مقالات سياسية

أهذا جيشك يا (سناء)؟

علي أحمد

كِدتُ أقع مُكِباً على وجهي، مغشياً علىّ، وأنا استمع إلى قائد الجيش الكرتي، وهو يتحدث عن الضابط الشاب الذي قتل في معركة مصفاة الجيلي بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ قال: “محمد صديق مشى من تلقاء نفسه، مافي زول دفره، ولمن القوة انقسمت في شندي قالوا: العاوز يمشي يمشي، والداير يقعد يقعد، ومحمد صديق مشى ومعه 70 نفر، محمد صديق بعرفو من ما طلع في القيادة، مشينا أنا وعوض ابنعوف لأبوهو ، وقلنا ليهو ده غلط”.

بالفعل شعرت بدوار أخذت نفساً عميقاً وأغمضت عينيّ، ريثما استعيد وعيّ، وتساءلت هل أنا في (حلم أم علم)؟، كيف يتحدث قائد جيش عن ضابط سابق فصله هو بنفسه من الجيش لمخالفته التقاليد والقوانين العسكرية وخروجه عن الإنضباط العسكري الصارم والإلتزام بالتعليمات وتنفيذها دون نقاش أو تردد، فهذا الضابط يُعتبر حسب قانون الجيش السوداني وقوانين كل الجيوش في العالم متمرداً وقد تصل عقوبته إلى الإعدام لدى بعض الجيوش، وهنا نتحدث فقط عن لوائح وقوانين الجيوش – قبلنا بها أم لم نقبل – ووفقاً لهذه القوانين، فإن محمد صديق – بعيداً عن موقفه من الثورة وصدقه من عدمه – يعتبر متمرداً على تلك القوانين العسكرية، وبالتالي فإنه يخضع للعقوبات المنصوص عليها في تلك القوانين، ولا اعتقد أن من ضمنها استدعاء ولي أمره، أو التحدث مع والده في هذا الأمر؛ كما فعل البرهان وعوض ابنعوف، وكأن الجيش مدرسة (أولية) إذا ما ارتكب التلميذ خطئاً فادحاً يتم استدعاء ولي الأمر، مع أنه حتى في المدارس نفسها يتم في الغالب معاقبة الطالب بالحرمان من بعض الحصص أو الخصم من درجات الامتحان أو أي عقوبه أخرى تتناسب والمخالفة التي ارتكبها، أما في جيش (سناء) يرى العالم كله العجب العجاب، عروضاً شيقة ومثيرة من الاستعباط والهبل والعته والغباء والجنون فضلاً عن الضعف والوهن والخوار.

لم يكتف برهان بذلك، فقد كشف أيضاً – من حيث لا يريد- عن الجهة التي تعطي الأوامر داخل الجيش، وأنه لا يتحكم به ولا يسيطر عليه، وأن القيادة عاجزة عن فرض القانون العسكري والانضباط، وإلا ما معنى عبارته: “ولمن القوة انقسمت في شندي قالوا: العاوز يمشي يمشي والداير يقعد يقعد، قام محمد صديق مشى معاه 70 نفر”؟، ما معنى ذلك استحلفكم بالله؟ وكيف تكون المليشيا إن لم يكن هذا سلوك المليشيا؟!

هذا معناه، إن هذا الجيش عبارة عن كارثة وحلت على السودان، وأن قيادته منقسمة إلى كيزان و(ضان)، وأن جنوده وضباطه يعملون وفقاً لتعاليم الكيزان وبعضهم بإراداتهم الفردية وأمزجتهم الشخصية، (العاوز يمشي يمشي، والداير يقعد يقعد)، هل هذا جيشك يا (سناء)؟.

جيش يحركه صعاليك السوشال ميديا والإعلاميين المرتشين عديمي الذمم، وسماسرة السياسة والمنحرفين والمنحرفات، حق له أن ينهزم في جميع المعارك التي خاضها على الأرض منذ بداية الحرب، ولا ينتصر إلا على (فيسبوك) فقط.

لا أفهم ولا أتفهم لماذا غضب البعض عندما طالب ثوار ديسمبر المجيد، بإعادة هيكلة الجيش وتنظيمه وفق عقيدة عسكرية وقتالية وطنية جديدة، وكل يوم تثبت لنا هذه المؤسسة أنها ترهلت وشاخت ووهن عظمها واشتعل رأسها شيبا، وتحولت إلى مليشيا لا تحمل قوة المليشيا!

ليس الجيش وحده، بل جميع مؤسسات الدولة السودانية حدث لها ذلك بفعل الكيزان، فما العيب في إعادة النظر في هذه المؤسسات وتطويرها وتحديثها بحيث تتمكن من تأدية مهامها ووظائفها بكفاءة وفعالية؟.

لا أريد أن أملأ هذه المساحة بالحديث عن (موبقات) الجيش التي وصلت حداً لا يمكن تصوره، ولن أتطرق هنا إلى عجزه في تحقيق الحدّ الأدنى من الحفاظ على كرامته وماء وجهه في هذه الحرب التي أشعلها بنفسه وعجز عن تحمل تبعاتها، بل حملها المواطن المغلوب على أمره من موت وتجويع وتشريد وفقر ومرض ومذلة، لكنني أكرر السؤال ولا أمل التكرار؛ أهذا جيشك يا سناء؟، إذاً (بلي وأغتسلي بمويتو)، إذا وجدت عنده ماء، ولا أظن، فقد جفت عروقة ونضب ماؤه منذ عام 1989.

‫7 تعليقات

  1. العنصري البغيض علي احمد
    ليس هناك ما يدعوك للكتابة عن السودان
    نعم هولاء الجنجويد المجرمين هم صناعة الكيزان بل كل قادتهم كانوا مع المؤتمر الوطني.
    دارفور لم ولن تكون جزءا من السودان
    ولعلمك ما في غرابي بيحكم السودان

    1. دا الكلام المزق السودان
      ربنا يهدي الجميع ويبعد عننا العنصريه والمتعنصرين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..