مقالات وآراء سياسية

عذرا ، ممنوع أن تموت

د. مهدي تاج الدين عبدالنور

ربما يندهش القارئ من الوحلة الأولى ويتبادر إلى ذهنه أن الموت حقيقة حتمية ولا مفر منه مهما تحصن الفرد وتدثر بثياب الحماية ، نعم ذلك هو الموت الذي يشكل نهاية لكل حي ولكن أريدك أن تذهب معي لمفهوم الحياة التي  لن تدعك أن تموت. فأي الناس أنت؟
الحقيقة أنك كائن تحمل في داخلك قدرة فطرية على النجاح والسعادة والصحة والعافية ، وكذلك الحدس والحب اللامشروط والجمال والسلام الداخلي والابداع ، تلك فطرة الله التي فطر الناس عليها. إذن : أين تكمن المشكلة لطالما هذه المقدرات توجد داخل كل منا؟ في الواقع تلك القدرات لا تعتمد على أية ظروف خارجية أو صفات شخصية ، ولا تتطلب إيمانا بنظام ديني محدد ، فالسلام الداخلي ينتمي للنفس البشرية من خلال الفطرة النقية وهو ليس ملك لأية مجموعة أو نظام.
إذاً السلام والحب والسعادة جزء لا يتجزأ من ذاتنا الحقيقية ، فلماذا نشعر بكل هذه التعاسة ولماذا تجتاحنا مشاعر العدوان والتدمير بالشكل الذي نعيشه اليوم؟ الإجابة ببساطة أولئك الذين يشعلون الحرب ويطبلون لها ويدعون لاستمرارها وينتهكون الحقوق ويفسدون في الأرض ولا يسبحون بحمد ربهم ولا يقدسون له ؛ في الواقع هم أموات ، ماتت فيهم الفطرة السوية وماتت فيهم السعادة وتأصلت في طبيعتهم الغضب والحقد واليأس والكبر والغيرة والقلق ، فضلا عن الأفكار والترهات الخبيثة التي تحجب صوت الصمت الفطري بدواخلهم. فأعلم أن قيمتك كإنسان تكمن فيما تضيفه للحياة العامة منذ ولادتك وحتى وفاتك ، وعندما يغير الناس وجوههم مع كل حدث ؛ فلا تبحث عن قيمتك في صدورهم ، واعلم أن الكسب الرخيص الناتج من شراء الذمم والمواقف يأتي ومعه عوامل القضاء عليه ، وما أكثر الدروس والعبر! .

إذا كان الأمر كذلك ؛ هل ثمة طريقة ما من شأنها أن تخرجنا من هذا الوحل وتحررنا وتعيدنا للحياة؟ حيث نرقص مع فرح غير مُقيد ، نحب كل المخلوقات ونتمتع بقدراتنا ونعيشها ونحقق أقصى إمكانياتنا ، حيث نصبح طريق للخير والجمال في هذا العالم. فلربما مايزال يوجد شعور داخلي بتأنيب الضمير والحساسية من إلحاق الأذى بالآخرين والرغبة أن نكون جميعا في مأمن والإخلاع عن ذلك الغضب العارم.

إذا كنت تقرأ هذا (البوست) فأنت على الأرجح قد وصلت على الفكرة الأساسية التي أود إيصالها ، فتحرر من من الحبل الذي يربطك بكل ما يخالف فطرتك السوية ، لا تمُد يدك إلى ما ليس لك بحق ولا تُعِن ظالماً ولا سارقاً ولا مغتصباً ولا متكبراً ، باختصار لا تُعين ميتاً… وتذكَّر بأنك : ممنوع أن تموت! .
هل نرغب بتخيل حياة تتسم بالإلهام والحب والفرح والقرارات الرابحة على جميع الأصعدة،،، فضلاً عن السعادة والتعبيرات الابداعية؟ ليس مهماً أن ندرك أين نحن الآن في حياتنا فحسب ، بل المهم أيضاً أن ندرك أين نضع الخطوة التالية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..