مرواد الكي

ونظن خيرا رغم متاهات الدروب المظلمة والسراب والغفار واشواك نراها تصطف في كل اتجاه وصوب ولا أمل يقينا أن خلف دروبنا المتعرجة من فرح فكل السبل غطاءها سواد مقيت وسكنتها وحشة قاتلة وجلس على شؤمها غراب البين وانتهت إلى نفس الحزن المفزع والخوف المرعب ولا زال مد التيه يلقف من دواخلنا الصبر ونحن نسير في اتجاه واحد وضياع حتمي فكل شئ انتهى وتبدد خلف سواد كالح غطى كل نور وطمس كل معالم في منارات فجرنا المعطون في البؤس ولا شئ يرتجى ، فنفق الاحلام الوردي غمره فيض من سيل جارف فاغرقه في قاع لجي وانحرف مسار الحلم عن طريقه الآمن وانزلق في هوة التشظى القمي ووقفنا على شد الندم تتقلب أبصارنا عساها تدرك منجا أو تلتمس طريق يوصلها إلى بر آمن أو ملاذ فما اقسى طقوس حياتنا واتفه مد احلامنا فكل مخاض فرح يقتل في مهده وكل صباح حرية يقمع ويصلب في سارية التحزب والتقسيم والتشرزم وينهك العدل بحزازات مريضة وكراهية مقيته فيعتل القانون وتزيد المظالم ، ونعيد ننكا في الجراحات ونسترجع ونكرر نفس اخطاء تاريخنا و بنفس صفحاته المتفحمة من حريق التضجر فلا الصبر بمرارته يهدى فينا لواعج البؤس ولا يوم في تاريخنا عشناه بسلام من مهد الاستقلال حتى اللحظة نحن ندور في حلقة الحروب المفزعة ونصول في مضمار الكراهية البغيضة فلا عبرة أوقفت نزف مقتنا ولا درس استفدنا من فحواه فكل ما هناك أننا أمة ضائعة لم تستلهم بعد الموعظة من أحداث تاريخها ولا زالت تتكئ على البندقية وترى في الحروب نصرا للقضايا وفي القتل والتشريد والحرق والتدمير تشفي لنفوسنا العليلة ومسكن لمظالمنا ولا زلنا في مد التيه نسابق التعقل ونجني السراب. فمتى نصحى من غفوة التيه ونضع ملح العلاج ومرواد الكي فوق نتح جراحنا ليطيب الوطن من وهدات ضياعه وتستقيم حياتنا لنهناء بذخر موارده وتنوع انسانه ويعم السلام في ربوعه ونبني ونعمر ربوعه.