مقالات وآراء

الهويات المتخفية : تأثير السرديات الدينية في الإنسان المعاصر : الغرب ‏نموذجا

د. محمد عبد الله الحسين

 

يجيء هذا الموضوع رداً على تساؤل حول كيف يقتل الناس بعضهم جراء ‏مرويات قبل آلاف السنين. تعليقا منه  على موضوع نقلته يتحدث عما ورد ‏في العهد القديم حول لماذا حوّل الله اسم أبرام إلى إبراهيم .. من هذا ‏الموضوع جاء ردا على تساؤل من أحد الإخوة الكرماء بقوله: (أليس ‏مدهشا أن يقتل الناس بعضهم بعضا بخلفية مرويات قبل آلاف السنين؟):‏
‏**********************‏

سبحان الله لم أكن أظن أن يكون نقلي للموضوع إياه إلا مجرد إستثارة ‏ذهنية مرجعية لموضوع قديم /متجدد .. بمعنى لم أكن أظن أن ‏الموضوع ‏سيسوقنا إلى إحالات عديدة ، ولكن الأجمل أنها إحالات شائقة .. وأنها كذلك ‏تربط في أذهاننا الحاضر ‏بالماضي وتلقي الضوء على هذا الإنسان ‏العجيب : بذهنه ، ذاكرته ، ونزوعه للماضي وللخير والشر ‏وللحب وللكُره ‏والتكتُّل ‏Clustering‏ وراء الهوية .. تلك الحية الماكرة ، المراوغة، القاتلة ‏أحيانا والتي تتخفى خلف ألف وجهٍ ووجه.‏
من ناحية أخرى تعمل الأيديولوجيا (المعتقد) يا عزيزي على تجميع أفكار ‏وتوجُّهات عواطف وسلوك الأفراد ‏وتجعلهم يتكتلون ويتناصرِون خلف ‏هوية حقيقية أم مزعومة ، واقعية أم افتراضية ، رئيسية كانت أم فرعية أو ‏مؤقته ضمن الهويات العديدة المتراكبة داخل الذات الإنسانية.‏
وكذلك الثقافة بتعريفها التقليدي : ذلك الكل المركب الذي يشمل المعتقدات ‏والأفكار و…و( من بينها  الأيديولوجيا أو المعتقدات) .. فالثقافة هي التي ‏تنير لنا ‏السبيل في الحياة و توجِّه السلوك وتحدد الاستجابات وردود ‏الأفعال في حياتنا اليومية..‏
‏*نأتي لموضوع الساعة : غزة وإسرائيل وفي الخلفية قصة أبراهام أو ‏إبراهيم … فهي تقع ضمن ما تسميه أنت المرويات والتي صارت بمرور ‏الوقت سرديات ‏لمعتقدات أيديولوجية ، ومن ثم أضحت أفكار ثابته ترسم ‏تصورَنا للكون والحياة والناس وكذلك توجّه مشاعرنا وسلوكنا.. ‏
هذه المرويات أو التي يصفها البعض بالميثولوجيات والخرافات ‏والأساطير قد تبدو ظاهريا كما نظن أنها موضوعة على أرفف التاريخ ‏كأرشيفات عفا عليها الزمن ، أو آثار غطاها الغبار في أقبية المتاحف أو ‏‏(كما وصف الشاعر أمل دنقل واصفا الأحصنة التي كانت تقاتل بأنها ‏أصبحت محنطة في أرفف الدكاكين في مواسم المولد النبوي) ..  .‏
‏ ولكننا الآن نتفاجأ بأن ما كنا نظنها مجرد غيبيات من الخرافة والأساطير ‏هي في الحقيقة لدى الغرب في الحقيقة حية تسعي في العقول ‏وفي ‏الضمائر ، وأنها محرِّك ودوافع تحرِّك الشعوب لتناصر من يشترك معها ‏في كنا نظنها مجرد سرديات تُروى/أيديولوجيات تاريخية لكي تولِّد شرعية ‏للاغتصاب والقتل.‏
هذه أمريكا أنزلت ‏كل الأحصنة ا/المرويات المؤرشفة من أرففها وبثت ‏فيها الروح (الابراهيمية) المختزنة منذ قرون لتجابه حملة ‏السرديات ‏المناوئة لدى أبناء إبراهيم من الأم الأخرى (الفلسطينين/العرب/ ‏المسلمين). في حرب مكشوفة لا خجل فيها ولا مداراة.‏
الدرس الرئيسي : ألا نظن أن ثقافة شعب متحضر هي أرقى من ‏ثقافة ‏شعب أقل مرتبة في سلم التحضر (الزائف) .. وهي حقيقة يقولها ‏علماء اللغة والأنثروبولوجيا وغيرهم. ‏ إذن يجب ألا نسخر من ثقافة أي ‏شعب..‏

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. التعميم هو آفة التحليل الموزون السليم … الغرب وامريكا “أنزلت ‏كل الأحصنة ا/المرويات المؤرشفة من أرففها وبثت ‏فيها الروح (الابراهيمية) المختزنة منذ قرون الخ” لو قلت قطاعات واسعة من اتباع الصهيونية المسيحية او قطاعات وسعة من الادارات الامريكية المتعاقبة من الحزبين لاستقام الامر.
    ذات المنهج المتوازن بعيداً عن التعميم ينطبق علي الجانب الآخر السرديات التاريحية والهويات المتخفية والظاهرة هي جزء من حطاب حماس والجهاد الاسلامي وليس خطاب فتح او الحكومة المصرية او مشايخ وسلطنات وملوك الخليج المتهمين هذه الايام بالصهينة عن معاناة شعب غزة.
    أما الاجيال القادمة المعادية لجرائم الحرب والابادة فهي رغم انها في الغرب وامريكا واوروبا الا انها اجيال مرجعيتها ونسق وعيها في دائرة هي خارج ما اسميته “المرويات والتي صارت بمرور ‏الوقت سرديات ‏لمعتقدات أيديولوجية”
    ولك كامل التقدير علي فتح نفاج للنظر في امور ما يجري في بلاد العرب والفرنجة …
    بعيداً عن مآسينا الافريقية اليومية المزمنة والمتفاقمة !! في الفاشر والفاو والجيلي والقضارف وغداً ربما ام بكول او بحري او الباوقة !!

  2. ((كنا نظنها مجرد سرديات تُروى/أيديولوجيات تاريخية لكي تولِّد شرعية ‏للاغتصاب والقتل.‏
    هذه أمريكا أنزلت ‏كل الأحصنة ا/المرويات المؤرشفة من أرففها وبثت ‏فيها الروح (الابراهيمية) المختزنة منذ قرون لتجابه حملة ‏السرديات ‏المناوئة لدى أبناء إبراهيم من الأم الأخرى (الفلسطينين/العرب/ ‏المسلمين). في حرب مكشوفة لا خجل فيها ولا مداراة.‏)))

    يازول شابكنا مرويات وسرديات آيدولوجية مختزنة منذ قرون أبناء ابراهيم من الأم الأخرى وما علاقة ذلك بدرسك الرئيسي بعدم السخرية من قافة الغير أو نظن أن ثقافة الغير المتحضر لا تعود إلى سرديات وموروات ثقافية؟ إنت يازول ما عارف بتتكلم عن شنو مرويات وسرديات قال! السرديات دي تاريخ مش أساطير وكل شعوب لها اجتماعي وجغرافي وثقافي مبني على التاريخ فإما أنكذبه أو نثبته ولا نكتفي بالإندهاش أمام حاضريه ونعجب كيف أنهم ما زالوا يستلهمون قديمهم رغم تقدمهم! أنت يا زول كتور في شنو يعني عالم في شنو؟؟ تبدو عليك السذاجة أكثر من العلم في أي شيء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..