سقوط العواصم وما يعقبها من عِبر وقواسم؟

إبراهيم سليمان
يقولون التاريخ يعيد نفسه ، وينساب في نفس مجراه ، ليحدث ذات الأثر على الذين يقفون على شواطئه ، واللبيب من يعتبر ، من تكرار جولاته ، والغبي من ينظر للحدث كل مرة ، في بلاهة أو مكابرة. مفهوم التكرار التاريخي عقيدة ، كُتب عنه بصيغ مختلفة منذ القدم. لكن العبارة الشائعة هي “التاريخ يعيد نفسه”، وهناك من الفلاسفة من يرى أنه لا يمكن اعتبار ذلك صحيحًا تمامًا في دورات دون مدة الدورة الكونية. وقيل يمكن أن تُحدث التكرارات التاريخية من نوع “التشابه البارز” شعورًا “بالتقاء” أو “برَجع الصدى” أو وهم سبق الرؤيا. مثال ذلك القول المنسوب للشيخ فرح ود تكتوك عن عمار ثم سقوط الخرطوم : “الخرطوم تتعمّر إلى سوبا ثم تفكك طوبة طوبة”.
يشير جي دبليو ترومف إلى أن معظم المفاهيم الغربية عن التكرار التاريخي تدل ضمنًا على أن “الماضي يعلمنا دروسًا من أجل الأفعال المستقبلية” – ويعني ذلك “أن نفس النوع من الأحداث التي حدثت سابقًا ستتكرر..”
وعندما وصل إسماعيل باشا إلى مدينة سنار ، خرج إليه السلطان بادي السادس مبايعاً في 12 يونيو 1821م فدخلها في اليوم التالي من دون مقاومة. وبذلك سقطت السلطنة الزرقاء التي تأسست في عام 1504م في يد الاحتلال التركي بسقوط عاصمتها سنار. أي بعد 317 عاماً من الحكم.
وعندما سقطت الفاشر في يد التجريدة الإنكليزية ــ المصرية في مايو 1916م ، بسقوطها ، انهارت آخر مرحلة من مراحلة سلطنة دارفور المتقطعة والتي بدأت منذ 1603م أي بعد استمرار امتد إلى 289 سنة بعد استقطاع 24 سنة فترة الاحتلال التركي (1874م ــ 1898م)
استمر الاحتلال التركي للبلاد حتى 26 يناير 1885م حين تمكن الإمام محمد أحمد المهدي من تحريرها بعد حصار استمر لعشر أشهر ، بتحرير الخرطوم سقطت التركية السابقة ، أي بعد 64 عاماً من الاحتلال.
في صبيحة 2 سبتمبر 1898م في معركة كرري ، سقطت البقعة أمدرمان في يد الاستعمار الإنجليزي ــ المصري ، وسقطت معها الدولة المهدية ، في مرحلتها الثانية ، دولة الخليفة عبدالله ود تورشين. واستمرت الدولة السودانية تحت الاحتلال الإنكليزي ــ المصري، إلى أن رفع علم الاستقلال في ضحى يناير 1956م لتبدأ دولة ـــ 56 المستقلة. أي بعد 58 عاماً من الاستعمار.
والتاريخ كان صارماً في مواعيده، ففي 15 أبريل 2023م ، سقطت الخرطوم كعاصمة لدولة ــ 56 في أيدي قوات الدعم السريع ، تدشيناً لبداية دولة حديثة ، لم تتشكل ملامحها بعد ، أي بعد 67 عاماً.
ما يلاحظ هنا ، أن التاريخ يعيد نفسه في المشهد السياسي السوداني الحديث ، بوتيرة شبه ثابتة ، منذ الغزو التركي للبلاد ، وتشكيل حدوده قبل انفصال الجنوب ما بين 6 إلى 7 عقود، وفي كافة مراحل تشكيل الدولة السودانية “الحديثة”، ومكوناتها من السلطنات والمماليك ، متى ما سقطت عاصمة الدولة ، سقطت معها الدولة تلقائياً.
لذا ، بسقوط القيادة العامة للجيش ، والقصر الجمهوري ، ومجلس الوزراء ، في صبيحة 15 أبريل 2023م ، في أيدى قوات الدعم السريع ، سقطت دولة ـــ 56 فعلياً 2 ، وتم التأكيد على هذا السقوط ، بهروب قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان إلى البحر الأحمر ، في أغسطس 2023م كآخر حاكم لدولة ــ 56 ، وما عقب ذلك لا يعدو أن تكون تفاصيل.
ومهما كانت نهايات الحرب الدائرة الآن، لا نظن أن صيرورة التاريخ تسمح بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء ، فالعواصم ، كقطع البلور ، إن تصدعت ، من المحال إعادتها إلى طبيعتها. فليتوقف ، من يناطحون التاريخ في مجراه الطبيعي.
فالتاريخ عنيد.
لم يسقط السودان ولن يسقط في تاريخه، فكل الغزاة الذين مرو على ارضنا الطيبة، ذهبو ادراج التاريخ بدءا من عبد الله بن ابي السرح الذي طلب العبيد والذهب من ملك النوية مرورا باسماعيل باشا الذي جاء لنفس الطلب العبيد والذهب، وانتهاء بالجنجويد والكيزان فهم وحدة وطغمة واحدة كل يكمل الاخر،، والذين جاءوا من اجل الذهب والعبيد، فاكملوا طلبهم، وحان رحيلهم، فلا توجد دولة ستة وخمسين ولا دولة سبعين، توجد دولة عمرها سبعة الاف عام يمر عليها القمل والجراد والدم والضفادع كل بعد حين، ونعود كما كنا اجمل اخلاقا وادبا واحتراما بعد ذهاب كل مجرم وقاتل ومغتصب الى مثواه في حهنم وسقر
فى البداية وانا اطالع مقالك وجدته رصين ويحتوي على قدر من التحفيز ، لكن عندما توغلت غرقت فى بحر من السطحية وعدم الموضوعية حتى اصابني دوار القراءة وتملكني خوف المواصلة ففضلت الاكتفاء بالحد الذى وصلت اليه فى القراءة.
فالمدن التى شبهتها فى المقال بقطع البلور وقلت انها اذا تصدعت من المحال اعادتها الى طبيعتها وبالرغم من عدم توفر الشروط بين المشبه والمشبه به الا انني اصدقك القول ان مدن عديدة من ضمنها برلين ووارسو وكوبنهاجن ولندن وباريس وروما وبيروت ، نفضت جميعها اغبرة الحروب ونهضت تتوثب مستقبلها فكانت بالاشكال الحضارية التى تراها الان ويعني ذلك كما تفضلت وقلت ان نفس النوع من الاحداث التى حدثت سابقا ستتكرر واضيف اليك من عندي ستتكرر عدا غثاء الكاتب الصحفي فانه ابدا لن يتكرر.