قضايا المشاركة السياسية والخروج على الحاكم

عدد غير قليل من الناس يجهل تفصيلات الدساتير ولا يعرف ما هي قيمتها؟ نعم بعض الناس يجهل هذه الدساتير جهلاً تاماً، أو جهلاً يوشك أن يكون تاماً، فالدساتير مقيدة تماماً بالمحافظة على القيم الدينية والسياسية والاجتماعية، وأن مهمتها أن تفصل في هذه المسائل الكثيرة التي نشأت بسبب فئات تبيح لنفسها من اللذات ما أباح لها الدين وما لم يبح، كما أن الدساتير تكبح جماح النخب السياسية التي تريد أن تبسط سلطانها على البلدان، وأن تمارس سياستها القاسية الخشنة التي تخالف أسس العدل والحرية كل المخالفة، وقد أقرت الدساتير سواء التي تمت صياغتها في الشرق المسلم أو في الغرب المسيحي حق الشعب في مقاومة هذه الشرذمة التي أثرت في حياتهم تأثيراً ظاهراً، والتي قطعت الصلة بينهم وبين الحرية والأمن أو كادت تنقطع، والتي أفقرت الدول على كثرة غناها وثرواتها، و” أقرّ الإسلام حق الشعب في مقاومة الحاكم المستبد والثورة عليه، فالخليفة كان مقيداً باتباع أحكام القرآن والسنة وإجماع الصحابة، فإذا خرج عنها وجبت معصيته”. ولم يكن من الممكن أن ينصرف الحاكم للهو، ويعكف على اللذة ويسرف فيها، وينكل بشعبه، ويبالغ في تعذيبه، ويجابه كل من اعترض على ضيمه وجنفه بضروب من القسوة، أن نطالب شعبه بالصبر والجلد، وأن يظل هادئاً صامتاً، ينتحل الطاعة ويتمسك بها، ونحن لا نغير من أصول الدين وقواعده إذا زعمنا أن الشعب بصمته سيتورط في طوام ونكبات لا حصر لها، وهو غافل مسرف في الغفلة إذا ظنّ أن الإسلام قد نهى عن الخروج عن الحاكم إذا بغى وتجبر، هذا أمر يدعو إلى الإشفاق، فالإسلام يريد أن تكون أمته حية نامية، فكيف يتحقق لها هذا، وجلادها يميتها بعسفه وظلمه، ويمنعها من أن يجتمع حولها الناس فتتيح لهم طريقاً يوصلهم إلى الله.
ومن الأحاديث النبوية المتفق عليها التي تقصر الطاعة على الحاكم العادل قوله عليه الصلاة والسلام:” السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة”.، وقوله كذلك:” أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر”. وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:” من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”. وأنه عليه -أفضل الصلاة وأزكى التسليم- قال أيضاً:” من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد”
ولا شك عند الباحث أن موقف من لا يؤذيهم بطش الحكام، ولا يمضهم تجبر اللئام، غير مستقيم، هو خليق بأن يتغير، وأنه بدأ يتغير بدون شك، والدليل على ذلك ثورات الربيع العربي فهي نتيجة من نتائج التمرد على فرية عبثت بطائفة من الناس، زمرة أسرفت في الإساءة إلى نفسها حينما أذعنت لحاكم تجاوز كل حدود الدين والقيم والأعراف، حاكم يظلم شعبه ويسرف في الظلم، ويقضي بين رعيته فيشتط في القضاء، ولا يعرف عنه الناس سوى الغض منهم والإعراض عنهم، يتصرف في شؤونهم كما يشاء، ويتدبرها كما يحب، وهو في كل هذا لا يصور الحاكم المعتدل، ولا يقدم للناس أنموذجاً صالحاً يمكن احتذاؤه والتمثل به، “ولم يكن الخليفة حاكماً مطلقاً يجمع بين يديه سلطان التشريع والإرادة والقضاء، فالتشريع كان مصدره القرآن والسنة والإجماع، أما القضاء فكان بمنأى عن تدخل الخليفة، رغم أنه هو الذي كان يعين القضاة، وكان يمكنه مساءلة الخليفة أمام القضاء، شأنه في ذلك شأن الأفراد العاديين تماماً، ولم يسجل التاريخ حالة واحدة تدخل فيها أحد الخلفاء أو عماله في أعمال القضاء”. ويطول القول إذا أردنا أن نذكر أن الحاكم ليس من الميسور له، أو من السهل عليه، أن يمهد للسطوة أسبابها ووسائلها، وأن يقر نظماً اجتماعية وسياسية تجعل يده طاغية كل الطغيان، فالنظم التي تتنافى مع الإسلام الذي كفل حرية الفرد، وكفل حرية الجماعة، يخضع لها من لا يشقى الحاكم بشقائهم، ولا يسعد بسعادتهم، فهو يعيش معتزلاً في برجه العاجي، وقصره المنيف كما نعلم، ويمسي ويصبح في حياة مترفة رغدة ولا ينتظر أو يرجأ من أحد شيئاً، حفياً بنفر يدفعه إلى شيء آخر غير ظلم الرعية وهو تقريب طغمة فاسدة تعينه على الباطل ، رهط يتودد إلى السلطان ويتقرب له، عساه أن يظفر منه بشيء يجعله يعيش في لين إن وجد إلى ذلك سبيلا، ، فنراه بعد أن حظي من الباغي بمنزلة، يجحف كما يجحف السلطان، ويستبد كما يستبد السلطان، ويسرق ويرتشي، ويقتل وينتشي، ويأتي كل الموبقات التي يأتيها السلطان، ويستأثر دون الحفاة العراة بالمال، ويعين الغاشم على إعجابه بنفسه واختياله، ويقنعه بأنه من أهل التفرد الذي لا يحتمل شكاً، والنبوغ الذي لا يحوم حوله خلاف.
ولا شك أن الحاكم البائس المغتر بنفسه في حاجة إلى طائفة من الأخلاق لم يكن للنفر المحيط به فيها حظ، وليته تقّصْىَ مكانته عند الرعية، فإنها تنم من غير شك بما تضمره دواخلهم من حب له أو بغض، ولا شك أيضا أن طائفة غير قليلة ستعرض عن موكبه إذا لم تقهرها جلاوزته وزبانيته على الحضور والمشاركة، لأجل ذلك ابتدعت النظم الحديثة ثلة تحمل هذه الأعباء، وتنهض بتلك الأثقال، حشد يتضامون في وحدة متماسكة تحمل بعضها ثقل بعض، قوم يحرصون أشد الحرص على إرضاء هذه الجموع التي ابتليت بمثل هذا الصنف من الحُكام، وإخماد هذه الزفرات، وتسكين تلك العبرات التي تنطلق من دواخلهم المتعبة.
ومن حق تلك الجموع أن تراعي تلك الطائفة عهدها، ولا تميل به إلى الإخلال، والتقصير القبيح، وأكبر الظن أن هذه الجموع كانت مخدوعة عن نفسها حينما توهمت أن الأحزاب التي تملأ الساحة السياسية سوف تقتحم كل مشقة، وتتكلف كل عناء من أجل أن تقبل على رئيسها إذا عدل، وتعرض عنه إذا طغى وظلم، وغاب عنها أن الأحزاب معظم الأحزاب لا تأبه لإعراضها ولا ازورارها، وأن هاجسها الذي يحرك لسانها، ويطلق صوتها، أن تدنو من الحاكم ويستريح هو إليها، وجهلت تلك الأحزاب التي تؤثر إرضاء الحاكم عن إرضاء قاعدتها” إن تكوين تلك الأحزاب منطلق من أمر رباني مباشر” ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” آل عمران: 104. وأن أمة من هذا القبيل لا يمكن أن يعلق مصيرها بشخص الحاكم، بل هي التي ينبغي أن تكون صاحبة السلطان عليه”. لقد أصغت الشعوب كل الشعوب للأحزاب فكلفتها بعض تلك الأحزاب من الأعاجيب مثنى وفرادى، فهي لا تحفل برضاء شعوبها ولا تقف عنده، ومن المآسي التي تواجهها تلك الشعوب إذا أصبحت، وتواجهها إذا أمست، أن يكون ليس هناك توقيت يمكن أن تنجاب عنها هذه المحنة، فقد ألفها أجدادهم وتعايشوا معها، وقنع بها أباءهم ورضخوا لها، وها هم الآن يعيشون بسببها شراً متصلاً وألما أليماً، والمحنة باقية لم تنقضي، والأحزاب السياسية التي كل همها القهر والسلطان لابد من وجودها، ولا مناص من مضاء سيرتها بين الناس، رغم أنها لا تمثل عواطف الناس تمثيلاً صحيحاً، ولكنها “تلعب دوراً فعالاً في خلق الرأي العام، وفي تنشيطه وتنظيمه، فتقوم بتنظيم الاتجاهات السياسية وتوضح مصالح المواطنين بما يتصل بالشؤون العامة وتمدهم بالمعرفة والمعلومات، وتقوم بتجميع مصالحهم، وتحديدها في برامج محددة صالحة للاختيار فيما بينها وتعرفهم على المشكلات العامة التي تواجههم وتزودهم بالحلول المناسبة لها وتعرفهم بحقوقهم وحرياتهم التي يجب عدم تجاوزها”.
كما أن الأحزاب السياسية التي حظها من الأمانة ينقص، وقسطها من الالتواء يزيد “تعمل على تكوين ثقافة سياسية وتوجيه الرأي العام، فتمكنهم من فهم المسائل العامة، والمشاركة في مناقشتها والحكم عليها حكماً صحيحاً؛ فالأحزاب هي أشبه ما تكون بــــــ” مدارس الشعوب”.
والقول بالمشاركة السياسية تكثر فيه المبالغة، ويظهر فيه التكلف، ولا نجد مصطلح المشاركة السياسية عند شعوبنا في المنطقة العربية قد نضج في نفسها وثبتت عليه اعتقادها، ومن الحق علينا أن نتفهم ارتياب الشعوب حيال هذا المصطلح الذي يكثر الجدال واللجاج حوله، فليس هناك في الواقع ما يدل عليه، اللهم إلا في بعض الدول العربية التي نجحت في تحقيق الصلة بينها وبين الفلسفة الغربية، والتي أوجدت لنفسها مساحة من الحرية، لم يسلبها منها بطش حاكم، أو جحود عادة، وهي رغم جهادها وحرصها على توفير تلك المساحة لم تحتفظ إلاّ بأيسر ما نالته من تلك المشاركة، رغم ما لها من حس، وما لها كيد، وما لها تفكير، وما لها من إرادة.
“والمشاركة السياسية كما تعرفها” دائرة العلوم الاجتماعية” هي:” تلك الأنشطة الإدارية التي يشارك بمقتضاها أفراد مجمع في اختيار حكامه وفي صياغة السياسة العامة بشكل مباشر أو غير مباشر، أي أنها تعني اشتراك الفرد في مختلف مستويات العمل والنظام السياسي”. والشيء الواضح والجلي أن شعوبنا في الشرق الأوسط وعالمنا العربي والأفريقي لا تبلغ مشاركتهم السياسية إلا النذر القليل ، وهي على قلتها لا تظهر في الأفق إلا إذا أعانها الحاكم ويسرها لأمته ، ولعل من بلادة الحس، وفتور الشعور، أن ندعي أن حُكام هذه البقع من العالم يكبرها الناس في أفئدتهم ويؤثرونها بالمودة، لأنها كفلت لهم حرية المشاركة السياسية وأتاحتها لهم، فهم ذهبوا مذهب غيرهم من الطغاة الذين يبسطون القمع لشعوبهم ويجزلون العطاء، هذه الطائفة من البغاة عاجزة أن تلائم بين سيرتها وبين ما تقتضيه فقرات الدساتير في بلادهم، وتمثل المشاركة السياسية المعدومة أو النادرة في دول الشرق الأوسط والقارة الأفريقية “أحد أهم الأدوار الأساسية التي يقوم بها الحزب السياسي حيث يقدم للمواطنين فرصة لتنظيم وهيكلة أنفسهم مع من يشاركونه بالرأي والفكر والعقيدة السياسية من أجل ممارسة التأثير على السلطة الحاكمة، سواء على المستوى المحلي أو المستوى القومي ويصبح الحزب إحدى قنوات الاتصال بين الحاكم والمحكوم وأداة تمكن المواطنين من المشاركة والمساهمة في الحياة العامة وأشهر أنواع المشاركة السياسية هي الانتخابات”. والرؤساء في عالمنا لا يدركون المغزى من حرص الشعوب على هذه الانتخابات التي لا تفضي إلا لما يبتغونه هم وينشدوه، والتي يظهر كل فرد منهم نفسه فيها بمظهر العادل الذي لا يجور، والمتواضع الذي لا يتكبر، والرحيم الذي لا يتجبر، ولعل الأمر الذي يعجز العقل عن فهم فلسفته، كيف لا يتجشم عقل الطاغية أسباب حزن الرعية الذي انتهى بها شغفها إلى التغيير إلى هذه النتيجة المؤلمة، ولا يستقبل ما استقبلته من خيبات عسيرة الاحتمال، والباحث يريد أن يتجاوز طغيان الساسة وعسفهم وتملقهم للحكام والسلاطين، وزهد الرؤساء في تطبيق الدستور الذي أقسموا على العمل وفق حيثياته، لكن هناك أمرين يعترضانه ويمنعاه من أن يقف عند هذا الحد، فالحاكم الذي يسعى أن يخدع أتباعه بإظهار صلاح لا يثبته نهجه، ولا تثبته أفعاله، لماذا يدأب دوماً في الاستهزاء بالدين؟، ويكره أن يحث عليه؟ ولماذا لا تأخذ جماهيرهم صلاتهم ونوافلهم من منطلق أنها خضوع تام لرب العزة الذي ملّكهم على رقاب الغير؟ ولماذا نشعر في كثير من الأحيان أن الأحزاب الإسلامية التي ينبغي أن نستبين في تفصيلاتها السياسية قيم الإسلام ورسوخه، نجدها تمانع أشد الممانعة، وتأبى أشد الإباء بتصرفاتها الفجة أن نقبل عليها، ونثق فيها، ونسمع لها؟
د. الطيب النقر
قولك: “ومن الأحاديث النبوية المتفق عليها التي تقصر الطاعة على الحاكم العادل قوله عليه الصلاة والسلام:” السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة” فيه حمل للنص ما لا يحتمل، فالحديث لا يقصر الطاعة على الحاكم العادل
طاعة ولي الأمر وردت في القرآن والسنة ولكن من هو ولي الأمر الذي تجب طاعته؟؟؟ وهذا يلزم بيان نظام الحكم الذي تلزم فيه طاعة ولي الأمر. بما أن نظام الحكم في الإسلام هو الحكم الشوري فمعنى هذا أن يتم اختيار ولي الأمر شوريا. ولا نقصد بالشورى كما فهما علماء السلاطين أو بالأحرى استخراجها شروطها ليس من الكتاب والسنة وإنما من ممارسات أولياء أمورهم من السلاطين الذين حكموهم ولم يختاروا ابتداء بالشورى. فالخلافة الأولى جاءت بالمبايعة على أسس قبلية وعرقية وجهوية خلافا للنصوص القرآنية والروح الإسلامية التي تتنافي مع هذه الأسس. فالقرآن نص على نوعين من الشورى، شورى النبي الرسول المعصوم كولي أمر وهي شورى غير ملزمة له لأنه معصوم لم يزل يتنزل عليه الوحي إلى أن أتم رسالته وأكمل الدين ولا زال وليا للأمر. فشورى الرسول الكريم ولي الأمر غير ملزمة له بنص الكتاب بالآية ١٥٩ آل عمران “فإذا عزمت فتوكل على الله” وهي شورى خارج أمور الدين لأن تبليغها وتطبيقها منوط به وحده كواجب رسالي مأمور به. وأما في أمور الدنيا من ساس يسوس، ومع أنه مأمور بمشاورة اتباعه لاستئناسهم إلا أنه لم يكن ملزما بهذه المشاورة من أصلها أو من حيث الالتزام بنتيجتها إذا طلبها. والحكمة في ذلك في هذه الآية واضحة. وهي أنه صلى الله عليه وسلم نبي ورسول معصوم ينزل عليه الوحي في كافة الأمور الدينية الرسالة والدنيوية المتعلقة بسياسة المصالح العامة وشؤون الحياة من معاش وحرب وسلم الخ، لذا فهو ليس ملزما بمشورة احد ولا باتباع رأي أحد طالما ظل معصوما بالوحي وهو ولي الأمر ورأس الدولة بعد تأسيسها بناء على هذه الشورى غير الملزمة. أما النوع الثاني من الشورى فهى شورى عامة المسلمين من بعده وهي الشورى الملزمة لأن الكتاب لم يمنح فيها عزيمة لأحد من عامة ولاة المسلمين من بعده خلفاء راشدون أو غير راشدين، وملوك أو سلاطين إلخ، وإنما نص في سورة الشورى الآية ٣٨ على أن: “وأمرهم شورى بينهم ” فالجميع سواسية بعد الرسول الكريم ليس فيهم من هو معصوم بوحي حتى يعطى العزيمة أو الفيتو ليفرض رأيه أو إرادَته على الجميع وإنما هو مأمور بالشورى والالتزام بنتيجتها ولا تكون هذه الالزامية إلا بالأغلبية إذآ المستشارين متساوون لكل صوت واحد أو نفس العدد من الأصوات وليس لأحدهم أو. بعضهم أصوات أعلى أو أكثر من الآخرين. وهكذا فإن الشورى العامة تكون بالاقتراع والقرار بالأغلبية نعم القرار لأنه ملزم وهو ما يسمى اليوم بالإنتخاب أو ديمقراطية الاختيار ويفترض أن يأتي كل ولي أمر عبرها وبالتالي كل ولي أمر لا يختار برضا الأغلبية فهو ليس ولي أمر بالمعنى الديني ولا السياسي وبالتالي لا تلزم طاعته. فإلزامية الطاعة في شورى النبي تعود لعصمته بالوحي أما الزامية طاعة ولي الأمر من عامة المسلمين تعود إلى رضاهم باختياره، فلا يعقل أن تختار شخصا وليا للأمر ثم لا تطيعه فيما يأمر طالما لم تعزله ذات الأغلبية لأي سبب من الأسباب.
طاعة ولي الأمر وردت في القرآن والسنة ولكن من هو ولي الأمر الذي تجب طاعته؟؟؟ وهذا يلزم بيان نظام الحكم الذي تلزم فيه طاعة ولي الأمر. بما أن نظام الحكم في الإسلام هو الحكم الشوري فمعنى هذا أن يتم اختيار ولي الأمر شوريا. ولا نقصد بالشورى كما فهمها علماء السلاطين أو بالأحرى استخرجوا شروطها ليس من الكتاب والسنة وإنما من ممارسات أولياء أمورهم من السلاطين الذين حكموهم ولم يختاروهم ابتداء بالشورى. فالخلافة الأولى جاءت بالمبايعة على أسس قبلية وعرقية وجهوية خلافا للنصوص القرآنية والروح الإسلامية التي تتنافي مع هذه الأسس الجاهلية. فالقرآن نص على نوعين من الشورى، شورى النبي الرسول المعصوم كولي أمر وهي شورى غير ملزمة له لأنه معصوم لم يزل يتنزل عليه الوحي إلى أن أتم رسالته وأكمل الدين ولا زال وليا للأمر. فشورى الرسول الكريم ولي الأمر غير ملزمة له بنص الكتاب بالآية ١٥٩ آل عمران “فإذا عزمت فتوكل على الله” وهي شورى خارج أمور الدين لأن تبليغ الدين وتطبيقه منوط به وحده كواجب رسالي مأمور به. وأما في أمور الدنيا من ساس يسوس، ومع أنه مأمور بمشاورة اتباعه لاستئناسهم إلا أنه لم يكن ملزما بهذه المشاورة من أصلها أو من حيث الالتزام بنتيجتها إذا طلبها. والحكمة في ذلك في هذه الآية واضحة. وهي أنه صلى الله عليه وسلم نبي ورسول معصوم ينزل عليه الوحي في كافة الأمور الدينية الرسالية والدنيوية المتعلقة بسياسة المصالح العامة وشؤون الحياة من معاش وحرب وسلم الخ، وربما ينزل عليه الوحي بغير ما قدمت له مشورة، لذا فهو ليس ملزما بمشورة احد ابتداءا ولا باتباع رأي أحد طالما ظل معصوما بالوحي وهو ولي الأمر ورأس الدولة بعد تأسيسها بناء على هذه الشورى غير الملزمة. أما النوع الثاني من الشورى فهى شورى عامة المسلمين من بعده وهي الشورى الملزمة لأن الكتاب لم يمنح فيها عزيمة لأحد من عامة ولاة المسلمين من بعده خلفاء راشدون أو غير راشدين كانوا، وملوك أو سلاطين إلخ، وإنما نص في سورة الشورى الآية ٣٨ على أن: “وأمرهم شورى بينهم ” فالجميع سواسية بعد الرسول الكريم ليس فيهم من هو معصوم بوحي حتى يعطى العزيمة أو حق الفيتو ليفرض رأيه أو إرادَته على الجميع وإنما هو مأمور بالشورى والالتزام بنتيجتها ولا تكون هذه الالزامية إلا بالأغلبية إذآ المستشارون متساوون لكل واحد صوت واحد أو نفس العدد من الأصوات وليس لأحدهم أو بعضهم أصوات أعلى أو أكثر من الآخرين. وهكذا فإن الشورى العامة تكون بالاقتراع والقرار بالأغلبية، نعم القرار وليس المشورة لأنه ملزم وهو ما يسمى اليوم بالإنتخاب أو الاستفتاء أو ديمقراطية الاختيار ويفترض أن يأتي كل ولي أمر عبرها وبالتالي فكل ولي أمر لا يختار برضا الأغلبية فهو ليس ولي أمر بالمعنى الديني والسياسي وبالتالي لا تلزم طاعته. فإلزامية طاعة ولي الأمر الرسول في شورى وعزيمة النبي تعود لعصمته بالوحي أما الزامية طاعة ولي الأمر من عامة المسلمين تعود إلى رضاهم باختياره، فلا يعقل أن تختار شخصا وليا للأمر ثم لا تطيعه فيما يأمر طالما لم تعزله ذات الأغلبية لأي سبب من الأسباب.
😎 امك النقر عامل غمران و كاني به لا يدري ان قبيلة الكيزان لا تعترف باي دستور يخرج من قواعد الشرع الإسلامي 😳
ا….. مقال ناري لسيد القمني
الإخوان والسلفيون والحركات الجهادية المسلحة والمتقية باللسان واالمشتغلون بالدعوة بمختلف جماعاتهم ومعهم ..للعجب ..الأزهر ودار الإفتاء المصرية ،هي تسميات مختلفة لأيديولوجيا واحدة فهم جميعا داخل نفس الجبة منطلقا وأهدافاً وإن اختلفت الأساليب . كلهم يؤكدون أن أي مساس بالمادة الثانية بالدستور سيحول شوارع مصر إلى بحور من الدم !!! بتهديد صريح لا يكن ولا يخجل ولا يخاف ولا يهتز بل يجاهر بالمذابح الجماعية إذا نحن خالفنا رأيهم في مادة دستورية ؟ .. فتراهم ماذا هم فاعلون بنا إذا تمكنوا ؟ن الإصرار الدامي على المادة الثانية بل وتفعيلها عند التمكين هو إعلان الجميع ، وقد أوضح قطبهم المرعب سعد الكتاتني أن العمل بنظام الحدود لتفعيل الشريعة سيتم مستقبلا ( انظر مدى ثقتهم في قرب اعتلاء ظهورنا ) .
السؤال الأول هنا والذي لم يجيبونا عليه ولو مرة واحدة للتوضيح ، هو سؤال أساسي وجوهري وحاسم بشأن طلبات الإخوان بدولة إسلامية ، أو كما يحبون أن يخدعوننا بدولة ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية ، هل يوجد في دين الإسلام مفهوم الدولة بما نفهمة اليوم من دلالات، قد ورد في القرآن أو الحديث ؟ وهل وضع الإسلام نظاما للحكم يفرض على المسلمين اتباعة ؟ أى هل توجد دولة ونظام حكم وإدارة واضحين بدستور دقيق المعاني يحدد شكل الدولة الإسلامية ونظام الحكم فيها وطرق تبادل السلطة وفق قواعد سماوية محددة قاطعة ؟حتى نتبعها ونحن غير آثمين في حق الدين وقبله في حق الناس؟ الواضح حتى الآن أنه ليس هناك نظام حكم قد أنزله الله على نبيه الكريم ( ص ) ، وبأدلة من تاريخ الدعوة والخلافة الراشدة ، فالنبي الكريم حكم حكما مطالقاً ثيوقراطيا وجمع بيديه كل السلطات دينية ودنيوية ، ومن بعده تولى الخلفاء الراشدون الهداة المهديون ، كل منهم بطريقة تختلف عن الآخر، سواء في طريقة تولي الحكم ، أو في أسلوب وطريقة كل منهم في الحكم . ابو بكر تولاها بتأويل تكليف النبي إياه لإمامة الصلاة والنبي في مرضه الأخير ، وعمر تولاها بطريقة مختلفة بالكلية فجاء وفق توصية مكتوبة بأمر أبي بكر لعثمان بكتابتها ، باختياره عمر بن الخطاب للخلافة ، واخترع عمر طريقة جديدة تماما فقد اختار ست صحابة وشكل منهم لجنه يختارون فيها واحدا منهم ، وأن يكون الحكم القاضي بينهم هو عبدالله بن عمر ، وانتهى الأمر لعثمان بن عفان الذي اخذ لنفسه ولأهل بيته ولأقربائه من بيت المال وخصهم بالنعمة ، فثار عليه الصحابة وأبناء الصحابة وقتلوه لأنهم لم ينالوا نصيبا مناسبا من خيرات البلاد المفتوحة، وعلي بن أبي طالب تولاها بحكم قرابته للنبي في زمن فتن انتهت بمقتله هو وكل آل البيت النبوي حتى اطفالهم الرضع ، وتولاها معاوية زعيم البيت الأموي بالخديعة وبمكر سوقي مكشوف ، مدعوما بالقوة والشوكة والغلبة القتالية ، وتولاها ولده يزيد في حياة أبيه بعد إخماد ثورة الصحابة بمدينة رسول الله ، عندما طلب من أهل المدينة المهزومة البيعة لنفسه ولولده يزيد من بعده في جلسة واحدة ، عندما أعلن خير الخطباء قوله بالمسجد النبوي : ” الخلافة لهذا وأشار إلى معاوية ، فإن هلك فلهذا وأشار إلى يزيد ، ولمن أبى فهذا وأشار إلى سيفه ” .وبعدها تحولت الخلافة إلى ملك عضود لم يسر وفق نظام واحد معروف كما في ممالك ذلك الزمان ، إنما كان يتم تداول السلطة بتسمية الخليفة القائم لخلفه القادم ، ومعظم الأحيان كان يتم تداول السلطة بالسم او بالخنجر او بالسيف او بالصلب او بالحرق ،واستلام القاتل لكرسي الخلافة ، لذلك فإن معظم من حكمنا عبر تاريخ الخلافة المجيد هم مجرمون وقتلة .
السؤال هنا للسادة تجار الإسلام في زماننا : أي نظام سيتبعون في تداول السلطة ؟ طريقة أبي بكر أم طريقة عمر أم طريقة عثمان أم طريقة علي أم طريقة معاوية أم يزيد أم هو الملك العضود أم طريقة النبي نفسة في الحكم المطلق ؟وكلهم نماذج اسلامية عظيمة وكريمة فهم نبي الأمة (ص) ومعه النجوم من الصحابة بأيهم اقتدينا اهتدينا ، ثم التابعين وتابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين
إذا قلتم بهذه الطرائق سنعتبركم مخلصين للإسلام و غير انتهازيين، لكننا لن نقبل اليوم بهذه الطرائق في حكمنا، و إن قلتم بديمقراطية و صندوق انتخابات ستكونوا منكرين بل و محاربين لشريعتكم التي تتمسكون بها ، و تصبحون من المرتدين و تستحقون تطبيق الحد عليكم، لقبولكم بثقافة الكفرة الفجرة، و استبعادكم أصول نظام الحكم في الإسلام ، و الواضح حتى الاّن فيما تُعلنون أن كل رموز الإسلام الأوائل خارج نطاق اختياراتكم اليوم، فلماذا إذن إعلان التمسك بالشريعة و إلا حولتم شوارع مصر إلى بحور دماء؟
و لو فرضنا جدلا إلتفافكم حول أحد الطرق التي سلكها الراشدون المهديون ، فإن اخترتم أبا بكر فإننا لن ننسى أنه أمر بقتل المعارضين له من المسلمين الذين اعترضوا على خلافته لعدم حضورهم ترشيحه و بيعته، و امتنعوا عن أداء الزكاة إعلانا لهذا الاعتراض، و عليه فإن طريقة أبي بكر لن تشعرنا بالأمان لأننا إن اعترضنا قمتم بتحريقنا و إلقائنا من شواهق الجبال و تنكيسنا في الاّبار و سمل عيوننا و تقطيع أطرافنا من خلاف. و إن اخترتم طريقة عٌمر فهي أيضا مليئة بالعوار، فقد اتخذ قراراته بشكل فردي دون مشورة ، ففرض على من شاء الإقامة الجبرية، و أمر بنزح خيرات البلاد المفتوحة إلى عاصمته، و ضرب بدرتة طلاب العلم، ، و أدمى رؤوس طلبة العلم ممن ناقشوا أو بحثوا في المحكم و المتشابه مثل صبيغ، و هو مالا يلائم زماننا و عصرنا الذي يقوم على العلم والمعرفة والشك والنقد وعدم وجود حقائق مطلقة ،أم سيقع اختياركم على عثمان الذي تصرف في بيت مال المسلمين على هواه و أخذ منه ما شاء و وزعه على أهله و زوجاته و جواريه ، و ضرب الصحابة المعترضين و كسر ضلوعهم و أصابهم بالفتق مثل ابن مسعود و نفى غيرهم مثل أبى ذر، حتى اجتمع عليه الصحابة و أبناؤهم و قتلوه، لأنه رفض التنازل عن الخلافة لأنه قميص ألبسه له الله و ليس الرعية، ثم دفنوه في حش كوكب في مقابر اليهود.أم ستختارون طريقة معاوية بالبيعة بالسيف؟ و هو وولده يزيد من فتكا بمدينة رسول الله (ص) و هدما الكعبة و حرقاها بالمنجنيق و استباحوا زوجات و بنات الصحابة رضي الله عنهم في واقعة الحرة المخزية حتى حملت فيها ألف عذراء من سفاح ؟ من سيكون نموذجكم للحكم بين هؤلاء حتى نطمئن لكم؟
ثم كيف سيتم اختياركم لأحد هذه الطرائق في الحكم و ماذا سيكون المعيار؟ الحل الإسلامي يقول أن عليهم عندما يستشكل الأمر بصلاة الاستخارة، و انتظار النتيجة التي ستأتيهم في المنام، هل يكون الحكم على طريقة أحد الخلفاء أم على الطريقة الشيوعية، أو الجمهورية الرئاسية أو البرلمانية، أو ان ندعو الأمريكان لبلادنا من عدمه، أو إعادة مبارك و نظامه أو البحث عن مبارك بديل، كلها احتمالات موجودة لن تحسمها سوى الاستخارة و انتظار الجواب في المنام !!
أم أنكم تتحدثون بلغة الحداثة و علماء السياسة و الاجتماع في بلاد الطاغوت مع الإصرار على تعوير الدستور المدني بمادة دينية غير دستورية، و بعد التمكين يكون لكل مقام مقال؟ يعني هل ستطبقون حدود القطع و السًلخ و الجلد و الرجم عند التمكين؟ أم أن الغرض الوصول إلى الحكم فقط دون تحكيم الشريعة كما فعل فرعكم (حماس) في غزة، فلم نراه رجم و لا قطع و لا سمل المخالفين للشريعة، فعلها فقط مع المعارضين، كل ما في الأمر أن التنفيذ تم بأسلوب حديث ، فبدل التنكيس في الاّبار و الإلقاء من شواهق الجبال، ألقوهم من فوق العمارات، و بدلا من الرجم و القطع، تم قتلهم بالرشاشات مع بعض الذبح هنا و هناك تأسيا بالصحابة ، و تفعيلا للسيف التاريخي المهند.
مثل مصري شهير يقول :” قالوا لجحا الجمل طلع النخلة، قال : اّدي الجمل و اّدي النخلة”. بمعنى تعالوا نتثبت من طلوع الجمل للنخلة، أي كيف ستحكموننا؟ و هل تملكون مؤهلات هذا الحكم؟ هل معكم رخصة و خريطة مبرمجة تقود الجمل لصعود النخلة؟
كي تصعد نخلة الحكم اليوم لن يصلح لك الجمل، لابد أولا أن تكون عالما بتاريخ العالم قديمه و حديثه و لو معرفة عامة غير متخصصة ، لكن بالضرورة لابد أن تكون عارفا بالفلسفة التي تقف وراء أنظمة الحكم الديمقراطية الحديثة التي ستشاركون فيها بحزبكم المزمع إعلانه. و لكن ما نراه حتى اليوم في خطابكم لا يشير إلى أدنى معرفة بهذه الفلسفة و لا أسس العقد الاجتماعي و بُعده السياسي و الاقتصادي القائمين على الصالح العام لكل أفراد المجتمع مع الحريات الفردانية التامة. خطابكم يشير إلى أنكم غير مؤهلين حتى للمشاركة الحزبية، لأن النظام الحر الحديث الديمقراطي في العالم كله لم يقم على دين من الأديان و لم يكن دينا بعينه هو الحل ، إنما هو نتاج جهد فلاسفة عصر النهضة الذين صنعوا القيم الحقوقية الحديثة و التي تتصادم بالكلية مع قيمكم التي ترفضون التنازل عنها، و هو ما يعني بالضرورة عدم حدوث أي تقدم بل ما سيحدث هو العكس، العودة إلى زمن البعير و السيف و البيداء. إن فلاسفة النهضة هم من أسسوا لكرامة الإنسان بتدقيق واضح لا يحتمل أكثر من تفسير و لا يحتاج لشروح و تأويل، الحريات القائمة على المساواة التامة بين المواطنين و الحقوق المكفولة للجميع على التساوي.
كي تدخلوا هذه اللعبة السياسية. عليكم أولا أن تثبتوا معرفتكم بالذين صنعوا القرن الحادي و العشرين منذ عصر النهضة إلى اليوم، و هو ما لا نلمح له و لو ظل في خطابكم الذي لا يقل كوميديا سوداء عن خطابات القذافي. و الحرية في المفاهيم الحديثة لا تعني حريتنا داخل طائفة بعينها، إنما هي حرية المختلف معنا قبل حريتنا، حرية أن تفكر و أن تشك و أن تنقد أي مسلمات دون أي خطوط حمراء أو صفراء، لابد أن تتعلموا مفاهيم العصر و لغته حتى تتمكنوا من إنشاء ديالوج سياسي مع بقية الفرق السياسية في المجتمع.
أما إذا أصررتم على المادة الثانية بالدستور فلابد أن تثبتوا للناس أولا تمسككم بالشريعة الغراء و مبادئها ، و هو بدوره غير واضح في خطابكم حتى الاّن.
إن قولكم إن المادة الثانية فوق دستورية يعني أنها المنبع الأول لما يليها من مواد،و أنها المرشد و الهادي للدستور المأمول، فهلا وضعتم هذه المواد المترتبة على المادة الثانية في شكل دستور واضح تقدمونه للناس، بدلا عن تضارب بقية مواد الدستورالمدني المُرقع الحالي والمهلهل مع هذه المادة الفوق دستورية ؟ إذا أصررتم على هذه المادة لابد أن تضعوا دستورا يتفق معها و لا يخالفها، لأن بقية مواد الدستور المُعدل تختلف اختلافا بيٍنا و في حالة طلاق بائن بالثلاثة مع هذه المادة الفوق دستورية. فإن كنتم عاجزين عن وضع المواد المترتبة على المادة الثانية فدعوني أضع لكم هذه المواد الدستورية مع الالتزام الدقيق بمتطلبات هذه المادة بحيث تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع فعلا و ليس قولا، و لا أبتغي منكم جزاء و لا شكورا ، إنما فقط سأخلص القصد والسعي في صياغة مواد دستورية تتفق مع الشريعة الإسلامية و لا تخالفها، و قبل وضع هذه المواد لابد أن نتفق أولا على المعنى بأن ” الإسلام دين الدولة ” بعبارات دقيقة واضحة محددة المعنى، و حسب خطابكم و أدبياتكم فإن المقصود بهذا الإسلام هو الإسلام السُني دون غيره ، و على المذهب الحنبلي دون غيره، و على الطريقة الوهابية دون غيرها. إن تدقيق المعاني المقصودة يرفع اللبس و يمنع الاختلاف عند التطبيق.
إذا تعالوا نمكنكم من ركوب مصر و نعرض عليكم دستورا يتفق مع مطالبكم الشرعية استنادا للشريعة و للفقه الحنبلي و التاريخ الإسلامي، لتبدوا فيه الرأي هل توافقون على هذا الدستور الشرعي المخلص للشريعة؟ و هل هو صالح للتطبيق أم لا؟ في حوار ديمقراطي حر؟
بالضرورة الابتدائية التأسيسية لابد من إعادة هيكلة المجتمع المصري كله حسب الدستور الإسلامي، و هو ما يستتبع أولا سيادة العرب بداية و قبل أي قول، استنادا لأحاديث سيد الخلق (ص) ، أما الخليفة فلا يكون مجرد عربي إنما يجب أن يكون من قريش تحديدا حسب الحديث البكري الواضح (الخلافة في قريش) . أما بقية السادة العرب فستُناط بهم مهام الولاة و القضاة و المحتسبين و رؤساء الدواوين و قادة الجيوش ..الخ. كما يُستحسن أن يكون الولاة من قريش بدورهم فقد كان كل الولاة من الصحابة من قريش. هنا ستواجهنا مشكلة العثور على قرشي مصري لحكم البلاد و من ثم لابد من استيراده من جزيرة العرب، و هو أقرب من حاكم ماليزي أو إندونيسي كما طالب مرشدكم السابق مهدي عاكف، كما أنه من موطن الإسلام الأول و مكان المبعث الدعوي.
و لنبدأ بعرض مواد هذا الدستور الشرعي:
مادة(1):مصر إمارة إسلامية تصبح ولاية عند قيام الخلافة المرتقبة ، وهي ليست مستقلة ولا ذات سيادة لتعارض ذلك مع تبعيتها لسيادة الخليفة المنتظر ، فرج الله كربه وأظهره على العالمين .
مادة(2): لغتها هي العربية و دينها هو الإسلام على المذهب السني الحنبلي الوهابي.
مادة(3): تقوم فلسفة الدولة و ركائزها على أدبيات الإخوان و السلفيين و على رأسهم القطبين الذين قضوا بأن الحاكمية لا تكون إلا لله، و هم من يمثل الله في الأرض لإقامة هذه الحاكمية.
مادة(4): مصادر التشريع للإمارة المصرية هي كتاب الله و سنة رسوله على فقه بن تيمية و مذهب بن عبد الوهاب، و يلجأ في تفسيرها إلى كتاب ظلال القراّن لسيد قطب.إضافة إلى سنة الخلفاء الراشدين الهداة المهديين و تابعيهم و تابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين، إضافة إلى أصح كتب الفقه وهي المقررة أزهريا على المذاهب الأربعة.
مادة(5):أن يستند قانون العقوبات إلى العقوبات الجسدية المقررة بالشريعة، و لا يجوز التوقيع على أي بروتوكولات دولية لا تٌقر هذه العقوبات، و الحر بالحر و العبد بالعبد و الأنثى بالأنثى و العين بالعين و السن بالسن ، لأن العقوبات البدنية لا تهدف إلى تعديل سلوك مجرم لن يعتدل كما يظنون في بلاد الطاغوت، إنما هي عقوبات تقصد الانتقام و التشفي، إن كتاب الجنايات بالفقه الحنبلي الأزهري يٌقرر لاستيفاء القصاص شروط، ” أحدهما كون مٌستحفه مكلفا، صبيا أو مجنونا لم يستوفه، ، لأن القصاص مثبت لما فيه من التشفي و الانتقام و لا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره ، و يٌحبس الجاني صغير السن إلى البلوغ فيستحقه،و مع الجنون إلى الإفاقة فيستحقه”.
مادة(6):إلغاء العمل بنظام الأحزاب لأن الإسلام ليس فيه غير حزبين فقط، حزب الله و حزب الشيطان، و إن حزب الله هم الغالبون، و لأنه ليس في الإسلام معارضة تقام لها أحزاب ، لاننا 73 فرقة، واحدة هي الناجية الحاكمة و بقية الفرق هلكى أو تحت الهلاك في حال المعارضة، فالتشريع يقوم على إجماع المسلمين لا على أكثرية و أقلية و لا حكومة و معارضة، ولأن هذا الإجماع ليس له اّليات و مجلس يعبر عنه ، فقد عبر عنه طوال تاريخنا من كان هو الأقوى و الأكثر جندا وخيولا وسيوفا ونفيرا.و لا يجوز الخروج على الحاكم في الإمارة الإسلامية ، فحسب الفقه الحنبلي الأزهري:”إذا خرج قوم لهم شوكة و منعة على الإمام بتأويل سائغ فهم بغاة ظلمه، فإن كانوا جمعا يسيرا لا شوكة لهم و لم يخرجوا بتأويل فقطاع طريق ” .
مادة(7):يقوم رأس النظام على الشوكة و الغلبة ثم أخذ البيعة من الرعية إذعانا، و من يتقاعس عن البيعة تٌقطع عنقه ، و لأن الإجماع أساس متفق عليه حرصا على وحدة الأمة و عدم تمزقها بين أحزاب الفتن فلها إله واحد و رسول واحد و حاكم واحد و حزب واحد.
مادة (8):جنسية الرعية هي الإسلام، و لا يوجد شئ إسمه الوطن أو الانتماء الوطني فالمواطن مواطن في دين الإسلام الذي ليس له جغرافيا محددة ، فالوطنية الجغرافية أفكار واردة من الغرب الكافر بغرض هدم أمة المسلمين ، و الولاء للإسلام و ليس للوطن الجغرافي و التبروء من المصرية لأنها شعوبية و كفر، و لا يجوز للمسلم الحصول على جنسية أخرى غير الإسلام و إلا وقع عليه حد الردة .
مادة(9): لا يتساوى المسلمون في الإمارة المصرية الإسلامية ( تسمى مصرية مؤقتا على كراهة ومضض ، حتى يأتي الله بأمره ) فهناك السيد و هناك العبد و هناك الأنثى و هناك المولى و هناك الذمي و هناك الأعجمي وهناك العربي و لكل حقوق وواجبات تختلف عن الاّخر . و هو النظام الذي عمل به النبي و الخلفاء الراشدون. فلا يتساوى الناس بل يتم التمييز بينهم بسبب الأصل و اللغة و الدين و العقيدة و الجنس فليس المسلم كالذمي، و ليس الذكر كالأنثى ،و ليس الحٌر كالعبد، و تختلف الحدود القانونية والحقوق والواجبات باختلاف هذه الطبقات.
مادة(10): تطبيق شروط الوثيقة العٌمًرٍية على غير المسلمين من الذميين، مع قتل غير الذميين كالبهائيين و القاديانيين و البهرة و العلمانيين و******* و من لف لفهم، و إن أهم بنود هذه الوثيقة التاريخية هي تمييز أهل الذمة بعلامات واضحة يٌعرفون بها إذا ساروا في الشوارع و الأسواق، و بنودها كما في الوثيقة بشرح ابن قيم الجوزيه هي جز مقادم رؤوسهم، و شد الزنار على أوساطهم، و عدم لبس الأبيض لأنه ملبس السادة العرب، و ألا يعلو بُنيانهم عن بُنيان المسلمين، و ألا يُظهروا صُلبانهم أو خنازيرهم أو احتفالاتهم، و لا يدقون بالنواقيس إلا خفيفا ، و لايرفعوا أصواتهم على أمواتهم، وليس لهم ركوب الخيل لأنه مركب شريف ، ولهم ركوب ما دون ذلك من حمير و بغال، و لا يستخدمون السروج إنما يركبون على الأكف (الخشن من الليف) و ينزلوا عن ركائبهم إذا مروا بالمسلمين، و أن يدفعوا الجزية بصغار و مذلة “أي وهم أذلاء مقهورينالطبري، شرح الاّيات ” ، و يُطال وقوفهم أمام المحتسب..الى آخر ما جاء من بنود تلك الوثيقة العظيمة المفخرة في تاريخنا الإسلامي المجيد ، و دفع الجزية إجباري، فهو ليس مقابل حمايتهم و الدفاع عن الحدود دونهم فهذه أقوال مرسلة وليست هي الأساس، فقد اتفقت الشافعية و الحنابلة على أن وجوب الجزية هو بديل عن قتلهم و تركهم يُقيمون في ديار الإسلام، و قالت الحنفية أن الجزية وجبت بدلا من قتلهم، و بدلا عن نصرتهم لدار الإسلام، و برر الحنفية ذلك ” أن أبدانهم لا تصلح لهذه النصرة، لأن الظاهر أنهم يميلون إلى أهل الدار المعادية لاتحادهم في الاعتقادأحكام الذميين و المستأمنين في دار الإسلام للدكتور زيدان ص 120″ . كذلك العمل مكفول لأهل الذمة عدا الوظائف ذات القرار “التي لا تبتغي أن تكون له سلطة على المسلمين ، قال تعالى : و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاأحكام الكافرين في الشريعة الإسلاميةد.جبر محمود الفضيلات ص 62″. و للموت أحكام في الحقوق و الدرجات ” فيُحرًم أن يُغسًل مسلم كافرا أو أن يحمله و يدفنه أو يتبع جنازته و تحرًم تعزية الكافرروض المربع 122،131″ ، وماعدا ذلك فإن لهم ما لنا و عليهم ما علينا
( كلهم يؤكدون أن أي مساس بالمادة الثانية بالدستور سيحول شوارع مصر إلى بحور من الدم !!! )
تعليق : انت قايلنا مصريين ايها الحيران ؟ مع احترامنا لكل الشعوب ! و لكن ليس من العقل و لا الذوق ان تأتي في موقع سوداني لتناقش الدستور المصري او التشادي !!!
احترم نفسك اولا و فكر بعقل ايها الحيران
😎 هل انت ضد او مع تطبيق الشريعة الإسلامية يا مفتح ؟ 😳