مقالات وآراء سياسية

دعاية الحرب المسمومة 

يوسف السندي
     اعمت الكراهية عيون الكثيرين عن رؤية اثار الحرب ونتائجها الكارثية ومازالوا يدعمون استمرارها ، ويؤججون نارها ، كأنما هي حرب لا تمس المدنيين الابرياء ، وكل هذا نتاج الدعاية الحربية التي تمكنت منهم وحولتهم من عقلاء إلى جهلاء ، لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون.
الدعاية الحربية هي الوسيلة الاشد فتكا في الحرب ، لو حذفنا الدعاية الحربية من كل الحروب في التاريخ ، لربما نقص عدد القتلى لأكثر من النصف في كل حرب ، بل ربما اكثر ، فالدعاية الحربية هي التي توفر الوقود اللازم من البشر لهذه الحروب ، عبر التعبئة والتحشيد وتصوير الباطل حقا والحق باطلا ، اذ يمكنها ان تحول القتل من جريمة انسانية بشعة إلى حق مقدس وواجب مطلق.
حين تسيطر الدعاية الحربية على انسان ، يتحول لالة قتل متعطشة للدماء ، لوحش كاسر بلا رحمة ، لشخص عنيد غير قابل للنقاش ، غير قابل للتراجع ، للندم ، للتفكير العقلاني ، يذهب الشوط حتى آخره وهو في قمة الحماس.
     علماء النفس الاجتماعي صنفوا الإنسان كائنا عاطفيا ، الخطاب العاطفي يخلب لبه ، ويسيطر عليه ، أما الخطاب العقلاني فلا يستهويه وكثيرا ما يتجاهله ، لذلك تعتمد الدعاية الحربية على دغدغة عواطف الجماهير ، على استفزازهم ، وتفجير غضبهم.
وسلاح الدعاية الحربية السحري هو بث روح الكراهية ، اذا لم تكره عدوك لن تؤذيه هكذا تعمل الدعاية الحرية ، تحول الانسان إلى كتلة من الكراهية للعدو ، تحرق كل اوراق السلام والحوار ، تصور العدو شيطانا يملك أقبح الصفات على الارض ، وانه لا سبيل لتحرير الارض والإنسانية الا بقتل هذا الشيطان.
لا تحدد الدعاية الحربية عدوا واحدا ، بل أعداء كثر ، اي جهة تتعارض مصالحها مع مطلق الدعاية يتحول تلقائيا الى عدو ، سواء كان يحمل السلاح ام لا ، وهو ما يجعل دائرة الأعداء تتسع كل يوم حتى تشمل أقرب الاقربين للجماهير ، ويسفك في ذلك دم كبير اكثريته من دماء الابرياء.
الجيش السوداني لديه خبرة كبيرة في الدعاية نتيجة دخوله لحروب متعددة ومتطاولة ، والكيزان الذين يسيطرون عليه اهل باع طويل في بث خطاب الكراهية وفي تحويل السودانيين من بشر مسالمين الى آلات حرب معبأة بالكراهية والغضب والثأر ، ودعايتهما تمثل سما زعافا يقتل الابرياء ويدمر البلاد استجابة لمصالحهما.
الدعم السريع خريج مدرسة الكيزان ، ويعلم اساليبهم الخبيثة في التجنيد والاستقطاب والتعبئة ، ويستغل نفس الدعاية السامة في الحرب.
لان دعاية الطرفين المتحاربين سامة ، تجاوزت حربهما كل أنواع البشاعة ، وتخطت كل أشكال السوء ، وملأت السودان بالكراهية والغبن ، وحولت الجميع إلى آلات حربية قاتلة لا تملك رحمة ولا شفقة ولا عقلانية، مما جعل السودان أسوأ بقعة للعيش في العالم في الوقت الحالي.
دعاة السلام امامهم مهمة عسيرة جدا ، ولكنها ليست مستحيلة وتتطلب بذل جهد ضخم ، تحتاج فيه لدعم العالم والجيران والمنظمات الدولية ، فانقاذ انسان السودان من دعاية الحرب هو أول الخطوات وأهمها في عملية ايقاف الحرب واستعادة السلام والامن والتعايش.

‫4 تعليقات

  1. الإنسان السوداني مثلك هو اكبر دعاية للحرب ينتمي للدعم السريع تماما في نفس اللحظة يدعي عكسه.

  2. كلامك صحيح ان الدعم السريع خريج مدرسه الكيزان ولكن انت يا يوسف خريج مدرسه الكيزان ولم تنهى فى المؤتمر الوطنى الى الان بالرغم ان المؤتمر الوطنى حزب محلول. اذا تبتا من الكوزنه فيلزمك نقد تجربتك وفضحالممارسات الكيزانيه وخاصتا حمل السيخ فى الجامعات وانت كنت من حملة السيخ . لان هجومك دا . دا غير واضح هل هو هجوم ثورى ام توازن كهن الكيزان .لان نجد فى الاسافير كيزان ينقدون الكيزان بسبب استجرار الجماهير

  3. (سلاح الدعاية الحربية السحري هو بث روح الكراهية ، اذا لم تكره عدوك لن تؤذيه هكذا تعمل الدعاية الحرية ، تحول الانسان إلى كتلة من الكراهية للعدو ، تحرق كل اوراق السلام والحوار ، تصور العدو شيطانا يملك أقبح الصفات على الارض ، وانه لا سبيل لتحرير الارض والإنسانية الا بقتل هذا الشيطان)
    طيب ياخي لما عارف كدا ليه كتاباتك وكل القحاتة هي بث خطاب الكراهية ضد الاخر بدلا من الحكمة وجمع الصفوف!
    أم ان الكراهية القحاتية والتابعة لحزب الامة هي الكراهية الجميلة المحببة؟
    انتم وانت منهم اشعلتم الحرب لتغذيتكم خطاب الكراهية لخصومكم السياسيين وكما يقولون الحرب اولها كلام.
    ما هذا التناقض الوقح؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..