مقالات وآراء سياسية

(الصلح خير) دعوة فاجرة

اسماعيل هجانة

كتبت منشورًا بعنوان “الصلح خير” أملاً في إشاعة السلام والتصالح ، لكنني فوجئت بوابل من التعليقات السلبية التي تحض على الكراهية واستمرار الحرب. للأسف ، هذه التعليقات جاءت من المهزومين في الحرب الذين يبحثون عن انتصار ولو زائف بعد أن خاب أملهم. أصبحوا يبثون خطاب الكراهية ويحثون على استمرار الحرب رغم فداحة الهزيمة ، بحثًا عن الانتقام من المواطنين الطيبين وضد كل من ينادي بالسلام ووقف الحرب ووقف إطلاق النار. ندرك تمامًا أن المجاعة والحاجة والعوز تطرق كل باب سوداني داخل البلاد وخارجها ، في حين يسعى هؤلاء لتحقيق امتيازاتهم الخاسرة على حساب دماء ودموع النساء والأطفال والعجزة. تبا لكم ، فإن دعوتكم للحرب لن تزيد إلا من معاناة الأبرياء وتعميق جراح الوطن.

حينما ندعو للسلام ، فإن ذلك لا ينبع من ضعف أو استجداء بل من إدراك عميق لمخاطر الحرب وما تجره من مآسٍ على المدنيين الذين يعانون اليوم أشد المعاناة. إنهم يبحثون عن أوراق شجر اللالوب ويفتشون بيوت النمل بحثًا عن ما يسد رمقهم. نعلم تمامًا أن الحرب لا تترك خلفها سوى الدمار والألم ولذلك نسعى جاهدين لإيجاد طريق للسلام الذي يحفظ كرامة الإنسان ويضمن له حياة آمنة ومستقرة.
لا تفتخروا بظلمكم وتظنون أن دعوتنا للسلام نابعة من ضعف. إن خطابكم الذي يعزز الكراهية ويؤجج الحرب هو دليل على عدم اهتمامكم بالمواطن ومعاناته. في نهاية المطاف ، ستدركون أنكم الخاسرون الحقيقيون في هذه الحرب التي تستمرون في إشعالها. نحن نؤمن بأن المستقبل يبنى بالشجاعة والإصرار على السلام ، لأنه انتصار للجميع وليس فئة بعينها.

حينما نقول إن الصلح خير ، فلأننا ندرك أن أكثر من ٨ ملايين شخص أصبحوا نازحين داخل السودان بلا مأوى ولا مصدر دخل. إنهم يعانون من الأمراض والجوع والعطش ، وتكابد أسر بلا معيل من أجل جرعة ماء. نرى أن هؤلاء المدنيين هم ضحايا الحرب الحقيقيون ، وهم الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذه الصراعات. نحن نعلم أن استمرار الحرب يعني مزيدًا من المعاناة لهم ولذلك ندعو للسلام كخيار وحيد لإنهاء هذه المأساة الإنسانية.
أنت تؤجج الحرب لأنك تبحث عن أمجاد فقدتها وعن ملك اندثر لن يعود. للأسف ، ترسل أبناء النازحين الحفاة العراة إلى محرقة الحرب لتستمتع أنت بنعيم البلاد وتتركهم وجبة للصقور والطيور في كل المعارك. إن هذا السلوك يعكس عدم مبالاتك بحياة الأبرياء ومعاناتهم ، ويثبت أنك تسعى فقط لتحقيق مصالحك الشخصية على حساب دماء وأرواح الأبرياء. إننا ندعوكم لإدراك الحقائق والتحلي بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن ، والعمل من أجل السلام الذي هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع.

تدعو للحرب وأنت في مأمن من مخاطرها وأهوالها ومصائبها. يا لك من قائد انتهازي تستثمر في مواجع الفقراء والمحتاجين الذين حتى حينما نزحوا ، أغلقت في وجوههم أبواب المدارس التي كانت ملجأ لهم من جحيم الحرب وويلاتها. لم ترحمهم الحرب ولن ترحم ضعفهم ومأساتهم. تصرفاتك تعكس غياب الإنسانية والرأفة ، وتظهر أنك لا تهتم سوى بمصالحك الشخصية على حساب معاناة الآخرين.
أنت مريض نفسي وتحتاج إلى علاج عاجل لأنك تدعو لمواصلة الحرب كي تستمر الانتهاكات ، ثم تأتي لتتاجر بها في وسائل الإعلام بحثًا عن سلطة ضاعت ولن تعود أبداً. إن إصرارك على إشعال نار الحرب يزيد من معاناة الناس ويدمر حياتهم ومستقبلهم. آن الأوان لتدرك أن السلام هو الطريق الوحيد نحو مستقبل أفضل ، وأنه يجب عليك التوقف عن استغلال مآسي الناس لتحقيق أهدافك الأنانية.

نحن أبناء هذه الأرض ونؤمن بها وبجماهيرنا ، لذا لن نتوقف عن الدعوة للسلام ومحاربة تجار الحرب الذين ورثوا الدولة ومؤسساتها منذ الاستقلال ويصرون على استمرار الحرب طمعًا في استمرار ملكهم وامتيازاتهم. إنهم يسعون للحفاظ على نفوذهم على حساب دماء الأبرياء ومعاناتهم ، ولكننا نقف بثبات ضد هذه الممارسات الظالمة.
هيهات ، بل مستحيل! الزمان غير الزمان والرجال غير الرجال ، والحق اليوم تحرسه السيوف. نحن نؤمن أن العدل والسلام هما السبيل الوحيد لبناء مستقبل مشرق ومستدام لوطننا. لن ندع تجار الحرب يواصلون نهبهم وفسادهم ، وسنستمر في النضال من أجل تحقيق العدالة والحرية للجميع. إن زمن الطغاة قد ولّى ، وأصبح من الضروري أن نبني سودانًا جديدًا يقوم على أسس العدل والمساواة والسلام.

هل أصبحت عبارة “الصلح خير” ومثيلاتها دعوة فاجرة؟ حينما نقول إن الصلح خير ، فإننا نتطلع إلى مستقبل غير مشوه بأمراض الحرب والحقد والكراهية. لقد تجاوزنا مراراتنا الشخصية من أجل وطننا وأبنائنا ، وتجاوزنا فخ الحرب المنصوب منذ الاستقلال وفهمنا الدرس. نتطلع إلى الغد بعقل وذهن مفتوح في بلاد ديمقراطية تنعم بالسلام والعدالة والحرية والمساواة ، وترزح في مجد المواطنة وتحتفي بالتنوع. أليست أحلامنا مشروعة؟
إننا نؤمن أن السلام هو الطريق الوحيد لبناء وطن مزدهر ، وأن الدعوة للسلام ليست ضعفًا ، بل هي قوة وعزم على تحقيق مستقبل أفضل لجميع السودانيين. إن استثمارنا في السلام هو استثمار في مستقبل أبنائنا وفي بناء مجتمع يسوده العدل والمساواة. لن نسمح لتجار الحرب بإفساد حلمنا ، وسنواصل النضال من أجل سودان جديد يقوم على أسس الوحدة والتعاون بين جميع مكوناته. إن دعوتنا للسلام هي رسالة أمل لكل من يؤمن بأن التغيير ممكن وبأن المستقبل يحمل لنا فرصًا لا حصر لها لتحقيق أحلامنا المشروعة.

‫3 تعليقات

  1. نعم هي معاناة كل من يرفض الحرب وسرعان ما يلقون بك تهمة العمالة او موالاة اي من الطرفين فإما انك قحاطي وجنج يدي او فلول او فلنفاي.
    لكن لابد من الإستمرار في الدعوة لتكوين جبهة مدنية عريضة تناهض الحرب وتؤسس لدولة المواطنة.

  2. صلح شنو وخير شنو يجي منكم يا بقايا الجنجا بعد ظهرت بوادر انهزام مشروعكم الاستيطاني قلتو الصلح الخير بس نقول ليكم too late …. اجري التحق باسيادك الهاربين ال دقلو ومن اسمك هجانة ده ما سوداني نقولها ليك عديييل كده والرهيفة انقدت اصلا…

  3. لابد من اتفاقية سلام طال الزمن او قصر مش عشان الفئتين المتقاتلتين لا بل عشان الأطفال والنساء والعجزة زي ما قلت امضي في الدعوة للسلام فهو اسم من اسماء الله الحسنى وكلنا سوا بنقدر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..