
عثمان يس ود السيمت
قبل بداية مقالي اليوم أترحم على شهداء قرية ود النورة العزل ، الذين قتلهم الدعم السريع كما ورد في الأنباء بخسة لا تدانيها خسة ، وقد يتجاوز عددهم المائتين. لم نعد نعرف لماذا نقتل وغدا ستخرج علينا (كالعادة) الوسائط بتصريحات طرفي الحرب القذرة تتعاور وتنكر الجريمة البشعة. لم لا وقد تكفل الموروث السوداني كعادته بمقولات وأمثال فضفاضة تقبل التفسير على الوجوه التي نريدها وتريحنا، مثل (الشينة منكورة) في الوقت الذي تم فيه توثيق حتى القتلى الأفراد في الجاهلية – ونحن نحب الإنتماء لهم – بالتشدق بأننا عرب من نسلهم وفعالنا لا تقول ذلك. اقرأوا في معلقة زهير:
لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُـمْ
دَمَ ابْـنِ نَهِيْـكٍ أَوْ قَتِيْـلِ المُثَلَّـمِ
وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ
وَلاَ وَهَـبٍ مِنْهَـا وَلا ابْنِ المُخَـزَّمِ
لم نعد ننتظر فروسية ولا شهامة ولا شرفا ولا محتدا من طرفي حرب تدار بخسة وجبن يندى له الجبين. ألا رحم الله شهداء قرية ود النورة وأسكنهم فسيح جناته وألهم آلهم وذويهم ووطنهم الصبر والسلوان.
مقالي اليوم حول الزيارات العبثية لعقار لموسكو وكباشي ورفيقه وزير الدفاع في حكومة بورتوكيزان لمالي والنيجر. فعلى غير المعتاد مني وأنا متشائم حد التشاؤم من مآلات وضعنا المتأزم فقد يكون في تلك الزيارات بداية ضوء في آخر الجحر الذي حشرنا فيه حشرا بهذه الحرب وكاذب من يقول أننا في نفق. فالنفق له مخرجين وجحرنا هذا ليس له إلا (مخرج واحد) وما فتئ دعاة الحرب يهيلون عليه التراب حتى اصبحنا محشورين مثل القزيقزي.
فمنذ مؤتمر باندونغ في 24 أبريل 1955م والذي أسس لحركة (عدم الإنحياز) والذي رفع فيه اسماعيل الأزهري رحمه الله رئيس وزراء الحكومة الوطنية الانتقالية قبل الاستقلال منديله على سارية منضدة وفد السودان عندما وقع استشكال عدم وجود علم للسودان وطلب من وفد السودان حينها الجلوس خلف العلم المصري (تحت الوفد المصري) وحينها قال (هذا هو علم السودان). لقد أثرت هذه الحادثة فيما يبدو على سلوك الحكومات السودانية منذ ذلك الوقت حتى قيام انقلاب 25 مايو 1969م ، فقد التزمت حكومات تلك الحقبة بعدم الانحياز لدرجة أن عبود زار أمريكا والكل يعرف نتيجة الزيارة وما قاله كينيدي عنه ، وفي تلك الزيارة قبل السودان المعونة الأمريكية فخرج الشيوعيون في شوارع الخرطوم يدينون ما فعله عبود وكانت نتيجته شارع مدني وشارع الكدرو وغيرها من مشاريع التنمية نعرفها عندما نرى تلك اللافتة البيضاء الكبيرة وعليها يدان تتصافحان ، أمريكية وسودانية. وزار عبود بريطانيا وجدول كينيدي زيارته للسودان في نفس الشهر الذي قتل فيه وجدولت اليزابيث زيارتها للسودان وتمت عقب ثورة اكتوبر مباشرة وزار بريجنيف الرئيس السوفيتي الخرطوم واستقبلناه ونحن في الابتدائي واعترف السودان بالصين (كأول دولة أفريقية تسحب اعترافها بالصين الوطنية لتعترف بالصين الشعبية) فزارنا شيوين لاي رئيس وزراء الصين واستقبلناه في بحري ونحن في أولى وسطى. وانفتحنا في علاقتنا شرقا وغربا بين الهند ويوغسلافيا التي بنت لنا اسطولنا البحري التجاري (سودان لاين). لقد طبقنا سياسة عدم الانحياز واستفدنا منها أكثر من مصر التي كانت هي ويوغسلافيا والهند اعمدتها الثلاثة. كيف حدث ذلك؟؟
في زمن الحرب الباردة (زمن الثنائية القطبية) وحتى زمننا هذا (زمن القطب الواحد) وضعت الدول الكبرى أولويات كانت وما زالت تعتقد أنها ضرورية واحترازية لعدم تكرار تجربة الحرب العالمية وبالضرورة هي من أهم مكونات أمنها القومي. هذه الأولويات على رأسها الأمن ثم العلاقات التجارية ثم العلاقات السياسية. هذه الدول قد تقبل بخلل يمس مصالحها التجارية أو السياسية لكنها لا تقبل بأي خلل يمس أمنها ، لذلك لم تغضب تلك الدول من انتهاج حكومات السودان في الماضي لسياسة عدم الانحياز واحترمت جدا اختيارنا طالما أنه لا يهدد مصالحها الأمنية. مع العلم أنه في ذلك الزمان كانت القواعد العسكرية الأجنبية سلوكا متداولا بين الدول ، وهنا بيت القصيد.
ظللنا ودول الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية نتبادل علاقات تسخن وتبرد حتى في زمن الإنقاذ وبيننا شعرة معاوية لم تقطعها حتى حادثة المدمرة كول ، لماذا لأن (الموضوع طالما أنه بيننا وبينهم) فإنهم قد يقرصون حلمة آذان حكامنا أو يلوحون ب أو يطبقون عقوبات. لكن ما لا يقبلون به أبدا هو دخول روسيا وبدرجة أقل الصين في (الموضوع).
ياسر العطا وبالفم المليان قال (حندي روسيا قاعدة على البحر الأحمر وربما السعودية أو مصر أو غيرها) لأنهم أصدقاء. هذا التصريح ستنعقد له محافل ولجان وقيادات وأجهزة أمنية في أمريكا ، ببساطة لأن أمن البحر الأحمر خط أحمر (ممنوع اللمس) ووضع تحت حماية كماشتين من القوات الأمريكية بين الأسطولين السادس والسابع وقواعدها المنتشرة في المنطقة. وجود روسيا سيدخلنا عش الدبابير وهو يعني تدخلا مباشرا وخشنا من أمريكا.
هذا التدخل ليس عسكريا كما يتصور البعض لكن خشونته ستكون من خلال التأثير المباشر على اوضاعنا السياسية وسيعملون بأقصى سرعة على ذهاب (هؤلاء الناس) وأمريكا عندما تقرر ذلك لن تعجزها الحيلة ولا الوسيلة. فقد أعطيناهم المبرر الكافي جدا أمام شعبهم وصناع القرار لديهم مدعوما بزيارة كباشي لدول لا يمكن تقرأ إلا بذات مفهوم أَمن البحر الأحمر وفي منطقة أصبحت ملعبا تسيطر عليه الصين. فلماذا ذهب الكباشي لغرب افريقيا. وهل التبريرات التي لا تصلح إلا لإقناع ضعفاء العقول من شاكلة (منع تدفق العرب البدو للسودان وتوطينهم فيه). هذا تبرير لن يقبله أحد وقد لا تصل كثير من الجهات لسبب معقول يبرر الزيارة ولكن المجهول قد يكون مخيفا أكثر من المعلوم وسيشطح التفكير في مساحة واسعة تبدأ من (استجلاب جهاديين) من تلك الدول حتى شراء اسلحة (معينة) بالوكالة عن طريق تلك الدول كوكلاء خاصة عندما تقرأ زيارة كباشي الغامضة مع زيارة عقار الواضحة من أجل السلاح ، لكن ما هي نوعية سلاح عقار ونوعية سلاح كباشي. هل ستدخلنا زيارة كباشي لعصر السلاح القذر (الغازي والكيميائي والبيولوجي والسيارات المفخخة والأحزمة المتفجرة).
لقد صمتت بل وأخرست الحكامات في السودان بعد أن إختفت الرجالة التي كن يوثقن لها فلم يعد هناك يقين في من يفعل ماذا وماذا فعل هذا وتاهت الحكامة وفقدت وظيفتها وصمتت فقد خلدت على مر الزمان البطولة والشرف والفروسية وقرعت الجبن والهروب والتولي يوم الزحف ، فماذا تقول الحكامة في حرب استراتيجيتها الجبن والخسة كحادثة قرية ود النورة وتكتيكها الفرار والانسحاب والهروب تاركين الضعفاء نساء واطفال وشيوخ وعزل ممن أقسموا على حمايتهم لمليشيا انشأوها وسلحوها ودربوها.
أؤكد لكم من واقع قراءتي المتواضعة جدا أن القادم القريب غير ما كان وأنه ضوء في فتحة الجحر. لكنه للأسف ليس من صنعنا نحن.
لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُـمْ
دَمَ ابْـنِ نَهِيْـكٍ أَوْ قَتِيْـلِ المُثَلَّـمِ
وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ
وَلاَ وَهَـبٍ مِنْهَـا وَلا ابْنِ المُخَـزَّمِ
لم نعد ننتظر فروسية ولا شهامة ولا شرفا ولا محتدا من طرفي حرب تدار بخسة وجبن يندى له الجبين. ألا رحم الله شهداء قرية ود النورة وأسكنهم فسيح جناته وألهم آلهم وذويهم ووطنهم الصبر والسلوان.
مقالي اليوم حول الزيارات العبثية لعقار لموسكو وكباشي ورفيقه وزير الدفاع في حكومة بورتوكيزان لمالي والنيجر. فعلى غير المعتاد مني وأنا متشائم حد التشاؤم من مآلات وضعنا المتأزم فقد يكون في تلك الزيارات بداية ضوء في آخر الجحر الذي حشرنا فيه حشرا بهذه الحرب وكاذب من يقول أننا في نفق. فالنفق له مخرجين وجحرنا هذا ليس له إلا (مخرج واحد) وما فتئ دعاة الحرب يهيلون عليه التراب حتى اصبحنا محشورين مثل القزيقزي.
فمنذ مؤتمر باندونغ في 24 أبريل 1955م والذي أسس لحركة (عدم الإنحياز) والذي رفع فيه اسماعيل الأزهري رحمه الله رئيس وزراء الحكومة الوطنية الانتقالية قبل الاستقلال منديله على سارية منضدة وفد السودان عندما وقع استشكال عدم وجود علم للسودان وطلب من وفد السودان حينها الجلوس خلف العلم المصري (تحت الوفد المصري) وحينها قال (هذا هو علم السودان). لقد أثرت هذه الحادثة فيما يبدو على سلوك الحكومات السودانية منذ ذلك الوقت حتى قيام انقلاب 25 مايو 1969م ، فقد التزمت حكومات تلك الحقبة بعدم الانحياز لدرجة أن عبود زار أمريكا والكل يعرف نتيجة الزيارة وما قاله كينيدي عنه ، وفي تلك الزيارة قبل السودان المعونة الأمريكية فخرج الشيوعيون في شوارع الخرطوم يدينون ما فعله عبود وكانت نتيجته شارع مدني وشارع الكدرو وغيرها من مشاريع التنمية نعرفها عندما نرى تلك اللافتة البيضاء الكبيرة وعليها يدان تتصافحان ، أمريكية وسودانية. وزار عبود بريطانيا وجدول كينيدي زيارته للسودان في نفس الشهر الذي قتل فيه وجدولت اليزابيث زيارتها للسودان وتمت عقب ثورة اكتوبر مباشرة وزار بريجنيف الرئيس السوفيتي الخرطوم واستقبلناه ونحن في الابتدائي واعترف السودان بالصين (كأول دولة أفريقية تسحب اعترافها بالصين الوطنية لتعترف بالصين الشعبية) فزارنا شيوين لاي رئيس وزراء الصين واستقبلناه في بحري ونحن في أولى وسطى. وانفتحنا في علاقتنا شرقا وغربا بين الهند ويوغسلافيا التي بنت لنا اسطولنا البحري التجاري (سودان لاين). لقد طبقنا سياسة عدم الانحياز واستفدنا منها أكثر من مصر التي كانت هي ويوغسلافيا والهند اعمدتها الثلاثة. كيف حدث ذلك؟؟
في زمن الحرب الباردة (زمن الثنائية القطبية) وحتى زمننا هذا (زمن القطب الواحد) وضعت الدول الكبرى أولويات كانت وما زالت تعتقد أنها ضرورية واحترازية لعدم تكرار تجربة الحرب العالمية وبالضرورة هي من أهم مكونات أمنها القومي. هذه الأولويات على رأسها الأمن ثم العلاقات التجارية ثم العلاقات السياسية. هذه الدول قد تقبل بخلل يمس مصالحها التجارية أو السياسية لكنها لا تقبل بأي خلل يمس أمنها ، لذلك لم تغضب تلك الدول من انتهاج حكومات السودان في الماضي لسياسة عدم الانحياز واحترمت جدا اختيارنا طالما أنه لا يهدد مصالحها الأمنية. مع العلم أنه في ذلك الزمان كانت القواعد العسكرية الأجنبية سلوكا متداولا بين الدول ، وهنا بيت القصيد.
ظللنا ودول الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية نتبادل علاقات تسخن وتبرد حتى في زمن الإنقاذ وبيننا شعرة معاوية لم تقطعها حتى حادثة المدمرة كول ، لماذا لأن (الموضوع طالما أنه بيننا وبينهم) فإنهم قد يقرصون حلمة آذان حكامنا أو يلوحون ب أو يطبقون عقوبات. لكن ما لا يقبلون به أبدا هو دخول روسيا وبدرجة أقل الصين في (الموضوع).
ياسر العطا وبالفم المليان قال (حندي روسيا قاعدة على البحر الأحمر وربما السعودية أو مصر أو غيرها) لأنهم أصدقاء. هذا التصريح ستنعقد له محافل ولجان وقيادات وأجهزة أمنية في أمريكا ، ببساطة لأن أمن البحر الأحمر خط أحمر (ممنوع اللمس) ووضع تحت حماية كماشتين من القوات الأمريكية بين الأسطولين السادس والسابع وقواعدها المنتشرة في المنطقة. وجود روسيا سيدخلنا عش الدبابير وهو يعني تدخلا مباشرا وخشنا من أمريكا.
هذا التدخل ليس عسكريا كما يتصور البعض لكن خشونته ستكون من خلال التأثير المباشر على اوضاعنا السياسية وسيعملون بأقصى سرعة على ذهاب (هؤلاء الناس) وأمريكا عندما تقرر ذلك لن تعجزها الحيلة ولا الوسيلة. فقد أعطيناهم المبرر الكافي جدا أمام شعبهم وصناع القرار لديهم مدعوما بزيارة كباشي لدول لا يمكن تقرأ إلا بذات مفهوم أَمن البحر الأحمر وفي منطقة أصبحت ملعبا تسيطر عليه الصين. فلماذا ذهب الكباشي لغرب افريقيا. وهل التبريرات التي لا تصلح إلا لإقناع ضعفاء العقول من شاكلة (منع تدفق العرب البدو للسودان وتوطينهم فيه). هذا تبرير لن يقبله أحد وقد لا تصل كثير من الجهات لسبب معقول يبرر الزيارة ولكن المجهول قد يكون مخيفا أكثر من المعلوم وسيشطح التفكير في مساحة واسعة تبدأ من (استجلاب جهاديين) من تلك الدول حتى شراء اسلحة (معينة) بالوكالة عن طريق تلك الدول كوكلاء خاصة عندما تقرأ زيارة كباشي الغامضة مع زيارة عقار الواضحة من أجل السلاح ، لكن ما هي نوعية سلاح عقار ونوعية سلاح كباشي. هل ستدخلنا زيارة كباشي لعصر السلاح القذر (الغازي والكيميائي والبيولوجي والسيارات المفخخة والأحزمة المتفجرة).
لقد صمتت بل وأخرست الحكامات في السودان بعد أن إختفت الرجالة التي كن يوثقن لها فلم يعد هناك يقين في من يفعل ماذا وماذا فعل هذا وتاهت الحكامة وفقدت وظيفتها وصمتت فقد خلدت على مر الزمان البطولة والشرف والفروسية وقرعت الجبن والهروب والتولي يوم الزحف ، فماذا تقول الحكامة في حرب استراتيجيتها الجبن والخسة كحادثة قرية ود النورة وتكتيكها الفرار والانسحاب والهروب تاركين الضعفاء نساء واطفال وشيوخ وعزل ممن أقسموا على حمايتهم لمليشيا انشأوها وسلحوها ودربوها.
أؤكد لكم من واقع قراءتي المتواضعة جدا أن القادم القريب غير ما كان وأنه ضوء في فتحة الجحر. لكنه للأسف ليس من صنعنا نحن.