مقالات وآراء سياسية

الاتفاقية المنسية في حرب السودان

السر العجمي

 

لاشك أن هذه الحرب دمرت كل المنشآت الثقافية في السودان ، والتي تمتاز بحماية خاصة، مثل دار الوثائق ، والمتحف القومي للأثار ، ومكتبات الجامعات السودانية ، والدليل علي ذلك الفيديو الذي بثته قوات الدعم السريع وهي تدمر المتحف القومي للأثار ، كما ان كل سوق المبادرات بشان السودان لم يتطرق الى مسالة حماية هذه الممتلكات الثقافية ، ويمكن ان نلتمس العزر لهذه المبادرات باعتبار ان القائمين عليها ربما اعتقدوا بان القانون الوطني السوداني نص علي حماية هذه الممتلكات .. وبما كل البينات التي صادرة من القوي السياسية بشأن الانتهاكات لم تتناول انتهاكات هذه الممتلكات ، كما ان اطراف الصراع لم يعملوا ايضا علي حماية تلك الممتلكات الثقافية التي تتمتع بحصانة دوليةدولية خاصة ، حيث ان هذه الممتلكات مسجلة بالسجل الدولي. الذي يلزم الاطراف بامتناعها عن أي عمل عدواني علي تلك الممتلكات. الا أن تدمير هذه الممتلكات ربما ، يرجع الي الجهل بالاتفاقية والجهل بقوانين الحرب ، والدليل علي ذلك عندما تم دعوة الاطراف الي التوقيع علي اعلان جدة الاول ، كانت كل بنود الاعلان تتعلق بنصوص قانون الحرب (القانون الدولي الانساني) ، وكأنما تمت دعوتهم ليتم اخطارهم ، بان هذه الحرب لها قوانين يجب الالتزام بها. حيث ان اتفاق جده الاول لم يكن به أي اشارة لوقف اطلاق النار.
فالاتفاقية المنسية في الحرب هي اتفاقية لاهاي لحماية الملكية الثقافية في حالة النزاع المسلح. وتم التوقيع عليها في 14/مايو 1954م . وهي معاهدة دولية تطلب من الموقعين عليها حماية الملكية الثقافية في الحرب. وبحكم ان السودان من ضمن الدول الموقعة علي هذه الاتفاقية كان عليه الالتزام بنصوصها ، فضلا عن ذلك انه ملزم بموجب اتفاقية فينا لعام 1969م بوضع قانون داخلي يتضمن بنود ونصوص هذه الاتفاقية ، وايضا بموجب المادة (28) من الاتفاقية بان تتخذ في تشريعاتها الجنائية كافة الاجراءات لحماية الممتلكات الثقافية. الا انه من المؤسف لم يوجد في القانون الجنائي السوداني نص يتضمن حماية هذه الممتلكات الثقافية. مما يصعب المعاقبة علي انتهاك تلك الممتلكات بموجب القانون الجنائي السوداني. كما يصعب طلب المساعدة من منظمة الامم المتحدة للعلوم والثقافة (اليونسكو) بموجب المادة (29) من الاتفاقية. وذلك لان اطراف الصراع لم تقم بتطبيق ينود الاتفاقية بشان حماية هذه الممتلكات الثقافية ، وذلك من وضع علامات واقيه تسهل عملية تحديد الممتلكات الثقافية المحمية اثناء النزاع المسلح ، خاصة ان المادة (19) من الاتفاقية تحدثت عن النزاعات المسلحة التي ليست لها طابع دولي ، والزمتها بتطبيق نصوص الاتفاقية.

فمسؤولية حماية الممتلكات الثقافية لم يكن قاصرا علي اطراف الصراع وحدهم ، بل تقع المسؤولية ايضا علي حكومة الفترة الانتقالية ، والتي اشتهرت العاصمة في عهدها بتعدد الجيوش، مما يلفت الانتباه الى الانذار المبكر بنشوب الحرب ، فحكومة الفترة الانتقالية لم تدخل أي تعديلات علي القانون الجنائي وتقوم بإضافة نصوص الاتفاقية في القانون الجنائي ، واخيرا يثور السؤال عن كيفية المحاسبة في ظل غياب نصوص القانون الجنائي السوداني ، عن حماية تلك الممتلكات الثقافية؟ .

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. ما حدث كله بسبب اتفاقية جوبا التي اريد بها إطفاء حريق دارفور فاحرقت كامل الوطن والغريب في هذا الأمر أن البعض ما زال متمسك بها وما زال وزير المالية بفضلها في منصبه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..