مقالات وآراء سياسية

هل مشكلة السودان عصيّةٌ على الحل

عصام الدين قطبي الحسن

ظللت أتابع خلال الفترة الماضية مقالات ولقاءآت  الكتاب والإعلاميين والسياسيين السودانيين عن الحرب في البلاد وأبعادها وتبعاتها المختلفة والتي بذلت جهدا مقدراً في البحث والتحليل والدراسة ووثقت أسباب المشكلة بالتفصيل شملت كل العهود منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا في موضوعات معينة تكررت المقالات داخلها بصور وألوان مختلفة تكراراً مع الزمن قد يخلق نوع من اللامبالاة لدي المتلقي الذي أصبح يمل من ذلك السرد الذي يركز بصورة رئيسية على تضخيم الفعل وإستدرار عواطف المتلقي ، المتلقي الإنسان السوداني الذي ينظر الي ما بعد ذلك ، يريد نتائج. ماذا بعد (أو ماذا نتوقع بعد) توضيح المشكلة؟ أكيد الحل ، لانه لا يمكن أن نستمر في سرد المشكلة لثلاث سنوات الي الآن في نمطية قد تستلزم أن نتوقع أن يأتينا الحل بعد ثلاث سنوات أخرى ، وأورد مثالا هنا للتوضيح (ليس من ناحية قانونية) اذا شخص متهم بعشرون جريمة قتل ، وإثبات جريمة واحدة ضده تؤدي إلى إعدامه هل من المنطق أن نستغرق عشر سنوات أخرى لإثبات الجرائم الأخرى؟ هل يمكن أن نعدمه عشرون مره لذلك؟ أم أن إثبات جريمة واحدة يؤدي إلى النتيجة المرجوة!!! .

الشعب السوداني إستوعب المشكلة تماما لانه عايشها بنفسه ولا يحتاج إلى مقالات ولقاءات حول المشكلة ومن تسبب فيها ، كل الشعب السوداني الآن يتطلع في شوق ولهفة الي مقترحات ، حلول تعالج هذه المشكله. حلول عمليه وعلمية وواقعية ، لا عاطفية ولا ردود أفعال إقصائية أو إنتقامية ، حلول وطنية لا حزبية ولا جهوية ، حلول محلية لا مستوردة ولا مفروضة عليه من الخارج .
لماذا يعجز الكتاب والسياسيون والمثقفون عن تقديم حلول تلبي طموحات الشعب السوداني؟ لان الذي حدث في السودان من الحرب وتبعاتها حدث غير إعتيادي وتجربة لم تمر عليهم من قبل ولم يكونوا على إستعداد لها نفسياً وفكرياً ، هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى منها :
١. أن الكل تقريباً ينظر للمشكلة من منظوره الذي قد يكون حزبي أو جهوي أو مفروض عليه من الخارج أو شخصي عاطفي من تجاربه الشخصية مع النظام السابق ، لا من منظور كلي وطني مجرد من غير ذلك.
٢. عدم وعيهم وتفهمم لحجم ونوع الحلول المتوقعة .
٣. تقييد أنفسهم في تجارب الماضي وعدم إدراك حجم التغيير الذي حصل ويحصل في السودان من موت ودمار وخراب للانسان والديار وسبل العيش والذي يتطلب الخروج من بوتقة التفكير الماضي الي تفكير مختلف كليةً يلبي متطلبات الواقع الحالي .
٤. التفكير خارج الصندوق عادةً يؤدي إلى الخوف من ردة الفعل غير متوقعة من الشعب الذي شُرد وهُجر ونُهب وأُغتصب والذي أصبحت توقعاته غير محسوبه .
٥. التقوقع داخل العقلية النمطية السودانية التي تهوى وتتفنن في النقد ولا تتعب نفسها ولا تتجرأ لإيجاد حلول غير ملمة بوسائلها وأدواتها المختلفة.

الحل لإيقاف الحرب لابد وأن يشمل على الاقل الآتي:
١. توضيح وضع قوات الدعم السريع بعد الحرب .
٢. معالجة العلاقة بين قوات الدعم السريع وحواضنهم ، وموقف ووضعية هذه الحواضن فيما بعد الحرب .
٣. الدول التي تمثل الامتداد العرقي للدعم السريع .
٤. الدول التي تدعم الدعم السريع لاغراضها المختلفة .
٥. الوضع السياسي لما بعد الحرب ويشمل الحكم وإدارة موارد البلاد
٦. مراجعة إتفاقية جوبا وفقا للمتغيرات التي فرضت .
٧. الوضع الجديد للحركات المسلحة في ميدان المعركة
٨. حل مشكلة المساليت والتصفيات العرقية بشكل عام .
٩. مشاكل جنائية تشمل النهب والسرقة والسبي والاغتصاب لحرائر السودان.
١٠. حل مشاكل آلاف المدنيين الذين فقدوا حياتهم في الحرب .

١١. معالجة مشاكل أكثر من ٨٠٪ من الشعب السوداني الذي أصبح من المهجّرين وفقد المأوي ووظائف وسبل عيشه الشريف.
١٢. معالجة الدمار الشامل الدي حصل لمؤسسات الدولة وبنيتها الأساسية من وثائق وخدمات مختلفة .
١٣. معالجة المشاكل الاثنية والنزاعات الانفصالية لأقاليم أخرى في السودان.
١٤. وجود آليات تضمن عدم العودة للحرب مرة أخرى بأي شكل من الأشكال .

١٥. توفر خطط واضحة لمعالجة الآثار الجانبية لتنفيذ الاتفاق والتي قد تكون كارثة ، مثلاً : ماذا يتوقع من جنود الدعم السريع المتهمين بإرتكاب جرائم جنائية قد تصل عقوبتها الإعدام ، جنود من طبيعتهم التمرد على كل شئ هل نتوقع أن ينصاعوا للاتفاق ويسلموا أنفسهم ليحاكموا؟ ما أعتقد أن ذلك ممكن. ما أتوقعه أنه بمجرد ما يعلن عن إتفاق نهائي بين الجيش والدعم السريع فأن الكثير من وحدات الدعم السريع سوف تعلن تمردها على الدعم السريع نفسه وتشكل عدة مليشيات عابره للدول تمتهن السرقة والنهب وغيره وذلك لأن أفرادها مهددين بالمحاكمات والموت أو السجن على أقل تقدير.

لابد لمن يفكر في تقديم حلول لمشاكل السودان بعد الحرب أن يعي جيدا أن سودان ما قبل الحرب لن يكون إطلاقا كسودان ما بعد الحرب ، وأن حلول السلم لا تصلح أن تكون حلولاً الحرب ، وأن الوضع لن يرجع إطلاقا الي ما كان عليه قبل الحرب ليعود كل شخص أو فئة الي ما كان أو كانت تمارسه قبل الحرب. الحل يجب أن يوجه لسودان جديد تُفتح فيه كل الملفات السرية القديمة والجديدة لكي يكون حلا شاملاً لا يثتثني شيئاً أو أحد .

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. مشكلة السودان القصوي عدم التعليم, كل الحكومات, العمد والأدارات الأهلية ضد التعليم, خوفا علي مقاعدهم. صرفت مليارات الدولارات علي الأسلحة, تخيل لوصرفت هذة الأموال في التعليم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..