محنة البزعي في بورتسودان

إبراهيم سليمان
حالفه الصواب الإداري وجانبه الحصافة المهنية
التطورات الدراماتيكية لعيصان المذيعة بالقناة السودانية ، لتوجيهات المدير العام للهيئة القومية للإذاعة التلفزيون ، فيما يخص الزي المهني للمذيعات بالقناة ، والتي انتهت باحتلال تام لمبنى واستديوهات القناة السودانية في مدينة بورتسودان من قبل الحاضنة الأثنية للمذيعة ، في حقيقتها انفجار لتهميش تراكمي في مجال الثقافة ، من قبل الأجهزة الإعلامية والثقافية المركزية. أي الغياب القسري للتنوع الثقافي عبر الأجهزة الرسمية.
اتفق أهل الاختصاص على صحة ما اتخذه الأستاذ إبراهيم البزعي ، رغم أنه داعم لحكومة انقلابية غير شرعية ، ذلك أن كافة المؤسسات الإعلامية في العالم لديها معاييرها للزي المهني ، وقد يكون زي موظفي أي مؤسسة غير مناسبا ، لكن يمكن تصحيحه وفق إجراءات مؤسسية ، وليس حسب مزاج الأفراد ، ومدى سطوة وتأثير حواضنهم الإثنية.
الصدفة وحدها ، يضاف إليها الظرف الزماني والمكاني ، جعلت من هذه الحادثة ، سانحة مناسبة ، للتعبير عن عدم رضى مكونات سودانية عريضة ومؤثرة ، عن سياسات
وممارسات الدولة المركزية في تعاطيها مع الشأن الثقافي ، والجنوح نحو الأحادية الثقافية ، منذ فجر الاستقلال ، المتمثلة في فرض الثقافية الأمدرمانية ، بالإضافة إلى ثقافة الوسط والشمال النيلي ، كهوية ثقافية قسرية للبلد على حساب الثقافات الأخرى المتعددة، لبلد مترامي الأطراف ، ومتنوع الثقافات والأعراف.
لذا ليس بمستغرب أن تجد حادثة احتلال القناة “القومية” السودانية من شباب البجا ، استحساناً واسعاً من قبل مكونات سودانية عريضة رغم عدم منطقيتها.
ومن ناحية أخرى ، لا يخلف احتلال شباب البجا للقناة السودانية ، لحسابهم الخاص ، عن تتريس الناظر ترك ، ناظر عموم البجا ، للميناء والطريق القومي ، في فترة عصيبة سابقة ، لحساب الدولة العميقة والعسكر الانقلابين.
كلا الحادثتين ، من مظاهر اضمحلال دولة – 56 الآيلة للزوال بخطي متسارعة.
رغم مهنية الأستاذ إبراهيم البزعي ، وصحة توجيهه الإداري للمذيعة ، فقد خانته الحصافة ، وكان عليه “فك أزرار المهنية حبة”، مراعاةً للظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد ، ووضع الصرامة على الرف ، حتى تضع الحرب أوزارها ، فالناس فايرة ، والبلد فايرة ، وفات عليه أن يدرك أن بورتسودان ليست الملازمين .
البزعي غلطان يجب أن يحلق راسه ويجلد أربعون جلدة ويطرد من بورتسودان