مقالات سياسية

(تجار) الحروب.. (وسماسرة) الإيجارات

نبض المجالس
هاشم عبد الفتاح

بمثل ما أن (للسلام) ، قادته ورموزه (ورسله) .. فإن للحروب أيضا تجارها (وجنرالاتها) ، فهناك بزنس، وسماسرة وضحايا هكذا هى اقدار الحروب في حياتنا ، خصوصاً حينما تغيب الحكمة ،وتموت الضمائر والأخلاق ،وتتلاشى (إنسانية) الإنسان.

بالأمس كناشعب (عفيف ونبيل ) ، كريم..سمح الاخلاق..أو هكذا ندعي ، واظن كنا نهتدي بسير (السلف) من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنصاره في مدينته المنورة في تعاملهم مع المهاجرين ما بين (الحب والايثار) رغم خصاصة الأشياء عندهم ، في ذلك الزمن .
نحن هنا لسنا، في مقام المقارنة والقياس بين هؤلاء (واؤليك) .. ولكننا بالطبع في مقام البحث عن قيم أصيلة تبدو وكأنها قد تبددت واندثرت ، وباتت من الإرث القديم وذلك حينما ننظر بعين المراقب ، (الموجوع), والمكتوي بنيران الحرب السودانية وهى ترمي بك ثقلها وتداعياتها ، واسقاطاتها على واقع المواطنين.

نزوح..وتشرد ..ولجؤ ، وانهيار إقتصادي وخدمي وتنموي ،ولكن وبكل أسف تبدت هذه الحرب بوجهها القبيح وبكل تفاصيل (القبح) ،فبرزت ثعالب الأسواق (تتبختر) ، فانتعشت تجارتها واستثماراتها تحت ( ظلال المدافع) ، كما نشطت حركة (سماسرة الإيجارات ), في العديد من المدن والقرى السودانية التي أصبحت ملاذاً آمنا لكل الذين فروا من جحيم ، ونيران الحرب وتركوا خلفهم كل ما (اكتنزوه) من متاع الدنيا من بيوت وعربات واثاثات وأموال تم نهبها بواسطة المليشيا المتمردة ، ولكنهم تفاجاؤا بأن هناك نيران ملتهبة أخرى ، تنتظرهم، في مسألة الإيجارات.

فباي منطق يا هؤلاء يرتفع سعر إيجار (غرفة صغيرة) ، بائسة ملحق بها حمام ومطبخ إلى اكثر من مليار جنيه في مدينة بورتسودان ..؟!! كمثال فقط ، فهناك الأدهى وأمر.

فكيف لهؤلاء الوافدين أو بالأحرى (النازحين) من مناطق الحرب أن يجدوا المأوى الذي يوفر لهم مطلوبات ومعينات السكن بحده الأدنى.. ؟!
ولهذا تتصاعد اصوات وشكاوى هؤلاء (النازحين) الباحثين عن بيوت تأويهم في ظل أسعار ملتهبة في سوق الإيجارات، وفي ظل ظروف اقتصادية قاسية ومرهقة وحرب (وجودية) دفعت شعبا بكامله إلى الغياهب والمتاهات ، يواجه (عواصف الزمان) والمكان بلا أدنى عتاد أو سلاح أو (قوت يوم ) .

ومع كل هذا (العنت) والضيق يشاهد السودانيين (الدولار أبو صلعة) يمارس هوايته المفضلة ، في القفز العالي ،كلاعب محترف في (السيرك العالمي) ،فيما يظل (جنيهنا أبو عمة) فيه السفح (كالعقاب الهرم ) يتغذى من فتات الأرض وذاك لأن سياساتنا الاقتصادية والنقدية لازالت (حبيسة الادراج) أو جالسة على الرصيف، وكأنها تستمتع بقفزات الدولار.

ويبدو واضحاً أنه كلما قفز هذا الدولار (قفزة واحدة) ،فان حركة البيع والشراء في أسواقنا تحاول (محاكاته) بقفزات (جنونية) في الأسعار . وبالنظر إلى قضية إرتفاع أسعار الإيجارات التي يكتوي بنيرانها الفارين من الحرب ، فإن من حق هؤلاء أن يجدوا السكن المناسب لهم ، ومن حق الدولة عليهم أن تضع شروط ومعايير لهذه الايجارات تراعى فيها ظروف الحرب وتداعياتها ، أما على الصعيد المجتمعي فإننا نحتاج إلى إحياء قيم (الايثار والتكافل) ، والتي شكلت طبائع مجتمع المسلمين في السنوات الأولى للهجرة النبوية .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..