مقالات وآراء سياسية

عن رؤيتنا للسلام

أحمد داؤود

 

حين ندعم حق شعبنا في الدفاع عن حقه في الحياة والوجود ؛ فذلك لا يعني اننا بلابسة أو دعاة حرب .
نحن دعاة سلام ، وندعم اي حلول سلمية تفاوضية ، لكننا في الحقيقة نرفض كل صيغ الحل المطروحة الآن والتي تؤسس لمخرج آمن للجنجويد.
نموذج لهذه الصيغ تلك التي يتبناها كمبرودورات “تقدم” . علي طول الأشهر الماضية نجح الجنجويد في فرض واقع سياسي وعسكري لصالحه عبر العنف . بالتالي حين يتحدث كمبرودورات تقدم عن الحل السلمي التفاوضي فإنهم يسعون الي تسويق وشرعنة هذا الواقع المنحاز ضد غالب السودانيين.

كيف ننظر للصراع

لطرح حل لاي مشكلة ، يجب ابتداءا تعريف المشكلة وتوصيفها بشكل دقيق.
بدات حرب ١٥ إبريل كصراع مسلح حول السلطة السياسية بين واجهات وعناصر النظام الاجتماعي ، السياسي ، الاقتصادي القديم ” مركز ، سودان قديم .. دولة قديمة ” و ما الي ذلك حسب تعريفات و مقولات المدارس والاتجاهات الفكرية المختلفة .
هذه الواجهات كما بينا سابقا ؛ مسؤولة اخلاقيا وجنائيا وسياسيا عن كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت ضد السودانيين ؛ الابادة الجماعية في دارفور ، حرق قطار الضعين ، مجزرة القيادة العامة كمثال لا الحصر .
هكذا كان الحال ولطالما كان كذلك . ولهذا في سياق التعبئة والحشد وحصار الموقف الشعبي الرافض للحرب ، أنتج كل طرف سرديته الخاصة عن الصراع .
ففي حين اعلنت المؤسسة العسكرية بانها معركة لاسترداد الدولة والنظام والكرامة المنتهكة ؛ زعمت مليشيا الجنجويد انها معركة لتفكيك دولة ٥٦ وتأسيس سودان جديد.
كل السرديات صحيحة علي الاقل فيما يختص بمصداقية قضاياها والمبادئ التي تتضمنها. بمعني ان هنالك دولة قديمة بحاجة الي تفكيك ، وكرامة يجب استردادها.
لكن تلك ليست غاية كل الطرفين او انهما ليسا مؤهلان لانجاز تلك المهام بالتالي للتوصل الي الغاية والهدف ينبغي الا نحاكم الطرفين عبر سردياتهما. وانما عبر التجربة العملية.
عليه فإننا وعبر الاستعانة بحصاد الأشهر الماضية نستطيع أن نؤكد بأن مليشيا الجنجويد ليست بصدد تفكيك دولة ٥٦ ، ولا ان المؤسسة العسكرية تقاتل من أجل كرامة السودانيين أو استرداد النظام والدولة .
وفي حين تستميت المليشيا لاستبدال التمركز القديم بتمركز عرقي مضاد منحاز لقوي اجتماعية معينة ، تقاتل المؤسسة العسكرية علي الاقل علي مستوي قيادتها للحفاظ علي ما تبقي من منظومة الامتيازات التاريخية. نتحدث هنا عن لحظة محددة من تاريخ الصراع .

التحول في طبيعة ومسار الحرب

قلنا ان الحرب بالاساس بدات كصراع مسلح حول السلطة بين واجهات الدولة القديمة ، وهو ما استدعي انذاك حياد السودانيين علي اعتبار انها ليست حربهم .
لكن هذه الحرب التي بدات حول السلطة سرعان ما انحرفت عن مسارها و تحولت لحرب علي المدنيين العزل.
كانت نقطة التحول في استهداف السودانيين وابادتهم علي أسس عرقية واثنية مثلما حدث في الجنينة والجزيرة والفاشر والخرطوم .
هذا التحول جر السودانيين الي ميدان المعركة ، وفي سبيل الدفاع عن النفس انخرط آلاف السودانيين كمستنفرين في صفوف القوات المسلحة ، وتشكلت المقاومة الشعبية ضد الجنجويد في الفاشر والجزيرة والخرطوم مشكلة بذلك خارطة اصطفافات الجديدة عوضا عن الخارطة القديمة التي صنعتها المليشيا برشوة زعماء القبائل و الفاعليين السياسيين و النشطاء .
صحيح ان الحرب قد بدأت كصراع حول السلطة بين الجنجويد والمؤسسة العسكرية ، لكنها انتهت بتهديد حياة السودانيين وكيان الدولة ، بالتالي يجب الا يكون الحل علي أساس ما اندلعت بسببه فقط وانما بما انتهت اليه بوصفها حرب علي الشعب والدولة.

آفاق الحل
من خلال السرد الموجز الذي قدمناه يتضح ان التوصيف الذي يليق بما حدث في لحظة ما من بعد ١٥ إبريل انه اعتداء منظم ظل يقوم به طرف مسلح ومسنود من دول معادية علي السودانيين وكيان الدولة . بالتالي فإن الحل يكمن في إيقاف هذا الاعتداء.
من يقتل المدنيين ويغتصب ويسرق علي أسس عرقية هم ليسوا جنود الجيش والمشتركة وإنما مقاتلي مليشيا الجنجويد.
لكن هل ارغام قيادة المليشيا علي إيقاف وانهاء العنف والاعتداء يمكن أن يقدم حل جذري لمشكلة الحرب والتفاوت في السودان؟ قطعا لا .
علي مر التاريخ كانت الحرب تدور بين السودانيون والدولة بمختلف واجهاتها والقوي الاجتماعية المعبرة عنها بما فيها مليشيا الجنجويد.
لكن حرب ١٥ إبريل كانت بالاساس بين واجهات الدولة ومن ثم انحرفت عن مسارها وتحولت لحرب ضد السودانيين وكيان الدولة .
بالتالي في سياق التاسيس لسلام حقيقي يجب انجاز مهمتان اساستيين الاولي هي ارغام / اقناع المليشيا علي الجنوح للسلم وإنهاء الاعتداء ، وهذه عملية تبدأ بتجريدها من أدوات العنف وإخراجها من قري ومنازل المدنيين ، محاسبة المجرمين ، اجلاء المقاتلين الأجانب + إعادة استيعاب السودانيين المؤهليين منهم في القوات النظامية لانهم بنص الدستور والقانون محسوبين للدولة .
ترتكز هذه العملية علي اعتبار ان المليشيا حالة استثنائية و شاذة ، بالتالي لإنهاء حرب ١٥ إبريل يجب معالجة هذه الحالة .
بعد تفكيك و معالجة الحالة الشاذة ، تبدأ المهمة الثانية بحيث يجلس طرفي الصراع الاساسيين ؛ الدولة والسودانيين بما فيها قوي المقاومة بشقيها المدني والسلمي في مائدة مستديرة لمناقشة القضايا التأسيسية المرحلة منذ الإستقلال ، والحوار حول كيفية إدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة.
عندما اتحدث هنا عن دولة كمعطي ثابت فأنا لا اختزل هذه الدولة في القوي الاجتماعية المختطفة هذا الكيان الاعتباري ، ولا اعني ان جماعة ما هي الدولة . انما اتحدث عن دولة كحقيقة ومعطي واقعي لا يمكن تجاوزه.
علي اي حال ، المدخل لإيقاف حرب ١٥ إبريل يبدأ بخروج الجنجويد من منازل وقري المدنيين أما عبر التفاوض الذي يفضي بتجريدهم من آليات عنفهم مع محاسبة المجرمين منهم تمهيدا لإعادة استيعاب المؤهليين منهم في القوات النظامية أو عبر المقاومة الشعبية المسلحة.
بعد تفكيك الجنجويد وهزيمة المشروع العرقي المدعوم من دول معادية يبتدر السودانيين حوار شاملا حول مستقبل بلادهم وصيغ التعايش الممكنة بما يضمن معالجة ظلامات الماضي والتأسيس لعقد اجتماعي جديد يرتكز علي قيم ومباديء ثورة ديسمبر المجيدة .

 

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. مقال متناقض …هذه حرب بين كيزان وجنجويد من اجل السلطة ما تتفلسف لينا بالله …

  2. مقالة ضافية اختلفنا حولها او اتفقنا عن ما اقترحته من خطوط عامة او من حلول تفضي لإيقاف الحرب و تعيد الأمور الي نصابها لما قبل الحرب اي العودة الي منصة التأسيس.. نشجع مثل هذه المقالات التي تقترح الحلول حتى نخرج البلد من الهاوية التي وقعت فيها .. السودان يبحث عن حلول لا عن تصعيد و لا عن عنف لفظي او بدني … كفاية تخوين و تعنيف

    الله المستعان

  3. باي باي كيزان الجيش وكيزان الدعم السريع والارادلة ولنقايات الطرفين من حركات النفاق المسلخ

    ولاقي ابوات الكيزان

    الشعب قال كلمتو

    اي كوز ندوسو دوس

    العسكر للثكنات
    والجنجويد
    والحركات امليشيات المسلحة الاخرى تحل
    والمدنيين للحكم والمكنات

    الله اكبر ولله الحمد

    عليكم ايها الانجاس

    اللهم اهلك الكيزان ومن ساندهم ومن ايدهم ومن سار خلفهم ومن عاونهم ومن ارشدهم الى يوم الدين

  4. كلمه تهافت دائماً ما ترتبط فى ذهنى بمصطلح آخر وهو أنصاف المثقفين. الارتباط هذا منشئه هو تعريف كلمة تهافت التى تعنى ببساطه وبعيداً عن عمقها الفلسفى
    تعنى الإنحياز المبطن لفكرة او موضوع او مجموعه والدفاع عنها بأدوات وأساليب هشه لا ترقى إلى مستوى الإقناع. هذه الأدوات غالباً ما تكون معرفه سطحيه بالموضوع مضافاً اليها عدد قليل من مفردات فلسفيه او ادبيه او سياسيه ( حسب الموضوع) وهنا يأتى الارتباط
    فأنصاف المثقفين مثل هذا الكاتب امتلك من ادوات المعرفه النذر اليسير ألذى يؤهله للكتابه عن ما يدور فى السودان ولكن معرفته الضحله هذه لم تمكنه من إخفاء انحيازه لمعسكر الشر الكيزانى، فراح يفضح نفسه فى تهافت واضح رغم محاولاته إخفاء هذا الميول بزخم كلامى لا معنى له تتخلله مصطلحات من فئه زخرف القول فكتب يقول مثلاً
    (عندما اتحدث هنا عن دولة كمعطي ثابت فأنا لا اختزل هذه الدولة في القوي الاجتماعية المختطفة هذا الكيان الاعتباري ، ولا اعني ان جماعة ما هي الدولة . انما اتحدث عن دولة كحقيقة ومعطي واقعي لا يمكن تجاوزه)
    اليس هذا حشو فارغ لا معنى له وتخبط يصل إلى درجة التضليل؟؟؟ فهو هنا رغم نفيه اختزال الدوله فى القوى التى اختطفتها وهم بالطبع الكيزان يعود ويؤكد انهم اى هذا الكيان ( الكيزان) حقيقه وواقع لا يمكن تجاوزه؟؟؟؟ ذلك هو التهافت بعينه
    ثم اقراء هذا السقوط المدوى
    (بعد تفكيك و معالجة الحالة الشاذة ، تبدأ المهمة الثانية بحيث يجلس طرفي الصراع الاساسيين ؛ الدولة والسودانيين بما فيها قوي المقاومة بشقيها المدني والسلمي في مائدة مستديرة لمناقشة القضايا التأسيسية )
    فطرفى الصراع هنا هم الدوله والسودانيين وليس الجناح العسكرى للكيزان وربيبهم الدعم السريع ألذى خرج عن الطوع !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    ثم ان قوى المقاومه لها شقين احدهم مدنى وآخر سلمى!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    فأذا لم يكن هذا هو التهافت فما هو إذا؟؟؟؟
    المقال من اول كلمه وإلى آخر سطر فيه عباره عن حشو فارغ حاول هذا المعتوه من خلاله أن يجعل من الدعم السريع وكأنه الشيطان ألذى اشعل شرارة هذه الحرب وانها الجهه الوحيده المدانه وتغاضى فى محاوله ركيكه وسمجه عن كل الاهوال والجرائم التى ارتكبها الكيزان فى حق السودان وفى حق الشعب السودانى منذ سبتمبر ٨٤ مرورا بأنقلابهم المشؤوم ألذى خطط له المقبور سىيئ الذكر الترابي ونفذه المجرم الهارب عمر القشير، متبنياً كل خزعبلاتهم وأكاذيبهم ( نظريه المؤامره والأطراف الخارجيه)
    والخروج من المنازل ووووو غيرها من الأباطيل والعراقيل التى وضعها على كرتى لضمان استدامة الحرب ولو لمئة عام كما صرح بذلك الدميه المهرج ياسر.

  5. لن يفلح الفلنقاي ولو تعلق باستار الفلل الرئاسية في بورتسودان !!
    اعوذ بالله من غضب الله … آزول اخرس وبطل النضم الفارغ !!

  6. الحرب التى احرقت وقضت على ما كان يعرف سابقا ب جمهورية السودان . هى حرب بين اجنحة الاخوان المسلمين التنظيم الارهابى العالمى امارة السودان جناح دقلو وجناح كرتى . وستنتهى بالمصالحة والعفو عما سلف واقتسام السلطة وآبار البترول والذهب والموانئ وبنك السودان . ولذلك من الافضل ان تستمر حتى تقضى عليهم جميعا فالدواء المر يحقق العافية للجسد .

  7. نسبة لاحتكاك العرب من اهل الخليج بالسودانيين على مدى عقود من الزمان بسبب اغتراب الاخيريين في بلادهم، لذلك هم اقدر الناس في وصف الكائن السوداني. أشهر صفتين لهذا السوداني هو سرعة الغضب و السذاجة و الفذلكة في الكلام أو الشرح.
    نعود لموضوع واقعنا البائس التعيس، الورجغة الكتيرة الواردة في المقال او من معظم المعلقين سببها هو حالة التوهان لان الجميع لا يجد حبل من الله او حبل من الناس، إيه! افضل شئ بحكم الواقع ان تكون بندقية طرفي الصراع موجهة إلى عنق الآخر و ان تقف الحرب ثم يفتح الطريق للمدنيين لإدارة الدولة

  8. لماذا يضيع الاسلاميون وقتهم في اعلان انفسهم على الناس بانهم اكثر ذكاء واكثر معرفة باحوالنا السياسية والاجتماعية من انفسنا؟؟
    لماذا يريدوننا نحن الضعفاء بان نصدق بان قيادتهم فذة ولا مثيل لها؟؟
    لماذا يقدمون لنا نصائح هم اولى بها؟
    لماذا يفترضون بنا الغباء الدائم لنصدق كل الترهات التي يملؤون بها الميديا؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..