مقالات وآراء

في ذكرى وفاة الأستاذ الطيب مصطفى

الطيب النقر

مقالات الأستاذ الطيب مصطفى- رحمه الله- التي كانت تجزع من هذا الشلل الذي دبّ في هذه الديار ، حتى شمل أطرافها ، والقنوط من بناء جدار الديمقراطية ، التي تصدعت حتى وسط أحزابها ، خليقة بالتمعن والتفكير ، فهي لعمري لم تلن بعد شدة ، أو تسكن بعد عنف ، فصاحبها كان حينما يسترخى في يده عنان القلم ، لا يترك شيئاً يختلج في نفسه من معانٍ لم يُفْصِح عنها يراعه ، أو لفظ مبهم لم يجله ببوارق من ضياء ريشته ، ورغم أنه لا يتعهد كلامه ، ويكثر فيه من التأنق ، أو يطيل الطواف بالعبارات الجزلة ، والمعانى الفينانة التي تلوح له لحظة مخاض المقال ، كما يفعل أستاذنا مصطفى عبد العزيز البطل ، الذي يحرص على أن تعود الكتابة إلى سابق عهدها ، من رشاقة اللفظ ، وطلاوة الأسلوب ، حرص الشحيح على ماله ، إلا أننا لا نستطيع أن ننعت مقالاته الموشية بخيوط السخيمة ، تجاه الحركة الشعبية وليس إنسان الجنوب ، كما رسخ في الكثير من الأذهان ، بالركاكة والابتذال.
إنّ مقالات المهندس الألمعي عليه  شآبيب المغفرة ، احتشدت فيها جحافل اليأس من الوحدة ، وظهرت في معالمها دلائل القنوط من إيقاظ الحس الوطني ، ودغدغة الشعور القومي أمام تعنت رواد الحركة الشعبية خصومه الألداء ، وحرصهم على وأد المشكاة التي انبعث نورها في مكة ، وتفانيهم في ذهاب ريحها ، وتبعثر جزئياتها ، جعل فصل الشمال الذي تتراكم على قسماته عروبة زائفة ومنحة سوء ، كما يرى  مالك عقار ، وريك مشار ، والذي مازال انسانه البسيط يقطن صحاريه القاحلة ، ويزدرد طعامه الوخيم ، مجتلى قلمه ، وساحة تفكيره ، قبل أن يلوح يراعه مبتعداً عن بلاط صاحبة الجلالة ، لقد دعا كاتبنا الهمام في حياته من غير مواربة ، أو مخاتلة إلى قيام دولة الشمال التي يسود فيها جماع العلل ــ الجهل والفقر والمرض ــ شأنها شأن بقية دول العالم الثالث ، فالسودان تلك الرقعة التي عكفت على الصمت ، واستظلت تحت أفيائه رغم حقوقها المهضومة ، وتردي الخدمات في أصقاعها ، ناضل الأستاذ الطيب نضالاً دائباً حتى يحرك ساكن شعبه ، الذي لم يصيخ إليه بسمعه إلا بعد أحداث الإثنين الأسود ، بعد أن رأى بأم عينيه أرتال الموتى ، وسمع بأذنيه أهات الجرحى ، وولولة الثكلى ، تلك الأيام التي لم يستقر للسود بشتى طوائفهم جنان من الروع ، أو يطمئن بهم ملاذ من الجزع، حينما أقدم بعض الموتورين ضخام الجلاميد ، غلاظ الأكباد ، على جز رقاب الشماليين دون تبصر ، أو روية بل دون أدنى مقدار من الشفقة أو الرحمة لجريرة لم يقترفوها ، ولدم لم يسفحوه ، فصار قلم الطيب مصطفى حينها ، ساطعاً كالنجم ، نافذاً كالسهم ، مردداً غضبة جائحة لا ينالها خزي ، أو يمسها لغوب ، يجترها فى أحشاء الليل المظلم ، ويعيدها عند أنفاس الفجر الندية ، دعوة للإنسلاخ من كينونة الوطن الكبير ، الذي تضج فيه الأحزان ، وتومض بين ثنياه صخب الحروب.
دعونا أيها السادة نطوي سجل تلك الصفحة الداكنة السواد ونخمد حمم المرائر التي تذيب شغاف الأفئدة ، ونمعن النظر في الأسباب والدواعي التي دفعت الأستاذ الطيب مصطفى وعصبته للإعلان عن منبرهم الذي خلعوا عليه اسم «منبر السلام العادل» والذي كان ينداح فيه اندياحاً عنيفاً يصب فيه جام غضبه على الحركة الشعبية التي تورطت في حرب أقعدت السودان عن مسايرة الركب ، تلك الحركة التي تستحق كل توبيخ ، وتستأهل كل تقريع، وفي صحيفة «الإنتباهة» نجده  كان يذكي من خمود هذا الشعب ، بأتون الغضب الذي يضطرم في دواخله الأمر الذي يجعل من يطالع شهبه ، يتفاعل معها أو يشايعها ، ويؤمن بصدقها ، فينشر فضلها ويذيع أصولها على الناس ، أو يصطلى فقط بنارها من زمهرير الفساد وقتامة الرؤية.
إن الطيب مصطفى، وإن أتت بعض شواهده التي تسند دعواه ، وتؤيد زعمه مهزوزة ويعوزها تصحيح الدليل ، وتحرير الحجة ، فإن من الشطط والجموح ، أن نرمي إرثه الباقي بالعنصرية ، تلك الوصمة التى يتكأكأ حولها خصومه ، فلقد درج ثلة من الكتاب المترسلين على قذفه بتلك القالة السيئة التي لم يبرأ من وزرها ، وهيعتها المنكرة ، ممن نبتت جرثومتهم في أرض الشمال ، إلا منصور خالد ، ورائد الضلال الموبق ياسر عرمان، فقد أجلى عن الكثير غمرة العذاب، التي كانت تتقاذفهم من كل مكان ، بأن الحركة الشعبية القابضة على دفة الأمور في الجنوب المنكوب ، مثل رصيفاتها من الحركات المتخلفة العجفاء ، مغلقة الذهن ، مطبقة الجهالة ، وهى لا تختلف عن المؤتمر الوطني كثيراً ، فنجد عند المؤتمر الوطني قبل سقوطه علو كعب بعض الفئات التي استأثرت بالوظائف المرموقة ، وطرحت الواغش لغيرها ، تفصل منها ما تشاء، وهو ما فعلته الحركة الشعبية في الجنوب بعد انفصاله وقع الحافر على الحافر ، تلك الحركة التي كانت تناضل كما جاء في أدبياتها لرفع آصار العنصرية عن إنسان الجنوب ، واحتكار عرق بعينه على خيرات السودان ، ما لها تتنكر على القيم والعهود التي قطعتها على نفسها ، بعد أن دان لها الأمر، ما لها تمحق كل عنصر غير عنصر قادتها ، الذين اكتنزوا الذهب والفضة في الجنوب الذي ساد فيه البلى، وأدلهمت في أدغاله الخطوب.
صرير قلم الباشمهندس الطيب مصطفى -رحمه الله- في مثل هذه القضايا كان أخطر من قعقعة السيوف ، وأنكى من وقع النبال ، ولعل الحقيقة التي لا يرقى إليها شك ، والواقع الذي لا تسومه مبالغة ، أن الأستاذ الطيب مصطفى لم يتتبع عثرات وسقطات الحركة الشعبية وحدها ، بل أوفى الحديث عن الفساد الذي تزكم رائحته الأنوف في عهد نظام الإنقاذ ، وعن شلالات الدماء التي تهدر في دارفور الحزينة ، ولا يسعى لقمع الحركات التي يفوق عددها الإحصاء ، أو جد في وأد تلك الكريهة وحرص على اطفاء نائرتها ، وإ خماد بركانها المتقد ، لقد أسدى الطيب النصح في مقالاته الهادرة للمؤتمر الوطني ، الذي ذوى في عهده إنسان السودان ، واضمحل جسده الوثيق ، وتهدم محياه النضر، ذلك المحيا الذي كان يشع بالأمل ، ويشرق بالوئام ، ويتوهج بالفضائل ، نعم لم يمتشق الأستاذ الطيب مصطفى يراعه ويوهنه في بيان مخازي الحركة الشعبية بعد أن تحقق لها حلمها في الانفصال عن كينونة الوطن الواحد ، بل تحدث عن الفساد الذي نشر بنوده ، وأفصح عن وجوده ، في جل مرافق الدولة ، تحدث عن البدع التي تغلف بغطاء الدين ، والخدع التي تسربل برداء الوطن ، تحدث عن الغلاء والبلاء والتدهور المريع في الخدمات والقيم ، كما أسهب في مقالاته المائجة بالسخط على قضايا وأد الحريات ، وتكميم الأفواه خاصة في مضمار الصحافة. لقد جعل الأستاذ الطيب مصطفى للمؤتمر الوطني نصيباً معلوماً ، ولفظاً مسكوباً ، من النقد الصافي من سخائم النفس عبر عموده الصحفي المقروء حينها «زفرات حرى» في «الإنتباهة» الغراء ، وكان غاية ما ينشده إزجاء النصح لحكومة تضطرب في الأفكار وتتزعزع فى النظم.

‫8 تعليقات

  1. مقال قديم معتت من قمامات الطيب النقر .. استزبله الكوز قبل عقد من الزمان في منبر سودانيز اولاني عام 2014 …
    والهدف من اعداجة اجترارة هو -مع آخرين- اغراق عمود الرأي في الراكوبة بالغثاء والسفاسف !!

    https://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1390864549&rn=1

    اللهم شتت شمل الكيزان ومناصريهم وزبانيتهم وازلامهم واعوانهم في الشر وفرق جمعهم وبدد جندهم …

    اللهم لا ترفع للكيزان راية ولا تُحقق لهم غاية واجعلهم للعالمين عظة وعِبرة وآية

  2. مات النكرة الثور الاسود دون ان يسمع به احد عقبال بقية اولاد الحرام من الكيزان جهنم وبئس المصير

  3. الطيب مصطفى كان مثالا للتطرف والعنصرية. وشتم الناس والاساءة لهم. الطيب مصطفى مجرد كوز احمق ومتهور مثله مثل انس عمر والداعشي الجزولي لم يري الناس من ورائهم الا الخراب والفتن والمهاترات والوقاحة

  4. ما هي السمة المشتركة …الي يتصف بها الكتاب الذين يكتبون للمواقع الإلكترونية وعلى رأسها الراكوبة… بشكل يومي…. أو شبه يومي …

  5. هذا الكز\وز الجهلول الوقح يريد إغراق الراكوبة بغثاء قام بكتابته في منتديات أخرى وأثبت له أعضاؤها جهله وتهرب من الرد عليهم. عيال حاج نور أصبحوا مثل الجداد الإلكتروني في سعيهم لإلهاء الجميع عن جرائمهم في حق وطنا العزيز وأهله الطيبين بنشر مثل هذا الكلام المقرف عن أسوأ من ولدت حواء السودانية، ذلك الكوز العنصري النتن، نافخ الكير، الذي كان له القدح المعلى في إذكاء العنصرية التي أدت لانفصال الجنوب وثورة بقية ولايات الهامش. لعنة الله عليكم جميعا يا إخوان الشيطان ورد كيدكم في نحركم وعجل بهلاككم وزوال شركم من كل بقاع اليابسة.

  6. فعلاً الخسيس لا يشكر إلا الخسيسين مثله. الطيب مصطفي، مصطفى البطل والتقل كاتب المقال.

  7. اوصيك
    اقرأ عمود الصحفية صباح محمد الحسن (اطياف)
    شوف الكلمات والتعابير عندها سلسة كيف وشوف النشاز والدراب عندك
    تحلف تقول ما بتكتبوا بلغة واحده

  8. ماهذا ؟ لماذا تظهر مثل هذه الكتابات النتنة الان عن اقذر الناس الذين مروا على تاريخ السودان ، من هذا الطيب النقر ؟ يريد ارجاع عقارب الساعة للوراء واحياء من هو رميم الذى سيرته تفوح منها رائحة العفونة والعطونة ، لن تستطيع يا نقر ان تغسل لنا الطيب مصطفى ولو جئت ببراميل الديتول .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..