الغافل من ظن الأشياء هى الاشياء

هكذا خلقنا وما اوتينا من العلم إلا قليلا فقصورنا هو أساس وجودنا وسمة أساسية فينا فنحن لا نرى العالم كما هو بل كما يبدو لنا فالضؤ نراه شفافاً فى حين أنه يتكون من الوان قوس قزح وحتى هذه الالوان هى بعض من تصورنا فالالوان ما هى فى مضمونها الا موجات كهرومغناطيسية لا نشعر نحن إلا بجزء يسير منها ذلك الواقع بين الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية وكذلك الكرة الأرضية التى نمشى عليها والتي نحسبها ساكنة لا حركة فيها تدور حول نفسها بسرعة سبعة الف كيلو متر فى الساعة وتركض فى الفضاء الرحب حول الشمس بسرعة سبعين ألف كيلومتر في الساعة وعندما نسير عليها لاندرى ان رؤوسنا مرة إلى اعلى ومرة أخرى فى وضع اسفل واحيانا نمشى عليها ونحن على جنوبنا فى وضع افقي وحتى الشمس التي نحسبها متحركة هى بالنسبة للأرض ساكنة والجدران التي نعتقد أنها صماء ما هي إلا فراغ شاسع تصلنا عبره موجات الراديو والتلفزيون والتليفون دون عائق ونحن بين جدراننا الأربع ولتقريب الصورة ذهنياً اذا نظرنا إلى الجدار الأملس بعدسة مكبرة سيبدو لنا مثشقق وهذه الشقوق تكبر كلما زاد تكبير العدسة وإذا استعملنا ميكروسكوب الكتروني حينها سيكون الفراغ شاسعا تمر موجات الراديو والتلفزيون عبره بسهولة وهناك غير ذلك الكثير وكما قال الفيتورى الغافل من ظن الأشياء هى الاشياء وكذا الفيلسوف الألماني كانت الذى ميز بين الشئ فى حد ذاته وبينه كمظهر يبو لنا . هذا ما يتعلق فقط بعالم الطبيعية من حولنا أما مايسرى على الظروف الاجتماعية والفكرية فالوضع أكثر تنوعاً وتعقيدا حيث ما نسميه حقيقة فهى غير ثابتة ومتغيرة ومتعددة ومتنوعة ومركبة ولا يملكها احد ومنبع ذلك هو المح الموجود فى جمجمة تحميه وهو كمبيوتر إلاهي يصنع لنا مثل الكومبيوتر عالمنا الافتراضي هذا هو الانسان فى احسن تقويم وإن نسى ذلك يرد نفسه ويرد إلى أسفل سافلين ويبدأ اول العنف بنفى الآخر وكأنه نصف اله والاخرين أنصاف بشر ويحسب نفسه مالك للحقيقة والآخر في ضلال مبين وهذا اول القطر لينهمر فى صورة قتل قابيل أخيه هابيل وان كان قابيل قتل أخاه بالشملوخ فاليوم يتم ذلك بأسلحة حديثة فتاكة تقضى على الأخضر واليابس ويفقد الإنسان نعيمه االموعود وتفعيل وعى الإنسان الناقد هو الكفيل باعادة ادميته المسلوبة إليه وإخراجه من اعتقاده الثابت والمألوف ويمكنه من اكتشاف التناقض بين ماهو حقيقة وما هو مظهر لها وبين ما هو ثابت وبين ما هو متغير وبالتالي معرفة النقصان فى ذاته وذوات الاخرين ليعكس بالتالي سلوكا متطورا بخلق مجتمعا إنسانيا تعلو فيه آدمية الإنسان ويختفي التمييز بين البشر ويقبل الناس بعضهم البعض ويكون الاختلاف رحمة والتنوع ثراءا والبحث عن الحقيقة لذة وغايه والاعتراف بالخطأ فضيلة فالانسان يخطئ أكثر مما يصيب وهذا سر تعلقه بالتعلم والاستذادة بالمعرفة وهذا ما تميز به السودان وأهله الذين تميزوا بالتنوع والبداهة والحكمة والبلاغة فهم كما قال الشاعر محمد المكي ابراهيم من ينظمون عقد الكلمات بشكة سهم ولكنا فشلنا فى إدارة هذا التنوع وهذا الثراء حتى ادمنا الفشل وادمنا كذلك عشق الثبات وأكلنا رغيف القمح بدل أن نأكل كسرة الزرة بالرغم من مزاياها الصحية والبيئية والثقافية والاقتصادية واصبحنا رهينة لصندوق النقد الدولي لأن من لا يملك قوته لا يملك قراره ) *.. ان ما كتبته فى هذا الزمن المكهرب بالحريق زى ما قال صلاح حاج سعيد هو بكل تأكيد ليس فقط هيام فوق النجوم بل هو خوض في طين وخبوب الواقع المعاش حيث تشتعل نار الصراع لأقل درجة من خلاف لتطفئ نور التفهم والتعقل والحقيقه حيث لا وجود لواقع دون انسان ولا لإنسان دون واقع ويكون الاحتراب سيد الموقف والعاقبة هى الفشل والدمار الذي نعيشه اليوم وحتى ثورة ديسمبر المجيدة بعظمتها وتفردها ضاعت من يدينا وختاما اقول ما اجمل الإنسان حين يعيش فى داخل نفسه الإنسان وما ابشعه حين يموت في داخل نفسه الإنسان
عبدالباسط عباس
- ما كان الكسرة جاتك من برة.
صفرة ومنكسرة
وما انشاف ماعونك
فى الحلة يساسق
ويلقى فتات
عاطف خيرى