مقالات وآراء

أثر التغيرات المناخية علي الصحة والسلامة المهنية

بمناسبة اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية ٢٨ ابريل

د/ دفع الله عبد القادر مختار إسماعيل*

تحتفل منظمة العمل الدولية في 28 ابريل من كل عام باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية مع التركيز علي موضوع مناسب يتعلق بالصحة والسلامة المهنية , وسيركزموضوع هذا العام (ابريل 2024 ) علي استكشاف آثار تغيير المناخ علي السلامة والصحة المهنية علي حسب ما أوردت منظمة العمل الدولية ILO) ).

يعد تغير المناخ من أهم قضايا عصرنا وتحديًا يواجه الأجيال القادمة ووفقا لتقارير لمنظمة الصحة العالمية يعتبر تغير المناخ  “التحدي الصحي الأكبر في القرن الحادي والعشرين ويشكل تهديدات كبيرة للحياة والصحة والرفاهية” وإن لتغيير أنماط الطقس آثار ملحوظة علي عالم العمل وخاصة التأثير علي سلامة العمال وصحتهم.

والتغير المناخي يكون  من خلال ارتفاع درجات الحرارة المحيطة ، وتلوث الهواء الداخلي  والخارجي، والتعرض للأشعة فوق البنفسجية ، وتأثيرات الطقس الشديدة، وما إلى ذلك مما يؤدي إلى تأثيرات صحية متعددة  مثل اضطرابات الحرارة، والأمراض المنقولة بالنواقل والأمراض المنقولة بالمياه. والحوادث والسرطانات وخسائر الإنتاج وغيرها.

وفي أوائل التسعينيات تم تعريف تغير المناخ على أنه “تغير في المناخ يعزى بشكل مباشر أو غير مباشر إلى النشاط البشري الذي يغير تكوين الغلاف الجوي …

واعتمادا علي الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهي منظمة دولية تتبع الأمم المتحدة لتقييم العلوم المتعلقة بتغير المناخ، هناك تأثيرات فعلية على صحة الإنسان تتأثر بشكل مباشر بتغير المناخ (مثل الإجهاد الحراري والوفيات أو الإصابات الناجمة عن الفيضانات وحرائق الغابات والعواصف)، وتأثيرات بشكل غير مباشر من خلال التغيرات في مناطق ناقلات الأمراض (مثل البعوض)، ومسببات الأمراض المنقولة بالمياه، ونوعية المياه، ونوعية الهواء، وتوافر الغذاء وجودته.

ومن الملاحظ إن التغيرات التي يمكن أن يسببها المناخ تكون في شكل أحداث مناخية حادة و كوارث طبيعية تستمر لعدة أيام  مثل(الأعاصير وحرائق الغابات والفيضانات وموجات الحر قصيرة الأمد)، وأحداث اقل حدة تستمر لأشهر أو بضع سنوات مثل (الجفاف) وأحداث طويلة الأمد مثل ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستويات البحار.

وما يتعلق بالتأثيرات الصحية يشكل تغير المناخ مخاطر جسيمة على صحة الإنسان، مما يسبب الإصابات ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية وغير المعدية على حد سواء من خلال التأثير على أجهزة مختلفة في جسم الإنسان، بما في ذلك الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي المركزي.

وتشير دراسات الصحة والسلامة المهنية بشكل أساسي إلى نوبات ضربة الشمس والحوادث المهنية الناجمة عن درجات الحرارة القصوى,  ومعلوم إن تغير المناخ والصحة والسلامة المهنية موضوعان معقدان ومتعدد التخصصات، ويتطلبان خبرات مختلفة ومتكاملة حتي  يتم التعرف بدقة علي التأثيرات بينهما  , لكن الجدير بالذكر أن القطاعات الرئيسية التي تتأثر بشكل مباشر بتغير المناخ يمكن أن تكون هي قطاع الزراعة وصيد الأسماك والغابات بالإضافة  إلي جميع قطاعات الصناعة الأخرى.

ما يتعلق بالتأثيرات على العمال كشريحة من عامة السكان نجد من المرجح أن تؤدي تأثيرات تغير المناخ على الصحة والسلامة المهنية إلى زيادة انتشار وتوزيع وشدة التعرض للمخاطر المعروفة (فيزيائية ,كيميائية , بيلوجية , ميكانيكية ونفسية) وتؤدي إلى زيادة حالات الإصابة والوفيات والإصابات و بالإضافة إلى ذلك، قد تظهر مخاطر جديدة نتيجة لتفاعل المخاطر المعروفة مع الظروف المتغيرة.

هناك صعوبات في تحديد التأثير على صحة العمال  بدقة لأن الحالة الصحية للعمال لا تتأثر فقط بالعوامل المرتبطة بالعمل ولكن أيضًا بعوامل أخري مثل الحالة الوظيفية والدخل والحصول على الخدمات الصحية الخ…
لكن حددت المراجع والدراسات  عدة فئات من المخاطر المهنية المتعلقة بالمناخ وموضوعات إضافية متعلقة بالصحة والسلامة المهنية وبناءً على تلك المؤلفات العلمية المنشورة والتي تمت مراجعتها من قبل الخبراء تتلخص هذه  المخاطر في: زيادة درجات الحرارة المحيطة، تلوث الهواء، استنفاد الأوزون مما يؤدي إلى زيادة الأشعة فوق البنفسجية ، الطقس الحاد،  الأمراض المنقولة بنواقل الأمراض ،  المخاطر الناجمة عن التحولات الصناعية (إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، قضايا الصحة العقلية (القلق والتوتر وتعاطي المخدرات )، وأخيرا  العبء الاقتصادي وكل فئة تحتاج إلي شرح تفصيلي لا يمكن تناوله في هذه العجالة..

إذن من الرسائل المهمة في هذا اليوم تنبيه أصحاب المصالح Stakeholders في الصحة والسلامة المهنية (حكومات, أصحاب عمل ,عمال وخبراء الصحة والسلامة المهنية) إلي ضرورة التعاطي مع تغييرات المناخ وحماية العاملين وذلك من خلال فهم التهديدات التي يشكلها تغير المناخ على السلامة والصحة المهنية وذلك لتقييم المخاطر ومن ثم إدارتها بتكييف المعايير، وتعديل وتحسين ضوابط المخاطر بما في ذلك معدات الحماية الشخصية (PPE) ، وتطوير إجراءات التأقلم acclimatization ، وتطوير  البحث العلمي ، وتطوير إرشادات جديدة لإدارة المخاطر ، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر والمراقبة، والمزيد من التركيز على الوقاية من خلال التصميمات الهندسية .

كلية الصحة العامة – جامعة الإمام المهدي
[email protected]

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمه الله تعالي وبركاته بورك بك استاذ الاساتذه د.دفع الله ونفع بك الله وبعلمك البلد والعباد امين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..