مقالات سياسية

التفكير من معاناة الشعب السوداني: محصلة نتائج الوحدة

لا شك في أن الحرب الجارية الآن في البلاد خلقت اصطفافا، وتأييدا، وانقساما، لم يشهده البلاد طوال تاريخه منذ الاستقلال، وميلاد ما يعرف بالدولة السودانية، على الرغم من العلات ، والأخطاء التي صاحبت و لازمت مراحل التشكل، والظهور على وجه هذه البسيطة، بتماسك ظاهرى خادع، لا يعكس جوهر التفاعل الداخلي الخفي، والكثير من المظاهر التجميلية التي تبناها النخبة المتربصة والطامحة للنفوذ أكثر من الإهتمام بشأن الأكثرية الكادحة تحت هجير الشمس وظلامات المؤسسات التى الصقت به قهرا وغلبة تحت أفواه البنادق وحراس الملك وحاشية السلطان.

هذه الحرب الجارية كشفت الكثير من الحقائق المختبئة خلف شمس الإعلام المضلل، وضجيج الساسة، وادعاتهم الكاذبة التي يتشدقون بها في الكثير من المناسبات، وكذلك هزيمة مشاريع الدساتير ونصوصها المؤكدة لسيادة الشعب وحقوق المواطنة، وكانت معملا أكثر صدقية في إظهار الجينات الوراثية المشبعة بالعنصرية، والحقد، والتقهقر الإثني، والتمايز الجهوى، رغم انف ما تبنته الكثير من المنظومات السياسية، والعسكرية من شعارات براقة وخادعة. أنها عكست فعليا حقيقية هشاشة الموسسات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية.

في ظل الحرب اكتشف العالم أننا لانملك شيئا غير الضجيج والبروبجندا، لا هياكل جاهزة للاستجابة الانسانية، ولا هياكل اجتماعية قادرة على امتصاص الصدمات، ولا مؤسسات مدنية قادرة على سد الفجوة بعد انهيار الدولة، ولا مؤسسات إعلامية قوية مؤثرة على العالم، ولا ناشطين موحدين لمواجهة إبادة الشعب السوداني، في ظل اللامعقولية اللامقبولية. وغياب العقل الواعي الجمعي جرت الجينات الوراثية في دماء الاحاد والجماعات، إذ عكف الكل لمناصرة قبيلته أو منطقته أو حزبه، أو مصالحة، حيث ترك الشعب وحده يواجه هذا المصير المظلم وغير العادل، من لم يمت بالبندقية والمدافع وقصف الطيران، مات بالجوع والمرض والفقر والحصار.

المواطنون يتوحدون و يتعاونون و يناصر بعضهم البعض على مر العصور والأزمنة والأمكنة، حيث اجتهدت الطليعة المجتمعية في أعمال اللب في إيجاد حلول ومخارج ابداعية وناجعه لمجتمعاتها وشعوبها في الأزمات العاصفة مثل هذه الحرب التي هجرت الملايين من ديارهم، وانتجت الملايين من الفقراء والمعدمين بسلبهم الممتلكات ومصادرة حقوقهم في العيش الكريم وحق الحياة، مشردين في بلادهم، ولاجئين في دول الجوار الاقليمي على مستوى القارات.

على الرغم من أن البلاد ثريا بموارده المائية والمعدنية والبشرية، لم تتوقف سرقة الثروات المعدنية يوما واحدا بل يستمر متدفقا تدفقا سلسا، في الوقت الذي يعني فيه الملايين من الجوع بسبب حرمانهم من الإغاثة والمساعدات الإنسانية الأخرى ، بل صار التجويع والحرمان من العلاج والتنقل سلاحا جديدا من أسلحة هذه الحرب غير العادلة بحق الشعب السوداني، وكأنما صممها عرابوها للانتقام من الشعب السوداني وثورة ديسمبر العظيمة، وبعثرة اوراق الأفكار التي تبنتها الثورة بالمزيد من العقاب الجماعى للنساء والاطفال والجيل الذهبي، وكأنما قيست على فناء كل شىء وتسوية الأرض بمن عليها، و فتح خزائنها ومخابئها لاطرف دولية، تغرس اظافرها وانيابها في نهش لحم المدنيين في السودان جوعا وتقتيلا وموتا بلا سبب أو جريرة، وذلك بتدفق إمدادات السلاح الغالى الثمن، في حين لا يجد فيه الشعب قوت اليوم ويعتاش على علف الحيوان والسلع المنتهية الصلاحية للاستخدام الادمي، هل يشعر العالم حقا بمأساة

السودانيين، بل هل يشعر السودانيون في كافة بلاد العالم بمعاناة اهلهم بالسودان، وما يتعرضون له من إبادة جماعية صامته بمصادرة حق الحياة.

نداء لكل السودانيون اذا انتم فعلا يهمكم أمر الشعب السوداني المحاصر، الجائع، المضطهد، المعرض لخطر الانقراض، يجب أن تقلبوا صفحة جديدة، يتجاوز كل الماضي المنظور والبعيد وخلافاته وصراعاته المريرة، فاعاده انتاج الخلافات الماضية هو أسوأ ما ينتظره منكم الشعب، إذ لا وقت للانتظار أو الصراع على أنقاض المدن المدمرة والجماجم، إذ الوقت الان لمعالجة جراحاتكم القديمة بسرعة، وتجاوز اسوار العزلة والتصدعات العميقة، وان تتحدوا في اقل من طرفة عين لمواجهة حقيقة التدمير الممنهج لهذه الحرب على المدنيين، وأن اصطفوا جميعا في حملة عالمية تضج بها كل المدن حول العالم وتهتز لها اركان عمالقة الإعلام في العالم، وأن تشمل حملة إلكترونية منظمة لتحرير الشعب السوداني من براثن هذا الدمار العظيم والخطر الماحق، والمطالبة بحق حمايته من الانقراض والإبادة و والمطالبة بحق التدخل الانساني، وكذلك احياء جذوة ثورة ديسمبر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..