معاناة اللاجئين السودانيين بين القيم الإنسانية… وصمت المجتمع الدولي

عاطف كمبال
إن حرب الخامس عشر من أبريل للعام ٢٠٢٣م التي تدور رحاها في الخرطوم ليست سوي فصل جديداً من فصول معاناة السودانيين مع قصص الحروب والصراعات العسكرية المسلحة التي أنهكت جسد السودان حتي صار جسدين لروح واحدة. مع احتمالات التشظي إلي أكثر. بحسب ما يري كثير من المهتمين بالشأن السوداني. وعلي أثرها يعيش السودانيين أسوأ أيامهم منذ أكثر من عام ونصف بين التشرد واللجوء وفقدان الأمن والأمان بسبب الحرب والتي تمددت رقعتها الجغرافية حتي شملت مساحات واسعة من البلاد. دون وجود أي بوارق أمل لنهايتها، في الوقت الحالي. خاصة في ظل تعنت طرفي الصراع وتمسكهم بخيار الحسم العسكري فيما بينهم. ويبقي المواطن ضحية لذلك وهو من يدفع ثمن الصراع العبثي الدامي.
حيث شهدت شوارع الخرطوم أشرس واعنف المعارك القتالية. الأمر الذي اضطر سُكانها إلي مغادرتها إلي ولايات أخري أكثر أمانا.
وبحسب إحصاءات قدمتها مراكز مختصة إن الحرب خلفت الآلاف من القتلى والجرحى وملايين المشردين داخلياً ما بين نازح ولاجئ موزعين علي وجهات مختلفة.
وذكرت منظمة الهجرة الدولية (I.O.M) في تقاريرها أن عدد النازحين قد تجاوز الثمانية ملايين وأن هذا العدد قابل للزيادة والارتفاع ويتوقف ذلك علي استمرار الحرب.
آثار الحرب
ويري محللين أن حرب الخرطوم التي جاءت مخالفة لكل التوقعات ستترك خلفها تركة هائلة من الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وكذلك تنسحب تأثيراتها علي البنية التحتية، التي طالها الدمار، لا سيما وأنه استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والتدوين بالمدافع والقصف الجوي علي مواقع المدنيين السكنية والمرافق الحيوية، مثل الجسور والمستشفيات، والمطارات ولم تسلم حتي ،محطات المياه والكهرباء، ومصفاة البترول. وغيرها من المرافق العامة. ووفقاً لرؤية المراقبين ستكون تبعات الحرب باهظة الثمن علي صعيد البنية التحتية مما سيجعل عملية إعادة البناء والتعمير مهمه شاقة وفي غاية الصعوبة.
بينما علي الصعيد الإنساني تُشير التقارير التي قدمتها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال الإغاثة والعون الإنساني، إلي أن هنالك أخطار كبيرة يواجهها السودانيين في مناطق الصراع أبرزها عدم قدرتهم علي الحصول علي مساعدات أساسية هم في أمس الحاجة إليها ، وكذلك خطر المجاعة الذي بت يهدد ٢٥ مليون سوداني وفقاً لما ذكرته منظمة الغذاء العالمي ، نتيجة العزلة وحالة الإغلاق التي يعيشها السودان. بالإضافة إلي فشل الموسم الزراعي في ولاية الجزيرة بسبب الحرب، وسقوطها في يد الدعم السريع.
معاناة اللاجئين السودانيين
أجبرت حرب الخامس عشر من أبريل السودانيين إلي مغادرة البلاد واللجوء
إلي دول الجوار بحثا عن الأمان، فكانت دولة تشاد ومصر واثيوبيا والسودان الجنوبي واوغندا، هي الوجه للكثيرين منهم ، باعتبارها الدول الاقرب جغرافياً ووجدانياً لهم ، إلا أنه وبالرغم من ذلك وواجه بعضهم ظروفاً قاسية في رحلة الوصول. وأقل ما يمكن وصفها به أنها معاملة جاحدة وغير عادلة.
تعرض اللاجئين السودانيين في بعض دول الجوار إلي إساءات بالغة وصلت إلى حد الترحيل وإعادتهم إلى بلادهم برغم وجود الخطر علي حياتهم في سابقة تاريخية لم يشهد العالم مثيلها من قبل، ولم تحرك منظمات حقوق الإنسان ساكناً وعلي مرأى ومسمع من المجتمع الدولي. وبعضهم تعرض إلي إطلاق النار وهم في معسكرات اللجوء، في ظل صمت المجتمع الدولي وعدم تحركه اتجاه ، ما يواجه اللاجئين السودانيين ، من انتهاكات ومصادرة لحقوقهم كلاجئين.
ويري مختصون في الشأن الإنساني أن ما يتعرض له اللاجئين السودانيين من تعسف هو أمر غير مقبول وغير أخلاقي، ولا يمكن السكوت عنه وطالبوا المنظمات الحقوقية، عدم تمرير ذلك السلوك ، ولا بد من مساءلة ومحاسبة لأنه لا يوجد بند يسمح بترحيل اللاجئين إلي مناطق الصراع التي فروا منها سواء كان ذلك من ناحية أخلاقية قانونية او حتي من جوانب إنسانية.
دروس في الإنسانية
وفي ذات السياق كانت هنالك مواقف وجوانب مشرقة من دول أخري مثل تشاد وجمهورية السودان الجنوبي اللتان قدمتا دروساً مجانية في معني الإنسانية والتعاطف مع الفارين من جحيم الحرب بالسودان. ابتداء بحفاوة الاستقبال وسلاسة التعامل وتبسيط الأمور وتذليل العقبات ومحاولة تسهيلها، لكل من أراد العبور. في تفاني ونكران للذات قلما تجده عند احد.
ويعود ذلك كما يري الباحثين إلى تجربة اللجوء والتشريد التي عاشها الجنوبين خلال سنوات الحرب الطويلة التي جعلتهم شعباً وحكومة يعرفون حجم المُعاناة والضغوط التي يتعرض لها الفارين من جحيم القتال وفهم احتياجاتهم.
وبحسب إفادات قدمها سودانيين قدموا عبر معبر (جودة الجنوبية) صوب دولة السودان الجنوبي، أنهم وجدوا معاملة مختلفة من أفراد الأمن والاستخبارات ، في التحري والتحقق من الهوية ، وإرشاد القادمين إلي نقاط ومكاتب المراجعة ، حيث تغيب الصرامة في التعامل فقط إجراءات واقعية يتم تطبيقها علي الجميع دون استثناء ولا توجد مشكلة إلا ولها حل
إن ما تقوم به السلطات في الحدود الشمالية لحكومة السودان الجنوبي هو أمر في غاية الإنسانية ويعكس الجانب الأخلاقي في سياسات حكومة جنوب السودان في التعامل مع اللاجئين القادمين من السودان الشمالي. في تنسيق متكامل بين وزارة الداخلية دائرة الهجرة والجوازات وبين منظمات العون الإنساني الدولية.