بعد المعاش (قصة قصيرة)

بعد ان تقاعد من وظيفته في أحد دواوين الحكومة، أصبح وجوده غير المعتاد في منزله مدعاة لكمية من الشجار بينه وبين زوجته التي لم تستطع تقبل فكرة وجوده في المنزل بطول اليوم، فلها روتينها الخاص، برامجها، لقاءاتها مع الصديقات، فأضحى وجوده عبئا ثقيلا يعكر صفو حياتها، وبعد مشادة كلامية حامية الوطيس، خرج بلا وجهة معروفة ووجد قدميه قد أخذتاه إلى ذلك المقهى، الذي وجد فيه متنفسا وحلا يبعده عن التواجد بالمنزل، جعل لنفسه مكانا خاصا به في ذلك الركن القصي، بعيدا عن المدخل حيث دخول وخروج الوافدين، أصبح المقهى دوامه الجديد، يخرج مبكرا وكأنه ذاهب إلى عمله، يأخذ معه جريدته ويأخذ مكانه في ذلك المقهى إلى أن تنتهي ساعات الدوام، زوجته تنفست الصعداء، حيث أن حياتها قد عادت إلى صفوها ووتيرتها، فلم تهتم بأن تسأله، إلى أين يذهب، بل قرت عينا أنها قد عادت تمارس طقوس حياتها بدون وجوده المزعج،
لفتت انتباهه تلك الصبية التي كانت تقدم الطلبات، كانت تمشي بلا استحياء، ملابسها تفضح أكثر مما تستر، تضرب الأرض بكعبها العالي ولسان حالها يحكي عن أنها لا تعبأ بشيء، مكياج صارخ في وضح النهار، وقطعة من اللبان تفرقعها داخل فمها، صورة حية للابتذال والخلاعة، أثارت فضوله بيفاعة عمرها، فهي لا تكاد تصل إلى العشرين عاما،
لاحظ إلتماعة دمعة تترقرق بين عينيها عندما يقول لها شكرا يا ابنتي عندما تحضر له قهوته أو كوبا من الشاي، كما لاحظ انها تهرول مسرعة لخدمته ما أن يدلف إلى المقهى ويأخذ مقعده،
في ذلك اليوم أحضرت له قهوته، وكعادته قال لها شكرا يا ابنتي، لاحظ أن عينيها قد امتلأتا بالدموع، طلب منها أن تجلس، استجابت بسرعة، يبدو أنها كانت تعاني زخما من المشاعر، قال لها تحدثي، اخبرته، أنها كانت تعيش بين والديها وهي وحيدتهما، وكانت حياتها سعيدة، والدها حنونا، دللها وجعلها أميرة بالرغم من وضعه المادي المحدود، إلى أن فقدته في أمسية مشؤومة نتيجة لتهور سائق غبي، صدمه وهرب وتركه ينزف حتى مات، فقدت السند والدعم وأصبحت يتيمة تعاني العوز هي وأمها، أخبرته عن ذلك الرجل الذي لم تشعر بالارتياح تجاهه منذ الوهلة الأولى، ففي نظرته شيء غريب ومخيف، وكيف زعم أنه كان صديق والدها، وقد تزوجته والدتها مباشرة بعد انقضاء عدتها، حدثته أنها لم ترتح نهائيا لهذا الرجل ودائما ما كانت خائفة ومتوجسة إلى أن أتى ذلك اليوم الأسيف وحضرت من مدرستها وعلمت أن والدتها قد سافرت على عجل لوفاة قريب،
لم يعطف عليها، أو يستمع لتوسلاتها ولا حرك بكاءها ونحيبها له ساكنا، افترسها مغتصبا بلا رحمة، تركها على هيئة إنسان بلا روح ونذر لها من التهديد والوعيد إن تجرأت وأخبرت والدتها بما حدث،
عندما وصلت في سرد قصتها إلى تلك النقطة كانت تنتفض من البكاء،،
في اللحظة التي أفصحت فيها عما يعتمل في دواخلها، استشعر أن هناك رابطا من الصداقة والثقة قد نشأ بينهما، لاحظ بعدها أنها تحاول مجتهدة تحاشي الخلاعة والمجون، أصبحت ترتدي ملابس أكثر حشمة وخففت ذلك المكياج الصارخ في وضح النهار، لاحظ أيضا أن هناك طيف ابتسامة يتراقص بين شفتيها قد حل مكان الحزن الجاثم على محياها الجميل،
حدثها هو عن عمله والسنين الطويلة التي قضاها بتلك الوحدة، أخبرها عما استحالت له الأمور بينه وبين زوجته، وكيف انتهى بهما الأمر إلى غريبين في نفس البيت،
أضفى وجود كليهما في حياة بعضيهما الكثير من الأمل ونفض الغبار الذي غطى أيامهما مشيعا روحا من التفاؤل حلت مكان اليأس والسأم،
عندما دلف إلى المقهى في ذلك اليوم وجدها في انتظاره في ركنه القصي، كانت تفرك كفيها ببعضهما مما يدل على القلق، جلس قبالتها فقالت له كلمة واحدة: تزوجني!!!




المحكواتيه نهى
الصياغ البنيوى لمضمون وشكل القصه او الروايه هو الذى يحكم التفاعل المعرفى والوجداني بين المتلقى والكاتب والشخوص من خلال بيئه النص المحمول على اركان اللغه والحبكة الدراميه . ومن منطلق هذه المعطيات فلا استطيع ان افهم او اتفاعل مع هذا النص الا على اساس انها (حكوه) حيث الكثير من الفراغات فى البناء وفى الحبكة الدراميه (قوامها ثلاثة شخوص نكرات) تجعل المتلقى يتوقع النهايه
فينتفى عامل التفاعل وتصبح القصه مجرد سرد لأحداث متوقعه من خلال مفردات لا تحمل فى داخلها اى محتوى جمالى. فأذا كان لابد لك من الاستمرار فى هذا الطريق بالرغم من مرارات وأوجاع الحاضر وبالرغم من تفاصيل الحياه المأساوية التى يعيشها اهلنا فى السودان دون ان يرتجف قلمك باكياً على حالهم ومواسياً لهم ولو بسطر واحد، فلا اقل من ان تكونى ملمه ولو بالحد الادنى من فن كتابه الروايه (قصه قصيره تتماشى مع عصر السرعه) حتى لا يكون اهداراً للزمن والجهد فى انتاج الركيك والغث من ما تفرزه عقولنا المشوشه فى زمن فتحت فيه النوافذ فتسللت منه ثقافه البت كوين والهامبرقر وشرعت فيه الابواب فهجم انصاف المثقفين من كل حدب وصوب وهم يرفعون رايات الفنون ذات الايقاع السريع الذى يتماشى مع زمن السرعه.
انصحك بالقراءه لأعلام الروايه
باولو كويلو الخيميائي
عبد الله الطيب موسم الهجره الى الشمال
محمد الحفيان الخبز الحافى
غابريال غارسيا ماركيز الجنرال فى متاهته
عبد العزيز بركه ساكن الجنقو مسامير الارض
ارنست همنجواى العجوز والبحر
حنا مينا المصابيح الزرق
ديستوفسكى الاخوه كارمازوف
عبد الرحمن منيف شرق المتوسط
يوسف زيدان عزازيل
سعود السنعوسي ساق البامبو
احلام مستغانمي ذاكره الجسد
لعل وعسي
شكرا على النقد الهادم
أقصد البناء
بالمناسبة كتبت حوالي ١٥ مقال عن حرب الخرطوم
وأرجو من سيادتك لو تكرمت أن تعرض على أمثالي من المبتدئين السذج إنتاجك الأدبي الفاره حتى نتعلم ونستقي منك المعرفة ونسير على هداك، لنخرج من أوكار الجهل والأمية الفكرية والأدبية ونتلقى العلم والأدب من القامات والأساتذة الأجلاء من أمثالك.
شكري على بذلك الجهد والوقت للرد على ترهاتي، كذلك الشكر أجزله على حرصك على متابعة كتاباتي الفقيرة المتدنية حرفا بحرف.