مقالات سياسية

تجاهل الأزمة الإنسانية في الحرب الجارية في السودان: الأسباب والحلول

لقد مر السودان بأزمات متتالية ومتواترة بعد ميلاد الدولة ووضع أسس بناءها اول الامر، إذ لم يكن قد بنى أركانه على أسس متينة تقوى على مواجهة تقلبات الظروف ، مناخا سياسيا ملغوما وفضاءا مفتوحا للاختلافات والاختلالات والاطماح ، شكلت بيئة خصبة لأنبات جميع انواع الاستيعاب والاقصاء والاستبعاد والالغاء، بقوالب متنوعة ثقافية ودينية وقومية وعرقية وغيرها، تحولت من صراع الآراء والرؤى والأفكار والتصورات إلى صراع عنيف ولا عقلاني، دفع ثمنه القاطنون على هذه البقعة من الأرض التي لا تتوقف أزيز مدافعها الا لتبدأ حلقة جديدة من الحرب والدمار، امتد جنوبا حتى تم فصله أو استقلاله وغربا وشرقا وجنوبا جديدا تشكل بذات المطالب والرؤى. إذ عز على أهل هذه الدولة دروب الالتقاء في وطن جامع شامل منصف، يحتكم فيه القاعدة والقمة والأطراف والمراكز والأرياف والمدن إلى دستور حاكم يفصل اسباب الخلاف ويقطع دابر التدافع. ما يقرب نصف قرن من الزمان صار هباءا منثورا تحت نيران الصراعات العنيفة، وأن الخامس عشر من ابريل أنتج نوعا جديدا وجيلا مستنسخا يحمل في جوانحه كل اعوجاج الماضي وركام الغبن وجذور الأزمات الكامنة منها والظاهرة لتخرج بثوب جديد، غير ابهه بكل شئ، القيم، الاخلاق، الإنسانية، التي تبخرت في أفق التعبئة غير المتناهية والانتقام.

ان السودان من البلدان التي شهدت وتشهد صراعات مستمرة ومدمرة وأزمات إنسانية خطيرة، إلا أن الاهتمام الدولي والإعلامي بتلك الأزمات يظل محدودًا نسبيًا. يتساءل الكثيرون عن الأسباب وراء هذا التجاهل وعن الحلول الممكنة للتصدي لهذه الأزمة الإنسانية الخطيرة. وتتمثل الأسباب وراء تجاهل الأزمة الإنسانية في الحرب الجارية في السودان:

1. الصراعات المستمرة: الحروب الداخلية الطويلة، والصراعات المسلحة الممتدة لعقود في مناطق مختلفة، تسببت في نزوح الملايين وتدهور الوضع الإنساني، أن ما يقرب جميع سكان السودان قد عانوا من هذه الحروبات بصورة مباشرة أوغير مباشرة، وأن السودان أصبح ساحة حافلة لتوالد الأزمات على ما يقرب ٩٠٪ من عمر البلاد، وأنها صارت حالة ملازمة للأزمة السودانية بطريقة ازعجت دول العالم مجتمعة.

2. التدخلات السياسية: ولايخفي على كل ذي لب أن تطاول الأزمات والنزاعات يعتبر بيئة جاذبة للتدخلات للاستفادة من الخلافات لتحقيق أهداف الجهات المتدخلة، ومنها تدخلات القوى العالمية والإقليمية في الشؤون الداخلية للسودان قد تسببت في تجاهل الأزمة الإنسانية وعدم التركيز على تلبية احتياجات السكان المتضررين.

3. نقص التمويل: يعاني العالم اليوم من مشكلات معقدة، الأمراض، الكوارث الطبيعية والنزاعات الدولية والإقليمية والداخلية، إذ تواجه المنظمات الدولية ضغوطا متواصلة ومتصلة لمجابهة هذه التحديات مع نقص الموارد ، وقد أثر ذلك في وتيرة وسرعة تقديم المساعدات المالية والإنسانية للسودان، حيث يواجه الأمر تحديات كبيرة نتيجة قلة التمويل المتاح.

الحلول الممكنة لتحسين الوضع الإنساني في السودان:

1. التوعية والضغط الدولي: زيادة الوعي بالأزمة الإنسانية في السودان والضغط على الجهات الدولية لتقديم المساعدة والدعم اللازم، وذلك عن طريق حملات المناصرة والدعم والتشبيك مع الجهات الفاعلة الدولية، إعلاميا وإنسانيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

2. تعزيز الحوار السياسي: تعزيز الحوار السياسي والحلول الدبلوماسية لإيجاد حلول سلمية للصراعات المجتمعية والسياسية والعسكرية وخاصة الأزمة الحالية وتحسين الوضع الإنساني.

3. زيادة التمويل الإنساني: المطالبة والضغط في اتجاه زيادة التمويل المخصص لمساعدة النازحين واللاجئين في السودان وتوجيهها بشكل فعال لتلبية الاحتياجات الضرورية. ومطالبه طرفي الصراع للتعامل الجاد بشان ضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في كل المناطق في السودان لإنقاذ الوضع الكارثي من التفاقم والتدهور.

إن تجاهل الأزمة الإنسانية في الحرب الجارية في السودان يشكل تحديًا كبيرًا يتطلب تضافر الجهود على المستوى الدولي والمحلي للتصدي لهذه الأزمة وتحسين الوضع الإنساني للسكان المتضررين. يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية العمل بجدية لإيجاد حلول فعالة ومستدامة لهذه الأزمة الإنسانية الخطيرة في السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..