أحلام زلوط : ياسر العطا ما بين السلطة المضمونة و المأمولة والهذيان
في الآونة الأخيرة، شهدت الساحة السودانية تحولات سياسية مثيرة للجدل، خاصة مع ظهور ياسر العطا كشخصية تحاول ان تخلق لها بطولات وهمية بصورة دعائية مدروسة ومرتبة جدا، عبر مؤسسات اعلامية واعلانية كبرى في الترويج له بصورة بارزة وملحوظة، بعد حصوله على دعم علي كرتي ليكون بديلاً للبرهان، تاركًا وراءه الكباشي دون عزاء. اللافت للنظر هو اتجاه خطابات العطا نحو التعصب العنصري، مما يغذي النزاعات والفتن القبلية والجهوية، وذلك عبر خطاب استعطافي يهدف لحشد المزيد من أبناء الهامش كوقود في حربه الخاسرة. جعجعة ياسر العطا مفهومة لأنها تأتي استجابة لأشواقه وامنياته ما بين السلطة المضمونة كقائد ثالث او السلطة المامولة ان يكون قائد عام لجيش علي كرتي في بورتسودان بديلا للبرهان، الذي انتهت صلاحيته، وفقا لحسابات جناح الصقور بقيادة كرتي، وما بين السلطة المضمونة والسلطة المامولة يموت الشعب السوداني ولا يهمهم ذلك.
تصريحات ياسر العطا تؤكد ما كان معلومًا للجميع: سعيكم المحموم للسيطرة على حكم السودان بكل قوة وعنف. مع العلم بأن سيطرتكم لا تتجاوز 30% من مساحة البلاد، في حين أكد ياسر العط في فيديو مشهور معددا المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع يهيمن على اكثر 65% من الأرض ويحظى بتأييد شريحة سكانية كبيرة، بل إن المناطق التي يسيطر عليها بها 30 مليون مواطن. في وسط هذه الأزمة السودانية، يبرز طموحكم الطاغي للقبض على الحكم بأي ثمن، عبر استخدام طموحاته، مطلقين عربدة الدمار والمعاناة. عندما كانت هنالك فرصة للتحول للحكم المدني، اخترتم طريق الانقلاب، مغرقين الشوارع بدماء الأبرياء. هذا الطموح المفرط أشعل حربًا طاحنة، مدمرًا آمال شعب وإهدار ثروة الوطن في سبيل المحافظة على نفوذ زائل. الحلم بسيطرة سهلة قد تبددت أمام تحديات الواقع، الم تقل انها فقط (ستة ساعات) واردفت قائلا: ( فقط ازبوعين)، وحينما عرق الكاكي قلت ( ستستمر الحرب ربما لعشرة سنوات)، ثم تتبجح بلا خجلة انكم لم تسلموا السلطة الى المدنيين! انه الهزيان. والآن، تتوهمون بانتصارات خيالية، وفي الواقع كل المعلومات تشير لاتفاق بين استخبارات الدعم والجيش، لكن اسيادك قد غدروا ليقطعوا الطريق للتفاوض الذي تم الاعداد له جيدا، كما فشلوا لقاء المنامة ونكره الكباشي واثبته الشهود المخابرات المصرية والسعودية والامريكية، تكذبون والايام تفضحكم. بينما الوقت كل مرة يكشف الحقائق الغائرة حول المسؤولين عن هذه الحرب وأهدافها الخفية، تلك الحقائق التي ظهرت للعلن، وبات يعلمها حتى الأطفال والمجانين، وانتم مازلتم تكذبون، مؤكدة أن أحلامكم بالسيطرة ليست إلا سرابًا في واقع السودان المعقد. بل انها احلام زلوط. أنك تريد أن يصدق الناس قولك، وهم يعلمون ان؛ مرسال خيابا أنه ليس رأيي بل رأي التنظيم الذي وعدك بالسلطة المأمولة، المواطن اصبح بك كافر ولا يؤمن بك او بهم! وأنهم لن يكونوا خيار لنا أبدا صالحا للوطن والمواطن والمجتمع المحلي والإقليمي والدولي!..
فما الذي تبقى لك يا ياسر العطا من سلطة مكنكش فيها ولا تريد أن تتنازل عنها للمدنيين..؟! الم تكن أنت الهارب من مكتبك ومعك ابو سفنجة الهربان في القيادة العامة والقصر الجمهوري واشبال الدعامة يدوسون بأحذيتهم نياشينكم التي تركتموها غصبا عنكم وقهرا قبل الهروب العظيم في مكاتبكم، ولم يستطيعوا العودة إليها إلى اليوم. الا تخاف الفضيحة ام انها الكاسات، استغرب من إعلانك بلا خجل حرمان الآخرين من شيء ليس في حوزتك…”هل أنت تبخل بالعدم والكدم..!” كما قال مرتضى الغالي، وبالعدم تعلن أنك ستفصل الأقاليم التي لم تعد تحت سلطتك! وما هي السلطة التي لا تريد أن تتنازل عنها للمدنيين يالعشا باللبن! امركم عجيب، ام انها الكاسات وروشتة كرتي هي العجيبة. ياسر هو صدى فقط وهو ليس صوت! تصريح علي كرتي للشرق الاوسط و أمين حسن عمر الذين اكدوا انه هذه الحرب هي حرب تنظيم الاخوان المسلمين برعاية دولة البحر والنهر. رغم الاكاذيب والاشاعات التي تطلقها أبواق اعلامهم الكذوب من القونات، المنساقين وراء علف صرفة لتضليل الرأي العام. ومازلت تسوق لاحلامك الكذوبة: “الانتخابات خلال تلاتة شهور والتصويت بالرقم الوطني وستشمل كل البلاد” يا راجل خلي احلام زلوط بتاعتك دي بالله.
ما يزيد الأمر تعقيدًا هو أن استمرار القصف الجوي على المدنيين في دارفور، كردفان، وجبال النوبة والخرطوم، حيث يُطلب من هذه المجتمعات المتضررة بالأساس دعم هذه الحرب بفلذات أكبادها من أجل حماية عروش ياسر كاسات الزائلة. هذا التوجه يتعارض بشكل صريح مع مبادئ بناء دولة العدالة والمساواة، ويعكس رغبة محمومة في الاستمرار في عمليات الحرب لسفك مزيدا من الدماء لضمان بقائهم في سدة حكم السودان مهما كان الثمن. حيث تغذي الجماعات المتطرفة، بقيادات مثل علي كرتي، دوامة من العنف والنزاع، مدفوعة برغبة متعطشة لسفك الدماء وتعزيز نفوذهم عبر الاستثمار في الحرب. هذه الاستراتيجيات ليست فقط تهديدًا للسلام والاستقرار في البلاد، بل تمثل أيضًا اعتداءً على تطلعات الشعب السوداني نحو مستقبل يسوده السلام والحرية والعدالة.
إن الإغراق المتعمد للبلاد في بحر من الحروب والنزاعات لا يخدم سوى مصالح هذه الجماعات المتطرفة، في حين يتجاهل تمامًا الآثار المدمرة على السكان المدنيين الأبرياء. التوجهات العنصرية التي تفضحها هذه الأعمال تعمق الانقسامات داخل المجتمع وتقوض جهود بناء دولة قائمة على مبادئ المساواة والعدل.
فتعالت عبر السنوات أصوات في السودان تحذر من مشاريع انفصالية تحت مسميات مختلفة، في خطابات زائفة، متهمة قادة وجماعات بالسعي لإقامة دول قومية تستند إلى العرق أو القبيلة. من دولة الزغاوة الكبرى إلى دولة الفور الكبرى، مرورًا باتهامات لقادة مثل د. جون قرنق ود. خليل إبراهيم بالرغبة في تقسيم السودان وإنشاء كيانات منفصلة. هذه الاتهامات تشكلت بمرور الزمن كجزء من الخطاب السياسي الذي يُستخدم للتحذير من “الآخر”، الذي يُصوَّر دائمًا على أنه تهديد لوحدة الوطن. واليوم يعاد إنتاج ذات الخطاب ضد الدعم السريع!
ومع ذلك، هذا الخطاب يخفي وراءه حقيقة أساسية: السودان بأرضه الشاسعة وموارده الغنية، بما في ذلك ثقافته وتنوعه العرقي والثقافي، يملك القدرة على استيعاب جميع أبنائه وتوفير حياة كريمة لهم. المشكلة لا تكمن في وجود “الآخر” بقدر ما تكمن في فشلنا في إدارة هذا التنوع بطريقة تحترم حقوق وكرامة كل فرد، وتُراعي العدالة الاجتماعية والمساواة.
لكن النخب المركزية التي ورثت امتيازات الحكومة من الاستعمار وظلت تتحكم في الثروة والسلطة، عبر فوه البندقية منذ 56 والي اليوم، لذلك هذا الوضع لن يستمر الى الابد. حالة الهزيمة العسكرية والنفسية، التي يعاني منها العطا وهو يتوعد بفصل مزيدا من الأقاليم، بعد عن عجز عن استردادها. ان الدولة التي كانت موجودة قبل 15 أبريل 2023 لم تعد موجودة. فقد انهارت مؤسساتها وتفككت وفضلت تدير رقعة محدودة من السودان من بورتسودان، بدعم محدود من الطامعين الجدد في المشاركة في إدارة الدولة مقابلة فتات يرمى لهم من من فقدوا الشرعية والقدرة على ادارة السودان، دولة واحدة وموحدة، بل وصل بهم الحال الى التبجح كذبا و إعطاء وعود وأكاذيب كحافز لما بعد الحرب لكل من يشاركهم في حرب الدعم السريع.
المشكلة الرئيسية التي تواجه مجتمعاتنا تكمن في سيطرة قلة قليلة على مقاليد الثروة والسلطة، واستخدام هذه القوة بشكل عنيف ضد كل من يطالب بحقه في العدل والمساواة. هذا الوضع يخلق دوامة من الظلم تمنع أي تقدم نحو تحقيق مجتمع يعتمد على المبادئ الديمقراطية ويحترم حقوق الإنسان. آخر المخدوعين كانت المجتمعات التي انحدر منها الدعم السريع وكان الدعم السريع العصا التي استخدمت في بطش الآخرين، لكنهم الآن خرجوا عن طوعهم وتعلموا من الدروس ما يكفي، وتفككت المؤسسة العسكرية المتخصصة في صناعة المليشيات لتبقى هي على سدة الحكم في السودان وما الجيش الا تنظيم سياسي بثوب عسكري، لا فرق بينه وبين الحركة الشعبية والحركات المسلحة الاخرى، هو قوة قومية من حيث الجنود وجهوية وقبلية من حيث القيادة وتراتبيتها،
المقاومة ضد التغيير والخوف من المستقبل تدفع هذه النخبة إلى التمسك بمكتسباتها الغير شرعية بشكل يؤدي إلى تعميق الفجوة بين السودانين وتفاقم التوترات الاجتماعية. النتيجة هي إعاقة أي محاولة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل للثروات.
لبناء وطن متحد ومزدهر في السودان، يتعين علينا تجاوز العقبات التي تفرق بيننا، متجهين نحو تعزيز ما يجمعنا. تقع المسؤولية على عاتق كل فرد منا لإعادة تشكيل طريقة تفكيرنا، ناقلين بوصلتنا من السعي وراء المصالح الشخصية الضيقة إلى العمل المشترك لصالح الخير العام. الأساس الحقيقي للوحدة الوطنية يكمن في بناء الثقة والاحترام المتبادل، وليس في زرع بذور الخوف والشك بين أبناء الوطن الواحد.
لتحقيق هذه الأهداف، يجب تغيير عقليتنا ونظرتنا إلى المستقبل، متخطيين المشكلات الناجمة عن السيطرة الضيقة على الثروة والسلطة، والعمل على تعزيز دور كل مواطن في بناء وطن قوي وموحد. فلنكن جميعًا جزءًا من الحل، متخذين خطوات ملموسة نحو تحقيق وطن يسوده العدل والمساواة، بعيدًا عن الانقسام والاستقطاب.
بالعمل معًا وبقلوب متحدة، يمكننا بناء سودان جديد يحترم حقوق الإنسان ويقدر التنوع، وطن نفخر جميعًا بالانتماء إليه. دعونا نتخطى العقبات بروح الامل والتفاول والعمل كفريق واحد كسودانين ونسعى نحو تحقيق السلام والازدهار لبلدنا العزيز.
ما عندك موضوع
كلامك في الصميم وجميل جدا
كلامك عين الحقيقه كعادتك استاذ اسماعيل هجانه .