تجارة الحروب.. السلاح رأس المال

الخرطوم: العفراء
مع امتداد الحرب لأكثر من عام تبدلت معالم الحرب في الخرطوم، أضحت لها أشكال أخرى غير القالب القتالي. فالخرطوم اليوم تشهد تقلب في الوضع الميداني سنح بفرصة للفوضى الأمنية و استغلال للظروف المعيشية.
المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع، أصبح الوضع يحمل في طياته أهداف أخرى غير الأهداف القتالية، فتجد بعض من هؤلاء سلكوا سبل تجارية من النصب والمسروقات، والسيطرة على البضائع التي تأتي من مناطق أخرى.
في هذا الشأن يخبرنا أحد التجار أن الجنجويد أصبحوا يزاحمونهم في ارزاقهم بعد أن ضيقوا عليهم بدفع رسوم للارتكازات وتصريحات التحرك، فيصبح التاجر لا يملك مكسب فيضطر لزيادة سعر البضاعة من ما يضيق على المواطن ويفرض حالة من التذمر، وهو وضع يتفهمه التاجر نسبة للظروف العامة، فيجد أنه أما يجلس على بضاعة لا يستطيع تصريفها، أو يبيعها فيخسر ولايجد رأس مال ويجبر على ترك تجارته، ومحاولة السعي لعمل شيئ آخر لكسب لقمة عيشه).
تنشر ظاهرة أسواق دقلو وتجد فيها كل ما لايخطر على بالك من أواني و اثاثات وغيرهم، من تجار ضعاف النفوس يتسببوا في زيادة السرقات لبيوت المواطنين.
وتقول إحدى المواطنات: ( عشان نطمئن أهلنا ونستلم مصاريفنا بندفع قروش للدعامة عشان الشبكة عندهم بس، عشان نشتري أي حاجة بقت يا بضاعة جايبنها هم للتجار يا بيبيعوا فيها براهم، الناس ما بتشتري إلا الضروريات أو تنجبر شديد ما تلقي خصوصا أنو الفترة طالت زمان كنا بنعرف الحلال من المشفشف على قول الشباب بس اسي البضاعة زاتها ما متوفرة، الحمدلله بس، الله يغفر لينا لو اختلط أكلنا بالحرام).
المواطن اليوم يواجه حرب أخرى نفسية وأخلاقية، ربما لايصمد فيها الكثيرين، لكنها بالتأكيد تخلق شكل عام غير مرضي يزيد من قسوة الظروف المعيشية.
هذه الحالات تفرض نفسها على الواقع المعيشي ويحدثنا أحد الشباب عن صعوبة حصولهم على عمل يسترزقون منه بسبب مضايقات الدعم و أخذهم لكل ما يريدون دون دفع أي مال ( الناس دي ما بتمشي مناطق عمليات زاتو أظن، مرات يجيبوا بضاعة بالدفار من وين ما معروف وفحم برضو يبيعوهم في السوق، حتى التلج ومحلات بيع الخضار، ومحل النت وشحن التلفونات، غير بيع المخدرات والكحول بكل أنواعها، والسلاح والذهب المسروق مسيطيرين على أي حاجة تجيب قروش، وممكن يكون بعضهم ما دعامة بس عندهم سلاح).
اللقطة للسوق بضاعة بجانبها سلاح، هذا الوضع يعكس أن لغة السلاح فقط تسيطر وتجعل البقاء للأقوى، وربما هذا يزيد الأمر تعقيدا عندما لا يجد الناس مفر إلا استخدام السلطة القتالية، ويجعل هذا التساؤلات تكثر حول تحول الدعم السريع من أفراد يتبعون لقيادات إلي أفراد متفلتين وأصحاب تجارة، أو أن هذا القانون السائد لنظامهم وطبيعة معيشتهم في مناطق الحرب، وهل هذا يعني أنهم لا يتلقون المال من قياداتهن، أم أن هذا ناتج عن استمرار الحرب لفترة أطول. وفي ظل كل هذا يبقى المواطن أسير هذا الانفلات الأمني يعاني الأمرين محاولا الحفاظ على سلامته، وقدرته على المعيشة في ظل هذه الظروف.