مقالات وآراء سياسية

سمح الكلامً في خشم سيدو : (٣) محاورة واستماع مع الدكتور الهادي ادريس رئيس حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي ورئيس الجبهة الثورية

د. أحمد التيجاني سيد احمد

مقدمة
@الدكتور الهادي ادريس سمح وصارم القسمات في ان واحد. منسق متسق في ملبسه ومأكله. قوي البنية قليل الأكل يختار ما يوافق عمره ومسئولياته الشاقة، غير متخم بالشحم واللحم الذي هو سمة ضباط جيش الكيزان المؤدلجين الذين حاربوه وحاربوا شعبه بكل وسائل الغدر و الخداع . وبالرغم من قيادته لجيش كبير مدرب تدريبا جيدا يحمل في تركيبته الديمغرافية نضال اهل السودان الاصليين لكنه وقع علي اتفاقية سلام جوبا وظل حتي الان رئيسا للجبهة الثورية لم تعصف به رياح الخلافات او التناقضات. مهذب سوداني اصيل
صاحب قضية وصاحب راي وصاحب مشروع يحمل في طياته مستقبل السودان المستقل الموحد.

@عرفت الدكتور القائد المقاتل من اجل الحرية مثابرا منتظما منذ ان شاركت في إجتماعات سلام جوبا بصفة الامين السياسي لحركة تحرير كوش السودانية مستمعا للمناقشات وانا طريح الفراش في احدي مستشفيات لندن. وعرفته منتظما فيما يفعل ويقول، Precise and sharp like valuable Yemeni arm knife دقيقا وحادا وشريفا وعصيا مثل (*الجنبية*) السكين اليمني الثمين .

@وبالرغم من صغر عمره ، فهو قد تجاوز نصف الاربعون بقليل ، فلقد غمر مساحات ومساحات من الإنجازات تذكرني (مع فوارق الزمان والمكان) الإسكندر المقدوني الذي تتلمذ علي الفيلسوف والعالم الشهير ارسطو وهو دون السادس عشر ؛ والذي أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم اوهو دون الثلاثون.

@اتي الدكتور الهادي ادريس الي الخرطوم من دارفور التي كانت كاسية للكعبة الشريفة ثم اصابها ما اصابها الي انتقل اسمها بعد رحيل الحكم الإنجليزي -المصري الي دار (خرب) لتصير جزء من اللبنة التدميرية لمستقبل السودان ! .

@اتي دكتور الهادي ادريس الي الخرطوم شابا صغيرا وهو يعرف جيدا بانه ذكي لماح. ولحسن حظة تفادي اغتيالات واعتقالات ابناء دارفور بواسطة قناصة الحركة الاسلامية! .

@فور تخرجه من جامعة الخرطوم كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية فى عام ٢٠٠٣م ، بدرجة البكالوريوس مرتبة الشرف فى العلوم السياسية ، التحق بحركة وجيش تحرير السودان بقيادة الاستاذ عبدالواحد محمد احمد النور ، وعمل فى عدة من ميادين النضال: فى الميدان الخارجى ، مكتب اسمرا وكمبالا والميدان العسكرى فى دارفور وجنوب السودان. أثناء تأدية بعض هذه المهام التحق بجامعة كمبالا العالمية فى يوغندا، حيث نال درجة الماجستير فى دراسات التنمية وحقوق الإنسان ، ثم تم تعيينه محاضرا بذات الجامعه فرع نيروبى فى كينيا ومنها نال درجة الدكتوراه في علوم الإدارة العامة. بعد مغادرته حركة عبدالواحد محمد احمد النور ، اسس مع رفاقه حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي فى عام ٢٠١٥م.

@و لقد اثبت د. الهادي ادريس إيمانه بالسلم والوحدًة ابان محادثات سلام جوبا:
– *فكان من اول الموقعين علي اتفاقية سلام جوبا.
– *ثم انطلق من بعد ذلك مبشرا بالاتفاقية في ولايات معظم مدن و قري وأرياف و بوادي دارفور دارفور الكبرى . كما قام بزيارة ولاية نهر النيل والشمالية والقضارف .
– *رفض انقلاب البرهان 25 أكتوبر ٢٠٢١م ؛ ولعب دورا محوريا في مقترح دستور المحاميين وفي الاتفاق الاطاري الذي نص على بناء جيش واحد مهني وقومي ينأى عن السياسة واقتصاد الدولة ، وعلى ضرورة حتمية للدولة المدنية الديمقراطية الموحدة التي تحترم إرادة الشعب وأصوات الجماهير ..
– *رفض حرب 15 ابريل قبل وقوعها وبعد انطلاقة الشرارة الاولى رفضاً مطلقاً جملة وتفصيلا.
– *وظل مثابرا باذلا الجهد في حشد الدعم العالمي والاقليمي لوقف الحرب
– *والان تقوم قواته بتامين زراعة الالاف من الافدنة في مواقع سيطرتها درءا للمجاعة .

@له مواقف إنسانية ووطنية رايت ان استمع منه عنها من خلال طرحي لهذه الاسئلة:

*السوال الاول*: ماذا تري اليوم بعد ثلاثة اعوام منذ توقيع اتفاقية سلام جوبا ، وخلال احداث مدمرةً تعيد للأذهان خراب سوبا؟ .

*إتفاقية سلام جوبا لسلام السودان ، هو اتفاق عظيم جاء فى سياق انتصار ثورة ديسمبر المجيدة. كان يمكن أن يكون اساسا لسلام دائم يمكن السودانيين من معالجة الجذور التاريخيه للاشكال السودانى بالتوافق على مشروع وطنى نهضوى يؤسس لبناء دولة سودانية حديثه قوامها الحرية والعدل والسلام والديمقراطية. لكن تآمر الحركة الإسلامية وللمرة الثانية من خلال عناصرها التي تغذي ما يعرف بالدولة العميقة لاسيما داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية ؛ وواجهاتها من بعض الموقعين على الاتفاقية(بعض الحركات المسلحة التى نفذت مسرحية اعتصام القصر وانقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر ٢٠٢١م) هذا التآمر قطع الطريق امام تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان وفى النهايه قاد السودان الي حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م المدمرة.

*السوال الثانى*: كيف تقنن تجربة عضويتك فى مجلس السيادة؟ هل كان المشروع ناضجا؟ ماذا تقول عن قرار إعفاءك؟

*هى تجربة مفيدة بلاشك، تعرفت وتعلمت منها الكثير. عرفت كيف كانت تعمل مؤسسات الدولة العميقة فى القصر. وتاكد لي بان ثورة ديسمبر المجيدة رغم عظمتها قد نجحت فقط فى اقتلاع راس النظام وليس النظام. عرفت ايضا بأن تجربة الشراكة بين العسكر والمدنيين كانت خطأ لان العسكر كانوا هم حراس النظام القديم. وفي واقع الأمر لم تكن هنالك شراكة حقيقية بل استيعاب لبعص العناصر المدنية فى النظام القائم.

*انا غير مهتم بموضوع مجلس السيادة او الإعفاء منه لسبب واضح وهو انهيار كل النظام الدستوري والمؤسسى والتنفيذي بسبب انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٠٢١م ، والحرب التي اشتعلت في ١٥ ابريل ٢٠٢٣م بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
*الان كل عناصر السيادة الأربعة المعروفه غير متوفرة:
– الشعب اما لاجى او نازح
– لا وجود لحكومة شرعية
– لا سيطرة دولة على الأرض والحدود
– وبالطبع لا وجود لجيش قومي موحد
*بداهة همى الأساسي هو إيقاف هذه الحرب اللعينة واستعادة الاستقرار والوضع الدستوري ، وليس الجلوس على كرسى وهمى فى سلطة الحرب فى بورسودان. من البديهي ان لا تكون هنالك سلطة دستورية إلا بعد ايقاف الحرب ثم تأسيس جيش قومى جديد وفق مشروع وطنى يحقق الاستقرار الدائم ويعمل على إنهاء الحروب.
– ان عدم مشاركتى فى سلطة الحركة الإسلامية فى بورسودان شرف عظيم لى وتثبيت لموقفي المبدئي من قضية وقف الحرب والتحول المدنى الديمقراطي وهى قضايا ناضلت من أجلها لسنين طويلة قبل دخولي إلى القصر الجمهورى ، فهى مواقف أصبحت جزء من شخصيتي ولن اتنازل عنها او اساوم فيها.

*السوال الثالث*: كيف ترى التزاوج بين الحركات المسلحة وتقدم: توافقا ام بركانا تحت الرماد؟ .

*الحركات المسلحة المنضوية تحت تقدم هى حركات مدنية فى الأساس وتؤمن بقيم الديمقراطية والسلطة المدنية. الأمر المهم هو ان هذه الحركات وقفت موقف الحياد ونادت بوقف الحرب منذ البداية وشاركت فى تأسيس الجبهة المدنية لإيقاف الحرب التى مهدت الطريق لتأسيس تقدم. فمثلا ، الحركة التى اتشرف بقيادتها ، حركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي، هي من الحركات المؤسسة لإعلان قوى الحرية والتغيير في بواكير ثورة ديسمبر المجيدة. هذه الحركة ساهمت فى وحدة الحرية والتغيير من جديد فى عام ٢٠٢١م برفضها انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م وبالطبع ناهضت استمرار الحرب ولاتزال حركتنا فى موقف الحياد. لذلك فان مكانها الطبيعى هو “تقدم” وليس سوي ذلك.

*السوال الرابع*: انا انتمي تطوعا لمبادرة تضم قرابة الخمسمائة من اطياف الشعب السوداني خاصة ابناء كردفان ودارفور اقترحها القائد عبدالواحد محمد نور/ رييس حركة /جيش تحرير السودان لمخاطبة الوضع الإنساني في دارفور. ماهي نصايحك؟ .

*دعم اى مبادرة تسعى إلى تخفيف الوضع الانسانى فى السودان لأننا كنا سباقين فى هذا المجال. كنت فى السودان أثناء اندلاع الحرب ومكثت لفترة ، شاهدت أهوال الحرب ومعاناة السودانيين عن قرب. بالتالى دعوت من الأسبوع الأول للحرب بضرورة ان يلتزم طرفي الحرب بالقانون الدولى الانسانى وحماية المدنيين. قبل اقل من أربع شهور زرت دارفور ، من خلال تواجدى فى الفاشر عشت عن قرب المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب الأعزل. بناءا على ذلك أطلقت من الفاشر حملة لفتح الممرات الآمنة بغرض انسياب المساعدات الإنسانية للمدنيين. ايضا طرحت فكرة خروج الجيش والدعم السريع من الفاشر. كما طالبت بان تؤول الإدارة الأمنية للقوة المشتركة. لكن خروج حركتى مناوى وجبريل من موقف الحياد قسمت القوة المشتركة وبالتالى اجهضت الفكرة. ولقد سمعت مؤخرا بنداءات مماثله من الرفيق عبدالواحد محمد احمد النور ومن العديد من المبعوثين الدوليين تدعو لخروج الجيش والدعم السريع من الفاشر..

*السوال الخامس*: باعتبارك واحد من نائبي رئيس “تقدم” التى تحمل شعارا واضحا : “لا للحرب” كيف ترى مستقبل السودان وهو مهدد بالمجاعة؟ ماذا تستطيع “تقدم” ان تفعله؟ هل هناك احتمال تدخل اممى لحماية الشعب واعادة تعمير السودان؟ .

*السودان ليس مهددا بالمجاعة فقط بل بالانهيار التام اذا لم نوقف هذه الحرب الان. كل يوم يمر مع استمرار الحرب ، يعني الاقتراب الحثيث من الانهيار الشامل. هذه المخاطر تلقي علي “تقدم” مسئوليه وطنية وأخلاقية عاجلة لطرق كل المسالك التى تقود إلى وقف الحرب. وليس بد لبلوغ ذلك من التواصل مع طرفي الحرب وأصحاب المصلحة من المجتمعين الاقليمى والدولى بغرض الحصول إلى اتفاقيات عاجلة لوقف العدائيات لمعالجة الاوضاع الإنسانية اولا وتمهيد الطريق للعملية السياسية والإيقاف الدائم لاطلاق النار. العملية السياسية يجب ان تركز علي مخاطبة جذور الازمة وعلي التاسيس لبناء جيش مهنى جديد وفق مشروع وطنى بتراضي عليه السودانيون. هذا هو طريق الخلاص والنهضة الأقتصادية والأجتماعية والبديل للوقوع في براثن المجاعة والانهيار.
*اما بخصوص التدخل العسكرى الأممي فى السودان فانني غير متحمس لمثل هذه إلافكار الغير واقعية. لدينا تجربة “يوناميد” فى دارفور: بعثة اممية قوامها اكثر من ٣٥ الف جندى تم صرف اكثر من ٦ مليار دولار لتمويلها ، لكنها فى نهاية المطاف لم تنجح في حماية انسان دارفور من الانتهاكات الجسيمة التى ارتكبها النظام البائد فى حقه. علينا ان نعتمد على أنفسنا نحن كسودانيين لإيقاف هذا الحرب وتجنيب بلادنا ويلات الجوع والانهيار.
* “تقدم” مؤهلة للقيام بالدور الأساسي فى هذا المجال وخطابها الداعى لوقف الحرب أصبح الفكرة الاكثر قبولا لأغلب السودانيين بل أصبح بارقة الامل الوحيدة. مثلا زيارة *تقدم* الأخيرة لمصر برهنت علي صحة ما نقوله ، مما يثبت بان معسكر الحرب و”البل بس” فى تراجع وانحسار. علينا في “تقدم” الاستمرار فى هذا الطريق الصحيح حتى نهزم معسكر الحرب. هذا يعطيني التفاول ورؤية الضوء الذي يبشر فى نهاية الطريق بمستقبل مزدهر لسودان الغد. أنا اؤمن بان “تقدم” سوف تكون ركنا أساسيا في تشكيل هذا المستقبل.

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. مثل تلك العاهات أتى بها نفاق جوبا ولولا تلك المهزلة لما كان لامثال هذا العنصري مكانا.
    هل يعلم كاتب المقال والمحاور معه ان دارزفت ضمها الانجليز للسودان.
    متى سيقدم مثقفي دارفور على الالتفات لقيتهم والعمل على فصل بلدهم وان يعيشوا في بلدهم الغني جدا بالموارد الاقتصادية والمياه والقوى البشرية المدربة المؤهلة لقيادة الدولة ويخلصوا من سيط ة الجلابة المعفنين واذلالهم وعقدة الدونية

    1. ر قم اختلافى مع كل الحركات المسلحة و الجيش و جنجويدهم. انتا شايت و ين و جاي من وين، يا منافق ياعنصري فصلته الجنوب و عايز تفصل زياده كمان علشان تحكم حتى و لو شبر و أحد. دمرتو البلاد و العباد ياخي امشي و اتكلم عن حلايب و شلاتين، و لا عشان……. بتمنى تكون عربي فى بلد في قلب إفريقيا. القوة في التنوع ياخال البشير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..