السودانيون لم يشاركوا في نهضة دول الخليج مجانا

وهل صحيح أن السودان له دور ريادي في نهضة دول الخليج؟ هل تعني الرواعية السودانيين أم من ؟ دول الخليج بناها الهنود والباكستانيين و البنغالدش والمصريين ..فليكف السودانيين عن الوهم

للأسف لم يحالفك التوفيق في مقالك هذا ، ومع إحترامي لوجهة نظرك إلا أن حال واقع السودان يقول أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الحال المزري من تراكمية العجز عن اللحاق بركب الحداثة وتطور السودان ، هو هجرة الكفاءآت السودانية القديرة المتمكنة المبدعة وأيضآ هجرة الأيدي العاملة السودانية الماهرة للعمل بغرض كسب العيش في دول الخليج منذ ستينات القرن الماضي. الفراغ الفاكيوم الطاعن للوطن في مقاتل عديدة بسبب هجرة الكفاءآت هذه لايمكن حصر أضراره وتراكمية أضراره بالوطن عبر الزمن في مداخلة محدودة متواضعة كالتي أخطها هنا لسيادتك ولقراء مقالك الكرام. لكن دعنا ننظر لمعطيات الأمور من أصغر وأضيق الزوايا ، السودان دأب منذ نيله الإستقلال السيادي على تقوم الدولة بتكاليف تعليم وإعداد النشء من الألف إلى الياء ، يدرج طلاب العلم في جميع المراحل التعليمية في مناهج يضعها الإخصائيون بعناية (بخت الرضا) وتقوم الدولة بتقديم التعليم المجاني والسكن الداخلي مع الوجبات والملابس والكتب المجانية في جميع المراحل من المرحلة الأولية سابقآ وحتى المرحلة الجامعية ومابعد الجامعية حيث كان طلاب إجازات الدكتوراة والماجستير والتخصصات العليا في الطب والقانون وخلافه ، ببتعثون على نفقة الدولة إلى خارج السودان -إنجلترا تحديدآ نسبة لإرتباطها الإستعماري السابق بالسودان- ولكن بعد أن تنفق الدولة كل هذه العطايا ، كانت معظم الكفاءآت بعد أن يتم تأهيلها ، تهاجر للعمل في دول الخليج سعيآ وراء المرتبات الأعلى نسبيآ إذا ماقورنت بها في السودان.
كل الأمم التي قفزت بطفرات هائلة في جميع المجالات ، كان الكثير من الفضل في تقدمها يرجع لإستقتطاب هذه الأمم للعقول والكفاءآت من دول أخرى ، خذ الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال ، تعطى الكفاءآت المهاجرة الإغراءآت المالية والحق في الحصول على مواطنة البلاد وكل حقوق المواطنة لأبناء وبنات الكفاءآت المستوردة بهذه الإغراءآت. والدول الطليعية في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا ونيوزيلاندا وكندا ، لم تقم بتفعيل هذه الإغراءات السخية وجذب الكفاءآت إليها إلا إنطلاقآ من تجربتهم الغنية بأن هذه الكفاءآت هي الطاقة الجبارة التي تساهم بالفعل في إزدهار وتقدم البلاد نحو الأفضل ، ولذلك فهم يمنحون العقول المستقطبة لبلادهم كل الحقوق والحريات التي تنعكس إيجابآ أيضآ على نفسية ورضا المهاجر فينتج ويبدع للدولة المضيفة بإخلاص وتفاني. قس على ذلك غربة دول الخليج …. في الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانوا يستقتطبون “الوافدين” ويتعلمون منهم ، ثم بعد إستفادوا للغاية القصوى من تجربة إحتكاكهم بالكفاءآت الوافدة ، بدأت مرحلة التخلص من هذه الكفاءآت و” السعودة” و “الخلجنة” والتذمر المجتمعي من وجودهم والإستعلاء الطبقي عليهم والسعي لتقليص وجودهم في دول الخليج والتعنصر ضدهم. أبناء وبنات المغتربين في تغريبة دول الخليج -وهي تغريبة- يولدون في هذه الدول ويلهجون كلاهما وبطبيعة الحال يتطبعون بطبائع مجتمعاتها ، ولكن هؤلاء الأولاد والبنات ليس لهم الحق في التعليم الجامعي الذي يتمتع بمجانيته أقرانهم المواطنين ، وشخصيآ ، أعرف بعض البروفيسورات السودانيون ممن أفنى عمره في التدريس في أحدى جامعات دول الخليج وعندما كبر أبناءهم وتأهلوا للإنخراط في التعليم الجامعي ، منعت عنهم الفرصة بحجة أنهم ليسوا مواطنين. وبين هذا وذاك فالكفاءة المغتربة العاملة لدى دول الخليج مهما علا شأنها العلمي فلا بد أن أن تقع في شراك عبودية نظام الكفيل البغيض والغني عن التعريف. وفي النهاية يجد المغترب لدى دول الخليج أنه أفنى عمره في خدمة الدولة الخليجية وساهم إلى حد كبير في دفع عجلة إزدهارها ، ثم يتم الخلاص منه مثل سيجارة الدخان ترمى وينداس عليها بعد أن ينال منها الكيف. طبعآ المغترب قد يبني بيت في السودان يقضي قرابة الثلاثين عامآ عملآ شاقآ في دول الخليج لكي يبنيه ولكنه سوف يبلغ هذه المحطة من عمره وقطار العمر قد شارف على بلوغ النهاية ، فلا هو ساهم في رفعة بلاده ولاهو نال الرفعة والعزة المنشودة من الإغتراب. لذلك ضحوا من أجل بلادكم ورفعتها ، ساهموا بالتضحية بالبقاء فيها على صعوبة ذلك الأمر وبعد حين سوف تنطلق عجلة إزدهار البلاد ورفعتها والأوطان تبنى على قدر محبة وتفاني وعمل أهلها لرفعتها.
* الله لا كسب الكيزان خيرآ ، الله يجتث جذورهم من الأرض ويذهب بريحهم ، دمروا السودان وأرجعوه إلى عصور ماقبل التاريخ.

ليست العبرة بالعدد ولكن العبرة بكفاءة السودانيين الذين ساهموا في نهضة الإمارات وذلك بشهادة الإماراتيين..إنظر الرابط:
https://vm.tiktok.com/ZMr2kCR1X/