أخبار الرياضة

الكرة والتجنيد وحسابات الكبار.. عاصفة غضب في مصر بعد وفاة النجم أحمد رفعت

تثور تساؤلات في مصر بشأن من يحكم منظومة كرة القدم في مصر، وذلك بعد الوفاة المأساوية لنجم المنتخب الوطني أحمد رفعت، السبت، عن عمر الـ31، وما تردد بشأن استغلاله من قبل عناصر للاستفادة من لعبه بالخارج.

وفي 11 مارس الماضي، سقط اللاعب على أرض الملعب خلال الدقائق الأخيرة من مباراة فريقه فيوتشر (تغير اسمه قبل أيام إلى مودرن سبورت) أمام نادي الاتحاد بمدينة الإسكندرية، ونقل إلى المستشفى، حيث عانى من توقف عضلة القلب، لمدة تصل إلى حوالي ساعتين، قبل أن تكتب له النجاة.

بعدها، خرج رفعت في مقابلة تلفزيونية مؤكدا أن ما حدث له كان نتيجة ضغوط وتعرضه لأذى نفسي كبير من شخص يتمتع بنفوذ كبير.

وأحدث خبر وفاة رفعت، صباح السبت، صدمة لدى جماهير كرة القدم في مصر، مما أدى إلى تفجر الجدل عن المتسبب في “أزمة” اللاعب، وما حدث له حتى وفاته.

ويرى الناقد الرياضي محمد البنهاوي في حديثه مع موقع “الحرة” أن ما حدث لرفعت يبدو واضحا أنه “نتيجة ظلم وقهر وضغوط نفسية مارسها عليه مسؤول عن الرياضة، وقد أخطره الأطباء أن تلك الضغوط كانت أهم أسباب توقف قلبه والانتكاسة الصحية التي حدثت له داخل المستطيل الأخضر”.

وأضاف البنهاوي: “لا نحتاج للبحث كثيرًا في ملابسات وأسباب وفاة رفعت في سن مبكرة، خاصة بعدما أفاق من غيبوبته الطويلة، واستعاد وعيه كاملًا لمدة تزيد عن 3 أشهر خرج خلالها على شاشة التلفزيون ليحكي بنفسه، ويمنحنا خيوطًا تقربنا من الحقيقة”.

وأضاف أن رفعت تعرض لظروف قاسية للغاية، إذ أنه، حسب رواية وكيله، لم يستطع جمع أي أموال من كرة القدم طوال مشواره، وكان أمله الوحيد بفترة احترافه في الوحدة الإماراتي، ولكن هذا الحلم تبخر، بسبب عدم استخراج ناديه تصاريح التجنيد الخاصة باللاعب بشكل صحيح ليتمكن من السفر للاحتراف الخارجي”.

ويرى البنهاوي أن “همّ إدارة نادي فيوتشر السابقة كان جني المقابل المادي من احتراف اللاعب ولم تهتم بما سيحدث له، ليفسخ الوحدة تعاقده معه سريعا، ويعو إلى مصر ليجد نفسه متهما بالتهرب من التجنيد، ليختفي عن الأنظار فترة طويلة قاربت 6 أشهر، وهو ما أدخله في حالة اكتئاب شديد وأثر على نفسيته”.

كيف بدأت القصة؟

بدأت القصة، وفقا لمنصة “صحيح مصر” مع طلب أحمد رفعت للتجنيد عام 2021 أثناء لعبه في نادي المصري، وهو ما كان سيضطر اللاعب للانتقال إلى نادي طلائع الجيش التابع للقوات المسلحة، لكن النادي المصري نجح في تسوية الأمر مع نادي طلائع الجيش، من خلال انتقال اثنين من لاعبي المصري إلى طلائع الجيش، مع بقاء رفعت في النادي المصري.

لاحقا، انتقل رفعت إلى نادي فيوتشر الذي أسسته مجموعة من قيادات حزب “مستقبل وطن” على رأسهم النائب أحمد دياب، ووقتها انضم رفعت إلى منتخب مصر وتألق في البطولة العربية كما هو معروف، وأصبح تحت الأضواء.

🔴 خلال لقاء مع برنامج “الكورة مع فايق” على قناة MBC مصر السعودية، أدلى #أحمد_دياب، الرئيس التنفيذي السابق لنادي “فيوتشر”، ورئيس رابطة الأندية حاليًا، بعدة تصريحات مُضللة، عن أزمة إعارة اللاعب #أحمد_رفعت إلى نادي الوحدة الإماراتي.

1️⃣ في الخطأ الأول قال دياب: “أحمد خرج من مصر… pic.twitter.com/R7OCmSYPDT

— صحيح مصر (@SaheehMasr) July 7, 2024

وفي أكتوبر 2022، تلقى نادي فيوتشر  من نادي الوحدة الإماراتي عرضا لاستعارة اللاعب لموسم واحد، مقابل 29 مليون جنيه، مثلما نقلت بعض وسائل الإعلام وقتها، أو 500 ألف دولار مثلما قال وكيله نادر شوقي في مقابلة تلفزيونية مساء السبت.

كان رفعت حينها مع بعثة نادي فيوتشر في ليبيريا لخوض مباراة أفريقية، وتلقى رسالة من رئيس نادي فيوتشر، النائب بالبرلمان، أحمد دياب، للتوجه مباشرة إلى الإمارات، دون العودة إلى مصر.

ووفقا لوكيل اللاعب، في مقابلة تلفزيونية، السبت، فإن رفعت كان يريد الالتزام بالقانون وعدم السفر إلا بتصريح من القوات المسلحة، طالما هو على ذمة التجنيد، لكن دياب وعده بأنه سيحل المشكلة.

وذكرت صفحة “الموقف المصري” أن بعد ذلك بشهرين شعر رفعت بقلق شديد باعتبار أن ما حدث له غير قانوني لأنه لم يتم استصدار تصريح من القوات المسلحة، وفسخ تعاقده بالتراضي مع نادي الوحدة، وعاد إلى مصر في يناير 2023، لكنه عاد ليجد نفسه متهما بالتهرب من التجنيد ليتم لاحقا القبض عليه وإيداعه السجن الحربي وهو ما أثر عليه نفسيا بشكل كبير.

وعقب وفاة رفعت، خرج شقيقه ملمحا إلى مسؤولية دياب، وطالب بسؤال النائب عما حدث لرفعت قبل وفاته.

والسبت، تبادل دياب التعليقات مع المتحدث الرسمي لوزارة الرياضة على الهواء ببرنامج بث على قناة “ام بي سي مصر”. إذ قال دياب إن سفر اللاعب للإمارات جاء بناء على قرار وزاري، فيما أكد المتحدث الرسمي للوزارة، محمد الشاذلي، أن إجراءات سفر اللاعب واستخراج تصاريح التجنيد مسؤولية النادي، وليس الوزارة.

والأحد، أصدر وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، قرارا بتكليف اللجنة القانونية العليا بالوزارة، للتحقيق في جميع الملابسات، وفحص جميع المستندات الخاصة بسفر رفعت.

وأوضحت وزارة الرياضة أن القرار جاء نظرًا لما أثير مؤخرًا عبر وسائل الإعلام بشأن وجود شبهة مخالفات إدارية وقانونية شابت سفر اللاعب خارج البلاد.

أصدر الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة قرارًا بتكليف اللجنة القانونية العليا بالوزارة، للتحقيق فى كافة الملابسات وفحص جميع المستندات الخاصة بسفر اللاعب الراحل أحمد رفعت، وذلك لما أثير مؤخرًا عبر وسائل الإعلام بشأن وجود شبهة مخالفات إدارية وقانونية شابت سفر اللاعب خارج البلاد pic.twitter.com/punzYXI4Jq

— وزارة الشباب والرياضة – مصر (@emysofficial) July 7, 2024

كما أصدر وزير الشباب والرياضة قرارًا بتشكيل لجنة من المختصين بالوزارة للقيام بأعمال الفحص والمراجعة لجميع المستندات بنادي مودرن سبورت، والاتحاد المصري لكرة القدم، واللجنة الأوليمبية المصرية في هذا الشأن.

“لم تكن الأولى”

قصة اللاعب الراحل ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، إذا لم يتم إصلاح المنظومة الكروية بحسب البنهاوي، مشيرا إلى أنها فتحت باب المحاسبة بثمن باهظ، هو حياة لاعب شاب.

بينما ذكرت صفحة “الموقف المصري” أن مسألة “ضغط نادي طلائع الجيش التابع للقوات المسلحة لانتقال لاعبين له، حتى قضاء فترة التجنيد، حالة متكررة جدا في مصر حدثت مع أكثر من لاعبين مثل عمرو جمال، وميدو جابر، ومحمد رزق وغيرهم، بل إن قائد المنتخب حاليا، نجم نادي ليفربول الإنكليزي محمد صلاح نفسه واجه مشكلة شهيرة بمسألة التجنيد في 2014 حين كان يلعب لتشلسي، لم تحل سوى بتدخل رسمي من إبراهيم محلب، رئيس الوزراء وقتها.

وتشير إلى أن القصص المشابهة لما حدث مع رفعت كثيرة مثل “قصة لاعب الزمالك أحمد توفيق الذي تم استدعاؤه للتجنيد بعد تهديد من مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك السابق بعد توجيهه سيل من الإهانات للاعب على خلفية أدائه في إحدى المباريات، ليختفي اللاعب ويظهر بعدها بأيام في مقطع فيديو معتذرا لمرتضى منصور وشاكرا له حله لمشكلة التجنيد”.

وفي تطور آخر طالب كثير من المراقبين والصحفيين بفتح تحقيق بشأن ملابسات أزمة رفعت، بينهم الصحفي أحمد شلبي الذي كتب على صفحته على فيسبوك “إذا تم فتح تحقيق قضائي في قضية رفعت، ستكون هناك اتهامات لرئيس نادى ووكيل لاعبين وثلاثة إداريين في جهات رياضية مختلفة”.

وأوضح أن “الاشتراك في مساعدة هارب من التجنيد جريمة، والاشتراك بالتوسط في مساعدة هارب من التجنيد جريمة، والاشتراك بإصدار شهادة أو تصريح بالمخالفة للقانون جريمة، كما أن الاشتراك بخداع لاعب بالقدرة على إعفائه من الخدمة العسكرية جريمة نصب واحتيال”.

“منظومة فاشلة”

من جهته يصف البنهاوي المنظومة الكروية في مصر بأنها “فاشلة”، معتبرا أن “من يديروا الكرة في مصر، سواء اتحاد الكرة أو الرابطة، أشخاص غير مؤهلين، لكنهم تولوا مناصبهم بسبب العلاقات وليس الكفاءة”.

وطفا اسم أحمد دياب على السطح عام 2020 بصفته رجل أعمال يترأس شركة الصعيد للصلب ويملك مؤسسة فيوتشر أوتوموتيف، وتم ترشيحه من قبل حزب “مستقبل وطن” القريب من الأجهزة الأمنية في انتخابات مجلس الشيوخ عن محافظة الجيزة، بحسب صفحة “الموقف المصري”.

وتشير الصفحة إلى أنه “في سبتمبر 2021، ظهر اسم دياب بشكل مفاجئ في عالم كرة القدم، إذ تأسست شركة “فيوتشر للاستثمار الرياضي” من قبل قيادات في حزب مستقبل وطن واستحوذت على نادي صاعد للدوري الممتاز اسمه “كوكاكولا”، وغيرت اسمه لنادي فيوتشر، وبات دياب رئيسا للنادي.

“بعدها تحول دياب لرئاسة رابطة الأندية، وأهم شخص في منظومة الكرة في مصر”، بحسب الصفحة.

وفي مداخلته مع برنامج “ام بي سي مصر”، السبت، أكد دياب أن النادي استصدر قرارا وزاريا لرفعت للسفر مع بعثة النادي إلى ليبيريا، وكان هذا القرار الوزاري ينتهي في 10 أكتوبر، وقد استخرج إداري الفريق تصريح السفر للعب من إدارة التجنيد، وسافر فعلا.

وأضاف أنه في الخامس من أكتوبر تقدمت إدارة النادي بطلب لوزارة الشباب والرياضة بمد سفر رفعت لدولة الإمارات لنادي الوحدة، ومدد السفر إلى يناير، مشيرا إلى أن تصاريح السفر تصلح لثلاثة أشهر.

وأشار إلى أنه صدر بالفعل قرار وزاري بتاريخ الخامس من أكتوبر 2022 لثلاثة أشهر حتى يناير، ثم عاد رفعت وأعيد قيده بفيوتشر في يناير، ولعب بالفعل حتى نهاية الموسم، مشيرا إلى أن سفره “كان بشكل قانوني”.

وقال: “نحن كنادي نقوم بإجراءاتنا مع وزارة الشباب والرياضة وبالفعل استصدرنا قرارين وزاريين، وأصبح موقفا النادي واللاعب قانونيا مئة في المئة، لكن ما حدث بعد ذلك كان بعد انتهاء مدة صلاحية القرار الوزاري”.

وأضاف: “صدر قراران وزاريان، لكن قد تكون هناك إجراءات أخرى مثل التصديقات من جهات أخرى، النادي لا يكون طرفا فيها، وليست في يده”.

وأشارت صفحة “الموقف المصري” إلى أن هذه الجهات تعني القوات المسلحة.

وعبر الناقد الرياضي الشهير علاء صادق، في فيديو، عن أمله أن تكون وفاة رفعت سببا في إصلاح منظومة الرياضة في مصر.

ونشر الكاتب الصحفي محمد بصل صورة لجدول الدوري في موسم 1998-1999، معلقا عليه “انظروا إلى الأندية وفكروا، هل كان من الممكن أن نرى واحد على مليون مما نراه اليوم من الجشع وتضارب المصالح واستغلال النفوذ. هذه هي أصل الحكاية. الكرة للجماهير أولا ولا يصح أن تكون محاصصة بين قطاعات وهيئات، والرياضة منافسة يجب أن تحميها العدالة وتكافؤ الفرص”.

كما انتقد البنهاوي في حديثه مع موقع “الحرة” الإعلام الرياضي في مصر الذي “تحول جزء كبير منه للجان إلكترونية بعضها يدافع عن وزارة الرياضة، والبعض يدافع عن اتحاد الكرة، وآخرون يدافعون عن الرابطة مقابل أجور تدفع لهم”.

وقال: “كل هذا أبعد الإعلام عن دوره التوعوي والتنويري ومحاسبة المقصرين وهو ما جعلهم يواصلون فشلهم دون حساب”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..