وهذا النبي .. أيضا سوداني؟

عبدالقادر دقاش

عندما فاز أوباما في الانتخابات الأمريكية ، استكثر بعض السودانيين هذا الفتى الأسمر شديد الوسامة والأناقة وجميل العبارة على الشعب الكيني. فزعموا أن باراك حسين أوباما، سوداني أصيل ، وأبوه من منطقة الليري في الجبال الشرقية ، ويدعى حسين أبو دومة ، وقد أسمى ولده (مبارك) … وظلوا مستمسكين بزعمهم طوال المدة التي قضاها أوباما في فترتين رئاسيتين ، ولم يقتنعوا حتى بعد أن أصدر باراك كتابه (مذكرات من رحلة والدي) ، ولم يتطرق للسودان ولا أهل السودان بخير أو بسوء .. وعندما جاء بإخوة له من أبيه لم يأت بهم من الليري بل جاء بهم من قرية خاملة الذكر وأقل شهرة وخصوبة من الليري .. التي إن أقدم واحد منها لرئاسة لجنة منبثقة من لجنة منبثقة هي الأخرى من لجنة .. لقال الذين من هم نسل العباس إنه ليس سوادنيا أصيلا؟! .
وما تتناقله الوسائط هذه الأيام والأيام السابقة والتالية هو امتداد للاكتشافات والروايات التي يرويها نفر من السودانيين من ذوي الألقاب والمقامات الأكاديمية الرفيعة ، واللقب الأكاديمي يعطي الأقوال قوة وحجة .. فعليك أن تسلم أن الرحلة الأولى للمسلمين إلى السودان ، والنجاشي سوداني وكان موطنه في دناقل ، وأن بلال بن أبي رباح من العرضي ، وأن لقمان الحكيم من جزيرة مقاشي ما دامت هذه أقوال (عبد الله الطيب) .. وأن تصدق كل ما حكاه جعفر ميرغني عن حضارة السودان بطابعها التاريخي العلمي والأسطوري .. وتؤمن بكل ما زعم بروفسور أبو صالح نقلا عن البروفسور اليهودي بأن ما ورد من حوادث في التوارة والإنجيل والقرآن في وصف الأرض المباركة وهي أرض السودان من أسوان والنوبة السفلى إلى النوبة العليا في سوبا ، كل الأحداث حدثت هنا وكل الخلق كانوا هنا ، منها خلقناهم وفيهم نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
وقد نسب أحد بروفسورات الفلسفة الكبار الفيلسوف العظيم (سقراط) إلى السودان .. وما كانت حجته في هذه النسبة ألا أن المدعو سقراط هذا كان أسود دميم الخلقة إلى أبعد الحدود ، أصلع الرأس وأفطس الأنف وغائر العينين. وفي ظن هذا البروفسور أن هذا الأوصاف تليق بسوداني أصيل.
وبعيدا عن هذه الأوصاف التي قد تكون عند السودانيين أو عند غيرهم ، لم يذكر لنا هذا البروفسور إن سقراط كان أيضا نبيا ، وقد كان يكافح الانحراف الجنسي بين قومه الذين كانوا منحرفين جنسيا ، وقد زعم بعض المؤرخين أن (سقراط) هو نبي الله لوط ، لأن القوم الذين عاش بينهم سقراط كانوا كالقوم الذين ذكرهم القرآن منحرفين جنسيا من طراز عجيب. ويذكر المؤرخون عن شيوع الإنحراف الجنسي بينهم على ما منوال ما تذكره المأثورات الدينية عن قوم لوط. ولم يعرف التاريخ قوما اشتهروا باللواط كما اشتهر به هؤلاء القوم حتى كانوا يعدون الانحراف الجنسي من معالم الرجولة الحقة. وشاع بينهم زواج الغلمان ، وكان من العيب على الصبي النبيل أن لا يكون له محب من الرجال … فهل هذا أيضا نبي من السودان؟! .

[email protected]