مقالات وآراء

صراع الهوية والتهميش في السودان : البني عامر

محمد حامد 
منذ نيل السودان استقلاله ، واجهت قبيلة البني عامر سلسلة من التحديات بسبب سياسات الأنظمة المتعاقبة التي استندت إلى رواسب استعمارية ، مما أدى إلى شكوك حول انتمائهم الوطني وتصنيفهم في كثير من الأحيان كـ “غير سودانيين”. الاستبعاد الممنهج الذي تعرضوا له لم يقتصر فقط على الإقصاء من فرص التمثيل الحكومي ، بل امتد ليشمل التهميش الاجتماعي والثقافي.

مؤخرًا ، أدلى اللواء المتقاعد بدر الدين عبد الحكم بتصريحات تفيض بالبغض العنصري ، معيدًا إلى الأذهان ظلال التهميش والاستبعاد السابقين. وصف بشكل فج شخصيات بارزة من البني عامر ، بما في ذلك الوزير السابق إبراهيم محمود ، بأنهم “غير سودانيين”. شكك في ولائهم ودعا إلى سحب الجنسية من هذا المكون الاجتماعي ، مصنفًا إياهم كـ”لاجئين”. وحذر من تجنيدهم في صفوف المستنفرين ، مدعيًا أنهم يشكلون خطرًا يهدد الأمن القومي. الأسوأ من ذلك ، أن هذه التصريحات تمت عبر محطة رسمية حكومية ، إذاعة أم درمان ، واستخدمت فيها عبارات عنصرية تمثل خطرًا حقيقيًا على النسيج الاجتماعي الوطني.

الدعوة إلى سحب الجنسية السودانية من البني عامر وحرمانهم من الدفاع عن أراضيهم ليست فقط محاولة لإضعافهم ، بل تعد محاولة لمحو وجودهم. هذه النداءات لا تؤجج النزاعات فحسب ، بل تزيد من توترات المنطقة الملتهبة أصلاً ، وتطرح تساؤلات جدية حول الأجندات التي قد تخدمها هذه الرسائل الخطيرة

يأتي هذا التصريح كإضافة مؤسفة لمسلسل طويل من الفتن والتحريض. بدلاً من التركيز على التحديات الحقيقية التي تواجه السودان والتي تتمثل في تهديدات الميليشيات الغازية والتي تعبث بأمن واستقرار البلاد ، يختار اللواء تجديد الهجمات اللفظية على قبيلة تسعى فقط للعيش بسلام على أرضها.

لا يخفى على ذي بصيرة تعرض السودان لتحديات ، وخصوصًا شرق السودان ، كانت ولا تزال مسرحًا لتأثيرات خارجية تسعى لزعزعة استقراره عبر استغلال التنوع القبلي والعرقي. بالتدخلات الأجنبية، وبخاصة من قبل بعض الأجهزة المخابراتية ، تُمارس بشكل ممنهج من خلال تبني آراء ناشزة تُفضي إلى إثارة نعرات بين المكونات القبلية في الشرق ، محاولةً إشعال فتن بينها.

من الضروري التأكيد بحزم ، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ السودان ، على أن أرض البني عامر هي أرض أجدادهم والتي توارثوها منذ أمد التاريخ. على الرغم من أن المستعمر رسم الحدود وقسم تواصلهم الطبيعي عبر السودان وإريتريا ، فإن الحقيقة التي يجب أن تسود هي أن البني عامر جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوداني. المحاولات لمحو هويتهم أو تشويهها تعد هجومًا على تاريخ السودان وتنوعه. في هذه اللحظات الفارقة من تاريخنا ، يجب التأكيد بحزم على إدانة هذه التصريحات سواء من قبل منظمات المجتمع المدني ، والسياسيين ، ورفض الأصوات العنصرية. يجب أن نعمل جنبًا إلى جنب لبناء مستقبل يقوم على التعايش والتفاهم المتبادل ، حيث يجد كل مواطن مكانه في سودان يسوده السلام والاستقرار. إن الطريق إلى مستقبل مزدهر يمر عبر بوابة الوحدة والتضامن ، وليس من خلال الانقسام والفرقة. فلنختار طريق الوحدة والسلام ، فهو الطريق الوحيد لضمان مستقبل مزدهر لكل السودانيين.

‫4 تعليقات

  1. بصرف النظر عن من يمتلك الحقيقة، يظل المنطق الهادئ والخطاب الرصين الخالي من الخشونة والفرقعة الاعلامية هو الذي يلقي طريقه للعقول والقلوب ويترك اثرا ، المشكلة انو يستعاض بمثل هؤلاء الادباء بهوشة وغوغائين في مثل هذه القضايا . مهما كان الخلاف وهو مصنوع .. ايتانينا… هلينا.

    1. وبصرف النظر ن كل شيء من أعطى ها الحق وفوضه لإثارة موضوع كهذا في الاعلام ومن يخاطب به والبلد لا فيها حكومة ولا برلمان لطرح الموضوع عليه ليسمح بإثارته أو لا يسمح م ليبقبل مناقشته أم لا بحسب ما يقرره نيابة عن الأغلبية المنتخبة له؟؟؟
      أعوذ بالله الكل تفكيره وعقليته أحادية ودكتاتورية متنمرة وهو ما يرسخ لرفض الديمقراطية والاصرار على السير في درب الشمولية رغم أنف ثورة شعب بأجمعه لنبذ الشمولية ؟؟ دا مفروض يطبقوا فيه قانونهم الساري إا لم يفعل النائب الام ذلك فيضاف ذلك لمخازي اللجنة الأمنية وسيحاسبون عليه في أقرب ملف تحول إلى المدنية الديمقراطية

  2. وبصرف النظر ن كل شيء من أعطى ها الحق وفوضه لإثارة موضوع كهذا في الاعلام ومن يخاطب به والبلد لا فيها حكومة ولا برلمان لطرح الموضوع عليه ليسمح بإثارته أو لا يسمح م ليبقبل مناقشته أم لا بحسب ما يقرره نيابة عن الأغلبية المنتخبة له؟؟؟
    أعوذ بالله الكل تفكيره وعقليته أحادية ودكتاتورية متنمرة وهو ما يرسخ لرفض الديمقراطية والاصرار على السير في درب الشمولية رغم أنف ثورة شعب بأجمعه لنبذ الشمولية ؟؟ دا مفروض يطبقوا فيه قانونهم الساري إذا لم يفعل النائب العام ذلك فيضاف ذلك لمخازي اللجنة الأمنية وسيحاسبون عليها في أقرب ملف تحول إلى المدنية الديمقراطية

  3. أخطأ اللواء المذكور حيث زج باسم البني عامر وخلط بينه وبين اللاجئين الاريتريين لا أريد أن أتكلم عن اللاجئين بحكم انهم أصبحوا سودانيين بعد التجنيس صاروا مواطنين مثل غيرهم عوضا عن التصاهر الواسع قديما وحديثا
    المشكلة ليس في اللاجئين المشكلة في الدوله السودانيه الفاشله التي ليس لها دستور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..