مقالات وآراء

الفكرة اولا ام المادة

امجد هرفي بولس

 

تبدو الجدليات في ادبيات الماركسيين، حول أيهما الأول الفكرة ام المادة ، او بمعني هل الوجود المادي يؤدي الي الفكرة ام ان الفكرة تؤدي الي الوجود المادي للاشياء.
تبدو هذه الجدليات أقرب للجدليات السفسطائية حول هل البيضة من الدجاجة ام ان الدجاجة من البيضة .
يرجح الماركسيون حسب نظريتهم المادية ، ان المادة سابقة علي الفكرة .
يبدا إنجيل يوحنا كلماته بأنه في البدء كان الكلمة . والكلمة هنا تعني عند المسيحيين السيد المسيح نفسه ، والسيد المسيح نفسه اتي بفكرة جديدة علي العالم ، ادت الي زلزلته والي انقسامه، فنستنتج من هذا ان السيد المسيح هو الفكرة السابقة علي المادة.
ويقول بعض المتصوفة المسلمون ، ان هذا العالم المادي المحسوس ، ما هو إلا انعكاسا لعالم روحي غير محسوس .
قالت الأستاذة سناء حمد عضوة المؤتمر الوطني ، انه بإمكان المؤتمر الوطني الجلوس الي حميدتي ولكن من الصعوبة بمكان الجلوس الي تقدم . ونفس العبارات نسمعها من التقدميون لاحقا والقحتيون سابقا ، انهم علي استعداد للجلوس مع الجميع فيما عدا المؤتمر الوطني .
ولعمري فإن كل هذا التشدد من الطرفين انما يعكس ان ما نشاهده اليوم من حرب ضروس تدمي لها قلوب السودانينون جميعا وجميع محبي السلام ومبغضي الحروب في العالم ، ان هذه الحرب ما هي إلا انعكاس لمدي الانشقاق الفكري العميق والحادث بين المؤتمر الوطني ومتعاطفيه وبين التقدميين ومتعاطفيهم من الجهة الاخري.
فها هي هذه الحرب اللعينة ، تدلل بأن الانشقاق الفكري الحاد بين صفوف الشعب السوداني ، ادي في نهاية المطاف الي هذا الانشقاق العميق في منظومته العسكرية .
وبالطبع فلدي كلتا الفئتين الكثير من المرارات والاحقاد والروايات الدالة علي صحة موقفه ، فالتقدميون يحكون عن مرارات ثلاثون عاما من حكم المؤتمر الوطني ، ولعمري فإن حرب الخمسة عشر شهرا الماضية فاقت مراراتها مرارات حكم المؤتمر الوطني ذات الثلاثون عاما اضعافا مضاعفة . وأصبح محمد احمد المغلوب علي أمره يحلم بسنوات حكم المؤتمر الوطني كمن يحلم بالجنة وهو في النار يتلظي.
ومن المؤسف حقا ان معظم افراد الشعب السوداني المكتوي بنار هذه الحرب العبثية ، لم يتثني له دخول الجامعات ، او الجلوس في المنتديات الفكرية والثقافية ، ولم يكون فكرة حول افكار هذه المجموعة او تلك ، إنما وجد نفسه في خضم هذا الصراع العسكري البغيض ، مقتولا او منهوبا او مسلوبا او نازحا او لاجئا.
فمتي يتنازل ساستنا هؤلاء القابعين في ابراجهم العاجية ، ينافحون عن أفكارهم الدينية او اللبراية ، تحت المكيفات بينما يتلظي المواطن السوداني المسكين ، بحرب لا ناقة له فيها ولا جمل ، ويدفع فاتورتها بالكامل بينما مثيروها هم اغلبهم خارج البلاد يؤججونها بفلسفات لن تلد إلا الخراب.
يقول المثل السوداني : عينه للفيل وبيطعن في ضله ، فالواضح ان هذا الصراع إنما صراع بين تقدم وبين المؤتمر الوطني ، فالي متي يرفضون الجلوس الي بعضهم البعض لانهاء هذه الازمه، بدلا من ان يتحاور الضل مع الضل؟ .
اما اذا كانت حالتهم النفسية او كما يقول السودانينون نفسياتهم لا تسمح لهم بالجلوس للتفاوض لانهاء هذه الحرب العبثية فعليهم ان يجدوا الي هذا سبيلا.
وليس هذا بغريب علي عالم اليوم فها هم جمهوري أمريكا مع ديمقراطيها تحت قبة كونجرس واحد وها هم محافظي بريطانيا وعمالها تحت قبة برلمان واحد ، فمتي سيعلم الطرفان السودانيان بأن سحق كل طرف منهما بات امرا مستحيل ، والمتضرر منه هو الشعب السوداني المسكين ، فياتوا ليصافحوا بعضهم نادمين علي ما فعلوه في حق الوطن والمواطن.

 

[email protected]

‫10 تعليقات

  1. طريقتكم يا اقباط بتاعة تطييب الخواطر والقنوع بالموجود والخنوع للقوي دي ما بتنفع معانا.
    الحرب دي بدأها الكيزان لأنهم المتضررون الوحيدين من الإتفاق الإطاري وهم من أنشأ الجنجويد لتصفية حساباتهم مع قبائل الزُرقة في دارفور ثم إستعانوا بهم لقمع أي معارضة سياسية.
    نحن نقول ان هذه الحرب كانت عقاباً للسودانيين على صمتهم على مقتلة دارفور لمدة عشرين سنة في تحالف مريب بين جيش الكيزان ومليشيا آل دقلو.
    اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا بينهم سالمين.

    1. وهل تظن ان هذا العقاب يجب أن يستمر الي ما لا نهاية او بصورة أبدية يا سيد الو شمبات؟

  2. خطاب عميق ولكن لا يستوعبه اغلب القطيع السودانى بسبب تنشيئه العنف الدينيه الاسلامويه والابويه الطاغيه وكذلك الذاتيه الطاغيه . ولعل الانشقاق الفكرى وسط السودانيين الان يحوى انشقاق عرقى وجهوى واثنى , ويتمظهر فى خطابات كراهيه وخطابات مناطقيه تهتك النسيج الاجتماعى……………. اشكاليه القطبين من تقدم المتطوره من قحت وقطب الكيزان صراعهم صراع وجودى جوهره تناقض وتضارب مصالح ذاتيه , ضحيتها المواطن وبيادقها الدعم السريع والجيش………………………………….. كل الدول التى مرت بمحن حروبات وابادات جماعيه وعرقيه خرجت من المحنه بالحوار الجاد وتوسيع دائره المشتركات والتسامح عبر تفعيل العداله الانتقاليه …………..ولكن نحن فى السودان -نفتقر للحكمه والقياده ——الله ابتلاءنا بنخب صفويه عقائديه تتموضع حول الاقصائيه والذاتيه والمراهنه على الخارج والمراهنه على العمالة الاقليميه المحوريه والدوليه —————- واحده من اسباب هذه الحرب هو الظلم والتهميش والاستعلاء العرقى والعنصريه ( تداول كلمة عبد وتوصيف الاخر بانه تشادى -حتى الامير حميدتى لم يسلم ))))))))))))))))))))))))))))))))))))))) اصرار الكيزان على عدم الجلوس مع تقدم ورفض تقدم الجلوس مع الكيزان فى حاله اقصائيه مريضه يزيد تعقيد المشكله ————- الحل فى التفاوض وتجاوز الاكراهات والمواجع لمصلحه السودان

  3. يا امجد لما جعفر الحمار أعلن الشريعة في ١٩٨٣ باع القبط بيوتهم وممتلكاتهم بأبخس الاسعار ولجؤا للمهاجر البعيدة ثم عادوا من منافيهم بعد إنتفاضة أبريل ١٩٨٥ ثم حدث ذات السناريو مرة أخرى بعد سيطرة الكيزان على السلطة في يونيو ١٩٨٩.
    بعد ذلك تم إسترضاءكم وعاد بعضكم إلى أرض الوطن بواسطة من الكاهن المنافق فلوس عاوز فرج.
    رحم الله أقباطاً وطنيين مثل الاستاذ عبدالله النجيب وسمير جرجس رفضوا الضيم والذلة.

    شوف يا مقدس، نحن ما بتاعين إدارة الخد الأيمن إذا صُفعنا في الأيمن ولا نؤمن بالتضحية في سبيل المسيح والحاجات دي.
    هذه الحرب بدأها الكيزان وكل البلاوي التي حاقت بالبلاد كذلك ويجب أن يدفعوا الثمن كاملاً ويُقتلعوا من أرض السودان إقتلاعاً.

    1. اخ امجد: الكلام اللي قالوا اب شنب لا يعبر عن رأيه فقط. صدقني في عدد مقدر من السودانيين وصلوا للقناعة وهي انه السودان لن ينهض ولن يستقر ولن تقوم له قائمة ما بقى الكيزان. عليك الله يا اخ امجد حاول استرجع تاريخ السودان من لحظة دخول المقبور الترابي معترك السياسة. بإختصار من اللحظة اللي ظهر فيها الكيزان في المسرح وحتى اليوم والسودان ما شاف عافية ابدا. وتحضرني هنا نبوءة شهيد الفكر الاستاذ محمود محمد طه التي تنبأ فيها بسيطرة الكيزان على السودان سياسيا واقتصاديا بالقوة العسكرية وعن الفتن اللي حيتسببوا فيها وانهم سوف يتقلعون من ارض السودان اقتلاعا. بإختصار اخ امجد بقاء الكيزان يعني تأجيل الحرب لكي تشتعل من جديد في قادم السنوات. وخير العلاج الكي لذلك في النهاية ومع الفارق حصلت فيهم قصة نبي الله موسى مع فرعون. فقد تحول الدعم السريع الذي صنعوه بايديهم و”ربوهو في بيوتهم” الى اناكوندا تبلع فيهم واحد وراء الثاني. هؤلاء لا ينفع معهم الا الاقتلاع بعد كل الخراب والدمار الذي الحقوه بالوطن. واترك عنك ما يجري الان وحتتذكر كلامي يوما ما , الكيزان راجيهم يوم اسود في الدنيا يتمنوا فيهو لو لم يولدوا من الاساس ولك ولاب شنب الراكز تحياتي واحترامي اكيد. اما الكيزان فلعنة الله تغشاهم. الله لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية ونسألك ان تجعلهم عبرة وآية.

      1. الكيزان يجب أن يتنازلوا لمصلحتهم ومصلحة البلاد ان يكونوا جزءا من المشهد لا كلا
        اما محاولة محوهم من الخارطة السياسية السودانية فهذا امر مستحيل ولا يؤدي الا الي تعقيد المشهد واستطالة أمد الحرب

  4. يا جماعة الخير، شنو أخبار اللواء طبيب مجدي لطفي، اللي أسروه الدعم السريع؟ لعله بخير! يا أستاذ أمجد بالله طمنا على الدكتور لو عندك أي أخبار عنه، والله هو عزيز وغالي علينا! تربينا قدامه، ولما كبرنا وزاملناه في وزارة الدفاع الإماراتية، وكان هو دكتورنا المفضل في مستشفى زايد العسكري، حاولت الاتصال بولده مارك في أستراليا ولكنه غير رقمه ومش عندي رقمه الجديد!

    1. شكراً جزيلاً يا أستاذ أمجد، طمنت قلبي على الدكتور، والله كنت قلقان عليه كل هذه الشهور، الله يحفظه ويحفظك، بالله تبلغ تحياتي للدكتور!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..