و غيره من الدول المشابهة، مما يقود و بالنتيجة لتقليص نضال الشعوب ضد الظاهرة الاستعمارية التي أنتجت فكرة عدم التوازن التنموي و الذي ادي الي تكريس مفهوم هذا الأنقسام داخل الاقطار و الذي تم تصويره لدي البعض بأنه سطوة مركز يحمل سمات عرقية و ثقافية ضد عرقيات مغايرة و متباينة ثقافيا….هذا التحليل لا يعفي السلطات المحلية و لا يعترض علي مواجهتها، انما الحديث هنا يشير الي طبيعة المواجهة الاساسية و التي تحتم وحدة كل الهوامش التي تصورتها أوربا من اجل مواجهة الظاهرة الاستعمارية و معها الأنظمة التابعة لها بعيدا عن الطرق حول الأثنية او القبيلة و التي يرتكز عليها الهامش المطروح عبر تفكير منظري هذه المدرسة، اي مدرسة المركز و الهامش..و استنادا لذلك و ضمن المفاهيم المشحونة بافكار الظاهرة الاستعمارية برزت نظرية المركز و الهامش ضمن أفقها المحدود و الذي يقرأ الظواهر و بشكل منفصل، سواء كان ضمن منظور تاريخي او راهني، كيف؟ نقول وضمن اساس تاريخي فأن اساس الدولة الوطنية في دول العالم الثالث هو اساس استعماري ، بأي معني هذا التوصيف؟ و الأجابة ، بمعني ان الدولة الوطنية الحديثة لم يخطط ابناؤها لإنشاء بنياتها انما ورثوا ما خطط له الأستعمار علي مستوي السياسة و الاقتصاد، حيث ورث ابناء هذه البلدان النمط الليبرالي الغربي في السياسة و الاقتصاد، اما التنمية علي الأرض فقد سارت علي النمط الذي خطط له الأستعمار و لم تبعد عنه كثيرا..فأذا اخذنا السودان كمثال فأن الانظمة الوطنية التي خلفت الأستعمار البريطاني سارت علي ذات النهج الذي رسمته بريطانيا للتنمية و التي تركزت في مناطق بعينها لديها القابلية علي تسهيل نقل الإنتاجية الي بريطانيا دون أعتبار التوزيع العادل للثروة، و من هنا تركزت مظاهر هذه التنمية في وسط السودان و تم حرمان بقية المناطق من هذه التنمية، و لهذا فالأساس في هذا الخلل أنتجته العقلية الاستعمارية و سارت عليه غالبية النخب التي تسلمت السلطة و بالذات العسكرية و التي استبدلت ( البرنيطة) الانجليزية (بالكاب) العسكري مع بقاء العقلية ذاتها و التي أبقت علي ذات النهج و بالذات في مجال التنمية..و بالتالي فأن ما يقول به اصحاب نظرية المركز و الهامش بأن هنالك دولة اسمها دولة ٥٦ و هي المرحلة التي تلت حقبة الأستعمار، فأن هذا المنظور او القول يفصل الحقب التاريخية حتي لا يواجه الظاهرة التي أنتجت الخلل الأساسي في المعادلة الوطنية و هي الظاهرة الاستعمارية و التي لا يتحدث عنها اصحاب نظرية المركز و الهامش كثيرا لأنهم قد اصبحوا جزءا من هذه الظاهرة و التي عنوانها تجزئة و تفتيت الأوطان و فق مبررات احتكار السلطة و الثروة لمجموعة بعينها، و هذا ما أدي كنتيجة لفصل الجنوب و فق ذلك المنظور و الذي ألتقي مع منظور الاخوان المسلمين و القائم علي التفتيت و علي أسس دينية.. لقد نفي انفصال الجنوب تصورات نظرية المركز و الهامش، حيث انعدم المركز الثقافي الذي تم تصويره من قبل في السودان و المحتكر لكل شيء مقابل الهامش الفاقد لكل شيء، حيث ظل الجنوبيون بعد الانفصال يرزحون داخل دائرة الفقر و الحروب دون ان تكون هنالك اسلاموعروبية تسيطر علي المركز في الجنوب كما تم تصوير ذلك عبر تلك المدرسة و في حالة شمال السودان، حيث أن الخلل في التجربة الجنوبية يرتبط بدور السلطة و عدم قدرتها علي الخروج من إطار المصالح الذاتية و المدعومة بوعي القبيلة..اذن و منذ البداية أخطأ منظرو نظرية المركز و الهامش عبر افتراضين:
الأفتراض الاول: و هو الافتراض الذي قيل فيه ان هنالك دولة اسمها دولة ٥٦ دون ان يذهب هؤلاء وراء أساس تلك الدولة و طبيعة نشأتها ذات الركائز الاستعمارية و التي لم تبدأ في عام ١٩٥٦ و لكن هذا العام قد مثٌل مرحلة جديدة في تاريخ السودان مرتبطة بالاستقلال السياسي مع بقاء تلك الركائز الاستعمارية كما هي في الجوانب الاقتصادية و التنموية ، و لهذا فقد فصلت نظرية المركز و الهامش المراحل و اصبحت معلقة بمرحلة منقطعة عن سابقاتها مما تضيع مع ذلك مسألة التطور التاريخي في فهم الصراع و ربط حلقاته مع بعض…كما ان أصحاب النظرية لم يعُرفوا الدولة نفسها و التي يقوم اساسها علي ثلاثة عوامل هي: الشعب، الارض، و السلطة، و لا ندري اي من العوامل يسعي اصحاب مدرسة المركز و الهامش الي تدميره و لأقامة البديل الجديد؟؟
الأفتراض الثاني: هذا الأفتراض ارتبط بالمحددات القطعية و المرتبطة بفكرة الهامش المغلق علي أساس عرقي-ثقافي مقابل المركز المهيمن علي هذا الأساس العرقي-الثقافي دون الذهاب بعيدا تجاه فكرة أن هذه الهوامش لديها أمتدادتها تجاه المركز المذكور من حيث المدلول الثقافي، و حالة الجنوب بعد الأنفصال تشير الي ذلك حيث ما زالت الغالبية من أبناء و بنات الجنوب يحملون معهم مظاهر الثقافة السودانية العامة و بدرجات مختلفة، و كذا بقية اطراف السودان سواء في دار فور و بقية أطراف السودان، و التي يعتبر صراعها ليس ثقافيا مع وسط السودان و الذي ينظر اليه بأعتباره ذلك المركز المهيمن، انما ترتبط جذور الصراع بطبيعة السلطة المحتكرة لكل شيء و التي قد ثارت عليها جماهير الوسط لتدافع و منذ الأستقلال عن حق الجنوبيين في الحياة الكريمة و تقف ضد السلطات التي رفعت السلاح في وجه الجنوبيين، كما دافعت جماهير الوسط عن دار فور عبر شعار( يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور) ، و علي هذا الأساس تنعدم فكرة الهامش الأثني الثائر ضد المركز الثقافي المهيمن و هنا المركز العروبي، حيث ان القضية و مع الاعتراف بالتنوع الدرجي و ليس النوعي و في أساسها ترتبط بالجدلية التي ذكرناها سابقا و المرتبطة بطبيعة السلطة في دول العالم الثالث و علاقة ذلك بالتنمية و ظاهرة التخلف، حيث تحتكر السلطة كل شيء و من ثم تركيز الثروة حولها و بالتالي حرمان الشعب من كل شيء، و هي الجزئية التي تحدثنا عنها في صدر المقال و التي تقود الي فكرة الثورات ضد هذه السلطة و هي الفكرة الجماعية الإيجابية و التي خرج عنها اصحاب مدرسة الهامش بحمل السلاح بديلا عن النضال السلمي و الذي ادي لأنفصال الجنوب و ادي الي انتكاسات عديدة داخل هذه المدرسة نجملها في النقاط التالية:
اولا: الانتكاسة الفكرية، حيث ان المنطلق الذي قامت عليه نظرية المركز الهامش قام علي اساس سياسي مرتبطا بردود الافعال دون القدرة علي النفاذ نحو معوقات النهضة في دول العالم الثالث، و التي قلنا بأرتباطها بالظاهرة الاستعمارية، و حتي في الجانب السياسي أرتبط الأمر بالشعار و منه شعار تفكيك دولة ٥٦ دون الاجتهاد في تحديد مفهوم الدولة..
ثانيا: غالبية الذين تبنوا نظرية المركز الهامش و من خلال التنظير ، و خارج اطار الحركة الشعبية أو داخلها هم من أبناء (المركز) و هؤلاء قد شعروا بعقدة الذنب نتيجة لممارسات السلطات العسكرية تحديدا في ممارسة القتل و العنف ضد الاطراف ضمن حركة الصراع المسلح، و هذا الانتماء لابناء (المركز) للهامش ليس سيئا و لكنه أنطلق من منظور جزئي يفقد التعاطف مع الهوامش الأخري و في الشمال و الوسط بأعتبارها هي صاحبة أمتيازات مما تضيع معه النظرة الشاملة لقضايا الصراع و المرتبطة بدور السلطة و تهميشها للكل.
*حرب ١٥ ابريل و تبدلات نخب نظرية المركز والهامش*
يمكن القول و دون تردد بأن انفصال الجنوب قد أنهي نظرية المركز و الهامش و التي شملت المنظور الأساسي للحركة الشعبية، و كما اوضحنا سابقا فلم تكن في الجنوب مركزية مرتبطة بعروبة او اسلام كما تقول بذلك تلك النظرية في شمال السودان، انما كانت القضية في مجملها مرتبطة بقضية التنمية و التخلف و احتكار السلطات لمصائر الشعوب..و بعد انفصال الجنوب اندلعت حرب ١٥ أبريل لتضع هذه النظرية في رف التاريخ، استنادا للمحاور التالية:
المحور الاول: بعض المثقفين و الذين تعبوا في التأسيس لهذه النظرية و وقفوا ضد ما أطلقوا عليه المركز و مؤسساته و جدوا أنفسهم بعد هذه الحرب يقفون مع المؤسسات التي تمثلها الدولة التي قالوا بضرورة حربها اي (دولة ٥٦) و يدافعون عنها و علي رأس تلك المؤسسات يأتي الجيش و الذي بدأوا يتحدثون عنه و كأنه يحارب قوي خارجية و يؤكدون علي ضرورة وجوده و من أجل الحفاظ علي الدولة و ذلك ينسف الفكرة الأساسية المرتبطة بالأزاحة و الاحلال التي صدرتها نظرية المركز و الهامش، اي إزاحة السودان القديم و احلاله بسودان جديد..كما أن بعض الذين حملوا السلاح من أجل الدفاع عن الهامش تحت مسوغات تلك النظرية وجدوا أنفسهم و هم يدافعون عن جيش (دولة٥٦) عبر هذه الحرب الدائرة اليوم ، و الذي قالوا عنه من قبل أنه جيش المركز المهيمن و الذي لا يخوض حربا الا ضد الهوامش، و هو ذات الجيش الذي يقوم بحربه ضد الشعب السوداني كله و معه المليشيا التي تواطأ في انشاءها، و ذلك من خلال التدمير و قتل و تشريد المدنيين عبر هذه الحرب التي عنوانها الخراب..
المحور الثاني: كشفت هذه الحرب بأن الصراع في طبيعته ليس مرتبطا بالأثنيات نتيجة للمظالم الواقعة عليها و علي اساس العرق، انما هذه الحالة ترتبط بكافة قطاعات الشعب السوداني، و الاخطر ان الذي يتبني قضية الهامش اليوم هي قوات الدعم السريع و هي ليست من (المركز) و لكنها تحمل سماته الثقافية اي أنها تقع في دائرة العروبة و الاسلام او الاسلاموعروبية كما يقول بذلك اصحاب نظرية المركز و الهامش، و قد كانت هذه القوات من قبل ضمن نسق السلطة المركزية، و لكن نتيجة لتوازنات السلطة نفسها حدثت المواجهة بين هذين الطرفين، الجيش و الدعم السريع، و هذا يؤكد ان قضايا الصراع في السودان يرتبط بعملية السلطة و الصراع حولها و من قبل كافة الاطراف دون محددات عرقية أو ثقافية…
المحور الثالث: هذه الحرب قد قضت علي (المركز) و تدميره عبر مؤسسات المركز نفسها مع الاشتراك مع اصحاب العروبة العرقية القادمين من الاطراف، و بالتالي فنحن في أنتظار منظري مدرسة المركز و الهامش ليقولوا لنا كيف نبني السودان الجديد الذي تم تدميره من قبل المنتميين لدائرة العروبة نفسها و ليس من قبل الهامش المفترض من قبل نظرية المركز و الهامش…
المحور الأخير: يمكن القول اجمالا بأن المنطلقات التي تأسست عليها نظرية المركز و الهامش منطلقات خاطئة لم تقف علي ظاهرة التنمية و التخلف و علاقتها بالسلطة في دول العالم الثالث مرتبطا كل ذلك بالظاهرة الاستعمارية التي قامت عليها بنيات التنمية في هذه البلدان و سارت علي نهجها السلطات الوطنية ذات الاتجاه الليبرالي و الذي يدور في فلك الظاهرة الاستعمارية..الحل و وفق منظور مستقبلي يرتبط بمفهوم الديمقراطية الأجتماعية و المرتبطة بالإنجاز علي أسس متوازية و متوازنة علي مستوي كافة الأقاليم، كما يرتبط الامر بدور السلطة ضمن منظورها لواقع المجتمعات و الوعي بجدلية التنمية و التخلف و مشروع النهضة علي أسس اقتصادية و اجتماعية جديدة..
لم يساهم رواد الاستقلال فى ارساء دعائم الدولة الوطنية و لم ينتبهوا لخطورة التنمية غير المتوازنة والكثير غيرها فقط عملوا بما كان يقوم به الاستعمار كما يقول المقال-المقال بحاجة الى المزيد من التفاصيل والاحصائيات حتى تتضح الصورة اكثر مع الربط باحداث حقيقة ساهمت فى ظهور المفاهيم الخاطئة مثل ما ذكر المقال عن قضية جنوب السودان-جهد يستحق التقدير- لك كل الشكر
شكرا لك تحليلا يمس الواقع المزري الذي يعيشه الفكر السوداني وقليلا ممن رحم ربي.
ولو سمحت ان ابدي رأيا مرتبط كليا بما ذهبت اليه وتبني فكرة الهامش والمركز مجموعة وبوعي وبدونه ارتبط أيضا بمصالح شخصية او افتراض امتيازات تاريخية غير موجودة أصلا والمؤسف ان تلك النظرية وعن عمد مهدت لنمو عقد عنصرية كارثية. والاخطر هو ربط سياسات الطغم الحاكمة بأنها تنبع من عنصرية اثنية وقد كتب احد دهاقنة العنصريين هنا في صحيفة الراكوبة بأن سلطة ما سميَّ الإنقاذ قد فصلت ابن عمه من وزارة الخارجية لانه غرابي متناسيا
الاستاذ الجامعي ان سلطة الإسلاميين فصلت تسعة آلاف عامل من عمال السكة حديد وغالبيتهم العظمى من الشمال ان لم يكن الأكثرية منهم ينتمون لاقليم واحد.
أردت بحديثي ان اربط بين تفشي الفكرة العجفاء وبين تنزيلها واقعا ينضح عنصرية فجة.
وتحولت الفكرة بقوة من تدمير واقع هيمنة مزعوم الي تدمير إقليم كامل وحرق مواطنيه.
ليس بسبب السلطات الحاكمة فقط وايضا ممن تكرمت وذكرت بمن حملوا لواء (الكفاح المسلح) ضد الدولة (الفاشلة) على السواء. نتج عن هذا تنافر وشقاق أصلا بذرت بذرته قوة باطشة من قبل وهي سلطة التعايشي.
والسؤال لو قيض للأستاذ كاتب المقال ان يطلع على تعقيبا وتكرم ما هي أفق الخلاص من هذا المازق؟
/ ان سلطة الإسلاميين فصلت تسعة آلاف عامل من عمال السكة حديد وغالبيتهم العظمى من الشمال ان لم يكن الأكثرية منهم ينتمون لاقليم واحد./
هذا مثال على واقع المركز و الهامش فيما يتعلق بالسلطة و مثله في الثروة فالسلطة طريق سهل الى الثروة
مصطلح المركز و الهامش في السودان ليس المقصود به مناطق جغرافية او وجود تنمية في المركز مع انعدامها في الهامش و لكن المقصود به سيطرة مجموعة معينة على مفاتيح السلطة و مفاتيح الخدمة المدنية و الرتب العليا في الخدمة العسكرية .
و من مضاعفات هذا الخلل في قسمة ( السلطة و الثروة) قلة النمو و التطور و الاعتماد على ما تركه المستعمر و ذلك أنه كلما ضاقت حلقة التمكين في مكون محدد بعينه دون بقية المكونات , كلما قل الابداع و السعي للتطوير حيث ستحرم الكثير من المواهب و الكفاءات من مكون الهامش من ابراز ما لديها بسبب عدم اعطائها الفرص المستحقة و بالمقابل فان ابناء المكون المتمكن او المسيطر على مصالح البلاد ليسوا في حاجة لبذل جهد في مناصبهم لان المنصب و الاستمرار فيه مضمون على كل الاحوال و ربما هذا هو سبب وصف السودانيين من بعض الدول العربية بالكسالى .
اذا انهار مبنى تحت نطاق عمل مسؤول مامن الفئة الكريمة ( فئة الاحجار الكريمة ) فهذا التقصير لا يمنع ذلك المسؤول من الانتقال الى منصب اخر او البقاء في منصبه فلماذا يجتهد في عمله فضلا عن ان يطور بينما لو كان الكل سواسية لعرف ذلك المسؤول ان امرا مثل هذا يعني نهاية حياته المهنية , بل و ربما زج به الى السجن و تم مصادرة بعض أمواله لذا سيكون هناك اداء جيد و تطوير و منافسة .
خذ وزارة الخارجية مثلا ستجد الغالبية العظمى من موظفيها من طينة واحدة أو ( حجر واحد من الاحجار العسلية ) على مدى أكثر من جيلين من الاستقلال
وهذه هي الطريقة التي المعنى لها.
هل لديك احصائيه تثبت بها صحة كلامك.
انه ذات الحديث الذي يجر الوبال وحتى لو فرضنا جدلا بصحة ما ذهبت اليه هل يتحمل الشمال وزر تعيين هؤلاء السفراء لقد تعدت المسألة من مسألة المحاسبة ومراجعة الوقائع الي مرحلة بث الاحقاد والطعن. في أصول الناس واعراقهم.
لم نكن في الشمال من قمنا بالسيطرة على رأس المال وامتلكنا زمام السلطات ولكنا لن نتحمل اكثر من هذا فكفى.
الموضوع لا يحتاج حتى الى احصائيات
خذ قائمة بالرتب العليا في الجيش و الشرطة و حينها لا تحتاج الى ان تكون فطنا حتى تدرك ما اقول .
الأمر أكبر
من الاحصائيات