مقالات سياسية

حجوا إلى جدة ولا تسعوا بين أديس والقاهرة

إسماعيل عبد الله

السودانيون في ماضيهم القريب عقدوا مؤتمراً للصلح بين الزعيم ناصر والملك فيصل ، عرف باسم (مؤتمر اللاءات الثلاث) ، الذي رفع فيه المؤتمرون الشعار الثلاثي الرافض للصلح والاعتراف والتفاوض مع الكيان الصهيوني ، في ذلك العام لم تكن بعض البلدان قد رُسمت على خارطة أطلس العالم ، ورغم ذلك فلقد تدهورت أوضاع هذا القطر الإفريقي – العربي حتى غرق في الحضيض ، فاشتعلت الحرب بعد أن اختلفت نخبه السياسية والعسكرية واختصمت وفجرت في الخصومة ، أي لعنة حلّت بهذا الشعب الكريم ودولته؟ ، بعد أن كان رمزاً من رموز رأب التصدعات التي أصابت جدران الدول المجاورة ونسيج الشعوب الصديقة ، إنّه لأمر مزعج ، أن تعلم بأن الوضع العام للدولة السودانية قبل أن يتركها البريطانيون ، كان الأفضل على المستويين الإفريقي والعربي ، وكانت الآمال الاقتصادية معقودة على نواصي هذه البلاد الجميلة ، المحتوية على كنوز الأرض ظاهراً وباطناً والمملوءة بخيرات السماء ، لذلك كانت ومازالت هدفاً لعمالقة السوق العالمية ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل ينجح السودانيون هذه المرة في الالتفاف حول الطموحات الزائدة لأصحاب الغرض والمصلحة والمتربصين؟، وهل يقدرون على الخروج بصيغة جامعة وتوليفة كاملة ، لهذا العدد الكبير من المنابر العديدة المطروحة في الساحة؟، المنابر التي تزعم حرصاً على إيجاد حل سريع وعاجل للمعضلة الأمنية والسياسية؟ ، وهل استوعب السودانيون الدرس المستفاد من نشوب هذه الحرب اللعينة؟، التي اشتعلت بسبب التباعد الوجداني والرؤيوي بين المكونات الاجتماعية والكيانات السياسية؟، إذا لم يستوعبوا كل ذلك فتأكد أن المحصّلة سوف تكون كسابقاتها من المحصلات غير ذات الجدوى ، وهي الدوران حول الصنم القديم ، والقنوط واليأس من تحقيق الإبداع والابتكار لرؤية جديدة مغايرة ، تهز عرش الإخفاق التاريخي الذي اتسمت به الدولة القديمة المرفوضة رفضاً باتاً من جيل التغيير الجديد.

لقد آن الأوان للسودانيين أن يعلموا بأن قوتهم في وحدتهم ، وطالما أنهم ما ينفكوا يصفون بعضهم بعضا بأولاد البلد وأبناء الشتات الدخيلين القادمين من وراء الحدود ، لن يفلحوا في صناعة مجدهم الوطني ، لاستشراء النزعات المناطقية وافتقارهم للقيمة الأخلاقية ، وكما يقول المثل التقليدي (أكلت يوم أكل الثور الأبيض) ، فإنهم لو لم يتركوا هذا المسلك المهلك سيأكلون ، يوم أن قبلوا بأن يكون الكره والبغض هو الطريق لحلحلة نزاعاتهم السياسية ونزعاتهم الاجتماعية ، ومادامت الجماعة والفرد منهم مرهون للدوافع الجهوية ، لن يسلم الفرد ولن تنجو الجماعة من خبث الأجندة الوافدة ، ومن زاوية النظر إلى المؤتمرين الذين انعقدا في الأيام المنصرمة بأديس أبابا والقاهرة ، يرى المراقب وبكل وضوح الأسباب الحقيقية وراء التجاذب بين الجهتين ، وهنا يمثل أمامنا واقع الأزمة المستحكمة – هشاشة الجبهة الداخلية، وأكذوبة وحدة الوجدان الوطني الذي تغنى بتماسكه الموسيقار محمد عثمان وردي ، وقرض شعره هاشم صديق والفيتوري ومحمد المكي إبراهيم ، فبعد كل هذا الجهد (الوطني) المقدّر والمنظور ، ها هو السودان يرث الحرب ، كيف حدث هذا؟ ، الإجابة بسيطة ، وهي أن الزيف لا يصنع وطناً تتداعى أطرافه لتنعم بنعيم مركزه ، والجبن لا يؤسس لجيش يحمي الدستور والوطن والمواطن ، فما صنعناه بأيدينا عاد وبالاً علينا بما كسبت أيدينا وما شدونا به لحناً وطنياً شجياً من أناشيد حفظناها على ظهر القلب ، ارتد نشازاً وجدانياً ترك الغالب من أهلنا خارج منصة التأسيس ، ما هكذا تورد الإبل يا روّاد تأسيس مؤتمري القاهرة وأديس إنّ حلم الطفل السوداني أكبر من رؤية الحاضرين لمؤتمر القاهرة ، وأعظم من الهتافات الصادرة من المعجبين الصائحين باسم الحرية والسلام ، والعدالة المفقودة.

عليكم بجدة ولو طال سفركم وسعيكم إليها وأنتم ما تزالون تهرولون بين صفا أديس أبابا ومروة قاهرة المعز وعليكم بما اختارته أرض الحرمين من خيار ، فهي وكما هو معلوم أنها من ساهمت في ايقاف مسلسل الدماء المنهمرة بين الأشقاء اللبنانيين ، فوضعت حداً للمأساة التي طالت واستطالت بين الفصائل العسكرية والأحزاب السياسية ، الحال الذي يشبه حال بلاد السودان اليوم ، حدث ذلك بعد استجابة الفرقاء اللبنانيين وإذعانهم لنداء مؤتمر الطائف الشهير ، وجميعنا أمل في أن يلعب منبر جدة الدور نفسه مع الفرقاء السودانيين ، لما لأرض الحرمين من موقع يخفق به قلب هذا الشعب الطيب الكريم ، فالمملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر البلدان اكتظاظاً بالسودانيين ، الذين تغربوا عن وطنهم بحثاً عن لقمة العيش والرزق الحلال ، لذا آلت على نفسها أن تكون مكاناً محايداً لعقد لجان الصلح ورأب الصدع ، وأن تبقى صالة مفتوحة لتواجد وفود المفاوضين المنوط بهم البت في حلحلة تعقيدات المشكل السوداني الطارئ ، إنّها جدة وليست (الدجاجة) كما زعم وتهكم ذلكم الداج ، ومن أبى جدة فقد أبى السلام.

 

[email protected]

‫12 تعليقات

  1. الحقد – روح الانتقام – الكراهية- العنصريه وادعاء الأفضلية ومرض الأنا : هذا الخماسي المزمن الذي يعاني منه كل سوداني بلغ الحلم الا بضع هو سبب النكسة السودانيه!!! فما العلاج ؟؟!!!
    مؤتمر أعضاءه هؤلاء لم ولن تنجح وان كان مقره الكعبة المشرفة. .!!!!
    الحل في علاج نفسي اولا لكل مشارك اتي حاملا هذه الأمراض النفسية للقضاء علي خصومة وليس من اجل الإتفاق معه وفي نفسه أمنية ليتني قضيت علي كل من بالقاعة ليخلو لي وجه السودان!!!!
    ما لم يكن هناك جلسات علاج نفسي لكل مشارك في مؤتمرات الحلول للمشكلة السودانية فليس هناك الا مزيدا التعقيد او فرض الحلول بالقوة .

  2. البل جاييكم باذن الله في الضعين عاصمة الجنجويد الما بشر , عشان تضوقو (الديموغراتيه ) دي كويس .

    1. يا زول أنت الحاصل ده كله وما فهمت حاجة ياخي خليك في احلام الحفاظ بسنار والدمازين والنيل الابيض الطعين شنو التصله هي كلها طائرة طائرتين ترمي ليها برميل برميل وتهرب وثانيا الرجال كان حصلتوهم يا كيزان الرجالة بتجيبوهم من وين عشان تضربوا حواضن الدعم السريع ولا هو كلام والسلام

  3. جدة او القاهرة او اديس ابابا لكن لن يضمنا معكم وطن واحد ايها الرعاع القتلة اللصوص المغتصبين

    1. لن يضمنا معكم وطن واحد ايها الرعاع هههه يا زول أنتو فحطوا وتركتو ليهم البلد والدعامة ديل ما سرقوها او اغتصبوها ديل شالوها من جيشكم واجهزتكم الامنية الكيزانية كننننقر وحكاية ما حتعيشوا مع الدعامة صحيح تاني كوز ما حيقدر يعيش في البلد دي ولا حتقدروا تحاربوهم يعني احسن تشوفوا ليكم جنسيات تركية او مصرية

  4. غريبة ……… مقال لا يشبه ما كنت تكتبه من قبل ( كنت كاتب عنصري من طراز فريد ) شكلو كده دعمك الصريع على وشك الانهيار
    غيرت هواك غيرت هواك …………. نشك في كونك سوداني لمقالات سابقة كتبتها تطفح بالعنصرية ……… ننتظر لنرى على اي اتجاه انت ذاهب لكن على كل لغة المقال ركيكة تشبه مقالاتك السابقة من حيث ضعف معرفتك باللغة العربية وفنيات الكتابة الصحفية ……. لابد من محاسبتك على المقالات السابقة امام المحاكم السودانية او التشادية بعد التأكد من موضوع انتماءه لاي بلد منهما ؟ ……… لا مكان للخونة في السودان بعد هذه الحرب ………

    1. الملاحظ كل العنصريين في الدعم السريع منتدبين من الكيزان الربيع عبدالمنعم اسماعيل عبدالله ود ابوك و فارس للاسف كلهم كانو كيزان و لا زالوا يتعالجون من السرطان الكيزاني بالكيماوي وان شاء الله يتخلصون من المرض الخبيث ويعودون مع الدعم السريع بشر اسوياء من أول وجديد

  5. إستراحة مع فاصل من طرب مزمار -وهذا هو اسم هذا النوع من الغناء- مع جداوية اصيلة:
    ماشي جدة
    ماشي جدة
    وهووووو في مكة

    https://x.com/i/status/1810716082291789972

    وماشي جدة بصوت صاحب الاغنية …
    في هذا المقطع وماشي جدة تبدأ في الدقيقة 12:23

    https://www.youtube.com/watch?v=BWSzi1J_0WA

  6. العنصري البغيض
    سؤال لو لم يضم الانجليز دارفور زفت للسودان هل كنت ستطالب بضمها للسودان.
    نقطة هامة غرابي يحكم السودان تاني مافي لن نعيد تجربة السفاحين التعايشي وحميتي

  7. ما شاء الله.. بقيت تدعو للوحدة والسلام.. لا سلام ولا كلام.. لابد من الثأر من المسيرة والرزيقات.. لعنة الله على الجنجويد المرتزقة الي يوم الدين.

  8. حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم كلكم انتم والكيزان وكل صعاليك السياسة السودانية من قحط وتقزم وكيزان وطائفية وشيوعيو وقوميين عرب
    ده كلام الكيزان …. ادناه
    ( وإن تعلقوا باستار الكعبه

    عقب زيارة الرئيس الإثيوبي للبلاد ومن قبله الوزير السعودي راجت في الأسافير (خروج قوات العدو) من بعض المناطق وخاصه ولاية الخرطوم.. بل وذهبت (الإشاعه) إلى أن هذا الخروج تنفيذ لإتفاق جدة الأول… وان هذه الزيارت بغرض التأكد وإطلاع الحكومه السودانيه.

    . الشعب السوداني ليس بهذه السذاجه التي يعتقدها (القحاته وقطيعهم) فإن كانوا هم أغبياء عليهم أن لا يعتقدوا أننا (مثلهم في الغباء) لقاءات جده كانت في العلن وتنفيذها لابد أن يكون في العلن وليس مثل (الزواج السري).. بمعنى إن صحة الروايه يكون واجب الوسطاء إعلانها للعالم.

    . الهدف الظاهر من (الإشاعه) تشيكل رأي عام سلبي تجاه الجيش بأن العدو إنسحب من هذه المناطق فلماذا لم يتقدم الجيش ولماذا لا يطلب من الناس العوده… عندها تتناول الأوساط الخيانه وما ادراك ما الخيانه.

    . تلك الأعداد القليله التي خرجت لم تكون (إنسحاب) ولكن كانت عباره عن حملات من الشرطه العسكريه للعدو لتكوين قوه (فزع) إلى ولاية سنار.. لم تحقق الحمله العدد المطلوب.

    . كيف تنطلي هذه الإشاعه وحتى مساء أمس (الثلاثاء) تم تدوين الثورات في كرري من الخرطوم.

    . هذه الإشاعه (كمين) فاشل لإستدراج الجيش للتراخي والدخول لتلكم المناطق دون حذر.. ولكن هيهات.. تحركات الجيش محسوبه ومدروسه ومُخطط لها.

    علينا أن نكون نحنُ الإعلام ولا نُروج للإشاعات ولا نتداولها في الوسائط…هؤلاء خونه وأعداء للوطن والمواطن…. لن نصدقهُم وإن تعلقوا بآستار الكعبه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..