مقالات وآراء سياسية

هل الفلاسفةُ موحّدون؟؟ [ 3 ]

حمزة محمد حمد
في هذا المقال استعرض رأي ابن تيمية وابن القيم الباحثين في تاريخ الفلسفة وكبار الفلاسفة القدماء منذ عهد سقراط وأفلاطون وإرسطو مرورًا بفلاسفة الإسلام.

▪︎موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من آراء الفلاسفة ومنهجه في عرضها إعداد : الدكتور صالح بن غرم الله الغامدي ، وهي رسالة دكتوراه نال بها درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى من كلية أصول الدين ، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالرياض ، حيث يذكر أن من أسباب اختياره للموضوع “أن من يسمون بفلاسفة الإسلام قد أدخلوا على الأمة شرًاعظيمًا ، بما انتحلوه من أفكار فلسفية ضالة، عملوا جهدهم في تقريبها من دين الإسلام ، لكي تُقبل في أوساط المسلمين ، وقد أبتلينا في هذا الزمان بمن يبرّر هذه الأفكار الفلسفية من بعض المنتسبين إلى الإسلام والمستشرقين وغيرهم ، على أنها تمثّل فكر الإسلام الحقيقي ومنهجه الواقعي” ، أما نتائج بحثه الأكاديمي! فكان منها :
(كان لشيخ الإسلام رحمه الله- اطلاع واسع على كتب الفلسفة ، ومعرفة دقيقة بآراء الفلاسفة متقدميهم والمتأخرين ، حتى إن خصومه منهم ، ومن غيرهم ، قد اعترفوا له بذلك ، فصاروا يرجعون إليه في بيان دقائق مذاهبهم ، وكشف خفايا أقوال أئمتهم) ويقول رحمه الله :((إرسطو لم يسلك مسالك الأساطين من الفلاسفة المتقدمين: كتاليس، وفيثاغورس ، وسقراط ، وأفلاطون ، فإن هؤلاء كانوا يقولون بحدوث العالم ، ويثبتون معاد الأبدان ، وكانوا يثبتون الصفات والأمور الاختيارية للباري عز وجل. أما إرسطو فكان مشركًا يعبد الأوثان ، وهو أول من قال من الفلاسفة بقدم العالم ، وسبب هذا الفرق بينه وبينهم هو أن أولئك المتقدمين كانوا يهاجرون إلى أرض الأنبياء بالشام ، ويتلقون عن لقمان الحكيم ، ومن بعده من أصحاب داود وسليمان ، وأن إرسطو لم يسافر إلى أرض الأنبياء ، ولم يكن عنده من العلم بآثار الأنبياء ما عند سلفه ، والفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام إنما نقلوا فلسفة أرسطو ، وبآرائه تأثروا ، فإنه كان معلمهم الأول)) هذا بعض ما جاء في هذه الرسالة التي نال بها صاحبها درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى.
نقلته بتصرف من كتاب : (الحكمة المصلوبة) مدخل إلى موقف ابن تيمية من الفلسفة/ سعود بن صالح السرحان .. تقديم الدكتور .. حسن حنفي.
▪︎ويوافقه تلميذه العلّامة ابن القيم الجوزية -رحمه الله- مفصّلًا ومبيّنًا الفروق الجوهرية بين الفلاسفة. يقول:((فنشأ فيهم سقراط أحد تلامذة فيثاغورس ، وكا من عبّادهم ومتألّهيهم ، وجاهرهم بمخالفتهم عبادة الأصنام ، وقابل رؤساءهم بالأدلة والحجج على بطلان عبادتها ، فثار عليه العامة ، واضطروا الملك إلى قتله ، فأودعه السجن ليكفّهم عنه، ثم لم يرضَ المشركون إلا بقتله ، فسقاه السم خوفًا من شرهم ، بعد مناظرات طويلة جرت له معهم. وكان مذهبه في الصفات قريبًا من مذهب أهل الإثبات، فقال : إنه إله كل شئ وخالقه ، ومقدّره ، وهو عزيز، أي منيع ، ممتنع أن يضام ، وحكيم ، أي محكم أفعاله على النظام.
وقال: إن علمه ، وقدرته ، ووجوده ، وحكمته ، بلا نهاية ، لا يبلغ العقل أن يصفها.
وقال: إن تناهيَ المخلوقات بحسب احتمال القوابل ، لا بحسب الحكمة والقدرة ، فلما كانت المادة لا تحتمل صورًا بلا نهاية تناهت الصورُ ، لا من جهة بخلٍ في الواهب ، بل لقصورٍ في المادة.
قال: وعن هذا اقتضت الحكمة الإلهية أنها وإن تناهت ذاتًا وصورةً وحيّزًا ومكانًا. إلا أنها لا تتناهى زمانًا في آخرها ، لا من نحو أولها فاقتضت الحكمةُ استبقاء الأشخاص باستبقاء الأنواع ، وذلك بتجدّد أمثالها ، ليحفظ الأشخاص ببقاء الأنواع. ويستبقي الأنواع بتجدّد الأشخاص. فلا تبلغ القدرة إلى حدّ النهاية ، ولا الحكمة تقف على غاية.
• ومن مذهبه: أن أخصّ ما يوصف به الرب سبحانه ، هو كونه حيًّا قيّومًا. لأن العلم ، والقدرة ، والجود ، والحكمة ، تندرج تحت كونه حيًّا قيّومًا ، فهما صفتان جامعتان للكل.
• وكان يقول : هو حيٌّ ناطقٌ من جوهره ، أي من ذاته وحياته ، ونطقنا وحياتنا لا من جوهرنا ، ولهذا يتطرّق إلى حياتنا ونطقنا العدم والدثور والفساد ، ولا يتطرّق ذلك إلى حياته ، ونطقه.
• وكلامه في المعاد والصفات والمبدأ أقرب إلى كلام الأنبياء من كلام غيره. وبالجملة ، فهو أقرب القوم إلى تصديق الرسل. ولهذا قتله قومه.
• وكان يقول: إذا أقبلت الحكمةُ خدمت الشهواتُ العقولَ ، وإذا أدبرت خدمت العقولُ الشهوات.
• وقال : لا تُكرِهوا أولادكم على آثاركم. فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم.
• وقال : ينبغي أن يُغْتَمَّ بالحياة ويُفرحَ بالموت. لأن الإنسان يحيا ليموت ، ثم يموت ليحيا.
• وقال : للحياة حدّانِ. أحدهما : الأمل، والآخر : الأجل. فبالأول بقاؤها ، وبالآخر فناؤها.
▪︎وكذلك أفلاطون. كان معروفًا بالتوحيد ، وإنكار عبادة الأصنام ، وإثبات حدوث العالم.
وكان تلميذ سقراط ، ولما هلك سقراط قام مقامه ، وجلس على كرسيه.
• وكان يقول : إن للعالم صانعًا مُحدِثًا، مُبدعًا أزليًّا ، واجبًا بذاته. عالمًا بجميع المعلومات.
• قال : وليس في الوجود رسم ولا طلل إلا ومثاله عند الباري تعالى.
يشير إلى وجود صور المعلومات في علمه. فهو مثبت للصفات ، وحدوث العالم، ومنكر لعبادة الأصنام ، ولكن لم يواجه قومه بالرد عليهم ، وعيب آلهتهم. فسكتوا عنه وكانوا يعرفون له فضله وعلمه.
وصرّح أفلاطون بحدوث العالم ، كما كان عليه الأساطين.
وحكى ذلك عنه تلميذه إرسطو. وخالفه فيه ، فزعم أنه قديم ، وتبعه على ذلك ملاحدة الفلاسفة ، من المنتسبين إلى الملل وغيرهم ، حتى انتهت النَّوْبة إلى أبي علي بن سينا ، فرامَ بجهده تقريب هذا الرأي من قول أهل الملل ، وهيهات اتفاق النقيضين ، واجتماع الضدّين.
فرسل الله تعالى وكتبه وأتباع الرسل في طرف. وهؤلاء القوم في طرف)). انتهى منقولًا من كتاب إغاثة اللهفان، ص (264- 266 ) ، فصل: {إفساد إرسطو المشرك للفلسفة وقوله بقدم العالم واتّباع المتأخرين له}.
• يتبع؛؛

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..