
د. عثمان الوجيه
في مساء الاثنين الماضي ، هبط ظلامٌ ثقيلٌ على مدينة المفازة بولاية القضارف ، حاملًا معه فاجعةً هزّت أركان المدينة ، ففي ليلةٍ غامضة ، اقتحمت قوة أمنيةٌ مسلّحةٌ المدينة ، واعتقلت خمسة من أبنائها دون سابق إنذارٍ أو وجه حقّ ، وكان من بين المختطفين خالد عبد الله حمزة ، مدير مدرسة المفازة الأساسية ، رمزٌ من رموز التربية والتعليم في المدينة ولم يسلم هذا الرجل الطيب من بطش القوة الأمنية، فتعرض للتعذيب الوحشيّ ، من ركلٍ وصفعٍ وحلاقة شعرٍ وجلدٍ بالسياط ، ناهيك عن الشتائم المُقذعة التي انهالت عليه ولم يكن خالد وحيدًا في محنته ، فقد شاركه المعاناة محمود محجوب عبد القادر ، الذي تعرض هو الآخر للضرب والتعذيب دون رحمة ، كما طالت يد الظلم الفاتح يوسف حسين، وعبد المنعم إدريس الأمام مراقب مالي ، ومحمد عوض الكريم ضابط إداري، فتم اقتيادهم جميعًا إلى سجن الحواتة ، حيث قاسوا أشدّ أنواع العذاب ، يُقال أنّ سبب اعتقال هؤلاء الرجال هو منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ، التي طالبوا فيها بوقف الحرب الأهلية الدامية التي تُمزّق البلاد ، واعتبرت القوة الأمنية هذه المنشورات “تقليلًا من شأن القوات المسلحة”، فكان جزاء أصحابها هذا التعذيب الوحشيّ ، لم يقف الأمر عند حدّ اعتقال هؤلاء الرجال ، بل زاد الطين بلةً غياب أيّ إجراء قانونيٍّ ضدّهم ، فلم يتمّ فتح أيّ بلاغٍ في مواجهتهم ، ولم يُقدّموا لمحاكمة عادلة ، فقد أثار هذا الحادث استياءً عارمًا في أوساط أهالي المفازة، الذين عبّروا عن غضبهم من صمت السلطات وتواطؤها مع الظلم. فقد بات واضحًا أنّ لا أحد في مأمن من بطش هذه القوة الأمنية ، وأنّ أيّ صوتٍ معارضٍ يُمكن أن يُخنَق بسهولة ، قصة اعتقالات المفازة هي صرخةٌ في وجه الظلم والقهر ، ورسالةٌ مُدويةٌ تُنذر بخطرٍ داهمٍ يهدد الحريات والحقوق في السودان ، فإلى متى ستظلّ هذه الممارسات القمعية مُستمرّة؟ وإلى متى سيظلّ الشعب السوداني مُكبّلًا بقيد الخوف؟ إنّ الإجابة على هذه الأسئلة تقع على عاتق كلّ سودانيٍّ غيورٍ على وطنه ، مُصمّمٍ على نيل الحرية والكرامة.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- لفّح دخان الحرب سماء السودان لأكثر من عام ، حربٌ لئيمةٌ لم تُبقي على أخضرٍ ولا يابس ، حصدت أرواح الآلاف ، وشردت الملايين ، وخلّفت وراءها ندوبًا عميقة في جسد الوطن ، وفي خضمّ هذه المعمعة ، تعالت أصواتٌ تنادي بدمج المليشيات ، تلك الفصائل المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات المسلحة السودانية ضدّ مليشيا الدعم السريع المتمردة ، وبرز على رأس هذه الأصوات نائب قائد الجيش السوداني ، الفريق شمس الدين كباشي ، الذي دعا صراحةً إلى “ضبط السلاح خارج القانون”، ولكن ، لم تقتصر الأزمة على ساحة المعركة ، بل اتسعت لتشمل تصريحاتٍ سياسيةٍ مثيرة للجدل ، فخلال جولة تفقدية على الوحدات العسكرية في أم درمان أطلق مساعد قائد الجيش الآخر ، الفريق ياسر العطا ، سلسلة من التصريحات التي رسمت ملامح رؤية الجيش لما بعد الحرب ، وتضمنت هذه الرؤية تولّي الجيش السلطة لعدة سنوات ، مع تهميش القوى السياسية ، في إشارةٍ واضحةٍ إلى المكون المدني ، فقد أثارت هذه التصريحات موجةً من الاستياء والقلق في أوساط القوى المدنية ، التي اعتبرتها محاولةً من قبل الجيش للانقلاب على الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الإنقاذ البائد قبل خمسة سنوات وإزاء هذه التطورات ، يزداد السؤال إلحاحًا : هل تُدار هذه الحرب من أجل دمج المليشيات وتحقيق الأمن والاستقرار ، أم أنها صراعٌ على السلطة بين أطرافٍ متنازعة؟ إنّ الشعب السوداني ، الذي ذاق ويلات الحروب والصراعات الداخلية ، يتوقّف إلى سلامٍ عادلٍ ودائم ، يُعيد بناء الوطن ويُؤسس لمستقبلٍ واعدٍ بعيدًا عن شبح العنف والقمع ، فهل تُلبي هذه التصريحات والخطوات تطلعات الشعب أم أنها تُبشر بفصولٍ جديدةٍ من المعاناة؟ يبقى الجواب معلّقًا في مهبّ الريح ، بينما تظلّ آمال السودانيين معلّقةً بخيطٍ رفيعٍ من الأمل في غدٍ أفضل..
#اوقفوا – الحرب
#Stop-The-War
وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.
خروج:- صحف أمريكية تقاضي “أوبن أيه آي” و”مايكروسوفت” لسرقة محتوى إخباري، ففي معركة حاسمة لحقوق الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي ، رفعت ثماني صحف أمريكية عريقة دعوى قضائية ضد شركتي “أوبن أيه آي” و”مايكروسوفت”، وتتهم الدعوى الشركتين بـ “سرقة ملايين” المقالات الإخبارية المحمية بحقوق الطبع والنشر دون إذن ، وذلك لتدريب روبوتات الدردشة الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي طوروها ، وتضم قائمة المدعين صحفًا مرموقة مثل “نيويورك ديلي نيوز” و”شيكاغو تريبيون” و”دنفر بوست”، ويتهمون “أوبن أيه آي” و”مايكروسوفت” باستغلال جهودهم الصحفية الثمينة دون أي تعويض ، مستخدمين محتوى إخباريًا تم إنشاؤه بعناية ودقة لتغذية خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم ، ويؤكد البيان المكتوب للمحرر التنفيذي لمجموعة “ميديا نيوز آند تريبيون بابلشينغ”، فرانك باين، خطورة هذه الممارسات: “لقد أنفقنا مليارات الدولارات على جمع المعلومات ونشر الأخبار في منشوراتنا ، لا يمكننا السماح لـ أوبن أيه آي ومايكروسوفت بتوسيع قواعد اللعبة التي تمارسها شركات التكنولوجيا الكبرى لسرقة عملنا لبناء أعمالهم الخاصة على حسابنا”، وتنفي “مايكروسوفت” الاتهامات ، بينما تحاول “أوبن أيه آي” إظهار اهتمامها بدعم المؤسسات الإخبارية ، وتجادل شركات التكنولوجيا بأن استخدام مجموعات البيانات الضخمة من المحتوى المتاح مجانًا على الإنترنت لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي محمي بمبدأ “الاستخدام العادل” في قانون حقوق الطبع والنشر الأمريكي ، ومع ذلك يرى المدعون أن استخدام “أوبن أيه آي” و”مايكروسوفت” للمحتوى الإخباري يتجاوز بكثير مبدأ “الاستخدام العادل”، وتشير القضية إلى تحديات قانونية وأخلاقية معقدة تثار مع ازدياد قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي ، فمن ناحية ، تسعى شركات التكنولوجيا إلى تطوير تقنياتها المتقدمة ، ومن ناحية أخرى، تُطالب المؤسسات الإعلامية بحماية حقوقها الفكرية والحصول على تعويض عادل عن استخدام محتواها ، وتُعد هذه الدعوى القضائية سابقة هامة قد تُشكل معالم جديدة في مجال حقوق الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي ، وتبقى النتائج مفتوحة ، مع ترقب قرارات المحكمة ومستقبل العلاقة بين شركات التكنولوجيا والمؤسسات الإعلامية في ظل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي .. ولن أزيد،، والسلام
ختام.
